ولاية الفقيه في دبلوماسية إيران
بعد أن أدان مجلس الأمن الدولي بالإجماع وبأقصى حزم ممكن الاعتداءات على مقر السفارة والقنصلية السعودية في كل من طهران ومشهد، علّق السفير السعودي في الأمم المتحدة عبدالله المعلمي «أن رسالة الاعتذار من إيران لمجلس الأمن لا تعني شيئاً لنا.. وأضاف نريد أفعالاً لوقف الانتهاكات»..
وسينتظر السفير ونحن معه إلى ما لا نهاية، ولن يشهد أحد منا وقف إيران للانتهاكات أو التدخل، وحشر أنفها في الشأن الداخلي لدول المجلس أو غيرها من دول المنطقة، وامتداد ذراعها إلى قارات بعيدة.
إيران في فكرها الحالي المتسيد لاستراتيجيتها داخلياً وإقليمياً ودولياً، لن تجرؤ على التخلي عن مشروع توطين نهج ولاية الفقيه، ليس فقط في دول الجوار وإنما في ذهنية أبناء الطائفة الشيعية في الداخل والخارج...
أول من كتب عن «ولاية الفقيه» المؤلف الإيراني أحمد كسروي الذي قتله المتطرفون الإيرانيون عام 1946 بعد أن أصدر كتابه «عن الإسلام والشيعة –on Islam and shiism» الذي ترجمه إلى الإنكليزية السيد غانون باروار ونشر في عام 1990.
ويعرف الكتاب «ولاية الفقيه» كسلوك سياسي واجتماعي يترجم الإيمان بأنه بعد وفاة النبي محمد بن عبدالله جاء اثنا عشر إماماً، كلهم من بني هاشم، كلهم واصلوا رسالة محمد، غير أن الإمام الثاني عشر اختفى عام 874 ميلادياً.
ويسمح فقه الإمام الغائب بأن يتولى الفقهاء المتسلحون بالعلم الواسع في الشريعة وحدهم واجب رعاية المسلمين نيابة عن الإمام الغائب، ويتصرفون باسمه حتى عودته.
كانت هذه الرؤية في بداية انتشارها محصورة في إطار القضايا الدينية، ولكن الإمام الخميني طبقها على شؤون الدين والدنيا، حيث ينص دستور الجمهورية الإيرانية الإسلامية بأن يتمتع الإمام الفقيه بكل الصلاحيات والمسؤوليات في إدارة الشأن العام سواء دينياً أو غيره، وله كامل الهيمنة على الهيئات والمؤسسات سواء المعينة أو المنتخبة.
وبهذا النهج الفكري، تخطى رجال الدين أي معارضة قد تنفجر وصار القائد الإمام محصناً من المعاصي، ورسم حدود التعامل مع الآخرين، فلا يجوز التعاون مع المستبدين من غير المسلمين مع قبول الاستفادة من هؤلاء الكفار لفائدة الإسلام والمسلمين.
هذا بإيجاز الميثاق الذي يحدد سياسة إيران تجاه الآخرين من المسلمين، وتجاه الذين لا ينسجمون مع فلسفة ولاية الفقيه، التي تعطي حاكم إيران حق التدخل لإسعاف المظلومين والمحرومين خارج إيران، وإضعاف سلطات الكفار، مع حق حماية التراث الشيعي بالرعاية السياسية والمعنوية والدعم لأبناء الطائفة أينما كانوا..
أما في داخل إيران، فلا موقع دينياً أو سياسياً للطائفة السنّية ولا للأقليات الأخرى، مع بروز طبقات تجارية زبائنية أسست علاقات مصلحية مع الطبقة الحاكمة، واستفادت مادياً واستسلمت سياسياً، وصارت قاعدة تدين بالولاء لطبقة الحكم.
فوفق المشروع المبارك بالوحي الرباني، وبالزخم الثوري الذي أطلقه آية الله الخميني، لا مكان للحدود بين الدول، ولا قائمة للقانون الدولي، ولا مناعة لسيادة الدول، ولا احترام لعدم التدخل، ولا توقف عن رفع الشأن المذهبي الشيعي، ولا حرمة لميثاق الأمم المتحدة.
إيران حالة ثورية تتجمل بالمفردات الدبلوماسية التي يوظفها الوزير ظريف لمفهوم ثوري لا ينسجم مع قواعد الأسرة العالمية.
http://www.alqabas.com.kw/Articles.aspx?ArticleID=1128379&isauthor=1