EN | AR
ملتقى علميًّا عن الأمن العربيّ الشّامل
الثلاثاء, تموز 20, 2010

برعاية سموّ الأمير الحسن بن طلال جامعة نايف العربيّة للعلوم الأمنيّة و منتدى الفكر العربيّ يعقدان ملتقى علميًّا عن الأمن العربيّ الشّامل: الواقع والمأمول المشاركون يدعون إلى استراتيجيّة تنسيق وتعاون عربيّة لمواجهة التحدّيات

 
عمّان- أكّد معالي نائب رئيس الوزراء وزير الدّاخليّة الأردنيّ، الأستاذ نايف القاضي، عضو منتدى الفكر العربيّ، أنّه ليس ثمّة مَنْ يدرك حقيقة الدّور الأمنيّ في المجتمعات أفضل من المواطن العربيّ، بسبب الظّروف التي اجتازتها بعض دول وطننا العربيّ الكبير، والتي عاشت تجربة أقلّ ما يُقال فيها بأنّها خطيرة وصعبة ومريرة.

وأضاف في كلمته الافتتاحيّة في الملتقى العلميّ "الأمن العربيّ الشّامل: الواقع والمأمول"، الذي نظّمته جامعة نايف العربيّة للعلوم الأمنيّة في الرياض ومنتدى الفكر العربيّ، وعُقِدَ برعاية سموّ الأمير الحسن بن طلال في عمّان خلال الفترة 29/7-2/8/1431هـ - 12-14/7/2010: إنّ الأمن والنّظام من جهة، والقدرة على تحقيق تطلّعات الأمّة العربيّة من جهة أخرى أمران متلازمان لا انفصال بينهما. وقد أدرك المواطن العربيّ أهميّة الخدمات والواجبات التي تقدّمها الأجهزة الأمنيّة لكفالة الحياة الطبيعيّة وأسبابها، من أجل دفع عجلة البناء والتقدّم ولتحقيق مجتمع الحقّ والعدل والمساواة، الذي هو الأكثر قدرة على الوقوف في وجه التحدّيات.

وأشار الأستاذ القاضي إلى أنّ المتغيّرات والتّطوّر التكنولوجيّ استدعيا تغيير النظرة التقليديّة إلى مفهوم الأمن وربطه فقط بالضبطين الإداريّ والقضائيّ. فتجاوز المفهوم ذلك المعنى إلى آفاق جديدة لا تكاد تقف عند حدّ؛ ما يضع أجهزة الشّرطة والأمن العربيّ أمام مسؤوليّات جِسام؛ لأنّ مهمّة الأمن مهمّة أساسيّة ومستمرّة ومتجدّدة، ويتوقّف على نجاحها كلّ إنجاز يتحقّق في أي مجال من مجالات الحياة.

وعَدّ نائب رئيس الوزراء وزير الدّاخليّة أنّ عقد مثل هذه الملتقيات يفتح آفاقًا واسعة للحوارات بين المشاركين، والاستفادة من المعلومات المتعلِّقة بالأمن لتثقيف الجمهور وتفعيل دوره؛ تجسيدًا لمبدأ الشراكة الحقيقيّة.

من جهته، أعرب الأستاذ الدّكتور هُمام غَصِيب، أمين عام المنتدى ومستشار سموّ الأمير الحسن بن طلال، عن السّرور والاعتزاز بتعاون المنتدى، لأوّل مرّة في تاريخه، مع صرحٍ من صروح المملكة العربيّة السعوديّة: جامعة نايف العربيّة للعلوم الأمنيّة. وقال: إنّ موضوع الأمن بكلّ تجلّياته، وبشقّيه: الصُّلب والنّاعم (أي الأمن الإنسانيّ)، هو من الموضوعات الجوهريّة التي تحظى بأولويّة خاصّة لدى المنتدى، كما يُلاحَظ في استراتيجيّتنا الأخيرة للخمس سنوات المقبلة (2010-2015). وأضاف: لسنا دكان كلام. ومُلتقانا المُوفّق – إنْ شاءَ الله – ليس مجرّد كلام فوق كلام، ولا محض ملتقىً عابرٍ نتجاذبُ فيه أطراف الحديث وشتّى الآراء، وإنّما هو إطلاق سيرورة تبدأ بهذا الملتقى وتستمرّ إلى ما شاء الله، لتسليط الضوء على كلّ بُعد من أبعاد أمننا العربيّ الشّامل، وبثّ التوعية بشتّى دقائق الموضوع وتفصيلاته. بعد ذلك نستطيع أن ننطلق ونحن آمنون مطمئنون إلى الآفاق الرّحبة في السياسة والاقتصاد والاجتماع والثقافة.

