EN | AR
الأمير الحسن بن طلال يدعو إلى إنشاء مؤسسة عربية لإعادة الإعمار والتنمية وسدّ الفجوة في الكرامة الإنسانية
الثلاثاء, سبتمبر 18, 2012

في كلمة مسجَّلة أمام المشاركين في المنتدى الاقتصادي العربي الأوروبي

الأمير الحسن بن طلال يدعو إلى إنشاء مؤسسة عربية لإعادة الإعمار والتنمية وسدّ الفجوة في الكرامة الإنسانية

 

بيروت- أكد سموّ الأمير الحسن بن طلال، رئيس المنتدى وراعيه، في كلمة مسجَّلة أمام خمسمئة مشارك من اثنتين وثلاثين دولة عربية وأجنبية في المنتدى الاقتصادي العربي الأوروبي ببيروت (12-13/9/2012)، أن التحدي الأساسي في هذا الإقليم العربي هو إيجاد فرص العمل وبناء أرضية معرفية واضحة لقضايا العطالة والبطالة؛ مشيدًا في هذا المجال بمشروعات نهضت بها عدد من الصناديق العربية والإسلامية وأثرت بها الساحة العربية.

 

ودعا سموّه المشاركين في المنتدى، الذي عُقِد برعاية دولة رئيس مجلس الوزراء اللبناني الأستاذ نجيب ميقاتي، إلى التفكير في كيفية تحويل مثل هذه المشروعات إلى رؤية نحو بناء مؤسسة عربية جديدة تفيد من التجربة الأوروبية في إيجاد بنك أوروبي للتنمية المستدامة، وتأخذ بالحسبان العَلاقة الطردية ما بين التنمية المستدامة والأبعاد المادية للاستثمار، مؤكدًا ضرورة تأسيس هيئة عربية للاستثمار أيضًا، ومشيرًا إلى أن الهوية الإنتاجية لإقليم غرب آسيا وشمال إفريقيا، أو لإقليم شرق الأوسط وآسيا، لا تتضح لنا فيها معالم المشاركة الحقّة بالمقارنة مع أقاليم أخرى، سواء في إفريقيا أو القارات الأخرى.

 

وذكَّر سموّ الأمير الحسن في معرض الإشارة إلى مشاركته في مؤتمر عدم الانحياز بطهران ولقاء مجموعة الثمانية الصناعية بالأردن مؤخرًا، بأن 70% من المُقتَلَعين أو اللاجئين في العالم هم من المسلمين، وتساءل: أين نحن كمسلمين من هذا الواقع المزري؟! وقال: آن الأوان لأن تشتمل خططنا الإقليمية على معرفة مَنْ هم المُقتَلعون والمُستَضعَفون.

 

كما جدَّد مطالبته بالتفكير في إنشاء مؤسسة عربية للإنماء والتعمير، تعمل بشفافية وتكون مُحاسَبة من قبل الشعوب نفسها، وأن تُفعَّل من خلالها القيادات السياسية والاقتصادية والاجتماعية من جانب، وقيادات المجتمع المدني من جانب آخر.

 

وأضاف أن إعادة الإعمار والتنمية يأتي ضمن حاجتنا عربيًا لتأسيس منتدى حقيقي وموثوق للقيادات المشار إليها، بما في ذلك إيجاد قاعدة معرفية حقيقية، وجماعة ضغط (لوبي) تعمل على ترجمة صوت حقيقي وشرعي من المناطق المعنية في غرب آسيا وشمال إفريقيا، وتقيم حوارًا أشمل وأوسع مع أصوات حقيقية أيضًا من مناطق أخرى في عالمنا، بهدف تشاطُر العِبر المستفادة وتقييمها وتعديلها نحو تطوير خيارات مشتركة للتنفيذ. وأكَّد سموّه في هذا الصدد ضرورة وجود منصّة فعلية لإعادة تقييم السياسات الاقتصادية في المنطقة، التي تضمن التفكير بالوسائل اللازمة لمعالجة الضغط الاجتماعي الذي نعاني منه كدول، والناتج عن حالة امتصاص لمثل تلك السياسات.

 

وبيّن سموّه أن مشهد مجلس التعاون الخليجي بالتصوّر القائم على توفير الأموال دومًا، ووجود العديد من مؤسسات التمويل والوسائل الأُحادية، على الرغم من ضحالة القدرة الامتصاصية للدول والشعوب المستفيدة من أموال الدعم الخليجي، يدعو إلى أخذ زمام المبادرة للعمل على طبيعة موضوعية متعددة الجوانب بدلاً من تفضيل الطبيعة الثنائية والاستمرار في صور التشظّي التي نعاني منها اليوم. وأوضح أن استحداث بنك عربي لإعادة الإعمار والتنمية في فلسطين سيساعد على التقليل من الاعتماد على المساعدات الأجنبية، ويخلق نوعًا من الاستقلالية للسلطة الفلسطينية التي تعتمد على إسرائيل للحصول على عائداتها الضريبية.

