EN | AR
إشهار المجلّد الأوّل من تقرير لجنة التمكين القانونيّ للفقراء "من أجل قانون في خدمة الجميع"
الخميس, مايو 20, 2010

في حفل نظّمه منتدى الفكر العربيّ  وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائيّ UNDP سموّ الأمير الحسن بن طلال: مشروع التمكين القانوني حرب شاملة ضدّ الفقر والإقصاء والتهميش

عمّان- أكّد سموّ الأمير الحسن بن طلال أنّ رأسُ المال البشريّ هو قوامُ الوطن والأمّةِ والمجتمع. فإذا قُيِّد واستُنزِف من أجل قُوتِ يوْمِه ولقمة عَيْشه تباطأ التّقدّم برمّتِهِ، وأصبحت التّنميةُ وَهْمًا في وَهْم.

جاء ذلك في كلمة سموّه بمناسبة إشهار النسخة العربيّة من كتاب "من أجل قانون في خدمة الجميع (تقرير لجنة التّمكين القانونيّ للفقراء)"، في حفل نظّمه منتدى الفكر العربيّ وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائيّ UNDP، وأُقيم بالتزامن مع انعقاد مؤتمر منتدى شرق آسيا وشمال إفريقيا WANA (16-18/5/2010) بفندق كمبنسكي في عمّان، مساء الأحد 16/5/2010.

وقال سموّه: إنّ الفقرَ لا يَعْني الفقرَ المادّيّ. فكلّ ما يَحِدّ الطّاقةَ البشريّةَ ويُقزّمُ الإنسانَ نفسيًّا أو مادّيًّا أو روحيًّا أو وجدانيًّا هو فَقْر؛ وكلّ ما يستلِبُ حقًّا من حقوقِ الإنسان أو يَكبحُهُ أو يَقمعُهُ هو فَقْر. فالمفهومُ أوسع من مجرّد الجوعِ أو العطشِ أو الضَّنَك تحت سيْفِ المجاعاتِ والأوبئةِ والتصحّر، وما إلى ذلك، مؤكّدًا أنّه "آن الأوان لأنْ ننظر إلى الموارد الطبيعيّة والإنسانيّة بعيدًا عن الإقصاء والتّهميش والعنصريّة."

واستشهد في هذا المجال بقول الإمام عليّ بن أبي طالب (كرَّم الله وَجْهَه) في نهج البلاغة: "إنّ اللهَ سبحانَه فَرَضَ في أموالِ الأغنياء أقواتِ الفقراء. فما جاعَ فقيرٌ إلاّ بما مُتِّع به غنيّ"؛ كذلك قوله: "وقد أصبحتمْ في زمنٍ لا يزدادُ الخيْرُ فيه إلاّ إدْبارًا، والشّرّ فيه إلاّ إقبالاً، والشّيطان في هلاك النّاس إلاّ طمعًا... اضْرِبْ بطَرْفِكَ حيث شئتَ من النّاس: هل تُبصِرُ إلاّ فقيرًا يكابد فقرًا؟ أو غنيًّا بدَّل نعمةَ اللهِ كُفْرًا؟ أو بَخيلاً اتّخذ البُخْلَ بحقّ الله وَفْرًا؟ أو متمرّدًا كأنّ بأُذنِه عن سَمع المواعظ وَقْرًا؟ أين خِيارُكُم وصُلَحَاؤكم، وأحرارُكم وسُمَحَاؤكم؟ وأين المتورِّعون في مكاسِبِهِم، والمتنزّهُون في مذاهبهم؟".

