عمّان- ناقش المشاركون من الأكاديميّين والباحثين وعدد من الدّبلوماسيّين الصّينيّين والعرب من أعضاء منتدى الفكر العربيّ في الحوار الصّينيّ العربيّ الرّابع، الذي عقده المنتدى بالتّعاون مع معهد الصّين للدّراسات الدوليّة، في بيجين يومي الخميس والجمعة 23 و24/9/2010، قضايا متعدّدة تتعلّق بتطوّرات العَلاقات الصّينيّة العربيّة في مجالات السياسة والاقتصاد والثقافة والصناعة والتكنولوجيا؛ إضافة إلى تبادل وجهات النّظر حول دور الصّين وحضورها في المجتمع الدّوليّ، ومجموعة من القضايا الإقليميّة والعالميّة، وسُبل التّعاون في مختلِف المجالات.
عُقدت ضمن جولة هذا الحوار ثلاث جلسات لمناقشة محاوره، وهي: "التّعاون الصّينيّ العربيّ"؛ "الوضع الإقليميّ"؛ "السّياسات الدبلوماسيّة في الصّين والدول العربيّة"؛ إضافة إلى جلسات نقاش وجلستي الافتتاح والخِتام. وألقى السيّد سون تاو، نائب وزير الخارجيّة الصّينيّ، كلمة في افتتاح الحوار، تلاهُ بكلمة أخرى أ.د. جو شين، مدير معهد الصّين للدراسات الدّوليّة، ثم ألقى أ.د. هُمام بشارة غَصِيب، أمين عام المنتدى، كلمة نقل من خلالها تحيّات سموّ الأمير الحسن بن طلال، رئيس منتدى الفكر العربيّ وراعيه، وسائرِ أسرةِ المنتدى، إلى الصّين.
وقال مخاطبًا الحضور من الصّينيّين: "إنّ عظمةَ بلدِكم ليست بحاجةٍ إلى شهادةِ أحد. ونحن العربَ نترنّمُ بها الآن، كما ترنّمْنا في سائرِ الأزمان. والأهمّ أنّ وِجدانَنا يهفو دوْمًا صوْبَكم. وحتّى في عِزّ تنويمِنا من الغرب وأسْرِهِ لنا، كنّا دائمًا نتوقُ إلى الشّرق ونحثّ أنفسَنا على التّوجّه نحْوَه. وما الشّرقُ إلاّ الصّينُ في المقامِ الأوّل. ولسْنا بحاجةٍ إلى التّذكير بالرّوابطِ المشترَكة. فبينَنا تاريخُ الورقِ والبوصلةِ والمِلاحة؛ وحتّى إرهاصاتُ الثّورةِ الصّناعيّةِ التّكنولوجيّة، لولا تدخّلُ عواملَ تاريخيّةٍ مُعقّدةٍ مُركّبة. وكما يُذكِّرُنا سموّ رئيسِ المنتدى وراعيه، كان بيننا "طريقُ الحرير"؛ طريقُ التّجارةِ وحركةِ السّلع من كلّ ضَرْبٍ ونوْع. وسموّه يتحدّثُ في كلّ مناسبة عن وجوبِ إحياء مثلِ هذا الطّريق، وتوْسيعِ المفهوم كي يشملَ دروبَ الفِكر والثّقافة وحتّى الإيمان."
وأشار أ.د. هُمام غَصِيب إلى مسيرة التّعاون بين منتدى الفكر العربيّ ومعهد الصّين للدراسات الدوليّة منذ منتصف الثّمانينيّات من القرن الفائت، حينما عُقد الحوار الأوّل بعنوان ""العرب والصّين: من التّأييد عن بُعْد إلى التّعاونِ عن قُرْب؛ حوار عربيّ صينيّ حوْلَ الحاضرِ والمستقبَل"، يوْمَي 18و19/10/1986، في عمّان، ثم الحوار الثّاني في بيجين بعنوان "آفاق العَلاقات العربيّة الصّينيّة في القرنِ الحادي والعشرين"، خلال الفترة 27-30/5/2002، وبعد ذلك بسنتيْن أو أكثَر قليلاً عُقد الحوار الثّالث في عمّان يوْمَي 29و30 /11/ 2004، بعنوان "العرب والصّين: آفاق جديدة في الاقتصادِ والسّياسة"، الذي كان من ميّزاته كلمتان ضافيتان لسموّ الأمير الحسن بن طلال؛ إضافة إلى مائدةٍ مستديرة متأجّجةٍ حَرَكةً وبَرَكة، وكلمةِ الأمانةِ العامّة لجامعة الدّول العربيّة التي قدّمها المسؤول عن متابعةِ الجانبِ الاقتصاديّ لمنتدى التّعاونِ العربيّ الصّينيّ.
