الباحث حميد الدين: صعوبات التحليل والتفسير للأزمة اليمنية نتيجة النقص والتضارب في المعلومات
د. أبوحمور: مسؤولية الفكر أن يساهم في إيجاد رؤى لحلول تجنب اليمن الشقيق الانقسام والتطرف
عمّان- استضاف منتدى الفكر العربي في لقائه الفكري، مساء الثلاثاء 15/11/2016، الباحث في الشأن السياسي اليمني وخبير تطوير استراتيجيات التنمية المستدامة الأستاذ يوسف حميد الدين، في محاضرة بعنوان "فهم المتغيرات في المعادلة السياسية اليمنية أساس القدرة على التأثير"، أدارها الأمين العام للمنتدى د. محمد أبوحمور، وحضرها جمهور من الباحثين والكُتّاب والدبلوماسيين والأكاديميين والإعلاميين.
كلمة د. محمد أبوحمور
وفي تقديمه للمحاضرة، قال د. أبوحمور: إن التحليل العلمي الواعي للأزمة اليمنية يتطلب فهماً موضوعياً لتاريخ الصراع والحروب في هذا البلد العربي الشقيق، وكذلك المتغيرات والأبعاد المتعددة في البنية الداخلية اليمنية، مؤكداً أن الحلول المستقبلية المأمولة للأزمة لا يمكن عزلها عن الفهم الدقيق لهذه العوامل؛ مشيراً إلى أن تداخل التفسيرات والتصورات حول الصراع في اليمن قد أنتج كثيراً من الضبابية التي تعرقل فهم الأوضاع واستشراف الحلول.
وأضاف أن النظرة الشمولية مطلوبة عند الحديث عن هذه الأزمة المتشابكة، ومن الضروري أن تشمل النظر إلى الوضع الاقتصادي اليمني العام، وفهم تشكلات الحركات المؤثرة في المسار السياسي، إضافة إلى فهم خريطة الأوضاع اليمنية قبل 2011، أو قبل أحداث الربيع العربي وما بعده، وأثر كل ذلك في ما يحدث اليوم على الأرض.
وأكد د. أبوحمور أن تخصيص هذا اللقاء للبحث في الأوضاع اليمنية يأتي انطلاقاً من مسؤولية الفكر في الإسهام بإيجاد الحلول لهذه الأزمة، وفي مقدمتها – كما سبق ودعا رئيس المنتدى سمو الأمير الحسن بن طلال - الحل الإنساني لبلد يزيد عدد سكانه على (24) مليون نسمة، ويتسم بتعددية تاريخية في المكونات، فضلاً عن أهميته في المعادلة الإقليمية واستقرار الإقليم وتجنيبه المزيد من ثغرات العنف والتطرف والكراهية والإرهاب، وكذلك ضرورة استعادة "الدولة" وصونه من التفتت والانقسام، والعمل على إعادة بناء اليمن وتأهيل قواه المجتمعية واستثمار كفاءاته، وانتشاله من كل أشكال التراجع والتأخر، ضمن إطار الحوار واحترام مكوّناته والابتعاد عن التصنيفات المذهبية، التي لا تنتج سوى الدمار.
محاضرة الأستاذ يوسف حميد الدين
وفي محاضرته أوضح الأستاذ يوسف حميد الدين، أن هناك صعوبة تزداد يوماً بعد يوم في فهم الصورة الكبيرة لما يجري في اليمن، خاصة في ضوء الأحداث اليومية المتسارعة التي تربك التفسير وتصعّب التحليل. ويزيد الأمر صعوبة النقص الكبير والتضارب المتواصل في المعلومات التي تتوفر؛ مؤكداً أن فهم المتغيرات في المعادلة السياسية اليمنية يشكل ضرورة ملحّة عند صياغة أي تحليل، وبقدر عمق هذا الفهم يكون الإسهام في القدرة على التأثير.
وقال الأستاذ حميد الدين: إن هناك تصوّراً يرى أن ما يحدث في اليمن هو نتيجة لصراعات بين متغيرات أهلية كامنة، تفجّرت بعد أن ضعفت السلطة المركزية للحكومة اليمنية إبّان أحداث الربيع العربي. وإن هذه الصراعات مناطقية تارة بين الجنوبيين والشماليين، ونخبوية تارة بين النخب السياسية التي أرادت ملء فراغ السلطة، وهناك من يرى ما يحدث محاولة لعودة القوى القديمة الممثلة بتحالفات حزب المؤتمر الشعبي وقيادة الرئيس السابق علي عبدالله صالح، ونتيجة لانهيار معادلة الحكم التي نشأت عام ١٩٧٨ وقامت على التحالف الثلاثي بين الرئيس علي عبدالله صالح والشيخ عبدالله بن حسين الأحمر وعلي محسن الأحمر، وإن انهيار هذه المعادلة عندما انهارت عام ٢٠١٢ أدى إلى الصراع القائم اليوم من أجل خلق معادلة جديدة.
وأضاف أن هناك أيضاً من يرى الصراع في اليمن صراعاً بين قوى تريد معادلة حكم قائمة على القيم المدنية والديمقراطية، وقوى تريد تعزيز معادلة حكم قائمة على نفوذ القبيلة أو المنطقة، فضلاً عن أن هناك مَن يفسِّر ما يحدث على أنه نتيجة لصراع عالمي وإقليمي، وأنَّ ما يجري في اليمن يشير إلى أن هذا البلد أصبح مركزاً من مراكز ذلك الصراع، وبالتالي فهو صراع طائفي بين زيدية وسنّة، ومحاولة من الجناح الزيدي في اليمن لاستعادة الحكم أو على الأقل للحصول على حصة كبيرة فيه، والعودة إلى ما قبل عام ١٩٦٢.
وأشار إلى أن هناك فريق يرى أن الصراع في اليمن هو نتيجة تدخّل إيراني يريد فرض سيطرة إيرانية على اليمن، أو إدخال اليمن في فوضى من أجل تهديد استقرار المملكة العربية السعودية ودول الخليج.
وشدد الأستاذ حميد الدين على أن التفكير في هذه القضايا يتطلب فهم المتغيرات اليمنية، وأنه عند وضع هذه المتغيرات ضمن معادلة فإن التأثير على متغير ما يتبعه نتائج مختلفة ومتأثرة بذلك التغير؛ مشيراً إلى أن تبسيط الأمور المعقدة في تلك الأوضاع يفضي إلى صعوبات في التحليل، وأن استعجال التفسير والنتائج هو يوجد صورة ضبابية.
وقال في هذا الصدد: إنه عند التفكير في المستقبل اليمني، ينبغي طرح تصور لمستقبل اليمن قائم على فهم خريطة اللاعبين السياسيين المحليين والإقليميين والدوليين، مع استمرار متابعة التغيرات وبناء فهم موضوعي لها، ومراعاة هذه المتغيرات التي تشكل "الواقع” الذهني، من أجل أن تجد أي مبادرة أو اقتراح قبولاً عميقاً وصادقاً لها.