EN | AR
أ.د. صلاح جرار في اللقاء الشهريّ لمنتدى الفكر العربيّ مشروع الذخيرة العربية يستثمر التكنولوجيا للحفاظ على الهُويّة الوطنيّة والقوميّة
الاثنين, مايو 16, 2011

عمّان- قال أ.د. صلاح جرار، رئيس اللجنة الوطنية الأردنيّة لمشروع الذخيرة العربيّة وأستاذ الأدب العربيّ في الجامعة الأردنيّة: إنّ اختيار اسم "الذخيرة العربية" لهذا المشروع، إنّما جاء من باب اعتبار ما تحتويه المؤلّفات العربيّة القديمة والحديثة ذخيرة نفيسة وكنوزًا بالغة القيمة لهذه الأمّة، وأنّ في هذه المؤلّفات قديمها وحديثها فوائد جمّة لا تُحصى كثرةً وتنوّعًا وشمولاً.

وأضاف في محاضرته في اللقاء الشهريّ الرابع لمنتدى الفكر العربيّ، مساء الأربعاء 11/5/2011: إنّ أوّل من أطلق هذا الاسم على هذا المشروع هم الجزائريون، حيث بدأ التفكير فيه منذ نحو ثلاثة عقود، وكانوا يطلقون عليه مشروع الذخيرة اللغوية، وكانت الغاية منه في بادئ الأمر عمل معجم لغويّ تاريخيّ. وبعد تشكيل الهيئة العُليا لمشروع الذخيرة العربيّة في عام 2006 من ممثلين للدول العربيّة، تقرّر تغيير المسمّى إلى "مشروع الذخيرة العربيّة" ليشمل الإنجاز العقليّ العربيّ عبر العصور وإنزاله في موقع إلكتروني، يتيح للباحثين من أنحاء العالم الاطّلاع عليه واستخدامه في أبحاثهم ودراساتهم.

وفي كلمته الترحيبيّة في بداية اللقاء، أكد أ.د. فايز خصاونة، مستشار سموّ الأمير الحسن بن طلال وأمين عام المنتدى بالوكالة، أنّ هذا اللقاء يأتي لتقليب موضوع من موضوعات الساعة إثراءً لذخيرتنا الفكريّة، وتنفيذًا لجانب مهم من جوانب رسالة المنتدى الموجهة إلى شعبنا العربيّ من الماء إلى الماء.

ورحَّب أ.د. فايز خصاونة بحضور اللقاء؛ مُشيرًا إلى مبادرة المنتدى لدعوة خمس جامعات أردنيّة وتسمية مشاركين في اللقاء من طلبتها، نصفهم أردنيون والنصف الآخر من الطلاب العرب الذين يدرسون في هذه الجامعات. وقال: سوف نطلب تسمية مشاركين من الطلاب من كل الجامعات وبالتناوب في اللقاءات القادمة لإقامة جسور تواصل بين المنتدى وطلائع الفكر العربيّ الذي يتشكَّل في جامعاتنا. ودعا أمين عام المنتدى بالوكالة الشباب في الجامعات إلى التواصل أيضًا مع المنتدى من خلال أنشطته وعلى موقعه الإلكترونيّ.

من جهته أشاد أ. جريس سماوي، أمين عام وزارة الثقافة، الذي أدار اللقاء، بجهود منتدى الفكر العربيّ وعمله الدؤوب من أجل المستقبل، وقال: إننا نعيش ظروفًا صعبة فيما يتعلّق ببنية الفكر العربيّ المعاصر، الذي يحتاج إلى الكثير من أجل التفوّق في معركة الإصلاح. وأضاف: من هذا الكثير فإنّ وزارة الثقافة تُساهم في إنجاح مشروع الذخيرة العربيّة حتى يتسنى لأهدافه أن تتحقَّق باستخدام الثورة التكنولوجيّة الحديثة لنشر الميراث الثقافيّ حاسوبيًا، وإتاحته للباحث والقارىء والمتصفح والمواطن عمومًا.

