EN | AR
الأمير الحسن يتسلم جائزة ابن رشد الدولية
الاثنين, نوفمبر 17, 2014

 

تسلم سمو الأمير الحسن بن طلال امس جائزة ابن رشد الدولية ،كما تسلم الى جانب سموه مؤسس مجلة لونوفال اوبسرفاتور جون دانييل.

وتعد الجائزة تكريسا وتكريما لشخصيات من ضفتي حوض البحر الأبيض المتوسط على أعمالها المستمدة من روح فكر رائد قيم الأنسنة عبر التاريخ والزمن المفكر ابن رشد.
وتم تكريم سمو الأمير الحسن عن الضفة الجنوبية للمتوسط في حين تم تكريم جون دانييل عن الضفة الشمالية للمتوسط.

وقال سمو الأمير الحسن في كلمة خلال حفل التكريم والذي اقيم برعاية جلالة الملك محمد السادس إنّ استحْضارَ ابنِ رشد اليومَ هو منْ أجلِ المساهمةِ في تجديدِ الثّقافةِ العربيّةِ الإسلاميّةِ من الدّاخلِ لمُواجهةِ دَعواتِ التّكفيرِ والانْغلاقِ والتّزمُّتِ والإقصاءِ التي تُفَرِّقُ ولا تُوَحِّد.

واضاف سموه بحضور أندري أزولاي مستشار جلالة الملك ، ووزير التعليم العالي والبحث العلمي وتكوين الأطر لحسن الداودي، والأمين العام للرابطة المحمدية للعلماء أحمد عبادي، وعدد من السفراء المعتمدين بالمغرب "إن الصراعات المتحدث عنها الآن ليست صراعات العقل والمادة، ولكنها صراعات المادة وكرامة الإنسان"، وهذا جله يدعونا الى " العَودةَ إلى ما تمثله افكاره والتي تُمثِّلُ انحيازَ الثّقافةِ العَربيّةِ إلى العقْلِ والبُرهانِ وقِيَمِ التّسامحِ الفكْريِّ والتّعدُّديّةِ واحترامِ الاختلافِ وإعطاءِ الأولويّةِ للعقلِ والانفتاحِ على الثّقافاتِ الأُخرى.

وأشار سموه إلى أن إحداث جائزة ابن رشد الدولية يشكل مناسبة لتعظيم أفكار الحوار بين ضفتي حوض المتوسط، داعيا إلى ميثاق أخلاقي يجمع فيما بين الشعوب والثقافات والأديان، مبرزا أن التكامل بين الإشراق والتنوير يعتبر صورة من صور التكامل الفكري الأخلاقي الإنساني وليس صورة من صور المركب الصناعي العسكري.

وتساءل عن مدى إمكانية "التغلب على المفارقة الرشدية التي تشير إلى المصير المتباين لابن رشد في عالمي الشمال والجنوب"، قائلا "عندما يقولون الإسلام والغرب أقول هذه مفارقة فالإسلام دين عظيم وعقيدة عالمية والغرب غرب البوصلة على الأقل لمن يحتفظون بالبوصلة هذه الأيام.
وقال سمو الامير لقد تَلاقَتْ في فلسفةِ ابنِ رشد مَناحي الفكْرِ العربيّ، إذْ رَجَعَ إلى مصادرِ الفلسفةِ الإغريقيّة، فاستقْصاها وشَرَحَها وفَسَّرَها بعقْلٍ نَيِّرٍ مُسْتَنير؛ وعادَ إلى جوْهرِ الشّريعَةِ؛ ووقَفَ على نِزاعِ المُتَكلِّمين؛ وتَتَبَّعَ المُشادَّةَ التي قامتْ بيْنَ العقلِ والإيمانِ في الإسلامِ حتى أصولِها؛ محاولا التّوفيقَ بيْنَ الحِكمة والشَّريعة.

وثمن سموه جهود القائِمينَ على الجائزةِ ابْن رُشد الدّوليّةِ، وإلى قادةِ الفكْرِ والثّقافةِ في المَغرب، الذين سَطعوا منْذُ سِنينَ في سمائِنا العربيّةِ وفي الفضاءِ المُتوَسّطيّ والعالميّ بريادَتِهم وإشراقاتِهم التّنْويريّة. فَأسْهَموا - إلى جانبِ نُظَرائِهم في وطنِنا الكبير - في إحياءِ الأملِ وتجديدِ الرّجاء بعصرٍ نهْضويٍّ ما فَتِئْنا نسْعى إليْهِ منذُ بواكيرِ القَرنِ الفائِت.

واعرب عن امله ان تشكل مثل اللقاءات مناسبة لتذكير بمسؤوليتنا الفكريّة إزاءَ حكمة الإشراق. حيث إنّ تجديدَ حكمةِ الإشراقِ تقْتضي منا الإسهامَ بالرُّؤى والأفعالِ في سبيلِ النّهوضِ بالفكْرِ والمُشاركةِ الفاعلةِ في الحضارةِ الإنسانيّة.

