EN | AR
مصرفيون عرب يؤكدون أهمية إنشاء صندوق عربي لإعادة الإعمار
الخميس, أبريل 17, 2014

عمان – ابتدأت في العاصمة عمان أمس أعمال مؤتمر "استراتيجيات النهوض بالاقتصادات العربية"، بمشاركة نحو 190 مصرفيا عربيا، بالتزامن مع انعقاد الجمعية العمومية لاتحاد المصارف العربية الذي افتتحه محافظ البنك المركزي الأردني الدكتور زياد فريز مندوبا عن رئيس الوزراء الأردني عبدالله النسور.

ويقام المؤتمر بالتعاون بين اتحاد المصارف العربية والبنك المركزي الأردني وجمعية البنوك، حيث يناقش المصرفيون ما تمر به الدول العربية من مرحلة تحوّل في مكوناتها المؤسسية، وكيفية تلمّس الطريق الصحيح إلى الاستقرار الاقتصادي ووقف حالة النزيف التي تمر بها القطاعات الإقتصادية والمالية.

وجرى افتتاح المؤتمر بكلمة من فريز سلط فيها الضوء على أهمية تمويل المشاريع الصغيرة والمتوسطة، لافتا إلى أن حصة تلك المشاريع لا تصل بأحسن الظروف
 10 % من إجمالي التسهيلات المقدمة من الجهاز المصرفي العربي.

وأكد فريز أن البنوك المركزية أدركت ضرورة تبني مفهوم "الاشتمال المالي"، الذي يهدف إلى تشجيع البنوك على توسيع مظلة خدماتها المصرفية لتشمل فئات المجتمع كافة، وخاصة تلك التي تقطن في المناطق النائية عن مراكز الخدمات، الأمر الذي يمكّن من زيادة المستوى المعيشي لهذه الفئات وخفض البطالة.

وركز المشاركون في الجلسة الأولى التي عقدت بعنوان "الواقع الحالي للاقتصادات العربية الناشط منها والمتعثر" والتي ترأسها محافظ سلطة النقد الفلسطينية، حول سبل وآليات وضع استراتيجيات إصلاحية لتشكل منطلقا لتحريك عجلة النمو الاقتصادي، وتحديد دور البنوك والمؤسسات المالية في عملية النهوض الاقتصادي، بالإضافة الى بحث إمكانية إنشاء صندوق عربي خاص بإعادة البناء والإعمار وإيجاد المناخ الملائم للتعاون بين القطاعين العام والخاص. 
 كما ركز المؤتمرون على ضرورة وضع استراتيجيات طويلة الأمد لخلق فرص عمل لسد النقص الحاد في الوظائف وكبح جماح البطالة التي هي أساس المشكلات في هذه الدول، خصوصاً أن الوضع المالي خطير جداً ويحتاج إلى معالجة كاملة، وليس إسعافات أولية فقط، وذلك منعاً لحدوث انهيارات اقتصادية ومالية.

ويشارك بفعاليات المؤتمر محافظو البنوك المركزية العربية ووزراء التجارة والاقتصاد والتموين والمالية من مختلف الدول العربية، بالإضافة إلى ممثلي البورصات العربية والجهاز المصرفي بالبلدان العربية وخبراء اقتصاديون.

وعلى هامش الافتتاح كرم اتحاد المصارف العربية المصرفي العربي مصرفيين، لإسهاماتهم في العمل المصرفي وهم إبراهيم دبدوب الرئيس التنفيذي السابق لمجموعة بنك الكويت الوطني، والدكتور جاسم المناعي الرئيس والمدير العام السابق لصندوق النقد العربي.

وكذلك تم منح درع من اتحاد المصارف العربية لكل من محافظ المركزي الأردني الدكتور زياد فريز ورئيس جمعية البنوك الأردنية باسم السالم.

أكد محافظ البنك المركزي الأردني، الدكتور زياد فريز، أن تحقيق الاستقرار النقدي والمالي هو الركيزة الأساسية لتحقيق النمو وتعزيز مناخ الاستثمار وحركة رأس المال بالاتجاهات المقبولة اقتصاديا واجتماعيا.