وأشار سموّه إلى الّلاجئين، والمهجّرين، والمهاجِرين، والمقتلَعين من أرضهم – أيًّا كانت مصادرُ الهجرةِ والتّهجير، كتغيُّرِ المُناخِ والحروبِ والنّزاعات وضروبِ الاستبداد، وما إلى ذلك – عادًّا إيّاهم في صُلب قضيّةِ الفَقْرِ والفقراء. وتساءل: "كيف نُساعد هذا الحَشْدَ من الفقراء بالمعنى الواسع العريض الذي أسلفت؟ بالاكتفاء بالهِباتِ والتّبرّعاتِ والعطايا والتّكايا؟ لا ريْبَ أنّ الزّكاةَ بمفهومها الواسع تُساعدُ أيّما مساعدة؛ لكنْ في النّهاية نعودُ إلى المثلِ الصّينيّ القديم الذي يشجّع على تعليم الفقيرِ الصّيْد، بدلاً من أنْ يُعطى سمكة."

وقال: "إنّ ذاك الحَشْدَ من الفقراء هو - للأسف – خارجَ الزّمان والمكان، وعلى الأخصّ خارجَ خُططِ التّنميةِ والاقتصاد. فلن يُساهمَ، إذًا، في أيّةِ تنميةٍ شاملةٍ أو مستدامة. ويا له من هَدْرٍ على كلّ صعيد! ولفت سموّه الانتباه إلى أنّ إيحاءاتِ ذلك وتداعِيَاتِهِ واضحةٌ فيما يتعلّقُ باستقرارِ المجتمعِ وأمانِه. فالكلّ يخسرُ إذا استمرّ الوضعُ على حالِه؛ أيْ أنْ يكونَ أربعة بلايين إنسان في العالم مُستبْعَديْن من حساباتِه؛ مشيرًا إلى أنّ عدد أبناء هذه الأمّة الذين يُقتَلون بأيدي أبناء الأمّة أنفسهم أكثر من عدد الذين يُقتَلون بأيدي الطّغاة والغُزاة والغُلاة."

وأكّد أنّه "لا يُمكنُ أنْ يتقدّمَ المجتمعُ وأنْ يُنتِجَ حقًّا من دون أنْ يكونَ الجميعُ أصحابَ أسهمٍ فعليّة. فهذا مبدأ إنسانيّ عام سَرَى ويَسْري منذ القِدَم. وإلاّ، فكيف ينمو الانتماءُ والولاءُ للوطن؟ أفلا يتعلّقُ ذلك بمفهومِ المواطَنةِ في أُسّ أساسِه؟"
وركّز سموّه على أنّ الاعتباراتِ العمليّة هي التي تُخرجُنا من دائرةِ القوْل إلى دائرةِ الفعلِ المؤثّر. وهنا يأتي مبدأ أو مفهوم القانون في خدمة الجميع ومفهوم التّمكين القانونيّ للفقراء.

وأوضح أنّ ما احتواه تقرير لجنة التّمكين القانوني للفقر "مُتجذّرٌ من أَلفِهِ إلى يائِه في هذه الاعتبارات من آليّاتٍ وجداولِ أعمال ومشروعاتٍ واستراتيجيّاتٍ للتنفيذ. فهنالك أُطُرٌ عمليّة للوصول إلى العدالة، وحقوقِ المِلكيّة، وحقوقِ العمل، وحقوقِ ممارسةِ الأعمالِ التّجاريّة. وأردف: إنّ المُلاحَظ فيما يتعلّق بحقوق التعليم أنّ المساعدات الخارجيّة لا تشمل التعّليم؛ كأنّ التّعليم الرّقميّ موجّه إلى الأرقام لا إلى الإنسان."

ودعا سموّه إلى التحرّك "من القاعدةِ إلى القمّة، وليس العكس. فالفقراء أدرى بِشِعابِهم وهمومِهم واحتياجاتِهم؛ لأنّهم هم الذين يجب أنْ يطبعوا القانونَ المنشود بطابَعِهم حتّى يُخلّصوا أنفسَهم من الفقر. ولنْ يكتملَ الأمرُ من دون اهتمامٍ بالوسائلِ والآليّات، بما في ذلك الوسائلُ والآليّاتُ غيْرُ التّقليديّة؛ أي المبتَكَرةُ والمُبدِعة. والأملُ أنْ يتحلّى النّاتج بالمرونة الكافية لتصويبِ نفسِهِ بنفسِه. ولن يكونَ ذلك إلاّ بالممارسةِ والتّطبيق بنزاهةٍ كاملة."