وأضاف: "نحن نتحدّثُ في منتدانا - الآن أكثرَ من أيّ وقتٍ مضى – عن ما أحبّ أنْ أسمّيَهُ "الفكر العمليّ". وهو الفكرُ الذي لا يكتفي بالكلام، مهما كان بليغًا ومؤثّرًا؛ بل يتعدّاه إلى البرامجِ العمليّةِ المدروسةِ والأفعالِ التي يكونُ لها وَقْعٌ ملموس على مواطنينا؛ فيتغيّرُ الحالُ من الحسن إلى الأحسن. فنحن كشّافةٌ وروّاد، إنْ جازَ التّعبير: نسبرُ ونجسّ ونستكشف حتّى نُمهّدَ الطّريقَ لجماهيرِنا؛ محاولين أنْ نكونَ جُزْءًا من تيّارٍ عالميّ إنسانيّ تنويريّ، ولا أقولُ مُعَوْلمًا ... وكان هاجسُ المنتدى منذ البداية عَقْدَ سلسلةٍ من الحواراتِ العميقةِ المتعمّقة: العربيّة العربيّة، والعربيّةِ العالميّة. كما كان هاجسُه جسْرَ الفَجْوةِ بين المفكّرين العرب وأصحابِ القرار. وحين احتفلَ المنتدى بسنته الفضّيّةِ قبْلَ أربعةِ أعوام، أضافَ إلى هذيْن الهاجسيْن أو الهدفيْن هاجسًا ثالثًا، مفادُهُ جَسْرُ الفجوةِ بيْن المفكّرين أنفسِهم، وبيْنهم وبيْن المواطنين. فكان أنْ أصبحَ مفهومُ المواطَنة - بكل أبعاده - في صدارةِ اهتماماتِ المنتدى."
وأعرب أ.د. هُمام غَصِيب عن تطلُّع المنتدى إلى حوارات مثمرة أخرى مع الأصدقاء الصّينيّين، لما فيه مصلحةُ الطرفيْن ومصلحةُ الإنسانيّةِ جمعاء؛ من دون أيّ أهواء ضيّقة وقيودٍ تحدّ من انطلاقةِ الرّوحِ الإنسانيّةِ وطاقاتِها.
واختتم كلمته بتحيّة الصّين مرّة أخرى – قيادةً وحكومةً وشعبًا – بالنيابة عن سموّ الأمير الحسن، وقال: إنّ سموّه هو الذي يُشجِّعُنا دوْمًا على التّلاقي معكم. كما شكر سعادة السّفير يو هونغ يانغ، سفير جمهوريّة الصّين الشّعبيّة لدى المملكة الأردنيّة الهاشميّة، الذي لمْ يتوانَ قطّ عن تقديمِ كلّ التّسهيلاتِ الممكنة لإنجاح الحوار، وإلى مدير عام معهد الصّين للدّراسات الدّوليّة وطاقم المعهد.
تحدَّث في جلسة المحور الأوّل "التّعاون الصّينيّ العربيّ"، التي قدّمها أ.د. جو شين من الجانب الصّينيّ كلٌّ من: ووسي كو، المبعوث الصّينيّ الخاصّ إلى الشرق الأوسط؛ و ليوباولاي، السّفير الأسبق؛ و لي رون، مدير عام مكتب دراسات شؤون غربي آسيا وشمالي إفريقيا بمعهد الصّين للدّراسات الدّوليّة؛ و جيانشوادون، الباحث في معهد دراسات شؤون غربي آسيا وشمالي إفريقيا التابع للأكاديميّة الاجتماعيّة الصّينيّة؛ و قوجون لون، من مركز دراسات القضايا الدوليّة بوكالة شينهوا للأنباء.