ودعا أمين عام المنتدى إلى الاعتناء عنايةً خاصّة بالفكر العمليّ الذي يُترجَم إلى أفعالٍ ومشروعاتٍ لها وقع مباشر على النّاس.

من جهته، أكّد معالي الأستاذ الدّكتور عبد العزيز بن صقر الغامدي، رئيس جامعة نايف العربيّة للعلوم الأمنيّة، في الكلمة التي ألقاها في الجلسة الافتتاحيّة، أنّ تنظيم الملتقى يأتي في إطار الجهود العلميّة التي تقوم بها الجامعة لمعالجة الظواهر الأمنيّة المختلِفة من منطلقات فكريّة، تقود إلى أساليبَ وتطبيقاتٍ متنوعة مواكِبة لتغيّرات العصر المتلاحقة؛ داعيًا إلى ضرورة تضافر الجهود الرّسميّة والأهليّة في تناول قضايا الأمن الشّامل فكرًا وممارسةً.
 
وأوضح أنّ هذا الملتقى يأتي كاشفًا عن الأمن العربيّ الشّامل في واقعه، ومحلِّلاً لمكوّناته ومهدّداته، وداعمًا للإيجابيّ فيه، وباحثًا عن معالجاتٍ تنشد مستقبلاً أفضل في عصرٍ شديد التغيُّر سريع الخطى.

وفي كلمته، أشار الأستاذ الدّكتور عزّ الدّين عمر موسى، عميد كليّة العلوم الاستراتيجيّة في جامعة نايف والمشرف العلميّ على الملتقى، عضو مجلس أُمناء المنتدى، إلى خصائص انعقاد الملتقى، ومنها أنّ البحث النّظريّ فيه ينتهي إلى تطبيق عمليّ بالتشوّف لوضع قسمات استراتيجيّة أمنيّة عربيّة من منظور الأمن الشّامل؛ وأنّ مبادرة عقده من جانب أوّل كليّة للعلوم الاستراتيجيّة في المنطقة العربيّة تأتي في إطار السّعي لتحويل الممارسات الأمنيّة إلى علوم أكاديميّة تجمع بين العلم والعمل، وتمزج الخبرة بالعلم، من أجل تطوير يواكب الواقع المُعاش وخصوصيّة الأمّة، ومعايشة كلّ جديد مفيد؛ مؤكّدًا أنّ التعاون بين جامعة نايف والمنتدى، بوصفه منظّمة مجتمع مدنيّة فكريّة، هو فاتحة طريق لتداخل أدوار المنظّمات الرّسميّة والأهليّة في عصر الأمن العربيّ الجديد أو عصر الأمن الإنسانيّ.

شارك في هذا الملتقى العلميّ وفود من متخصّصين وخبراء من مختلِف الأقطار العربيّة، بلغ عددهم زهاء (100) مشارك ، ناقشوا أوراقًا علميّة على مدار جلستين رئيسيتين  تناولت مفاهيم الأمن العربيّ وواقعه وأبعاده السياسيّة والاقتصاديّة والاجتماعيّة؛ فضلاً عن الأمنيّة والعسكريّة، وآفاق التّعاون للأمن العربيّ الشّامل من جهة الإشكاليّات والمعوّقات. واختُتم الملتقى بمائدة مستديرة عنوان البحث فيها "نحو استراتيجيّة للأمن العربيّ الشّامل"، وجلسة ختاميّة لمناقشة مسوّدة التوصيات. وأُقيم على هامش الملتقى معرض لإصدارات جامعة نايف، التي وصل عددها إلى (500) إصدار من الكتب والدراسات والمنشورات المختلفة في مجالات العلوم الأمنيّة والاستراتيجيّة.

كما قدَّم أمين عام المنتدى درع المنتدى إلى رئيس جامعة نايف العربيّة، وتسلَّم منه درع الجامعة خلال الجلسة الافتتاحيّة.

وفي الجلسة الأولى للملتقى، التي ترأسها الأستاذ الدّكتور هُمام غَصِيب، قدَّم الأستاذ الدّكتور عبد المنعم محمّد المشّاط/مصر، من جامعة نايف، ضمن محور المفاهيم والأبعاد، ورقة علميّة، ركّز فيها على العَلاقة بين الأمن القوميّ والأمان الإنسانيّ؛ موضحًا أنّ الدقّة، سواء في التّحليل الأكاديميّ أو وضع السّياسات العامّة وعلى رأسها السياسة الدّفاعيّة، تقتضي رسم الخطوط الفاصلة بين الأمن القوميّ الذي يتعلَّق بصيانة كيان الدّولة ووجود المواطنين فيها، وبين الأمان الإنسانيّ الذي يتعلَّق بطمانينة الفرد والجماعة والمجتمع، ولا يمتدّ بالضّرورة إلى نظام الحكم والدّولة. وأوضح الباحث أنّ مصادر التّهديد النّابعة من البيئة الدّاخليّة هي أكثر إلحاحًا عما سواها؛ لأنّها تتعلَّق بمستوى الحياة للمواطن وجودتها، وهي المسؤوليّة الأولى للدّولة والنّظام السّياسيّ.