وقال: "إنّ الموضوع أكبرُ ممّا يُظنّ لأوّل وهلة. فعدا التّشريعات الذّكيّة، التي يرجى أن تصبح تشريعات حكيمة، المنطلقة من تراكمٍ الخبرةِ والممارسة، هنالك عالَمٌ واسعٌ يستحقّ العنايةَ من مدارس، ومعاهد، ومستوصفات، وخِدماتٍ اجتماعيّة، وحتّى بنوك للفقراء وبنوك طعامٍ للجيّاع، كما حُقِّق فعلاً في ماليزيا ومصر"؛ مؤكّدًا ضرورة إحياء رسالة المسجد بمعنى الوقفيّة، التي عُرفَت في العواصم الإسلاميّة وطُبِّقَت بشكل وقفيّات مهنيّة توفِّر فرص العمل للعاطلين وترعى الفقراء.

ودعا سموّه القطاعيْن العام والخاصّ، والمجتمع المدنيّ، أي الفضاء الثّالث، إلى التّكافلِ والتّعاونِ والتّضافرِ بين جميع القطاعات؛ موضحًا أنّه "لا يُعقَل أنْ نَشنَّ حربًا شاملةً على الفقر في كلّ مكان من دون تعاون جميع القطاعات. ولا بدّ أنْ تتواءَم الجهودُ المحلّيّة مَعَ الجهودِ الدوليّة. فالفلسفةُ واحدة، والإنسانيّةُ مشترَكة، والنّسيجُ واحد. فالمسبّبات – من قَبْلُ ومن بَعْدُ – واحدة. ولعلّ أهمّها التّغيُّرُ العالميّ في المُناخ، والهِجراتُ المختلِفة، وشُحّ الموارد فوْق القطريّ، بل فوْق القارّيّ أحيانًا."

واختتم سموّه كلمته بالقول "إنّ مشروعَ التّمكين القانونيّ للفقراء يَهدفُ إلى شنِّ حربٍ شاملة ليس فقط ضدّ الفقر، وإنّما أيضًا ضدّ الإقصاء والتّهميش من كلّ نوعٍ ولون. فهي البدايةُ لسيْرورةٍ لنْ تتوقّفَ بإذنِهِ تعالى للإصلاحِ الشّامل". وأعرب عن أمله في إنشاء مجلس اقتصاديّ وآخر اجتماعيّ في الأمم المتّحدة لتعزيز النظرة الجديدة إلى هذا العالم.

د. مدحت حسنين، عضو لجنة التمكين القانونيّ للفقراء ووزير الماليّة المصري سابقًا وأستاذ الماليّة والعلوم المصرفيّة بالجامعة الأمريكيّة في القاهرة، قدَّم في حفل الإشهار عرضًا لمحتويات المجلّد الأوّل من تقرير اللجنة "من أجل قانون في خدمة الجميع". وقال: لقد توافرت في عصرنا هذا السُّبُل كافة لإتاحة فرص النّموّ الاقتصاديّ للجميع؛ إذ تولَّد من الثّروة خلال السنوات الماضية ما يفوق ما وجد منها في تاريخ البشريّة بأسره. لذلك لم يعد من المنطق القول إنّ الفقر أمر طبيعيّ وحتميّ. فعلى الرغم من أنّ الكثيرين أصابوا حظًّا من هذا الرّخاء، إلاّ أنّ الأكثريّة الكاسحة من سكّان العالم قد حُرِموا منه. فما زالت هذه الأكثريّة تعاني الحرمان.

وأضاف: إنّ الإحصاءات زاخرة بأعداد البشر الذين يعيشون في ظلّ فقر حادّ في الدّخل، من دون اعتبار لحجم الجهد الذي يبذلونه في العمل. وعلينا أنْ ندرك أنّ نقص الدّخل ليس سوى بُعد واحد لمشكلة الفقر.

