بالنظر للاقبال الكبير من قبل العراقيين على التعليم الجامعي للاعوام ما بعد عام 2003 لاسباب عديدة واهمها تحسن دخل الفرد العراقي لذا تم استحداث مجموعة من الجامعات الرسمية والخاصة بالاضافة للخطط المستقبلية التي تشير لاستمرار عملية الاستحداثات في جميع المحافظات العراقية لذا اصبحت النوعية والجودة مصدر شك وتساؤل ومن الواجب الاهتمام بها ورصدها.
لقد بدا العمل و التثقيف لجودة التعليم في الجامعات العراقية عام 2007 وذلك بتوجيه اشارات واضحة من الوزارة وعندها بدأت الجامعات تعمل لوضع معايير لها كل حسب اطلاعه ودراساته لتجارب جامعات عالمية او عربية وكان الراي الذي طرح من قبلنا في جامعة الكوفة وابلغنا الوزارة في حينها بوضع معايير عراقية خاصة بجامعاتنا اخذين بنظر الاعتبار الوضع الذي كانت عليه الكثير من الجامعات المستحدثة و التردي الذي حصل لمعظم الجامعات العريقة لفترة ما يسمى بالحصار على العراق للفترة (1991 -2003 ) وبعد كثير من النقاشات فقد حسم الامر من الوزارة بقرارها بالاعتماد على معايير اتحاد جامعات الدول العربية وذلك في نهاية عام 2008 .عندها شرعت معظم الجامعات لوضع الاسس والاليات للالتزام بتوجيهات الوزارة بتطبيق تلك المعاييرولكن ومع الاسف ان بعض منها لم يدرك مدى اهمية وضع قواعد لثقافة الجودة في جامعاتهم لذا بقيت تلك الجامعات تعمل بشكل عشوائي وبدون اي تخطيط او اعداد لبرامج جودة التعليم والبعض الاخر عمل على التثقيف والالتزام بالمعايير العامة لجودة الجامعات والمقرة من قبل الوزارة والتي عملنا عليها في جامعة الكوفة ولكننا لم نكتفي بذلك وبأتخاذنا خطوات اخرى وضمن الامكانيات ليحقق للجامعة دخولها تصنيف الويب متركس الاسباني ولتتخذ الموقع الاول على الجامعات العراقية وال77 بين الجامعات العربية خلال عامي 2010 و 2011. كذلك تم التثقيف لادخال معايير الجودة للتخصصات العلمية والمعتمدة في الاقسام العلمية والتحرك لاشاعتها والعمل على تاهيل بعض منتسبي تلك الاقسام للعمل على تطبيقها في اقسامهم والتي كان اولها بتطبيق معايير منظمة ال(ABET) في قسم الهندسة المدنية في كلية الهندسة في عام 2010.
لقد اصبح ممن الضرورات تاسيس هيئة مستقلة تعني بالاعتماد (ACCREDITATION) تضم نخبة من الموظفين المدربين على البرامج العالمية بمواضيع ومعايير الاعتماد وضمان الجودة لتكون مسؤوليتها الموافقة على استحداث او غلق او تعليق الاقسام العلمية او الكليات او الجامعات ، بالاضافة لقرارات وزارة التعليم العالي بالموافقة او عدمها بشأن الاستحداثات، وكذلك متابعة عملية تحسين ادائها برصد المعايير العامة لجودة الاداء الجامعي وهي نسبة الطالب للتدريسيين والطاقة الاستيعابية والبنية التحتية والخطط الدراسية بالاضافة للتاكد عن مدى حاجة المجتمع لمخرجات البرنامج المستحدثة. ولاستمرارية عملية متابعة المؤسسات الاكاديمية والتاكد من نوعية وجودة ادائها لذا اصبح من الضروري بشمولها بمتطلبات جودة التعليم العالي وبالتركيز على مايلي :
A --- التدقيق الداخلي ( INTERNAL AUDIT)
تعتبر عملية ضمان جودة التعليم العالي في العراق ،حاليا ، مسؤولية الحكومة والجامعة ( NATIONAL AND INSTITUTIONAL) ولكن المحصلة النهائية ان ضمان الجودة والنوعية ياتي ويعتمد من قبل الجامعة نفسها . فادراك ومعرفة وايمان ادارة الجامعة بضرورة تبني واعتماد ذلك لجامعتهم امر اكثر فائدة من فرض نظام حكومي خارجي. ولهذا اقترح ان تتبنى الجامعات وتحت اشراف ومتابعة وزارة التعليم العالي ،حاليا لحين توفر موسسات خاصة تعني بذلك ، ملف التدقيق الداخلي (INTERNAL AUDIT MANUL) مع امكانية التعديل حسب رؤية ورسالة كل جامعة وهو اهم جزء في ضمان
جودة التعليم العالي. ولتوضيح هذا الملف يجب التركيز على ما يلي :
أ- اهدافه ( objectives) و التي تتضمن مايلي :
1- تحسين مستوى الجامعة وعملية التخطيط الاستراتيجي فيها من خلال وجود ( وحدة او شعبة مركزية ) لديها جميع المعلومات عن الجامعة ونشاطات كلياتها واقسامها ومراكزها المختلفة .