وأضاف فريز، في كلمته أمس خلال افتتاح المؤتمر المصرفي العربي السنوي 2014، مندوبا عن رئيس الوزراء الدكتور عبدالله النسور، والذي نظمه اتحاد المصارف العربية والبنك المركزي الأردني وجمعية البنوك في العاصمة عمان بعنوان: "استراتيجيات النهوض بالاقتصادات العربية"، أن صحة وكفاءة الجهاز المصرفي والمالي تعد أحد أهم متطلبات التنمية الاقتصادية لأي بلد، وأصبح تحقيق الاستقرار المالي يحتل أهمية خاصة في السياسات النقدية والمصرفية للبنوك المركزية.
وبين فريز أن الجهاز المصرفي في المملكة تجلت مؤشراته الإيجابية بارتفاع نسبة تغطية المخصصات للديون المتعثرة، وانخفاض نسبة الديون غير العاملة، وارتفاع معدلات كفاية رأس المال، الأمر الذي عزز من ملاءتها المالية وقدرتها على مواجهة أية صدمات خارجية كانت أم داخلية.

وحول أهمية المشاريع الصغيرة والمتوسطة، قال فريز مخاطبا المشاركين، الذين يناهز عددهم 190 مشاركا من النخبة المصرفية المحلية والعربية، "لا يخفى عليكم الاهتمام المتزايد بالمشاريع الصغيرة والمتوسطة على الصعيدين العالمي والإقليمي، ودور هذه المشاريع في توفير فرص العمل، ما يستدعي من أجهزتنا المصرفية العمل على تطوير الأدوات والأساليب اللازمة لتوفير التمويل لمثل هذه المشاريع، خاصة أن حصة التمويل للمشاريع الصغيرة والمتوسطة على الصعيد العربي لا تتجاوز 10 % من إجمالي التسهيلات".
وحول عنوان المؤتمر المتعلق باستراتيجيات النهوض بالاقتصادات العربية، قال فريز "لا بد من التذكير بأن منطقتنا العربية ما تزال تشهد مزيدا من التحولات والتطورات المتسارعة، وتواجه بلداننا ظروفاً صعبة، هذا إلى جانب أن الآفاق الاقتصادية العالمية تضعنا أمام تحديات لا تقل خطورة عما واجهناه وما زلنا نواجهه في منطقتنا، الأمر الذي يحتم علينا وضع تصورات مستقبلية تمكننا من العمل الجاد للحد من آثار تلك التحديات وتحويلها إلى فرص تعود على بلداننا وشعوبنا بالفائدة والخير".
وحول الجهاز المصرفي العربي، قال فريز "إن استعراض مسيرة الأجهزة المصرفية العربية تشير بوضوح إلى أنها استطاعت مواجهة التحديات الناجمة عن الأزمات العالمية وتحقيق نتائج إيجابية على مختلف الصعد. فقد حافظت المصارف العربية على ملاءتها وقوتها بل ازدادت متانة، وواصلت أصول قطاعنا المصرفي العربي النمو بوتيرة أعلى بكثير من معدلات النمو الاقتصادي بالرغم من الضغوط الاقتصادية والسياسية المتزايدة".
وشدد فريز على أن التحديات المستجدة على الصعيدين العالمي والإقليمي تفرض على المصارف العربية الاستمرار بالامتثال لأفضل الممارسات العالمية وتطبيق أفضل ما هو معمول به من تشريعات وقوانين حرصا على تعزيز قوة ومتانة أوضاعها وبناء قدرة عالية على امتصاص أية صدمات قد تحدث في المستقبل. وضمن هذا السياق، لا بد أن نعمل على تعزيز الحاكمية لمصارفنا العربية وتعزيز المنافسة لديها استنادا لأفضل الممارسات العالمية وذلك لتلافي نقاط الضعف والثغرات التي أفرزتها الأزمة المالية العالمية وضمان استدامة متانة أوضاعها المصرفية.
الأردن والإصلاح الاقتصادي
وحول الإجراءات الحكومية في مجال الإصلاح الاقتصادي، قال فريز "إن التحديات والتطورات التي شهدتها الساحة الدولية والإقليمية والمحلية خلال السنوات القليلة الماضية ولدت ضغوطات كبيرة على الاقتصاد الوطني فاقت قدرته على استيعابها، وقد كان أبرزها ارتفاع أسعار الطاقة والمواد الأساسية وتكرار انقطاع واردات الغاز المصري وما نجم عنها من ارتفاع في فاتورة مستوردات الطاقة. هذا إلى جانب تزايد أعداد اللاجئين السوريين وما رافقه من ضغط على الموارد الاقتصادية المحدودة، وارتفاع الإنفاق العام للحكومة الذي زاد من العبء على المالية العامة".