ومن الجانب العربيّ: د. جواد العناني،المستشار الاقتصاديّ لشركة البصيرة الاستشاريّة/الأردنّ؛ والمهندس سمير حباشنة، الوزير الأسبق ورئيس منتدى الثقافة والعلوم/الأردنّ؛ و د. عبد الحسين شعبان، الباحث والمستشار القانونيّ/العراق.
وفي جلسة المحور الثّاني "الوضع الإقليميّ"، التي قدّمها د. عبد الكريم الأرياني، رئيس وزراء اليمن سابقًا، تحدَّث من الجانب الصّينيّ: آنهوي هو، السّفير الأسبق؛ و لي شاوشيان، نائب رئيس معهد الصّين للدراسات الدوليّة؛ و ليقوفو، الباحث في المعهد نفسه؛ و ين قان، الباحث في معهد دراسات شؤون غربي آسيا وشمالي إفريقيا في الأكاديميّة الاجتماعيّة الصّينيّة.
ومن الجانب العربيّ: أ.د. محمّد عبد العزيز ربيع، الأكاديميّ والمستشار الاقتصاديّ/الأردنّ؛ و السّفير د. محمّد نعمان جلال، المستشار السّياسيّ في وزارة الخارجيّة/البحرين.
وتحدَّث في جلسة المحور الثّالث "السياسات الدبلوماسيّة في الصّين والدّول العربيّة"، التي أدارها لي شاوشيان، من الجانب الصّينيّ: أ.د. جو شين، مدير معهد الصّين للدراسات الدّوليّة؛ و دونغ مانيوان، الباحث ورئيس قسم الدراسات الاستراتيجيّة الدوليّة في معهد الصّين للدّراسات الدوليّة.
ومن الجانب العربيّ: د. يوسف الحسن، مدير عام المعهد الدّبلوماسيّ سابقًا ورئيس مركز الإمارات للبحوث الإنمائيّة/الإمارات؛ و أ. عبد الله بشارة، رئيس المركز الدبلوماسيّ لدراسات الاستراتيجيّة/الكويت؛ و د. علي أومليل، سفير المغرب في لبنان وأمين عام سابق للمنتدى.
أعرب الجانب الصينيّ خلال المناقشات عن تأييده لكون القضيّة الفلسطينيّة هي جوهر القضايا العربيّة. كما أوضح موقفه بشأن القدس؛ مُزيلاً ما ظُنّ أنه غموض في هذا الموقف، ومؤكّدًا وقوفه إلى جانب الشعوب المُستَعمَرة وتأييد حقّها في السيادة والاستقلال.
وأشار الجانب العربيّ إلى أهميّة تأهيل الصّين لقيادة ما كان يسمّى العالم الثّالث، والتدخّل لحلّ النّزاعات بالطرق السّلميّة. ذلك أنّ الولايات المتحدة لن تستطيع الاستمرار إلى الأبد في قطبيّتها. وهنالك قضايا ملحّة في الوطن العربيّ والإقليم تستدعي ذلك، مثل: القضيّة الفلسطينيّة؛ والوضع في العراق؛ والفوضى في أفغانستان؛ والملفّ الإيرانيّ؛ فضلاً عن حساسيّة الوضع في القرن الإفريقيّ. كذلك يجب أن لا ننسى دور باكستان والهند ودول أخرى في المنطقة، وموضوعات مثل مسألة الهُويّات المُتداخِلة، والحنين إلى القوميّات كما هو الحنين إلى القوميّة الفارسيّة في إيران.
وأوضح الجانب العربيّ أنّه لا يوجد خلاف عربيّ على موضوع القدس وحلّ القضيّة الفلسطينيّة حلاًّ سلميًّا شاملاً وعادلاً، مع ضرورة حلّ الخلافات الفلسطينيّة الفلسطينيّة. وتساءل مشاركون عرب عن مدى تعاون الصّين مع إسرائيل، وموقف الصّين من بعض القضايا في الدول العربيّة، ومنها الموقف من قضيّة استقلال جنوبي السودان عن شماله، وقضايا الإقليم؛ مؤكّدين أنّ الموقف العربيّ يعارض لجوء الغرب إلى القوّة في التعامل مع إيران.
