EN | AR
التدخل الإقليمي في العراق بين المسكوت عنه و المدان
الاثنين, يناير 4, 2016
د. عبد الاله بن سعود السعدون
 
كل مواطن محب لوطنه وأمته لا يمكن أن يرضى باختراق حدوده وتدنيس ترابه الوطني بأقدام جيوش أجنبية تهدف إلى سلب كرامته وتمزق علمه وتهزم وتذل جيشه الوطني وتعرض أمنه القومي للخطر بل لعار الاستعمار وتتصرف بمقدرات شعبه كرعايا يأتمرون بأمر قائد جحافل جيوش الاحتلال وإدارة البلد عبر مندوب سامٍ، وذلك بعد عزله عن أحضان أمته العربية ومحيطه الإقليمي وتنصيب مجموعة من عملائه المختارين بحسب انتمائهم الطائفي سبعة من الشيعة وستة من السنة ومثلهم من الأكراد واثنان تركمان وواحد يزيدي ومثله صابئي وتكملة العدد من الأقليات الأخرى.
هكذا كان حال ما يسمى بالدولة العراقية بعد الغزو الأنجلوأمريكي الذي جاء بطلب من عملاء القوات الغازية وتلاميذ الحوزة في قم وأحفاد أبورغال والذين تقدموا جحافل الجيوش الغازية ليدنسوا بأقدامهم القذرة أرض بلاد الرافدين العربية ويذلوا أبناء الشعب العراقي ويهدروا كرامته ويسلطوا عليه من لا يرحمه، بل عمدوا إلى سرقته وإذلال شعبه وأحالوا مدنه الى خرائب مهجورة، وبقسوة المنتقم سيق أكثر من ثلث الشعب العراقي الصابر إلى مخيمات شبيهة بمعسكرات الأسرى وتركهم بالعراء من دون ما يحميهم من حر الصيف وبرد الشتاء تنفيذاً لأجنده ملالي طهران لخلق حالة من التصفية الطائفية بتحويل ديمغرافي مذهبي وتقسيم شعب العراق الموحد لكونتات تتمركز بحسب المكون والقومية ليصبح العراق العربي الحديقة الخلفيه لإيران وعملائها من الأحزاب المذهبية في السلطة العراقية.
كل هذا مر بقسوة على أبناء الشعب العراقي العربي تحت نظر موظفي مكتب الجامعة العربية في بغداد، ولم تحرك الجامعة أي ساكن نحو إصدار قرار يحمي الشعب العربي في العراق والدفاع عن سيادته المستباحة وأمنه القومي المهدد وحدوده ومنافذه السيادية المستباحة، والتي كان آخرها اختراق الآلف رعايا إيران للمنافذ العراقية من دون أوراق رسمية وسمات دخول نظامية تؤكد السيادة العراقيه واحترامها. 
كما أن الجامعة العربية لم تستنكر الغزو الفكري الطائفي الذي أدخلته منظمة استطلاعات الإيرانية التي أسست لها فروعًا ومكاتب علنية في جنوب العراق ووسطه وعينت مندوبيها من العملاء في الوزارات ومكاتب السلطة العليا في بغداد حتى أصبح الجنرال الإيراني الجريح قاسم سليماني هو القائد العام الفعلي للجيش الطائفي الذي تأسس بعد حل الجيش العراقي الممثل الحقيقي للشعب العراقي الأصيل.
أمام هذا التدخلات الإيرانية السافرة في هذا البلد المؤسس للجامعة العربية نرى الجامعة العربية في قرار يميل إلى التوازنات الإقليمية والدولية تدين دخول بعض القوات التركية في الأراضي العراقية وتعتبره انتهاكا لسيادة العراق و أمنه القومي في الوقت الذي أكدت فيه تركيا أن وجود هذه القوات يأتي في إطار جهود التحالف الدولي لمحاربة القوى المتطرفة والإرهابية ونجدة أبناء الموصل من عصابات داعش وبناءً على صرخة استنجاد من النساء والرجال لأنقاذهم من تحكم داعش بحياتهم وسلب حرياتهم ونهب ثرواتهم وتحطيم مساجدهم ومتاحفهم وإرغامهم على نمط من الحياة القاسية البعيدة عن مظاهر عصرنا الواحد والعشرين.
وإننا نتعجب من إصرار حكومة العبادي وزير خارجيته الجعفري على تقديم شكوى إلى مجلس الأمن الدولي ضد تركيا التي فتحت قاعدتها الجوية جنكليك لتكون المنطلق الأول لقصف سرايا داعش الإرهابية بتهمة غريبة على دولتين مسلمتين جارتين لهما من العلاقات الطيبة والعريقة طوال تاريخ العراق السياسي، حيث نسي مهندس السياسة الخارجية العراقية المبهمة المنهج الجعفري أن هناك اتفاقيه سارية المفعول بين البلدين تسمح بنودها للقوات التركية باختراق الحدود العراقية للدفاع عن أمنها القومي ومطاردة عصابات حزب العمال الكردستاني .
وأود أن أذكر مهندس السياسة العراقية بأن سلوك السبل الدبلوماسية هو من أقصر الطرق لحل المشاكل الثنائية بين الدولتين الجارتين وخاصة أن اقتصاديات العراق المنهارة يعتمد استمرارها ونموها على القرار التركي؛ فصادراتها من البترول تصل إلى السوق العالمية عن طريق المنافذ التركية بخط جيهان ووارداتها الخارجية نصفها يصل من حدود الجارة المسلمة تركيا، والأهم من هذا كله الأمن الغذائي العراقي الذي تتحكم به منابع دجلة والفرات الجارية من الأرض التركية كل هذا وغيره تنساه الدبلوماسية العراقية المتخبطة وتقدم شكواها ضد جارتها تركيا إلى مجلس الأمن الدولي.. بين فترة وأخرى تتحفنا حكومة بغداد بأعجوبة جديدة وأزمة مختلقة لتبعد فشلها داخلياً، إنه زمن العجائب الذي ننتظر الكثير منه.. والضحية الوحيدة شعبنا العربي الصابر في العراق.
 
 
exported: 
نعم
Printer Friendly and PDF
تصميم وتطوير شركة الشعاع الازرق لحلول البرمجيات جميع الحقوق محفوظة ©