وأشار د. حسنين إلى أنّ ما لدى لجنة التّمكين القانوني من بيانات يوضح بأنّ هنالك أربعة بلايين إنسان حول العالم محرومون من أية فرصة لتحسين ظروفهم المعيشيّة والخروج من أسر الفقر؛ إذ تم إقصاؤهم خارج نطاق سيادة القانون. وسواء أكان هؤلاء يعيشون تحت خطّ الفقر أم أعلاه بعض الشيء، فإنّهم رجلاً ونساءً وأطفالاً يفتقرون إلى أية حقوق أو أوجه حماية تحت مظلّة القانون. وعلى الرغم من أنّهم يُعدّون من المواطنين في بلدانهم، إلاّ أنّ مواردهم المتواضعة – على أفضل تقدير – لا يمكن حمايتها أو زيادتها بشكلٍ ملائم.

ويحمّل التّقرير المجتمع نفسه المسؤوليّة عن تفشّي الفقر، ويورد أنّ القوانين والمؤسّسات والسّياسات الحاكمة للشؤون الاقتصاديّة والاجتماعيّة والسياسيّة في بلدانٍ كثيرة تحول دون حصول قسم كبير من المجتمع على فرصة المشاركة بندّيّة. فقواعد اللعبة نفسها غير عادلة. وهو أمر ليس مرفوض أخلاقيًّا فحسب؛ بل إنّه يعوق التنمية الاقتصاديّة، ويمكن أن يؤدّي إلى تقويض الاستقرار والأمان في المجتمع. ولن تتغيّر نتائج الحوكمة؛ أي الأثر التراكميّ للسياسات والمؤسّسات على حياة الناس، ما لم تتغيّر عمليّات الحوكمة نفسها بصورةٍ جوهريّة.

يُذكر أنّ لجنة التّمكين القانونيّ للفقراء تتألَّف من خمسة وعشرين مفوّضًا، بينهم رؤساء سابقون لدولٍ وحكومات، ووزراء، وحقوقيّون، وباحثون اقتصاديّون، وغيرهم من كبار صانعي السياسات من الشمال والجنوب والشرق والغرب.
ويركّز تقرير "من أجل قانون في خدمة الجميع" على أنّ التمكين القانونيّ هو عمليّة تغيير منهجيّة يمكن من خلالها للفقراء والمُستَبعَدين أنْ يستفيدوا من سُلطة القانون والنظام القانونيّ والخدمات القانونيّة لحماية حقوقهم ومصالحهم والارتقاء في النشاط الاقتصاديّ بصفتهم من المواطنين والفاعلين في مجتمعاتهم. وتشمل الحقوق المحميّة بالقانون لهؤلاء الحقّ في التصويت، والحقّ في حريّة التعبير، والحقّ في المحاكمة وَفْقًا للأصول القانونيّة. وترى لجنة التمكين القانونيّ أنّ الديمقراطيّة والتمكين القانونيّ روحان متآلفان يُستحسَن التنسيق بينهما آليًّا وليس مرحليًّا، وأنّ غياب التمكين يُفقِد المجتمعات فوائد حريّة تدفّق المعلومات والنقاش المفتوح وطرح الأفكار الجديدة، فيما لا تخضع الحكومات للمساءلة عما تبنّته من سياسات حكيمة.

ويؤكّد التقرير أنّه متى وجد الفقراء الحماية والفرصة في النظام القانونيّ، فإنّ الفوائد العمليّة تصبح حقيقة ماثلة. ومن ذلك أنّه حين يصبح الاقتصاد غير الرّسميّ موثّقًا، فإنّ الوعاء الضريبيّ سيتسع ويزداد عائد التنمية الوطنيّة، وستؤدّي المكاسب الاقتصاديّة إلى توسيع الأسواق المحليّة وزيادة النشاط المالي على جميع المستويات. ومع اتساع نطاق سيادة القانون ستبدأ شبكات الاستغلال التي تستنزف الضعفاء في الاقتصاد غير الرّسميّ بالتفكّك، وسيزداد عدد مَنْ يجدون أنّ من مصلحتهم القضاء على الجريمة والحفاظ على النظام الاجتماعيّ السلميّ. وبهذا يكتسب الإصلاح قوّة دفع وتكتسب الحكومات التي تبنّت أفكارًا إصلاحيّة المزيد من الصدقيّة، فيصبح التمكين القانونيّ شاهدًا وشهادة على التقدّم.