من جهته عبَّر الجانب الصّينيّ عن اهتمام الصّين بسياسة الانفتاح على العالم، وتأييدها لمنطقة خالية من أسلحة الدّمار الشّامل، وتطوّرات الأوضاع في المنطقة، خاصة عودة تركيا إلى أداء دور فاعل في منطقة الشرق الأوسط، ونموّ القدرة النّوويّة في إيران، وموضوع جيوستراتيجيّات الخليج، ومشكلة الأكراد. وأكّد الجانب الصّينيّ أهميّة استقلال الوطن العربيّ ومصلحة الصّين في العلاقات معه، لا سيما في مجالات الطّاقة، والتّجارة، والاستثمار، ونقل التكنولوجيا من خلال الشركات عبر الوطنيّة.
وتوافق الجانبان العربيّ والصّينيّ على أهميّة السعي إلى نظام دوليّ أكثر إنصافًا وعدالةً، مركّزين على ضرورة تعاون الجنوب الجنوب، والتّعاون الإنسانيّ المدنيّ في مناهضة سيطرة الغرب على الرأي العام الدوليّ، وعلى إقامة نظامٍ للقيم والأخلاقيّات والمعايير لعالمنا المُعاصر. كذلك، التّركيز على آليّات التّعاون وموضوعاته المشتركة، مثل التّعاون في مجال الأمن الغذائيّ، والنّقل أو إنشاء السكك الحديديّة في بعض أرجاء الوطن العربيّ، والإعلام؛ إذ اقترح الجانب الصّينيّ التّفكير في ورشة فنّيّة للتّدريب الإعلاميّ. وأيضًا بحث الجانبان التّعاون في ما يتّصل بالبُعد الثّقافيّ، والطبّ البديل، والعَلاقات الشّبابيّة، والمرأة، والطّفولة، ونقل التكنولوجيا الصّينيّة إلى الوطن العربيّ، والاستثمار؛ لا سيما أن هنالك مناطق في الوطن العربيّ قابلة للاستثمار وهي بحاجة إليه، وأهمّها السّاحل الشّرقيّ لإفريقيا الذي يحتاج إلى استثمارٍ زراعيّ.
واقترح الجانب العربيّ في المقابل التوسّع في مجالات تعاون جديدة بين الصّين والوطن العربيّ، مع التّركيز على الاستثمار، وإصلاح النّظام النّقديّ الدّوليّ، خاصّة مع ظهور بوادر خطر حرب العملات، وملاحظة التغيُّر في "البيئة الإيديولوجيّة". وقال مشاركون عرب: إنّ أكثر الدول استفادة من العولمة هي الصّين وليست الولايات المتحدة. وأوضحوا عدم رغبة الولايات المتحدة في نقل التكنولوجيا إلى الوطن العربيّ؛ فضلاً عن أنّه ليست لإدارة أوباما سياسة بالمعنى الصحيح في منطقة الشرق الأوسط.
ووجه بعض المشاركين العرب أسئلةً إلى زملائهم الصّينيّين تناولت موقف الصّين من نهوضها بدور القائد في عالمنا، ونظرتها إلى المشهد الآسيويّ، وهل هنالك حداثة صينيّة مُختلفة عن الحداثة الغربيّة؟ ما موقف الصين من الحداثة والحرّيّة؟ وكيف تنظر الثّقافة الصّينيّة إلى الثّقافة العربيّة الإسلاميّة؟ وأشار هؤلاء إلى أنّ حضور الصّين في الأمم المتحدة ومجلس الأمن الدّوليّ أضعف من تغوّل الدول الكبرى وعزّز من سماع صوت الدّول النّامية. وذكَّر بعض المشاركين العرب أنّ سجلّ الصّين بقي نظيفًا حيال جنوب إفريقيا العنصريّة – سابقًا – بخلاف دول أخرى اشتراكيّة وغربيّة.
وأكّد الجانب العربيّ أهميّة البُعد الثّقافيّ في العَلاقات العربيّة الصّينيّة، وأنّ التّجارة سبيل مثمر للدبلوماسيّة. وبيّنوا أنّ حركة الإصلاح في كلٍّ من الصّين والوطن العربيّ تتشابه في المواقف الفكريّة من الغزو الخارجيّ بصيانة الهُويّة، والدّعوة إلى اكتساب قوّة الغرب من فنون عسكريّة وعلوم وتكنولوجيا، وتأثُّر المفكّرين بالفكر الغربيّ ونظريّة التطوّر الاجتماعيّ.
