اقتصاديات الفضاء
علم الفضاء قطاع له اهميات كونية متعددة. وهو ايضا واحد من قطاعات الإقتصاد التي يكون فيه الإبداع جزءا حيويا. وفي هذا المجال وكمثال على العولمة وجود الساعات السويسرية على متن الأقمار الصناعية الأمريكية الخاصة بالملاحة.
أما الأقمار الصناعية النانوية المصنعة بواسطة تكنولوجيا الدوائر المجمعة من خلال مصنعين باحثين كما في الجامعات فهو دليل على الحرية والديمقراطية في اقتصاديات الفضاء.
الفضاء هو القلب بالنسبة لمجتمع المعلومات حيث يتوفر الآن آلاف الأقمار الصناعية العاملة، كثير منها في مدارات أرضية واطئة. وعدد منها في مدارات أرضية ثابتة.
نصف هذه الأقمار تقريبا تقدم خدمات الإتصالات وهذا الجانب يساوي بلايين الدولارات من الإستثمار. وفي العام 2013 حقق الإقتصاد العالمي المتعلق بالفضاء الخارجي دخلا بحدود 250 بليون دولار.
أما قطاع المراقبة الأرضية فإنه يحظى الآن بالمزيد من الإهتمام، ذلك لأن قيمته لا تتعلق فقط بالموارد التي يحققها من الخدمات المباشرة ، بل يقاس بما يحققه أيضا من تقليل الأضرار في كل أنواع الحالات الطارئة، كالتلوث وتسرب الوقود والفيضانات الى غير ذلك. كما انه يزيد من كفاءة الحياة العصرية.
ومن الأمور التي يشار اليها في هذا المجال تسرب النفط وصيد الأسماك المحضور في بعض المناطق. كمثال على ذلك فإن تسرب النفط في البحر الأبيض المتوسط أصبح نصف ما كان عليه سابقا.
سوق الفضاء
أهم أسواق الفضاء ثلاثة. الإتصالات ، المراقبة الأرضية و الملاحة.
من هذه الثلاثة تعتبر أقمار الإتصالات الأكثر تطورا وعالمية. لقد تطورت هذه الأقمار من الأيام الأولى لبرامج الفضاء حتى أصبحت تجارة أعمال مستدامة حيث تتجاوز الإيرادات تكاليف البنية الداخلية والحاجة الى الإستثمار في التكنولوجيات الجديدة.
تطوير المراقبة الأرضية هي في العادة الخطوة الأولى الواجب اتباعها من قبل الدول الراغبة في الدخول الى النشاط الفضائي. ذلك لأن البنية المطلوبة للمراقبة الأرضية هي أقل مما تتطلبه نشاطات الإتصالات والملاحة. كما يمكن للمراقبة الأرضية أن تتطور سريعا الى توفير خدمات مرضية بالإستعانة بالمعلومات الفضائية المتوفرة.
أما الملاحة فتعتبر الطرف الآخر للنشاط أي باهضة الثمن بسبب متطلبات انشاء بنيتها الداخلية وأن مواردها الإقتصادية غير مضمونة.
كلا النشاطين، المراقبة والملاحة، عليهما الإستجابة لضوابط تختلف باختلااف الدول مما يشكل عوائق أمام عولمة الفعاليتين.
الفوائد الإجتما-اقتصادية
الإطار الإجتما-اقتصادي الجديد يركز اليوم أكثر على التطبيقات ذات الفوائد الإجتما-اقتصادية. مثلا النقل الأمين والكفوء، التقفي والإنقاذ في أوقات السلم، السيطرة على التلوث. هذه الخدمات تنفذ عادة من خلال أقمار صناعية صغيرة جدا وبأقل تكلفة نسبيا.
ان التطور الحاصل في التنبؤات الجوية مبنية عادة على المراقبة بواسطة الأقمار الصناعية والتطور في المنظومات الحاسوبية. التطورات الحاصلة في التنبؤات المناخية المعتمدة على البيانات التي توفرها الأقمار الصناعية أمثلة جيدة على الفوائد الإجتما-إقتصادية الحاصلة.
ان الإستثمار في الفضاء ينبغي ان يكون بهدف الفائدة للأفراد قبل أن يكون فائدة للدول. الأمثلة على المجالات ذات الفائدة هي كما في الزراعة والغابات وحدود هيمنة الدول على سواحلها والتآكل والتدهور النوعي في الأرض والتربة ومناطق صيد الأسماك ومواقع المياه الصالحة للشرب الى غير ذلك. كذلك في الطب عبر تبادل المعلومات والتعليم المدرسي في الأرياف.
التطبيقات الفضائية
تشمل التطبيقات الفضائية نشر تكنولوجيا المعلومات وتكنولوجيا الإتصالات. كما تشمل تقليص الفجوة الرقمية القائمة بين الدول المتقدمة والدول النامية.