وبين فريز "أن المملكة تبنت برنامجا وطنيا للإصلاح الاقتصادي والمالي والنقدي بالتعاون مع صندوق النقد الدولي قائم على إجراء إصلاحات هيكلية شاملة ومعالجة الاختلالات التي لحقت بالمالية العامة للحكومة".
وقال "لمعالجة الاختلالات ولتجنيب الاقتصاد الوطني مزيدا من الضغوطات وخاصة في جانب الإنفاق العام للحكومة، فقد شملت الإجراءات تخفيض فاتورة الدعم من خلال تحرير أسعار المشتقات النفطية وتوجيه الدعم نحو مستحقيه، وتبني استراتيجية شاملة للطاقة تهدف إلى تخليص شركة الكهرباء الوطنية من خسائرها وتنويع مصادر الطاقة وزيادة كفاءتها".
وأضاف "تم ترشيد الإنفاق العام الذي شهد توسعا خلال السنوات الماضية مع مراعاة تنمية الإيرادات الحكومية بتحسين كفاءة التحصيل الضريبي. بالإضافة إلى ذلك، فقد تم اتخاذ جملة من الإجراءات النقدية التي ساعدت في إعادة الثقة بالاقتصاد وتشجيع الائتمان لمختلف القطاعات الاقتصادية والذي انعكس على وصول الاحتياطيات الأجنبية إلى مستويات قياسية وكافية لمواجهة أية صدمات غير متوقعة".
وركز على أن النهج الحالي الذي يتم تبنيه بالمملكة يقوم "على تبني مفهوم النمو الشامل عنوان المرحلة المقبلة على الصعيد العالمي، حيث تبين أن استهداف النمو الاقتصادي وحده دون النظر إلى استفادة جميع أفراد المجتمع من هذا النمو لا يفي بتحقيق رفع المستوى المعيشي لكافة شرائح المجتمع والحد من الفقر والبطالة".
وأشار إلى أن البنوك المركزية تبنت مفهوم الاشتمال المالي والذي يهدف إلى تشجيع البنوك بتوسيع مظلة خدماتها المصرفية لتشمل كافة فئات المجتمع، وخاصة تلك التي تقطن في المناطق النائية عن مراكز الخدمات، الأمر الذي يمّكن من زيادة المستوى المعيشي لهذه الفئات وخفض البطالة.
وقال رئيس مجلس إدارة جمعية البنوك في الأردن، باسم خليل السالم، إن انعقاد هذا المؤتمر يأتي في أوقاتٍ صعبةٍ ودقيقةٍ يمر بها الاقتصاد العربي، حيث أثرت الأزمات الاقتصادية والسياسية المتعاقبة بشكلٍ واضح على جهود التنمية في مختلف أقطار العالم العربي، وهو ما يشكل عقبة أمام تحقيق أهداف الحكومات الرامية إلى إحراز نمو اقتصادي مستدام.
وحول المؤشرات الاقتصادية العربية، قال السالم، في كلمته، "لا يخفى على أحد أن الدول العربية ما تزال تواجه تحديات الانتقال نحو الديمقراطية؛ حيث إن حالة عدم اليقين السياسي وما رافقها من تصاعد في الهاجس الأمني ما زالت تلقي بظلالها على النشاط الاقتصادي في المنطقة العربية؛ حيث تراجعت معدلات النمو الاقتصادي للدول العربية من 4.6 % في العام 2012 إلى حوالي 2.1 % في العام 2013، كما انخفض حجم الاستثمار الأجنبي المباشر في الدول العربية إلى النصف حيث تراجع من 96 مليار دولار في العام 2008 ليصل إلى 47 مليار دولار في نهاية العام 2012.
وأكد السالم على ضرورة "تفعيل التقارب العربي وبناء شراكاتٍ حقيقية تجسد التكامل الاقتصادي العربي، فسوقنا العربي كبير بعدد سكان يتجاوز 350 مليون نسمة تتوفر فيه كل مقومات التكامل الاقتصادي، بما فيها من تنوع في الثروات الطبيعية، فضلاً عن العوامل البشرية والمتمثلة بالعامل اللغوي والتراث الحضاري".
وقال إن "الدول العربية تمثل مجموعة متنوعة ومتباينة في الحجم والجغرافية والموارد والاقتصاد وغيرها، لكنها ترتبط بقاعدة من الخصائص المشتركة، حيث تتشابه التحديات التي تواجه الدول العربية وعلى رأسها التحديات التنموية الملحة بما في ذلك تفاقم مشكلة البطالة الناتجة عن ضعف الإمكانيات المتعلقة بخلق فرص العمل بالاضافة الى مشاكل الطاقة ونقص الموارد المائية".