 

واختتم سموه كلمته بالدعوة إلى سلام قائم على الإنسان نفسه أولاً، وعلى تعظيم المكان والهوية وحرية الحركة في إطار السعي المستمر لسلام شامل في هذا الإقليم من العالم، وقال: إن ذلك السلام مُغيَّب لأسباب معروفة ولأسباب تتعلَّق بتقليص كرامة الإنسان، موضحًا أن سدّ الفجوة أو العجز في كرامة الإنسان هو الهدف الأساسي من مبادرة بنك عربي لإعادة الإعمار والتنمية، والذي ينبغي أن يأخذ بالمفاهيم التقليدية للزكاة إلى جانب المفاهيم العصرية للتنمية، مشددًا على أهمية الزكاة وتفعيل مفهومها، ما يعد مبررًا كافيًا لاقتراح استحداث مؤسسة دولية للزكاة والتكافل، خاصة أن الزكاة ليست فقط ركنًا من أركان الإسلام، وإنما هنالك حقائق تدعو إلى تطبيق مفهومها في ضوء أن نظام تطبيقها حاليًا، جمعًا وتوزيعًا، هو أدنى مستوى مما يجب أن يكون عليه. كما أن السلام لا بد أن يأخذ بالاعتبار التوجه الديني الأخلاقي منذ عُرِفَ هذا الإقليم بحكمة الإشراق، فضلاً على ضرورة أن ينسجم السلام مع القوانين الأساسية للطبيعة ومع القوانين الوضعية. فالتحدي الذي يواجهنا هو تحدي إعادة الأولويات لطبيعتها، ومثل هذه المفاهيم من شأنها أن تقربنا من تفويض الإنسان وتمكينه من حيث أنه إنسان.

 

وكان أمين عام منتدى الفكر العربي الدكتور الصادق الفقيه قد شارك مندوبًا عن سموّ الأمير الحسن بن طلال في أعمال المنتدى الاقتصادي العربي الأوروبي، الذي نظَّمه الاتحاد العام للغرف العربية في مقره ببيروت، بالتعاون مع البنك الأوروبي للاستثمار والمفوضية الأوروبية. كما حضر د. الفقيه لقاءً مع فخامة الرئيس ميشال سليمان، رئيس الجمهورية اللبنانية، والمأدبة التي أقامها دولة الأستاذ نجيب ميقاتي، رئيس الوزراء، تكريمًا للمشاركين في المنتدى.

 

وقد هدفت مداولات المنتدى إلى التركيز على توسيع نطاق التعاون الاستثماري والتجاري والمالي بين الاتحاد الأوروبي والعالم العربي، وتعريف البنك الأوروبي للاستثمار بالمشاريع الاستثمارية المطروحة في الدول العربية لغايات التمويل.

 

وتركزت محاور المؤتمر على مناقشة آفاق العلاقات العربية الأوروبية الاقتصادية في ظل التوجهات الجديدة لسياسة الجوار الأوروبية العربية، وبرامج إعادة الإعمار والتنمية الاقتصادية في المنطقة العربية وسُبل التعاون العربي الأوروبي، إضافة إلى المشروعات الاستثمارية المقترحة في القطاعات الاقتصادية في الدول العربية، والتمويل المالي المتوقع من الاتحاد الأوروبي والبنك الأوروبي للاستثمار، واستشراف آفاق اقتصادية جديدة للتعاون في قطاعات المصارف، والبنية التحتية، والطاقة النظيفة، والاتصالات والمعلومات، والتكنولوجيا، والتمويل، والتعليم، والصحة، والصناعة، والشركات الصغيرة والمتوسطة. كما ناقشت المحاور دور مؤسسات التمويل العربية وصناديق التنمية وبنك الاستثمار الأوروبي في تمويل إعادة الإعمار والتأهيل، ومشاريع التنمية في المنطقة العربية، وعروض للمشاريع الاستثمارية في الدول العربية التي تحتاج إلى التمويل.

 

وشارك في المنتدى شخصيات اقتصادية عربية وأجنبية، وقيادات غرف التجارة والصناعة والزراعة في الدول العربية، والغرف العربية- الأجنبية المشتركة، وممثلو المنظمات الاقتصادية العربية المتخصصة، والاتحادات الاقتصادية والمالية والاجتماعية العربية، والشركات الاقتصادية والمالية والاستثمارية والمصرفية العربية، وبنوك التنمية وصناديق التمويل والإنماء العربية، وهيئات تشجيع الاستثمار في الدول العربية، ووكالات التصنيف الإئتماني.

 

وقد توافق المتحدثون في المنتدى على ضرورة إعادة بناء الشراكة العربية والأوروبية، ولا سيما في هذه المرحلة التي تتوافر فيها فرص التكامل والتعاون.    

   
 

 

 

exported: 
نعم
Printer Friendly and PDF
تصميم وتطوير شركة الشعاع الازرق لحلول البرمجيات جميع الحقوق محفوظة ©