كما قدَّم في هذه الجلسة اللواء الدّكتور أنور بن ماجد عشقي/السعوديّة، من جامعة نايف، ورقةً علميةً حول البُعد السياسيّ والاقتصاديّ والاجتماعيّ في واقع الأمن العربيّ، تطرّق فيها إلى التحدّيات التي تواجه الأمّة من عنف وإرهاب وحروب أهليّة وصراعات طائفيّة؛ فضلاً عن التحدّيات الإقليميّة. وناقش عددًا من القضايا المتعلّقة بالجمود السياسيّ، والنظم الدّيمقراطيّة، والتباين الاقتصاديّ، والجوار الاستراتيجيّ، ومستقبل العالم العربيّ. ودعا إلى بعث الفكر القوميّ العربيّ لإعادة الفرصة للدول العربيّة لقيادة الشرق الأوسط، وإلى تمتين أواصر التعاون والوحدة بين هذه الدّول لمواجهة التحدّيات الإقليميّة والخارجيّة. كما أكّد ضرورة إعادة بناء الأهداف العربيّة وتعديل نظام الجامعة العربيّة، والعمل على القضاء على الفساد في الدوّول العربيّة والتوجّه نحو الديمقراطيّة وقيم العدالة، والأخذ بأسباب التّخطيط الاستراتيجيّ والإصلاح الدّاخليّ.

وفي الجلسة الثّانية للملتقى، التي ترأسها المهندس سمير حباشنة/الأردنّ، عضو مجلس أمناء المنتدى، ناقش الأستاذ الدّكتور محمّد خالد حربة/سورية، من جامعة نايف، البُعد الأمنيّ والعسكريّ في واقع الأمن العربيّ؛ مستعرضًا البيئة التاريخيّة للأمن الدوليّ والأمن العربيّ، والواقع العسكريّ العربيّ. واختتم ورقته بدعوة المثّقفين والمفكّرين العرب إلى أنْ يقتربوا من أصحاب القرار في دولهم، خاصّة رجال الأمن من أجل الانتقال بالأمن العربيّ من الأمن التقليديّ الشُّرطيّ الجنائيّ إلى الأمن المجتمعيّ. كذلك، دعا إلى تنسيق سياسيّ واقتصاديّ وعسكريّ عربيّ لبناء قوّة الأمّة ومنعتها.

وفي البُعد الفكريّ قدّم العقيد الدّكتور حسن التجاني أحمد/السودان، من جامعة نايف، ورقةً شرح فيها مفهوم الأمن الفكريّ وأهميّته وضوابطه وكيفيّة تحقيقه ووسائل التّحقيق، وتناول العَلاقة بين الأمن الفكريّ والشّريعة الإسلاميّة، وأهميّة الوسطيّة والاتزان ووسائل الضبط الاجتماعيّ في تحقيق الأمن الفكريّ؛ أي المسجد والمدرسة والمكتبات ودور النّشر ووسائل الإعلام. كما تناول الأمن التقنيّ؛ مؤكّدًا أنّ الأمن الفكريّ لا يعني الانغلاق عن الثّقافة العالميّة، وإنّما الأخذ منها بما يتوافق وقيمنا وعقائدنا وثوابتنا ومبادئنا وأخلاقنا، وفي المقابل نشر ثقافتنا ليستفيد منها الآخرون.

وحول آفاق التّعاون للأمن العربيّ الشّامل، قدّم الأستاذ الدّكتور أحمد سعيد نوفل/الأردنّ، عضو المنتدى، ورقةً عَرَضَ فيها لمفهوم الأمن العربيّ الشّامل وإشكاليّاته ومعوّقاته وآفاق التعاون ضمن عناصر الوحدة الموجودة لدى العرب؛ أي اللغة والثقافة العربيّة،والمصالح المشتركة، والتاريخ المشترك، والمصير المشترك. كما عرض لمراحل تطوّر العَلاقات العربيّة العربيّة منذ استقلال معظم الدّول، وتأثير معوّقات الخلافات العربيّة العربيّة على الأمن العربيّ، وناقش نوعيّة القدرات العربيّة في خدمة الأمن العربيّ، ومصادر تهديد هذا الأمن التي تتمثَّل في تأثير إسرائيل وقوّتها النّوويّة، وموقف إسرائيل من الخيار النّوويّ العربيّ، وخطورة الإرهاب. واختتم الباحث بتأكيد أنّ حماية الأمن العربيّ المُهدَّد من الدّاخل والخارج تقع مسؤوليّته على الجميع مواطنين وأنظمة، مع تأكيد وجود إمكانات لحمايته إذا توحَّدت الجهود العربيّة بشكلٍ جماعيّ قبل أنْ يحقِّق أعداء الأمّة أهدافهم في إضعافها والسيطرة عليها.

