EN | AR
ثلاثة سيناريوهات محتملة في العراق - حوار مع جريدة الزوراء
الأحد, أبريل 24, 2016
عبد الحسين شعبان

مع مضي أكثر من نصف المهلة المحددة لولادة الكابينة الوزارية المنشودة، يحتدم الخلاف في أروقة البرلمان الذي غصّ بإنفعالات النواب تارة والدفاع عن مصالح كتلهم تارة أخرى، في وقت يدرك الساسة أنهم على موعد مع شارع «غاضب» كان بالأمس على أبواب المنطقة الخضراء، وينتظر جني ثمار حراكه، وثمة ثلاثة سيناريوهات متوقعة للمشهد السياسي في العراق.
وفق ذلك قال المفكر السياسي عبد الحسين شعبان في حديث خاص لـ «الزوراء»، أمس: لحد الآن لم نر إصلاحات، كل ما هنالك وعود وكلام حول إصلاحات منتظرة، لكننا منذ عام ونصف ننتظر مثل هذه الإصلاحات ولم تأت، مبينا أن ذلك «يذكّر بديوان شعر للشاعر الكبير عبد الوهاب البياتي (الذي يأتي ولا يأتي)، فهذه الإصلاحات تأتي ولا تأتي، وما تزال متعسّرة وتكاد تكون مستعصية».
أما بخصوص التغيير الحكومي المرتقب، قال شعبان: إن التغيير لن يؤثر في شيء، سواء تحقق أم لم يتحقق، إذا لم يتخطّ التقاسم الطائفي والمذهبي والإثني، ووصفه بأنه «إقرار بصيغة أخرى للتقاسم الوظيفي»، الأمر الذي سيعقد المشهد أكثر، لاسيّما بعد الإحباط الذي أصاب جمهوراً واسعاً من الذين احتجّوا وتظاهروا، وسيصابون بالكثير من القنوط واليأس بسبب عدم تحقق الإصلاح.
وتوقّع شعبان ثلاثة سيناريوهات سياسية في العراق، السيناريو الأول: أما أن يأخذ العبادي القضية على عاتقه ويجري إصلاحاً دون أن يلتفت الى ما تطلبه الكتل، لكل ذلك يمكن أن يصطدم بالبرلمان، وعندها إما أنه يستمر أو يستقيل، موضّحاً أن الجمهور كان يفضل مثل هذه الخطوة لكي يحدث نوعاً من التغيير المنشود.
وتابع أن السيناريو الثاني، الذي قد يضطر حيدر العبادي للجوء إليه هو إرضاء الكتل، والمجموعات الطائفية والعرقية، وبالتالي سيأتي بتغيير على المقاس، وهو بالواقع ليس تغييراً، وإنّما استبدال بعض الوجوه».
وبخصوص السيناريو الثالث، قال شعبان: لو فشل العبادي بتمرير ما يريده في البرلمان ، سيكون أمامه شيئان رئيسيان، أما أن يتنحّى ويعلن أن ليس بإمكانه الاستمرار، أو أن يذهب الى تشكيل حكومة إنقاذ وطني، لاسيّما وأن ثلث البلد محتل وما زال بيد «داعش»، ومازال الإرهاب يضرب أطنابه، والفوضى منتشرة والفساد المالي والإداري أوصل الحكومة العراقية إلى حافة الإفلاس، ومثل هذا الأمر يحتاج الى خطوة «شبه انقلابية»، حيث يحلّ البرلمان ويعطّل الدستور ويشكّل حكومة إنقاذ وطني، ويستدعي الشارع لحمايته من الكتل السياسية التي يمكن أن تعترض طريقه وطريق الإصلاح.
وبيّن شعبان: أن الأمر إذا وصل الى هذه الحد فسيكون بمثابة «انتحار سياسي» لو فشل العبادي في الوصول إلى هدفه بالتغيير، لأنه سينهي مستقبله السياسي، أو يقدم استقالته ويعتزل العمل السياسي كما هو في الاحتمال الأول لو رفض البرلمان إمرار خطة الإصلاح. وبالتالي ستكون الأزمة مستمرة، وهي ليست أزمة تشكيل "حكومة أزمة" أو إرضاء الكتل السياسية والحزبية والجماعات الطائفية والإثنية، وإنما أزمة للتغيير في طبيعة النظام السياسي .