يرتكز التمكين القانونيّ للفقراء على ركائزَ أربع هي: الوصول إلى العدالة وسيادة القانون؛ حقوق الملكيّة؛ حقوق العمل؛ حقوق ممارسة الأعمال التجاريّة. ويوضح التقرير أنّه يمكن للمواطنين والمنظّمات الشعبيّة إيجاد قوّة دفع لا يُستهان بها لإحداث التغيير، من خلال توعية العامّة وحشدهم لدعم الموضوعات الرئيسيّة في عمليّة التمكين القانونيّ. لذلك يجب أن يكون اتجاه هذه العمليّة من القاعدة إلى القمّة.

كما يوضح أنّه من المهمّ الوعي بالسياق والإصلاحات السياسيّة التي تستند إلى الفهم العميق والمشترك للظروف المحليّة للاقتصاد الرسميّ وغير الرسميّ، والاتّساق مع هذا كلّه، مع التركيز على البُعد الجنسويّ. فالإصلاح يجب أن يقوم على أساسٍ من الحقائق الموجودة والاحتياجات الفعليّة للفقراء.

ويحدد التقرير الجهات القادرة على دعم الحكومات للنهوض بمسؤولياتها تجاه الفقراء في مجال التمكين، مثل الوكالات العالميّة المتعدّدة الأطراف، كالبنك الدوليّ، وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائيّ، ومنظمة العمل الدوليّة، ومنظمة الأغذية والزراعة، وبرنامج الموئل التابع للأمم المتحدة؛ كذلك المنظّمات السياسيّة الإقليميّة والبنوك الإقليميّة ومؤسّسات الأمم المتحدة الإقليميّة؛ فضلاً عن المجتمع المدنيّ، ومنظّمات العمل الاجتماعيّ، ومجتمع الأعمال، والاتحادات المهنيّة، والجماعات الدينيّة، لا سيّما في المساهمة بتحويل الالتزام الأخلاقيّ للتمكين القانونيّ إلى إجراءات ملموسة.

وقد شارك عدد من الشخصيّات المعنية بالعمل الاجتماعيّ وحقوق الإنسان في الوطن العربيّ في التعقيب على ما ورد في تقرير لجنة التمكين القانونيّ للفقراء. فأشار أ.د. عدنان بدران، رئيس المركز الوطني لحقوق الإنسان/الأردن ورئيس لجنة الإدارة في منتدى الفكر العربيّ، إلى أنّ مفهوم الفضاء الثّالث، أي القطاعين العام والخاصّ والمجتمع المدنيّ، هو طرح جديد تفتقده المنطقة العربيّة. وحين نتحدَّث عن إعلان حقوق الإنسان، فإننا نجد أنّ هذه الحقوق التي ينصّ عليها الإعلان ما زالت بحاجة إلى التمكين على ساحتنا العربيّة. والفضاء الثالث مهم للحقوق المدنيّة والسياسيّة، كما هو مهم لخلق بيئة إبداعيّة للتفكير والاختراع والإبداع في ظلّ أجواء حريّة سقفها السماء. ودعا إلى أن يكون التمكين القانونيّ رافدًا من روافد نظام إنسانيّ عالميّ جديد.