وأشار إلى أنّ اللجنة الوطنيّة الأردنيّة لمشروع الذخيرة العربيّة قطعت شوطًا مهمًا منذ انطلاق المشروع تحت مظلّة جامعة الدول العربيّة عام 2006، ويعدّ الأردن والجزائر الأكثر تقدمًا في مراحل الإنجاز المتعلقة بالمشروع.

وأوضح أ.د. صلاح جرار أنّه كلّما ازداد التحصيل المعرفي عند أي أمّة والإنتاج المعرفي لديها وفرص التواصل مع هذا التحصيل والإنتاج، ازدادت قدرتها على البناء والتطوّر والنهوض وزادت قوتها ومنعتها. وهذا ما يفسّر تسابق دول العالم المتقدّم على إنشاء المكتبات العامّة الكبرى والحرص على اقتناء أيّ منتج معرفي مهما كانت قيمته ومهما كلّفها ذلك ومهما كان مصدره، وبناء مدوّنات معرفيّة غنيّة، وتطوير وسائل الوصول إلى المعرفة وتخزينها واسترجاعها وفهرستها ووسائل الانتفاع بها، ويكفي أن ننظر في مكتبة الكونغرس الأمريكية والمكتبة البريطانية في لندن وغيرهما من المكتبات العالمية التي تضم في خزائنها ورفوفها كلّ ما أصدرته المطابع العالمية منذ بدء الطباعة إلى اليوم وبكلّ اللغات الممكنة، إضافة إلى ما استطاعت اقتناءه من المخطوطات والوثائق التي ترجع إلى مختلف العصور التاريخية.

وأشار إلى أنّ جميع الأمم المتقدّمة قد استثمرت علم الحاسوب لأرشفة منتجها العقليّ والمعرفي وتوفيره للدارسين وتيسير الوصول إليه إلكترونياً، حيث بدأت كلّ دولة منها ببناء ذاكرة وطنية إلكترونية تعزّز وجودها وتحفظ لها هويتها الوطنيّة والقومية، مع أنّ مجمل إنتاج أيّ دولة من هذه الدول يزيد بأضعاف المرّات على مجمل حجم إنتاجنا المعرفي المحلّي الذي يقدر بما يزيد على (50.000) عنوان، وهو ما يمكن أن تنهض به أي دولة في سنة واحدة، وبميزانية زهيدة.

وقال: إن مشروع الذخيرة العربيّة في الأردن هو أحد أهمّ المشاريع التي تضطلع بها وزارة الثقافة الأردنية، لأنّه يهدف إلى بناء ذاكرةٍ وطنية إلكترونية تختزن كلّ ما أنتجه العقل الأردنيّ من كتبٍ ومجلاّتٍ ومقالاتٍ ودراساتٍ في سائر مجالات الثقافة والفكر والعلم والمعرفة، مع تصميم آليةٍ ميسرة سريعة للبحث والاسترجاع. وهو بذلك يقدّم، وللمرّة الأولى في تاريخ المملكة، خدمة كبيرة للباحثين في الدراسات الأردنية: تاريخاً وجغرافية واجتماعاً وسيراً ومذكرات ورحلات وأدباً وتربيةً وتراجم أعلام وكلّ جوانب الحياة في الأردن، ممّا يسهل البحث العلمي وإجراء الدراسات ويوفّر مصادر ومراجع شاملة لكلّ موضوع من موضوعات البحث، بالاعتماد على ذاكرة إلكترونية مصمّمة جيّدًا لا يحتاج معها الباحث إلى التنقل بين المكتبات؛ إذ من المتوقَّع أن تشتمل هذه الذاكرة، إضافة إلى ما ألّفه الأردنيون، كلّ ما ألّفه غير الأردنيين عن الأردن وما تُرجم من كتبٍ أجنبيّة عن الأردن، وما ترجمه المترجمون الأردنيون إلى العربية مهما كان موضوعه.