التوازن في التكاليف بين المنظومة الفضائية (الأقمار الصناعية وملاحقها) والمنظومة الأرضية (المنظومات الإلكترونية والمنشأات) يعتبر العامل الأهم في مستقبل أقمار الإتصالات. هناك حاليا 35650 قناة تلفزيونية فضائية ويتوقع أن يكون العدد بعد عشر سنوات 47000 قناة.
في المنظومة الفضائية - الأقمار الصناعية الفعالة يتراوح عددها المسجل في آب 2014 بحوالي 1235 قمرا يشكل 54% منها أقمار اتصالات. ويقدر حجم الإستثمار هنا أي صناعة الأقمار ومنظوماتها ومنظومات اطلااقها بحوالي 1.4 بليون دولار أمريكي.
أما المنظومة الأرضية فأبعادها الإقتصادية أكبر بكثير (فان سوق المنشأات بحد ذاته يقدر بخمسة بليون دولار أمريكي) ، وأن الخدمات والتطبيقات تقدر بمائة وعشرة بليون دولار.
مستقبل أقمار الإتصالات
في المستقبل القريب سيتوسع استعمال الإنترنيت سواء كان ذلك من مواقع اتصال ثابتة أو جوالة. كذلك فإن مساحة التغطية التلفزيونية ستتوسع.
في العام 2008 استعمل حوالي المليون شخص وبواسطة الأقمار الصناعية الإنترنيت العريض- الحزمة بتكنولوجيا حزمة الكي- يو . أما اليوم وباستعمال تكنولوجيا حزمة الكي- أي التي تناسب أكثر استعمالات الإنترنيت فالمستخدمون ارتفع عددهم الى مليوني شخص. ويتوقع أن يرتفع عدد المستخدمين لهذه الخدمة الى ثمانية ملايين في السنوات العشر القادمة.
أن فوائد استعمال الإنترنيت عريض – الحزمة من خلال الأقمار الصناعية سوف لا يقتصر على تقليص الفجوة الرقمية من خلال تلبية حاجات المناطق النائية غير المخدومة بشبكات أرضية فحسب وإنما الأستعمال يتوسع في الولايات المتحدة وأوروبا وباستعمال حزمة كي - أي ، بحيث يقدر الإستيعاب حاليا بمائة وأربعين كيكا بايت في الثانية.
الأقمار الصناعية النانوية
أو ما يسمى بعصر الأقمار الصغيرة للجميع
من أهم التطورات الحديثة في عالم الفضاء ما يسمى بالقمر النانوي. حيث يكون وزنه بحدود العشر كيلوغرامات فقط وحجمه كمكعب 10 سم3 ويستعين بمزايا المنظومات الصغيرة الأبعاد والعناصر والبرمجيات المستعملة عادة في عالم الكترونيات المنظومات الهاتفية والإستهلاكية.
ان أكثر الأقمار النانوية شيوعا ما يسمى بالمكعب القمري (كيوب سات) المصنع في أية مؤسسة بحثية أو في محيط تعليمي جامعي. يتواجد حاليا أكثر من مائة جامعة معنية بتصنيع وتطوير أقمارها النانوية. ولكن من حوالي 100 قمر نانوي منجز في 2014 كان لنصفها تقريبا أبعادا تجارية ايضا.
لا تحتاج الأقمار النانوية عادة وهي في مداراتها لطاقة تشغيل عالية ولكن بحدود العشر ثواني من الوات-ساعة فقط كما لا تحتاج لطاقة الدفع.
توضع الأقمار النانوية عادة في مدارات دون 300 كم . وقد سببت الأقمار النانوية ابداعات تكنولوجية مهمة خصوصا عند تجميعها في المدارات الأرضية الواطئة من حوالي 200 قمرا لغرض المراقبة الأرضية اليومية بحيث تكون دقة الصور الناتجة بحدود أمتار قليلة فقط.
أقمار صناعية جديدة
منذ 2004 استعمل الدفع الكهربائي في تثبيت مواقع اقمار الإتصالات في مواقعها المخصصة لها. ولكن قبل سنتين استعمل الدفع الكهربائي ايضا لنقل القمر من مداره البيني الى المدار الثابت. الدفع الكهربائي يؤدي الى توفير كبير جدا في هندسة القمر ولكنه يسبب حاجة الى إجراءات توجيهية معقدة والى فترات زمنية طويلة لنقل القمر من مدار لآخر. نحتاج مثلا حوالي ستة شهور لنقله الى المدار الثابت ولكن هذه الطريقة تؤدي الى توفير مبالغ الإطلاق.
كاربيد السليكون مادة مثالية الإستعمال في بصريات الفضاء. ذلك لأنها كمادة البرليوم صلدة وخفيفة الوزن وموصلة جيدة للحرارة كالزيرودور. بواسطة كاربيد السليكون يمكن تصنيع المرايا الكبيرة الخفيفة الوزن. مثلا المرآة المصنعة لتلسكوب الفضاء هيرتشل من كاربيد السليكون وبقطر 3.5 م تزن حوالي 300 كغم فقط بينما تزن بحدود الطن اذا كانت مصنعة من مادة الزيرودور.