وقال السالم إن "المرحلة المقبلة ستكون مليئةً بالتحديات، ولا بد أن يكون هناك استراتيجية عربية واضحة المعالم لتحقيق الرخاء الاقتصادي وزيادة التنمية المستدامة وضمان حياة أفضل للشعوب العربية. ومن هذا المنطلق، فلا بد أن تأخذ استراتيجيات النهوض بالاقتصاديات العربية".
واقترح السالم ضرورة أن تقوم الحكومات العربية في المرحلة المقبلة بتبني برامج عمل واضحة المعالم لتحقيق التنمية الاقتصادية الشاملة ورفع مستوى الإنتاجية عن طريق تسهيل حركة العمالة بين الاقطار العربية بالدرجة الاولى وتشجيع الاستثمار في التكنولوجيا وتنمية الموارد البشرية، فضلا عن تحديث الأطر التشريعية التي تحكم مناخات العمل والاستثمار، مما سيساهم في رفع نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي على مستوى المنطقة.
وقال "إن تباين المزايا النسبية بين أقطار العالم العربي من حيث كلف الإنتاج تفتح الباب واسعا امام توسيع نطاق التعاون الاقتصادي العربي لينتقل من مرحلة التجارة البينية إلى مرحلة الإنتاج والاستثمار المشترك، خصوصا في قطاعات النقل والطاقة والمياه والصناعات الثقيلة، ضمن "خطة مارشل عربية"، تهدف إلى إحياء النشاط الاقتصادي في المنطقة ككل وتفسح المجال أمام تنفيذ برامج الإصلاح المالي والاقتصادي المنشود".
وشدد السالم على ضرورة التركيز على القطاعات الواعدة وذات الأثر الأكبر في التنمية الاقتصادية، وخاصة القطاعات ذات القيمة المضافة التي تولد فرص العمل وتكون قادرة على المنافسة محلياً وعالمياً، وبما يساعد على تحويل اقتصاداتنا من ريعية واستهلاكية إلى اقتصاديات منتجة. ويظهر للسطح مؤخراً أهمية مشاريع الطاقة البديلة والمتجددة في وطننا العربي خاصة في ظل التسارع الكبير في استهلاك الطاقة وأسعارها، إضافة لقطاعات السياحة والاتصالات وتكنولوجيا المعلومات.
وأضاف أن "تقديم المزيد من الدعم لقطاع الشركات الصغيرة والمتوسطة في الدول العربية، له إسهامات واضحة في الانتاج والتوظيف والتنويع الاقتصادي. وهذا يتطلب توفير سياسات خاصة لدعم تلك المشاريع وتسهيل حصولها على التمويل وبأسعار مناسبة، إضافة لتقديم المساعدات الفنية اللازمة بما يكفل تنافسيتها وتحقيق الجودة النوعية لمنتجاتها وانخراطها في النشاط الاقتصادي".
وحول تعالي الأصوات بدور أكبر للبنوك في دعم العملية التنموية، أوضح السالم أن "هذه الدعوات تجاهلت حقيقة مهمة مفادها أن البنوك لا تعدو ان تكون مؤسسات ربحية تسعى بالدرجة الاولى الى حماية مدخرات المواطنين وتعظيم العائد على حقوق المساهمين. لكن هذا لا يقلل من الدور الكبير الذي يمكن للبنوك أن تلعبه فيما لو توفر الدعم اللازم من قبل الحكومات العربية الذي يجب أن لا يقتصر على الشركات الصغيرة والمتوسطة، وأن يمتد ليطال المشاريع الاستراتيجية والكبرى وتلك العابرة للحدود سواء عن طريق الاستثمار المباشر في رأس المال وتقديم الضمانات في القطاعات ذات المخاطر المرتفعة أو توفير سيولة باسعار منافسة لدعم القطاعات ذات المردود الاقتصادي
المتدني".
وحول الجهاز المصرفي المحلي، قال السالم "نفتخر بالأردن أن الجهاز المصرفي قوي وصحي ويلعب دوراً مهماً في دفع عجلة النمو الاقتصادي من خلال استثمار الخبرات المتراكمة لهذا القطاع في تحديد القطاعات الواعدة والمعوقات التي تواجهها. ونحن نعمل جنباً إلى جنب مع البنك المركزي الأردني للنهوض باقتصادنا الوطني ومجابهة كافة التحديات التي تعترض سبل
تقدمه".