ويأتي هذا المشروع الوطني في سياق مشروعٍ عربيّ قوميّ ترعاه جامعة الدول العربية، ويهدف إلى إنشاء ذاكرة عربيّة واسعة تشتمل على كلّ ما ألّفه العرب قديماً وحديثاً وتحميله على موقع إلكتروني شامل مزوّدٍ بآليات متقدمة للبحث والاسترجاع.

ويمكن إجمال الأهداف التي تسعى اللجنة الوطنيّة الأردنيّة لمشروع الذخيرة العربيّة إلى تحقيقها بالآتي:

-    إجراء مسحٍ شامل للنتاج الفكريّ والثقافيّ والعلميّ القديم والحديث للمملكة الأردنيّة الهاشمية، وتصنيفه، وفهرسته، وتوثيقه، وتوفيره للباحثين من خلال قاعدة بيانات نصيّة شاملة.

-    توفير مرجع أساسي للباحثين في اللغة والأدب والتراث والعلوم وسائر مجالات التأليف القديمة والحديثة المتعلّقة بالأردنّ، وتمكين الدارسين والباحثين والمهتمّين، من الأردنيين والعرب والأجانب، من دراسة المنجز الفكريّ العربيّ في الأردن عبر أزمنته المختلفة وفي سائر ميادينه.

-    رصد كلّ ما صدر عن المطابع الأردنيّة والمؤسسات العلميّة والثقافيّة الأردنيّة، والمؤلفين الأردنيين إلى يومنا هذا مع فرصة الاستمرار في رصده، وإضافة كلّ ما يستجدّ منه في أرشيف وطنيّ شامل ومتجدّد.

-    توفير قاعدة بيانات شاملة تمكّن الباحثين من تنفيذ مشاريع علمية تنبثق من مشروع الذّخيرة العربيّة، مثل مشروع المعجم اللغوي العربيّ التاريخي، ومعاجم المصطلحات، والموسوعات المختلفة.

-    تحقيق التعاون المعرفيّ والعلميّ والفنيّ بين الدول العربيّة الأعضاء في الهيئة العليا للمشروع.

وعرض رئيس اللجنة الوطنيّة الأردنيّة للمشروع لبدايات انطلاق فكرته من الجمهورية الجزائريّة، ودعوة الجامعة العربيّة الدول الأعضاء فيها لتقديم الدعم اللازم للمشروع بالتعاون مع الأمانة العامّة للجامعة، والمنظمة العربيّة للتربية والثقافة والعلوم، وقرار الاجتماع التأسيسيّ في الجزائر بأن تقوم كلّ دولة عضو في الهيئة بتشكيل لجنة وطنية، تكون مهمّتها جمع النتاج الفكري والعلميّ القديم والحديث لذلك البلد وتخزينه في موقع إلكتروني خاص بها، يرتبط لاحقاً بشبكة حاسوبية عربيّة شاملة. كما تطرق إلى تشكيل اللجنة الوطنيّة الأردنيّة، والدعم المقدَّم لها من وزارة الثقافة، وآليات عمل اللجنة، وإنشاء موقعها الإلكترونيّ www.dhakhira.jo . كذلك المشكلات التي تواجه المشروع؛ مؤكِّدًا أنّ ما أنجزته اللجنة الوطنيّة الأردنيّة لمشروع الذخيرة العربيّة يعدّ متقدّمًا جدًا بالنظر إلى ما أنجزته سائر اللجان العربيّة الأخرى لهذا المشروع، وتنظر تلك اللجان إلى التجربة الأردنية بوصفها تجربة نموذجية تسعى تلك الدول للاستفادة منها.

ودعا أ.د. صلاح جرار الباحثين والدارسين إلى الاستفادة في أبحاثهم ممّا يتيحه موقع الذخيرة من معلومات قد لا يجدونها مجتمعةً في موقع إلكتروني آخر، أو لا يجدونها مجتمعة في مكتبة واحدة.

 

exported: 
نعم
Printer Friendly and PDF
تصميم وتطوير شركة الشعاع الازرق لحلول البرمجيات جميع الحقوق محفوظة ©