ولفت سموه انه عند الحديث عن التّواصلِ الثّقافيِّ عبْرَ التّاريخ، فإنّنا لنْ نجدَ مِثالاً أروَعَ من الحضارةِ الإسلاميّةِ في الأندلس التي كانتْ جِسْرًا للتّواصلِ بيْنَ الثّقافتيْنِ العربيّةِ والغرْبيّة. فهيَ تُمثّلُ التقاءَ الحضاراتِ بيْنَ الشّرقِ والغرْب، والتّأثُّرَ والتّأثيرَ في الحضارات.

ولمْ يكُنِ الفكْرُ في المَشرقِ بِمَعْزلٍ عن نَظيرهِ في المَغربِ والأندلس، ومِنْ ثَمَّ كانَ التّفاعلُ قائِمًا والعَطاءُ متّصِلاً.

واستذكر مَقولةَ الإمامِ الشاطبيّ التي تدعو الى "تَعظيمَ الجوامعِ واحترامَ الفوارق" باعتبارها مبدأٌ عامٌّ وهدفٌ أساسيٌّ من أهدافِ الحوارِ بيْن الثّقافاتِ التي تَتَلاقى في بَوْتقةِ الحضارةِ الإنسانيّةِ الواحِدة
ودعا في ختام كلمته الى الإستناد الى عدد من قواعدُ للسّلوكِ التي تعزز الحوارِ بيْنَ الثّقافاتِ وبيْنَ أتباعِ الدّيانات، والمتمثلة بضرورة البدء بالقواسمِ المشترَكة و الانسيابِ الحرِّ للمعلومات اضافة الى وضْع أُطُرٍ مناسبةٍ لتفهُّمِ الاختلافاتِ في الرأي و الأخذ بمبْدأ "عدم الإكراه"و الإقراربالأبعادِ السّياسيّةِ والاقتصاديّةِ لحوارِ الدّياناتمع اهمية قبول الاضطِّلاعِ بمسؤوليّةِ الأقوالِ والأفعالِ على الصّعُدِ كافّة.

وقال مندوب جلالة الملك أندري أزولاي أن هذه الجائزة الدولية وفي نسختها الأولى تحمل دلالات عميقة استنادا إلى مسار وأعمال وإنسانية الشخصيتين المتوجتين بها اليوم ، الى جانب تكريمها لرائد الفكر العربي الإسلامي الذي استطاع الربط بين العقل والإيمان.

ولفت بعد أن هنأ الأمير الحسن بن طلال و جان دانيال على هذا التكريم،الى أنه في زمن القطيعة والتراجعات هناك حاجة ماسة إلى إعادة قراءة وإحياء فكر ابن رشد وغيرهما من الفلاسفة الذين لهم إسهاماتهم العظيمة في شتى المجالات.

من جهته، أعرب جان دانيال عن سعادته الغامرة بهذه الجائزة، التي ترمز إلى شخصية حرة أسست لمفهوم الأنسنة، وتميزت خلال حقبتها بفلسفتها وفكرها اللذين شكلا الجسور الأولى للحوار والانفتاح بين الغرب والشرق..

من جانبهم اكد القائمون على هذه الجائزة رئيس جامعة القاضي عياض عبد اللطيف الميراوي، ورئيس جامعة قرطبة بإسبانيا السيد خوسي مانييل نوغيراس، ومدير المرصد المتوسطي بإيطاليا السيد محمد ندير عزيزة، على اهمية هذه الجائزة والتي تجيئ في وقت يواجه العالم تحديات جمة، ما يتطلب العمل وعلى كل المستويات لتحقيق التواصل والتفاعل البناء .

واشاروا الى أن اختيار هاتين الشخصيتين يعكس، بجلاء، الهدف المتوخى من هذه المبادرة، وذلك بالنظر لمسارهما المتميز، ومساهمتهما من أجل فضاء متوسطي منفتح يتعايش فيه الجميع.

وأضافوا أنه من أجل القيم التي تمثلها هذه الشخصية البارزة في تاريخ الفكر العربي الإسلامي، فإنه لا يمكن إيجاد مرجع أفضل لتكريم شخصيات ساهمت في النهوض بأنسنة جديدة بضفتي حوض المتوسط.

والجدير بالذكر ان الجائزة التي تم إطلاقها بتنسيق بين المرصد المتوسطي وجامعتي القاضي عياض بمراكش وقرطبة بإسبانيا، تسعى إلى أن تكون مناسبة متميزة لتخليد واستعادة كيف كانت منطقة حوض البحر الأبيض المتوسط مع مفكرين من أمثال ابن رشد وابن ميمون.
 

 

exported: 
نعم
Printer Friendly and PDF
تصميم وتطوير شركة الشعاع الازرق لحلول البرمجيات جميع الحقوق محفوظة ©