أكد متحدثون شاركوا في إحدى جلسات المجلس الرمضاني لمركز الشارقة الإعلامي، مساء (الأحد) الماضي، في مركز إكسبو الشارقة، بحضور رئيس المركز سلطان بن أحمد القاسمي أهمية الحوار بين الثقافات في المحافظة على استقرار المجتمعات، وتعزيز التواصل الحضاري لمصلحة القضايا الإنسانية. وشارك في الجلسة التي أدارها الإعلامي تركي الدخيل، وحملت عنوان: «حوار الثقافات»، كلٌ من وزيرة الثقافة الأردنية الدكتورة لانا مامكغ، والأمين العام لمنتدى الفكر العربي الدكتور الصادق الفقيه، والمحامي ووزير الداخلية والبلديات اللبناني الأسبق زياد بارود والروائية التركية أليف شفق.
وأكد القاسمي على الدور الذي يلعبه الحوار بين الثقافات في إرساء دعائم السلام والاستقرار بين الشعوب، وترسيخ التوافق الفكري والاجتماعي بين مختلف دول العالم، مشيراً إلى أن مجلس الشارقة الرمضاني، «يشكل منصة لمناقشة المواضيع الجادة التي تلتقي على مبدأ ترسيخ الحوار، كوسيلة للتفاهم والتعاون من أجل تحقيق الأمن والسعادة لأفراد المجتمع»، مضيفاً أن إمارة الشارقة «حريصة دائماً على تنظيم الفعاليات التي تحقق المزيد من التقارب والتوافق بين الشرق والغرب».
وثمّنت لانا مامكغ، خلال مشاركتها، الجهود التي تقوم بها إمارة الشارقة في إبراز الهوية العربية والإسلامية. واستعرضت مامكغ جانباً من التجربة الأردنية في التعامل مع الثقافات، فأكدت أن الأردن ومنذ استقلاله ظل يرحب بالآخر، سواء أكان قادماً إليه من دول ومناطق قريبة أم بعيدة جغرافياً، وعمل على احتواء ثقافته وتقاليده وعاداته، ودمجها مع الثقافة الأردنية التي شكلت حاضنة لمختلف الثقافات التي ترجع إليها أصول مكونات الشعب الأردني، إدراكاً منه بأن تعدد الهويات الإنسانية يحقق التناغم والانسجام، ولا يؤدي بالضرورة إلى الفرقة والتناحر، مشيرة إلى أن الأوضاع السياسية التي شهدها العالم العربي في الأعوام الأخيرة أضرت التوافق الذي كان سائداً في مختلف المجتمعات العربية.
وأكد زياد بارود أهمية الحوار باعتباره «أمراً يتعلّق بوجودنا الإنساني، فهو ليس اختياراً يمكن تجاهله أو النظر إليه بشكل ثانوي، وإنما أداة ضرورية لإدارة التنوع في المجتمع»، مشيراً إلى أن لبنان «عانى كثيراً من غياب ثقافة الحوار بين مختلف طوائفه ومكوناته، وهو ما أدى إلى معاناة الشعب طوال العقود الأربعة الأخيرة من تأثيرات غياب هذه الثقافة، التي يبحث عنها الجميع، ولكن لا أحد يفكر في البحث فيها». وأشاد المحامي اللبناني بدور إمارة الشارقة ومركز الشارقة الإعلامي في وضع الأسس لبحث ومناقشة سبل تعزيز الحوار بين الثقافات، وتحويله من الإطار النظري إلى الجانب العملي، من خلال هذه الجلسة التي يشارك فيها باحثون من بلدان مختلفة.
من ناحيتها، ركزت الروائية التركية أليف شفق في مداخلتها على الدور الذي تلعبه الثقافة في تعزيز الحوار. وأكدت أن وضع حوار الثقافات على أجندة هذه الجلسات الرمضانية، «هو انتصار للثقافة على السياسة والاقتصاد اللذين يسيطران على محور الحوارات التي تحدث في بلدان العالم، في حين أن الثقافة وحدها هي القادرة على إحداث التقارب والتحاور الحقيقي بين المجتمعات، لأنك ستفهم الشخص أو المجتمع الذي تريد التواصل معه من خلال قراءة مؤلفاته وأعماله والتعرف على ثقافته عن قرب، خصوصاً أن الكتب تتضمن الكثير من تفاصيل الحياة الإنسانية التي نكتشف أنها جزء منا أو على الأقل قريبون جداً منها، وهو ما يسهم في تقريب وجهات النظر، وتفهم ظروف وحاجات الطرف الذي نتحاور معه».
وتناول الدكتور الصادق الفقيه تجربة منتدى الفكر العربي في تشجيع حوار الثقافات. وقال إن العقود الثلاثة التي مرت على المنتدى منذ تأسيسه في ثمانينات القرن الـ20، «شهدت الكثير من الصراعات والأحداث التي زادت من أهمية الحاجة إلى الحوار، سواء ما كان متعلقاً بالحوارات الداخلية بين مكونات المجتمعات العربية أم بين الدول والشعوب الأخرى التي يتكون منها المجتمع الدولي». وأعرب عن ثقته بأن مبدأ الحوار بين الثقافات «يشكل وسيلة لمواجهة المفاهيم والنظريات السلبية التي قيّدت الحوار، مثل الاختراق أو الغزو الثقافي وصراع الحضارات».