ويعتبر شعبان، أن الدعوة الى حكومة تكنوقراط، هي «هروب من الواقع»، موضحاً أن التكنوقراط يفترض فيهم أن يكونوا في إدارات الدولة ومفاصل الوزارات ووكالات الوزارات والمواقع الأدنى، وليس بالضرورة أن يكون الوزراء تكنوقراط، لأن الوزارة تحتاج لوزراء أقوياء ويتمتعون بالنزاهة ولديهم معرفة، والأمر لا يتعلق بوزير واحد أو اثنين، بل إن الطاقم كله بحاجة الى تغيير.
ويلفت شعبان إلى أن «الأمر، ربما يحتاج حتى الى تغيير رئيس الوزراء نفسه، لأنه محسوب على كتلة سياسية"، أو توافق وطني على حكومة من هذا النوع، أو أن يذهب العبادي الى قيادة الشارع باتجاه التغيير بالتخلي عن حزبه، بدلاً من أن يدفع الشارع لتغييره».
فيما يتعلق بـ »داعش»، يجزم عبد الحسين شعبان، أن التنظيم «سينتهي لا محال»، إن آجلا أم عاجلاً، موضحا أن «الأمر يحتاج إلى وقت ووحدة وطنية غير متوفرة، وإرداة سياسية غائبة، فضلا عن الإرباكات التي تتعلق بآليات الدولة وتشكيل الوزارات والإدارات الداخلية والمفوضيات وغير ذلك».
وقال شعبان: «نحن في مرحلة تعويم الدولة، والدولة الحالية فاشلة، وانتقلنا في العهود السابقة من دولة استبدادية الى دولة عائمة وغنائمية، ينخر فيها الفساد في كل مكان»، مؤكّداً أن استمرار «داعش» أو خروجه أو القضاء عليه يحتاج الى إعادة بناء الدولة، خصوصاً وقد تكون هناك مصلحة دولية للقضاء على «داعش» سريعاً، لكن الخشية ما بعد «داعش».
وتابع شعبان: «داعش» سينتهي، لكن هل سيبقى العراق؟، هذا هو السؤال المحيّر والكبير والمثير والخطير!!.
أما فيما يتعلق بالانتفاضة العشائرية ضد «داعش»، قال شعبان ، أنها عنصر ينبغي حسابه مستقبلاً، لاسيّما بملابساتها، لأن هناك دعوات تتكرر حول فكرة الأقاليم التي لا تأخذ القواعد القانونية الدستورية المعاصرة بنظر الاعتبار، بما فيه مفهوم الحكم الذاتي والفيدرالية، محذّراً من أن المفهوم السائد لدى بعض زعماء العشائر والسياسيين «يشم منّه رائحة انفصالية وتفكيكية للدولة العراقية»، الأمر الذي يعني أننا سنكون أمام مشكلة جديدة، وهذه الأقاليم ستؤدي إلى احترابات داخلية أولا، ثم احترابات بين السلطات الداخلية المحلية أو الاتحادية، الأمر الذي يعني حالة من «الفوضى الرهيبة».
وبيّن، أن «موضوع تشكيلات الأقاليم وفقاً لخطة جو بايدن التي أقرّها الكونغرس الأمريكي عام 2007 والتي ما تزال تفعل فعلها، يمكن استحضارها في أي لحظة وستكون خطيرة على مستقبل ووحدة الدولة العراقية».
ويلفت شعبان، إلى أن الدول المتحضّرة والمتقدّمة تسير في طريق الفدرالية، وهناك أكثر من 40 دولة في العالم اتجهت لاختيار النظام الفدرالي، وأكثر من 40% من سكان العالم أيضا هم محكومون بالنظام الفدرالي، «لكن فدراليتنا مختلفة تماماً من حيث الاختصاصات والتوجه والتنازعات الداخلية».
وشدّد عبد الحسين شعبان بالقول، «كنت أدعو للفدرالية، لكن وفق ضوابط دولية ودستورية، تنص على أن يكون الجيش بيد السلطة الاتحادية والعلاقات الخارجية كذلك، والخطط الاقتصادية والعملة والموارد الطبيعية كلها بيد السلطة الاتحادية ، وما عدا ذلك يمكن أن يندرج في اختصاصات الأقاليم ومصالح سكانه التي ينبغي أن تؤخذ بنظر الاعتبار وفقا للشراكة ومبادئ المواطنة واحترام الحقوق والسياقات الدولية المعروفة».

جريدة الزوراء- بغداد (نقابة الصحفيين العراقيين) العدد 6287 تاريخ 8/4/2016

exported: 
نعم
Printer Friendly and PDF
تصميم وتطوير شركة الشعاع الازرق لحلول البرمجيات جميع الحقوق محفوظة ©