محاضرة للسفيرة الأمريكية في عمّان بدعوة من منتدى الفكر العربي
"الأردن والولايات المتحدة"
(عمّان، المركز الثقافي الملكي، 18/2/2015)
قالت السفيرة الامريكية في عمان أليس جي ولز، ان القوات المسلحة الاردنية - الجيش العربي - بات يشكل ركيزة امنية للعالم أجمع وليس للاردن فحسب، ونسعى لدعمه ليصبح قوة قتالية تضاهي الافضل على وجه الأرض، مضيفة: "سنبقى دائما مدينين للمقاتلين الاردنيين والامريكيين الذين يخاطرون بحياتهم لضمان انتصارنا في معركتنا ضد الارهاب".
وأضافت ويلز خلال المحاضرة التي القتها بدعوة من منتدى الفكر العربي، اليوم الاربعاء في المركز الثقافي الملكي، بعنوان "الاردن والولايات المتحدة: التحديات المشتركة والطريق الى المستقبل" ان بلادها "تركز بشكل خاص على دعم النشامى والنشميات الذين يرتدون الزي العسكري للقوات المسلحة الاردنية حيث يعتبر هذا الدعم البالغ نحو 300 مليون دولار سنويا، اكبر ثالث برنامج في العالم من حيث الدعم العسكري الذي تقدمه امريكا الى جميع دول العالم".
وأكدت ان الولايات المتحدة "تعتبر نفسها شريكا في القتال إلى جانب الاردن في المعارك الحاسمة لهذا الزمان، لذلك تجد ان المساعدات المقدمة اولوية لضمان ايصال المعدات العسكرية الجديدة والمتطورة دون تأخير:.
وأوضحت ان "جذور الصداقة العميقة بين الاردن وامريكيا تنبع من القيم المشتركة بان الديمقراطية يمكن ان تنجح في أي مجتمع وليس فقط في المجتمعات الغربية، وان الجميع يستحقون فرصا متساوية لينعموا بحياة افضل لهم ولابنائهم، وان كرامة الانسان وفضيلة التسامح جديرتان بالاحترام والتقدير" على حد تعبيرها.
وزادت ويلز "ان الاردن محل تقدير دائم من الولايات المتحدة لتجسيده هذه القيم لاسيما في هذا الوقت الذي نواجه فيه مستقبلا غير واضح المعالم وان الأردنيين مدركون ان هذه القيم باتت مهددة بالخطر ويلزم الدفاع عنها".
واكدت ان الطيار معاذ الكساسبة "ضحى بحياته دفاعا عن القيم الاردنية"، قائلة "انني اقدم التعازي باسم الشعب الامريكي والرئيس اوباما لاسرة الشهيد وللشعب والقيادة الاردنية بهذا المصاب ونشارككم الدعاء لروحه بالرحمة".
وقالت انه "حين تبدو الفتنة الطائفية والعرقية غير مسبوقة في هذه المنطقة من العالم يبرز الاردن كمثال لحقيقة يؤمن بها الامريكيون من حيث ان ما نجتمع عليه اقوى مما يفرقنا وان التنوع ليس ضعفا وانما هو مصدر قوة"، مشيدة بـ"روح التسامح والتعايش السلمي التي يعيشها الاردن حيث يمشي الجميع من اهل الكتاب على ارض واحدة كاخوة حتى وهم يتلون صلواتهم المختلفة" على حد تعبيرها.
واشارت الى ان "المعركة ضد قوى الارهاب والتطرف المتمثل بما يسمى تنظيم داعش تتعدى ميادين المعركة لتشمل نطاق القيم والمثل"، مؤكدة ان "تلك المعركة يتم كسبها ليس فقط من خلال الجنود والطيارين وانما ايضا من خلال المعلمين واصحاب الاعمال الريادية وقادة المجتمع المدني ممن يناصرون الحق في كل ما يقومون به".
واستشهدت السفيرة بحديث الملك عبدالله الثاني الذي قال فيه: " ان الحرب ضد داعش هي حرب بين المعتدلين من كل دولة ودين وثقافة ضد أولئك الذين يؤمنون بادنى اشكال التطرف وعدم التسامح والعنف التي شهدها العالم منذ قرون".
واكدت ان "الولايات المتحدة تراهن كثيرا على مستقبل الاردن الذي تعيش على ارضه امة مميزة وان نموذج النجاح والتقدم والازدهار الذي يقدمه يعتبر من افضل الردود على وعود التطرف الكاذبة والمستقبل المروع الذي تعد به داعش".
واضافت: "سنبقى دائما مدينين للمقاتلين الاردنيين والامريكيين الذين يخاطرون بحياتهم لضمان انتصارنا في معركتنا ضد الارهاب".
وحول جوانب الدعم الامريكي للاقتصاد الاردني؛ قالت السفيرة انه "مع نهاية العام الحالي سيتجاوز حجم المساعدات التي قدمتها الولايات المتحدة للاردن مبلغ 15 مليار دولار منذ تأسيس برنامج التحديث الاقتصادي الذي وضعه الاردن بمساعدة امريكيا"، مؤكدة ان "البرنامج يعتبر مثالا للعالم عن نوع التنمية المسؤولة التي تخدم المواطن اولا وتكرس الاستقرار والسلام والازدهار".
واشارت الى ان المساعدات الامريكية الى الاردن فيما يتعلق بقطاع المياه بلغت 825 مليون دولار حيث شملت محطة تحلية زارا وانظمة تجميع المياه المنزلية في المفرق وان استثمار بلادها في قطاع التعليم داخل الاردن زاد عن النصف مليار دولار.