من جهته، قال رئيس مجلس ادارة اتحاد المصارف العربية، محمد كمال بركات، ان التغييرات السياسية والاقتصادية خلال السنوات الثلاث الأخيرة اتسمت بانعكاسات متفاوتة بالنسبة للمنطقة العربية وهي تجمع كلها على مبدأ الاصلاح وتفعيل التنمية المستدامة على جميع الأصعدة.
وقال بركات، في كلمة له خلال المؤتمر، إن "بعض الدول العربية تعاني من ضعف اقتصادي وانتاجية منخفضة ما أدى الى انخفاض مستوى المعيشة وتراجع الخدمات الأساسية، وزيادة معدلات الفقر وتراجع مستوى التعليم وتفشي البطالة بين الشباب العربي وهي الأعلى بالعالم، بحيث أصبحت العودة الى معدلات النمو أول ما يواجه هذه الدول".
ولفت بركات إلى أن "العديد من الدول العربية تواجه تحديات خطيرة في ظل محدودية الامكانيات المالية في تحقيق الاستقرار الاقتصادي، حيث مايزال عدد من الدول العربية يمر في مرحلة تحولات جذرية مترافقة مع تطور سلبي في الأوضاع الاقتصادية، وتشهد هذه الدول ضغوطا متزايدة نتيجة الانخفاض الكبير في الإيرادات وزيادة النفقات وتغطية الأعباء الاجتماعية".
غير أن بركات توقع أن يبدأ تحسن النمو الاقتصادي وزيادته من 3.4 % العام 2013 إلى 5 % في 2014، مؤكدا أنه سيسهم في زيادة حجم الناتج المحلي الاجمالي الاسمي للدول العربية من 2.74 تريليون دولار إلى 2.86 تريليون دولار.
وأكد بركات أن "انعقاد المؤتمر حول استراتيجيات النهوض بالاقتصاديات العربية، والتي لا بد من أن تقوم على جملة من المبادئ من شأنها أن تفتح فرصا متكافئة لشرائح المجتمع المختلفة، وأن هذه الاستراتيجيات يجب أن ترمي الى تحسين المجتمعات العربية وتطوير الاجيال القادمة عن طريق تأهيل البنى التحتية للاقتصادات العربية التي تأثرت سلبا بالتحولات العربية وتعزيز التكامل النقدي المالي العربي بما في ذلك أسواق رأس المال والمؤسسات المصرفية والاستثمارية".
التحولات في الدول العربية وآثارها على الاقتصاد
إلى ذلك، قال رئيس مجلس إدارة الاتحاد الدولي للمصرفيين العرب، الدكتور جوزيف طربيه، "ان التحولات التي تشهدها بعض البلدان العربية أدت الى تفاقم حجم التحديات الاقتصادية والتنموية، وإلى تراجع كبير في النمو الإقتصادي ونمو المصارف وزيادة العجز في الموازنات الحكومية، وزيادة الدين العام، وكذلك زيادة معدلات البطالة وخاصة بين الشباب والتي كانت أصلاً من أعلى معدلات البطالة في العالم. أضف الى ذلك الارتفاع في معدلات الفقر والتراجع في مستوى المعيشة والتعليم والى مزيد من هجرة رؤوس الأموال العربية، وترسيخ البيئة الطاردة للاستثمار في الوطن العربي".
ورأى طربيه أن التحديات أفرزت وضعا أمنيا غير مستقر على الاطلاق في هذه البلدان، بالإضافة إلى حالة عدم الاستقرار السياسي الذي يؤدي إلى تردد من قبل القطاع الخاص، والذي ينتظر بمعظمه جلاء هذه الغيمة حتى يفعّل الاستثمار.
واضاف أن زيادة الضغوط الاجتماعية التي يسببها ازدياد معدلات الفقر والبطالة، الذي يؤدي بدوره الى ضغط على البلدان المعنية يمنعها من القيام بالإصلاحات الضرورية وخاصة على صعيد الاصلاح المالي، مشيرا الى أهمية عودة عجلة النمو، لأنه لا يمكننا التحدث عن اصلاحات جذرية حقيقية من دون رفع معدلات النمو الى ما يزيد على 5 %، في حين أن معدلات النمو المتوقعة حالياً في هذه البلدان تبقى دون 3٪، وهو معدل منخفض جداً بالنسبة لحاجات هذه البلدان لناحية خلق فرص عمل.
