كنت أستمع إلى رئيس وزراء لبنان السابق السيد فؤاد سنيورة، جالساً على يساري، يقدم معلقة الآلام التي يعيشها لبنان والأردن ودول أخرى تتحمل أثقال اللاجئين، وسؤال مباشر منه إلى المستمعين عن مصير ثلاثمئة طفل سوري ليس لهم مكان في مدارس لبنان، ويرفع يديه متهماً بشار الأسد بخلق هذه الكارثة التي تعيش فيها المنطقة، وسؤال آخر عن الحل المستحيل.
كنا في جامعة أكسفورد بدعوة من مؤسسة عبدالعزيز البابطين الفكرية الخيرية، وسط كوكبة عربية عالمية من المهتمين بتحديات العصر التي أفرزتها مأساة المهاجرين.
كان منطلق المداخلات جذور المشكلات وليست ظواهرها، وجاء الإجماع بأن الاستبداد هو مفرخة المآسي في عالم العرب، فالحياة انعدمت والقانون سلخ والمواطن مهدد، والفساد استأسد، والتعتيم متحكم. وجاءت صرخة المؤتمر دعماً لانكسار الأسد ونظامه، وما يشبهه من أنظمة عربية أخرى.
واستمعنا في المؤتمر عن تهديدات المستقبل، خصوصاً لدول الخليج في أربعة مسارات، أبرزت متاعب دولة الرفاه في تدليع المواطن، وشح الغذاء الذي تستورده من الغير، وأسعار النفط التي يعيش عليها المجتمع الخليجي، ثم ندوة عن الشباب، ويأتي عبرها التلويح بطموحاتهم وتعاظم طلباتهم وتمردهم في وجه حكومات عاجزة عن إرضائهم.
ويعترف أصحاب الخبرة بأن دول الخليج شيدت «كومنولث» اقتصادياً عربياً بإسهاماتها في اقتصادات الدول العربية إلى حد اعتمادها الآن على هذه المشاركة، والتي ستتأثر بانخفاض أسعار النفط، وما يترتب عليها من توترات اجتماعية معيشية.
تسيّدت الكويت آفاق الندوة، وكان أميرها حاضناً لها باعترافات من المتحدثين، وبتقدير من المشاركين، وعبر كتاب نشرته مؤسسة عبدالعزيز البابطين في ثلاث لغات، العربية والإنكليزية والفرنسية، عن سمو الأمير كقائد للإنسانية، يتضمن رصداً تاريخياً لمسيرته، وقد كان لي شخصياً شرف إعداد الفصل السياسي في هذا الكتاب، الذي أوصي بإرساله إلى السفارات والوزارات وجميع الشركات والجامعات.
تنوّعت المداخلات وتعددت الوجوه المشاركة وأبدعت إدارة الندوة في خياراتها لترؤس الجلسات، وأصرت على دعوة بعض مليحات لبنان المعروفات بالوهج الإعلامي لتلطيف حدة المناقشات.
كانت هناك جلسة عن ثورة الاتصالات، صاحبتها جمل فيها شتيمة ونقد لاذع لما سببته ثورة الاتصالات من فتح مساحات متعددة من برامج أشغلت وقت الأطفال، وألهتهم عن المذاكرة، واستولت على تبادل الأحاديث بين أفراد الأسرة التي استغنت عن الكلام بمتابعة التشنيعات وطرافة التعليقات، مع دعوة بالحذر من الخراب المقبل.
ندوة أكسفورد من عطاء مواطنٍ مشحونٍ بالغيرة الوطنية، مستحضرٍ الكويت، بإنجازات أميرها، وشموخ موقعها الخيري، باعتراف عربي وعالمي وحضور وطني، متفاعل مع هذا التقدير ومجدد الإعجاب بصاحب المؤسسة لوطنيته الفاعلة ومكانته الإقليمية وإطلالاته العالمية مع وعود أخرى بجولات فكرية، عبر أرجاء المعمورة.
http://www.alqabas.com.kw/Articles.aspx?ArticleID=1103519&isauthor=1