2- تحديد نقاط القوة والانجازات والممارسات المتميزة العلمية والثقافية كالمؤتمرات او الندوات او الحصول على جوائز او براءات اختراع والتي يمكن نشرها او الاعلان عنها للاستفادة منها في مختلف الوحدات الاكاديمية او لتكون حافزا لمسيرتهم .
3- التركيز على الخطوات والاجراءات التي يمكن تحسينها لجلب منفعة مادية او معنوية للجامعة .
ب- مجاله (scope)
1- التدريس : وبالتركيز على نقاط الاتية :
أ- البرامج والمناهج و اساليب التدريس التي تطرحها الجامعة والتي يجب ان تكون متوافقة مع المعايير العالمية
ب- اعتماد انظمة وتعليمات واجراءات في الجامعة بما يخص تطوير مهارات اعضاء الهيئة التدريسية بما يتناسب وتأهيل الطلبة علميا وعمليا بما يتوافق مع رؤية ورسالة الجامعة للوصول لمستوى تدريس متميز وطالب متألقبأمكانه الولوج للساحة العملية عند تخرجه ويلبي حاجة المجتمع.
ت- يجب ان يكون تماثل وتنسيق لاهداف كل برنامج دراسي و مخرجاته (learning out comes) وضمن معايير الجودة والتي يجب ان يتم مراجعتها دوريا وبشكل مستمر .
2-البحث العلمي
يجب ان يدقق و يتابع ملف البحث العلمي و يرصد عدد البحوث المنشورة ،التي يجب ان تكون هادفة وتحل بعض مشاكل المجتمع او تؤدي لطفرة علمية او تحصل على برآءة اختراع، وطبيعة البحث والدعم المالي المخصص للبحوث العلمية ومقارنة ذلك مع جامعات اخرى.
3-ملف البرنامج الدراسي:
يجب ان يتضمن هذا الملف بكل ما يتعلق بالبرنامج الدراسية والتي تشمل خطة البرنامج الفصلية وتقييم الطلبة والاهداف والمخرجات المتوقعة .
ان مراجعة كل برامج ستكفل امتلاك الطلبة المهارات الحديثة وتساعدهم في الدخول لسوق العمل حال تخرجهم .
4- ملف عضو هيئة التدريس :
يتضمن هذا الملف انجازات عضو هيئة التدريس من خلال التدريس والبحث العلمي وخدمة المجتمع
5- ملف حصول الخريجين على الوظائف واماكنها :
توثيق المعلومات التي تشير الى اماكن عمل الخريجيين وتميزهم في اداء واجباتهم في الحياة العملية واي ردود تشير لتقيمهم من اصحاب العمل.
6- ملف الخطة الكلية الاستراتيجية
اعداد خطة الكلية الاستراتيجية لمعرفة مدى تناسقها مع خطة الجامعة وامكانية تطبيقها ومراجعة المنجز منها .
B - التدقيق الخارجي ( EXTERNAL AUDIT)
يفضل ان تحصل كل جامعة بالاقل على واحده من الاعتمادات العالمية،بالاضافة للاعتماد الوطني، ومثال على ذلك الاعتماد العام لمجموعة من الجامعات كالويب متركس او ال Qs او الQa او شنكهاي او تايوان او الاعتماد التخصصي كال ABET في الهندسة وتكنولوجيا المعلومات او ال ISO في برامج الوحدات الادارية والكثير غيرها فيما يخص الاقسام او التخصصات العلمية.
وبعد ربط التدقيق الداخلي والتدقيق الخارجي) Internal and External Audit) لاي جامعة ومقارنة نتائجها قيميا مع جامعات اخرى عندها يمكن قياس درجة تصنيفها بشكل عام او ضمن تخصص او معيار معين وبذلك سيشار الى مدى جودتها ضمن مجموع الجامعات المشتركة في المنافسة وبنفس المعايير والعوامل.
علما ان كثير من الجامعات المتقدمة والمشهورة عالميا قد اتخذت قرارها بعدم قبول طلبة للدراسات العليا درسوا في جامعات ،في دراستهم الاولية، لم تراعي معايير جودة التعليم العالي وتأخذ موقع في احد التصنيفات العالمية.