وقال طربيه، عن محاولة من اتحاد المصارف العربية والاتحاد الدولي للمصرفيين العرب لوضع تصور واقعي لاستراتيجيات النهوض بالاقتصادات العربية، إن الاتحاد يؤمن بأن التطورات قد تحمل أيضاً فرصاً واعدة لشعوب الدول العربية وتحولات تبقى ايجابيات المرحلة الماضية، وتعيد نسج النظام الاقتصادي والاجتماعي على خلفية ديمقراطية حقيقية تخدم الحقوق وتؤمن بالانفتاح وانصهار كافة مكونات المجتمع.
وحول التحديات التي تواجه الدول العربية، قال "ان الشعوب العربية تشهد ديناميكية ديموغرافية عالية، حيث تشكل فئة الشباب فيها أكثر من 50٪ من اجمالي السكان، بالإضافة إلى غياب كبير للنشاطات الاقتصادية المحفزة، للبنيان الاقتصادي المنتج، وللهيكليات الإدارية المواكبة، وخصوصاً في المناطق العربية النائية البعيدة عن مركز القرار السياسي، مما يؤكد الحاجة إلى لامركزية إدارية فعالة.
وحول التحديات، قال انها تكمن في "عدم ملاءمة نظام التعليم مع حاجيات سوق العمل، وانخفاض اداء النظام الصحي وازدياد ضغوطات حاجات السكن في الوطن العربي، وفي هذا الصدد تبرز أمام المصارف العربية الفرصة في صياغة دور جديد لها، يكون على فاعلية أكبر في استقطاب الموارد المالية وإداراتها وتوظيفها في الاقتصادات العربية، مع الإشارة إلى أن عودة الاستقرار سيخلق فرصاً استثمارية هائلة تفورها مشاريع اعادة الاعمار، ويمكن أن تلعب فيها رؤوس الأموال العربية الدور البارز من خلال تحقيق التعاون والتكامل المصرفي العربي، عن طريق الآليات المعروفة لعقد الشراكات الاستراتيجية بين المصارف وخلق التجمعات العملاقة، وتشجيع الاستثمار العابر للحدود بين الدول العربية، بما يساعد على تحفيز النمو وايجاد فرص عمل جديدة تستوعب موجات البطالة الكبرى الناتجة عن تدمير المؤسسات والتهجير والنزوح السكاني".
وبين طربيه ان اتحاد المصارف العربية قام بالتعاون مع البنك الدولي، بإعداد دراسة احصائية ميدانية حول تمويل قطاع المشاريع الصغيرة والمتوسطة في الوطن العربي؛ حيث تبين أن حصة القروض المقدمة الي هذا القطاع بلغت 8 % فقط من مجموع القروض المقدمة من  القطاع المصرفي العربي.
وحول امكانية زيادة التمويل لقطاع المشاريع الصغيرة والمتوسطة، قال "لا بد من تعزيز مستوى التعليم بما يتلاءم مع متطلبات السوق، وتطوير البنى الاقتصادية المنتجة بالاشتراك الوثيق مع القطاع الخاص، وتطوير مقومات بناء المؤسسات الادارية العامة، وفرض مبادئ الحوكمة والإدارة الرشيدة ومبادئ المحاسبة والشفافية في كافة المجالات، وتوظيف الموارد البشرية والمادية بطريقة عقلانية وفعالة، و خلق بيئة جاذبة للاستثمار ومحفزة للنمو وتطوير التشريعات والنظم التي تشكل حاضنة إيجابية للاستثمار، خصوصاً إذا تزامن معها إصلاح على مستوى القضاء، بالاضافة الى الانخراط في اتفاقيات الانفتاح الاقتصادي والتبادل التجاري مع الأسواق الإقليمية والدولية".
 

 

 

exported: 
نعم
Printer Friendly and PDF
تصميم وتطوير شركة الشعاع الازرق لحلول البرمجيات جميع الحقوق محفوظة ©