وفي جلسة المائدة المُستديرة، برئاسة الأستاذ الدّكتور عزّ الدين عمر موسى/السودان، قدّم أربعة باحثين مداخلات حول موضوع "نحو استراتيجيّة للأمن العربيّ الشّامل". فدعا اللواء الدّكتور علي فايز الجحني/السعوديّة، من جامعة نايف، إلى أنْ لا يكون العمل العربيّ المشترك محكومًا بالمعيار السياسيّ فقط لِما يتسم به هذا المعيار من تذبذب وضعف، مع الاهتمام بالشراكة المجتمعيّة على جميع المستويات.

ورأى الأستاذ الدّكتور محمّد جمال الدّين مظلوم/مصر، من جامعة نايف، أنّ قرار استراتيجيّة للأمن القوميّ العربيّ يحتاج إلى خبراء ومتخصّصين وتوافر الإرادة السياسيّة الصّادقة لإقرارها من جميع الدول العربيّة.

واقترح اللواء الدّكتور سعود بن سراج عابد/السعوديّة، من جامعة نايف، أن تبدأ الاستراتيجيّة الشّاملة بمراجعة الاستراتيجيّات الوطنيّة، مع تبنّي حملات استراتيجيّة توعويّة أمنيّة، وإبراز دور تلك الاستراتيجيّات في الأمن والتنمية. كما اقترح على مجلس وزراء الدّاخليّة العرب إيجاد آليّة لفرض مفهوم الأمن الشامل نظريًَّا وتطبيقيًّا.

ودعا المقدّم الدّكتور عطاالله فهد السرحان/الأردنّ إلى تعزيز دور المجتمع في دعم مفهوم الأمن الشّامل، والاهتمام بتطوير الأجهزة الأمنيّة، والعمل على إيجاد أولويّات في القضايا الأمنيّة لدى المواطنين والتّركيز عليها إعلاميًّا، مع الاستفادة من تجارب الدّول المتقدّمة، وزيادة التنسيق بين الدّول العربيّة في مجال مكافحة الإرهاب والمخدّرات وغسيل الأموال، وغير ذلك من القضايا.

واختُتِم الملتقى بجلسة طُرحَ فيها مشروع توصيات أُحيلت إلى اللجنة العلميّة لتدارسها وإصدارها بصيغتها النّهائيّة في وقتٍ لاحق. ومن أهمّ ما تضمَّنه مشروع التوصيات هذا النّقاط الآتية:

1-    السّعي إلى تفعيل دوْر الإنسان العربيّ في منظومة الأمـن العربيّ الشّامل.
2-    ضرورة تلاحم المؤسّسات الرسميّة والقطاع الخاصّ والمؤسّسات الأهليّة في تطوير الأمن العربيّ الشّامل.
3-    دعم الوحدة الوطنيّة وحمايتها من التدخّلات الخارجيّة وقوى الاحتلال.

4-    تدريس الأمن العربيّ الشّامل مقرّرًا في جميع الجامعات العربيّة.
5-    دعم الأمن العربيّ المشترك في المجال الاقتصاديّ، والثّقافيّ، والاجتماعيّ، والإعلاميّ؛ تعزيرًا للأمن العربيّ الشّامل.
6-    نشر ثقافة الأمن العربيّ الشّامل القائم على الأمن الإنسانيّ بين المواطنين.
7-    تجهيز القوى الأمنيّة - أفرادًا ومؤسّساتٍ -  في كلّ بلد عربيّ لتواكب مفاهيم الأمن العربيّ الشّامل وأبعاده، دعمًا للثّقة بينها وبين المواطنين.
8-    الحثّ على إجـراء دراسـات متخصّصة معمّقة عن العَلاقات بدول الجوار، تحقيقًا للمصالح المشترَكة ودرءًا للنزاعات.
9-    ضرورة وضع استراتيجيّة للأمن العربيّ الشّامل تراعي خصوصيّات الدّول العربيّة.

 

 

exported: 
نعم
Printer Friendly and PDF
تصميم وتطوير شركة الشعاع الازرق لحلول البرمجيات جميع الحقوق محفوظة ©