EN | AR
جدول أعمال مرحلة الانتقال إلي المستقبل
الخميس, مايو 19, 2011
د‏.‏ أحمد شوقي

 بعد حادثة كنيسة القديسين‏، كتبت مقالا في الأهرام تحت عنوان‏..‏ وتبقي مصر‏،

‏ وبعد الأحداث الأخيرة‏، يجب أن نفكر كيف تبقي مصر؟‏، وأن نناقش مسار ومصير مصر الجديدة‏، التي حلم بها وخرج من أجلها المتظاهرون المخلصون‏، والتي يعكف علي رسم خريطة طريقها حكماء متعاطفون‏، وللإجابة علي هذا السؤال المحوري‏، بعيدا عن الاستغراق في المناظرات الدستورية التي يجيدها البعض‏، نتوجه إلي طرفي المواجهة الميدانية‏:‏ الشباب والنظام‏، وإلي من يشكلون المناخ العام ويحركونه‏، ببعض الملاحظات‏:‏

ـ دعوة الشباب إلي الانتقال من مرحلة الغليان الذاتي إلي النقد الذاتي‏، حتي لا تتعرض حركتهم إلي الاحتراق الذاتي‏، علينا أن نتوقف عن نفاقهم أو مهاجمتهم‏، لندعوهم إلي تقييم الحدث الذي كانوا أبطاله بلا جدال‏، والتفكير في مستقبلهم ومستقبل وطنهم‏، حفاظا علي المكاسب ومحاصرة للخسائر‏، نعم‏، لقد كانوا حركة مخلصة بلا رأس تمت معها مواجهة جاهلة بلا عقل‏، وإن كان علي الجبهتين من تدرب طويلا لتحريكها بهذه الصورة‏، وقد آن الأوان أن يحددوا بأنفسهم رأسهم المفتقدة‏، مجموعة تمثلهم وتعبر عن تنوعهم‏، أو نواة لحزب يعبر عنهم‏، وعليهم أيضا الاتفاق علي صيغة تجمع بين الحفاظ علي زخم ثورتهم وعودة الحياة الطبيعية إلي أهلهم‏، الذين يحبونهم ويفتخرون بهم‏، وأخيرا‏، عليهم إنضاج ثورتهم بفرز واضح بين حركتهم ومن يريد تحريكها‏، وتسييس مطالبهم وجدولتها بشكل يجمع بين الحسم والواقعية‏، والتسييس هنا لا يعني التنازل بأي حال من الأحوال‏، فضريبة الدم التي دفعوها لا تسمح بذلك‏، لكن يعني من الممكن في الوصول الي الأهداف النبيلة‏، مع أخذ كل العوامل المحيطة في الاعتبار‏.‏
ـ أما النظام‏، فعليه الكثير والكثير جدا‏، مما يجعله من أهم النظم الانتقالية في تاريخ الشعوب‏، إنه مرشح أن يسهم في الانتقال الي مصر الجديدة‏، مصر ما بعد الفرعونية كما يحلو للبعض أن يسميها إن مصر الفرعونية قدمت للبشرية أقدم حضارة وأقدم دولة مركزية في التاريخ‏، ولن ننسي لها ذلك لكن المتغيرات المحلية والإقليمية والعالمية‏، بل والعولمية أو الكوكبية‏، تستدعي التجاوز مع الاحترام والنظام الانتقالي الحالي يضج بالفرص والمخاطر‏، وعلينا أن نساعده في تعظيم الفرص وتلافي المخاطر ومن المهم في هذا الشأن ما يلي‏:‏

‏1‏ـ إحداث قطيعة كاملة مع سلبيات الفترة السابقة‏، التي تم الاعتراف بها‏، وهذا ما بدأه فعلا نائب رئيس جمهورية ورئيس وزراء طالما تمنينا أن نراهما في موقعيهما‏، وإن كنا نريد المزيد ومن بين ذلك‏، إعادة النظر في التشكيل الوزاري في الوقت المناسب‏، بما يحقق رضاء أكبر للناس‏، فهم في حاجة ماسة الي إحساس أكبر بهذا الرضاء ومحاسبة عادلة وفورية للمفسدين‏، ونقلة نوعية في دور ضرورة جهاز الشرطة‏، وعلاقته بالمجتمع‏، وتحسين أحوال الإنسان المصري‏، مع استعادة تكافؤ الفرص المفقود تماما‏، وإزالة آثار العدوان الذي أحدثته العلاقة غير الشرعية‏، ولا أقول الزواج‏، بين السلطة والثروة والبلطجية‏، التي كادت ان تضيع البلاد والعباد‏، إننا نعلم أنها أمور مطروحة فكرا‏، ونريدها أن تطرح فعلا يستشعره الجميع‏.‏

‏2‏ـ الدعوة الي دبلوماسية شعبية للحوار بين المجتمع والنظام المتخلص من السلبيات‏، دون إنكار للإيجابيات التي تمت في عهد مبارك‏، الذي أساء إليه المقربون وأبعدوه عن الملايين من أبنائه وأحفاده‏، الذين قدروا طويلا قامة وقيمته هذا الحوار يجب أن يؤدي الي عقد اجتماعي جديد لمصر الجديدة‏، الساعية الي اكتساب عالميتها دون أن تفقد هويتها ومع الاعتذار لكثير من الأصدقاء‏، أقول أن لجان الحكماء هي آخر بقايا مصر القديمة‏، التي تفيد الآن في إطفاء الحريق‏، وتمضي مشكورة‏، إن الحكمة القادمة هي حكمة الشعب التي تفرز بالحوار عقده الاجتماعي مع نظامه‏، دون فوقيه من ناحية النظام أو ديماجوجية من ناحية الشعب‏.‏

 
‏3‏ ـ وآخر ما أتمناه من هذا النظام المثقل بالهموم والمهام‏، أن يكون حاضنة لمشروع الدولة المدنية بكل ما تحمله هذه العبارة من معان‏، مانعة لانقضاض فريق علي فريق‏، وسرقة الحلم المشروع بمصر الجديدة‏، إنها مهمة أخلاقية يجب أن نعاون في إنجازها في هذه الفترة القصيرة والحاسمة‏، التي تسبق الفجر‏، الذي نريده صادقا لا كاذبا‏.‏

ـ وهنا يأتي أوان الحديث إلي من يشكلون المناخ ويحركونه‏، من الداخل والخارج‏، وهو حديث قصير وواضح‏، إننا سنعرف الجيد والردئ‏، والمصلح والمفروض‏، والذي ينتظر الأجر من الله ومن ينتظره من أعداء الله وأعدائنا‏.‏

وننصحهم بأن يحذروا الفتنة‏، التي لن تصيبنا وحدنا‏، لكنها ستصيبهم بأكثر منا‏، ونؤكد لهم بثقة‏:‏ ستبقي مصر‏، قولا واحدا‏، ألا هل بلغت‏، اللهم فأشهد‏.‏

 



exported: 
نعم
Printer Friendly and PDF
تصميم وتطوير شركة الشعاع الازرق لحلول البرمجيات جميع الحقوق محفوظة ©