وتحدّثت أة. نهى المكّاوي، من المكتب الإقليميّ للدول العربيّة في برنامج الأمم المتحدة الإنمائيّ UNDP /مصر، عن ضرورة مشاركة المجتمع المدنيّ في تحقيق أولويّات الألفيّة الثالثة، بما في ذلك الحركات الدينيّة. وقالت: إنّ المنطقة العربيّة بحلول عام 2015 تكون قد حقّقت بعض أهداف الألفيّة. لكنّ التنمية الإنسانيّة عمليّة طويلة المدى، ونحن حاليًّا في مرحلة ساخنة؛ إذ علينا أن نوازن بين الطموح الإنسانيّ واستخدام موارد البيئة الطبيعيّة، حتى نستطيع أن نُعطي التمكين القانونيّ المجال لأداء دوره في تحسين دخول الفقراء، والحصول على حقوقهم المشروعة، مثل حقّ التملّك والعمل الشريف والحياة الكريمة. وأكّدت أن برنامج الأمم المتحدة الإنمائيّ UNDP سيعمل بالتعاون مع الهيئات والمنتديات المعنية بالتمكين القانونيّ لتحقيق هذه الأجندة على أرض الواقع.

وتناولت أة. خديجة حسين، الرئيسة المؤسِّسة لجمعيّة الأمّهات السودانيّات من أجل السلام/السودان، أثر الحروب والنزاعات على الأمّهات والأطفال؛ داعيةً إلى العمل الحثيث لإيجاد الحلول السلميّة من أجل إنقاذ ضحايا النزاعات المسلّحة والمهجّرين بسببها من عذاباتهم وعزلتهم، ومؤكّدةً صواب النظرة في البدء من القاعدة إلى القمّة تجاه الفقراء والمعذّبين. وقالت: إذا تحقّق مشروع التمكين القانونيّ للفقراء، فإنّ اللجنة القائمة عليه – وعلى رأسها سموّ الأمير الحسن بن طلال - تكون قد أعادت العالم إلى رشده.

من جهتها، ركّزت أة. أمل باشا، رئيسة منتدى الشقائق العربيّات لحقوق الإنسان/اليمن، على قضية المرأة في مجتمع الأعراف القبليّة؛ موضحةً أنّ القوانين المطبّقة حاليًّا هي الأخرى بحاجة إلى إعادة نظر، حتى لا تُسحَق المرأة بين الأعراف والقوانين. وطالبت بأن يسبق موضوع التركيز على العدالة القانونيّة إصلاح سياسيّ واقتصاديّ يكفل للمهمّشين، بمن فيهم المرأة، أن لا تكون ضحيّة المناكفات السياسيّة.

واقترح أ.د. هُمام غَصِيب، أمين عام المنتدى، نشر محتوى تقرير "من أجل قانون في خدمة الجميع" على نطاق واسع، لا سيّما بين الشّباب، بعد تبسيطه بشكلٍ غير مخلّ، بمختلِف الوسائط الإعلاميّة، بما في ذلك الكرّاسات المطبوعة وبالصوت والصورة.  
وعقّب سمو الأمير الحسن بن طلال على ما طرحه المتحدّثون بالإشارة إلى أنّ عصر العولمة والخصخصة لم ينه عصر الأولويّات، ويجب أن تكون الأولويّات نابعة من حاجة منطقتنا لا آتية من العواصم الأجنبيّة. وأكّد أنّ القضاء على الفقر لا يمكن أن يتحقّق من دون زيادة الإنتاجيّة، تمامًا كما هو الطب الوقائيّ يجب أن يأتي قبل الطب العلاجيّ.

ودعا سموّه إلى إعادة النظر في الأولويّات وأخلاقيّات المهن ضمن ما يسمّى أخلاقيّات المجلس، للتعامل مع الإنسان وليس مع الأرقام، ولتغيير سلوكيّات الشباب والربط بين مستقبل أوطانهم وطموحاتهم المشروعة. وحذّر من تفشّي صناعة الكراهية في هذا العالم؛ مؤكّدًا أهمّيّة "تطبيع" العَلاقات بين العرب والمسلمين والتعاون من أجل مستقبل الإقليم بالنظر إلى الموارد الطبيعيّة والإنسانيّة، بعيدًا عن الإقصاء والتهميش والعنصريّة.

 

exported: 
نعم
Printer Friendly and PDF
تصميم وتطوير شركة الشعاع الازرق لحلول البرمجيات جميع الحقوق محفوظة ©