وقال مشاركون عرب: إنّ ما يميّز الصّين هو استمراريّة وحدة الدّولة والأمّة، وإنّ الاقتصاد يُعد بُعدًا أساسيًّا في الفكر الصّيني. فلم تُطرَح في الصّين فكرة الدّولة؛ بِخلاف الوطن العربيّ حيث طرحَ مفكّروه مفاهيم الدّولة؛ الأمّة؛ المواطَنة؛ الدّين؛ ما أدّى إلى هيمنة الإيديولوجيّات. وإنّ الماركسيّة حين تبنّتها الصّين كانت قطيعة مع الماضي، لكن في الوقت نفسه مع الاحتفاظ بالهُويّة.
وتمنّى الجانب العربيّ على الصّين المزيد من الاهتمام بالقوّة النّاعمة أي الثّقافة؛ إضافة إلى مزيد من الاهتمام أيضًا بخطوط النّقل البحريّ والجيوستراتيجيّات الدّوليّة؛ مُذكّرًا أنها أكبر دولة في العالم من حيث عدد السكّان، وثاني أكبر اقتصادات العالم، وإنْ عاجلاً أم آجلاً ستصبح أكبر اقتصاد عالميّ. وركّز مشاركون عرب على أنّ أي دور عالميّ يُنتَزَع ولا يُمنَح، وأنّ العرب والعالم بحاجة إل نظام دوليّ أكثر توازنًا وعدلاً بوجود الصّين. وأوضح بعضهم أنّنا بحاجة إلى الدور الصّينيّ؛ لكنّنا لا نستجدي دورًا، ولا نريد للصّين أن تكرّر طريق الاتحاد السوفييتي السّابق.
وقد أجاب المشاركون الصينيّون في الحوار على ذلك بالإشارة إلى أنّ الاقتصاد الصّينيّ يُعدّ الاقتصاد الثّاني عالميًّا، على الرغم من أنّ ترتيب دخل الفرد في الصّين هو في الدّرجات بعد المئة.
وفيما يتعلّق بالسياسة الخارجيّة أشار هؤلاء إلى أنّ دول الجوار تؤثّر على عَلاقات الصّين الخارجيّة؛ إلاّ أنّ الصّين تؤمن بالسّعي نحو نظام دوليّ متناغم، لا تدخّل فيه في الشؤون الدّاخليّة للبلدان، ولا تصنيفات مثل "محور شرّ" أو "دول مارقة"، وهي تؤمن أيضًا بنبذ العنف، وتقوم بالتزاماتها الإنسانيّة تجاه الدول المُحتاجة، مثل إقامة بعض السكك الحديديّة في تنزانيا، وتقديم المعونات لباكستان في محنة الفيضانات مؤخرًا.
وأكّد الجانب الصّينيّ أنّ الصّين لا تروّج لنموذجها لكون هذا النّموذج لا يلائم البلدان المختلِفة في العالم؛ لكنّها مهتمّة بموضوع العدالة الاجتماعيّة، والتّكامل بين التّراث والحداثة، والاستفادة من إيجابيّات فكر كونفوشيوس (التّعليم من دون تمييز؛ احترام كبار السنّ؛ التناغم في العائلة؛ الاجتهاد الدؤوب؛ تحمُّل المعاناة). والصّين دولة ما زالت نامية. فثمّة مشكلات في بعض المناطق، والحرّيّة تُعدّ نسبيّة، بسبب ارتباط حرّيّة التّعبير بالتّاريخ والقانون والواقع. لكن هنالك سياسة انفتاح وإصلاح مؤدّاها الاهتمام بالدولة والمصلحة العامّة، وما زالت التّجربة الصّينيّة ضمن اختبار الزّمن.
وأكّد المشاركون الصّينيّون احترام بلادهم للحضارة العربيّة الإسلاميّة، والعناية بالمصالح المشتركة للإنسانيّة جمعاء، والاهتمام بأخلاقيّات التعامل مع الآخرين.
يُذكر أنّ أ.د. هُمام غَصِيب أهدى درعًا باسم أسرة المنتدى إلى أسرة معهد الصيّن للدراسات الدّوليّة. وقد ردّ أ.د. جو شن، مدير عام المعهد، بالمثل.