وبينت انه ومنذ توقيع اتفاقية التجارة الحرة 2001 ازداد التبادل التجاري بين البلدين لاكثر من ثمانية اضعاف حيث نمت من 400 مليون دولار لتصل حاليا لاكثر من 3.4 مليار دولار سنويا ووفرت حوالي 50 الف فرصة عمل ذات دخل جيد للاردنيين.
واشادت بالإمكانات الهائلة للكوادر البشرية الاردنية من كلا الجنسين، مؤكدة انها مؤهلة لتشكل شعبا نموذجا للشرق الاوسط وللعالم اجمع.
وفيما يتعلق بقضية اللجوء قالت السفيرة "اننا نشارك الاردن قناعته بأنه لا يجوز التخلي عن اليائسين عندما تنتهك النزاعات شعوبهم، لهذا نحن نعتبر الممول الاكبر لوكالة الامم المتحدة لتشغيل الاغاثة وقد قدمنا حوالي نصف مليار دولار لنساعد الاردن في تقديم الغذاء واللباس والمأوى لاولئك الذين فروا من طغيان الانظمة وسنتعهد بتقديم المزيد خلال مؤتمر المانحين الدوليين القادم الذي سيعقد في الكويت".
وحول سعي الاردن لحل القضية الفلسطينية وارساء السلام العادل قالت ويلز ان "الملك المؤسس عبدالله الاول رحمه الله، ضحى بحياته لأجل هذه القضية وان قادة الاردن كانوا على الدوام ناصحين مهمين وشركاء مخلصين في سبيل تحقيق التقدم الشاق نحو السلام وحل النزاع".
وفي معرض ردها على استفسارات واسئلة الحضور قالت ويلز ان "بلادها لم تكن يوما داعمة للارهاب وانما هي على العكس من ذلك فهي تدعم الدول التي تحارب الارهاب والتطرف وتسعى لاجتثاثه من جذوره لينعم العالم بالسلام والامان".
من جانبه؛ قدم امين عام المنتدى الدكتور الصادق المهدي الشكر للسفيرة على تلبية الدعوة والقاء المحاضرة التفاعلية التي ادارها العين والخبير الاقتصادي الدكتور جواد العناني.
الأردن والولايات المتحدة: التحديات المشتركة والطريق الى المستقبل
أليس جي ويلز، سفيرة للولايات المتحدة الأميركية في المملكة الأردنية الهاشمية - 18 شباط 2015 - النص الأصلي
مساء الخير
بداية أود أن أتقدم بالشكر لصاحب السمو الملكي الأمير الحسن بن طلال لتفانيه في تطوير الفهم المشترك من خلال منتدى الفكر العربي عبر السنوات 34 الماضية كقائد متبصر ومؤسس.
أود أيضا أن أشكر الأمين العام لمنتدى الفكر العربي د. الصادق الفقيه، على دعوته الكريمة للمشاركة في سلسلة اللقاءات الشهرية.
وأود أن أشكر مدير جلسة هذه الليلة معالي العين د. جواد العناني. إن إنجازاتك كثيرة وجهودك كبيرة لتعزيز الاستقرارالاقتصادي الأمر الذي كان أساسيا للأردن.
وأخيرا وليس آخرا، أود أن أشكر ضيوف الليلة، أعضاء منتدى الفكر العربي الكرام، وأصحاب المعالي والتربويين المسؤولين عن قادة البلد المستقبليين والإعلاميين وقادة المنظمات غير الحكومية والمجتمع ، وطلاب برنامج الحكومة الأمريكية للتبادل الذين نعتبرهم أصدقاء كرام للسفارة الأمريكية في الأردن.
أهلا بكم.
إنه لمن دواعي سروري أن أكون هنا الليلة مع جمع كبير من الأصدقاء الأعزاء
استخدم الكثيرون خلال الخمس والستين سنة الماضية تعبير (صداقة) ليصفوا به العلاقة المميزة بين الولايات المتحدة والأردن. وهي كلمة لا تتردد كثيراً في سياق الدبلوماسية الدولية، غير أنها برأيي أفضل وصف لعلاقتنا.
والواقع أن جذور صداقتنا تنبع من القيم المشتركة- بالإيمان أن الديمقراطية يمكن أن تنجح في أي مجتمع، وليس فقط في المجتمعات الغربية، وبأن الجميع يستحقون فرصاً متساوية لبناء حياة أفضل لأنفسهم ولأبنائهم، وبأن كرامة الإنسان وفضيلة التسامح جديرتان بالاحترام.
ولقد كان الأردن محل تقدير دائم من الولايات المتحدة لتجسيده لهذه القيم، سيما الآن وخاصة في منطقة لا زالت تواجه مستقبلا غير واضح المعالم كهذا.
والأردنيون هم الأدرى بأن هذه القيم معرضة للخطر اليوم، ويلزم الدفاع عنها. هذه القيم هي التي ضحى طياركم الشجاع الملازم الشهيد معاذ الكساسبة بحياته دفاعاً عنها. ومرة أخرى أتقدم نيابة عن الرئيس أوباما والشعب الأمريكي بأحر التعازي لعائلته وأشارككم بالدعاء لروحه بالرحمة.
وفي هذا المساء أريد أن أتحدث إليكم عن طبيعة الصداقة المميزة بين بلدينا وتاريخها وكيف شكلت بدورها سياسة أمريكا تجاه الأردن والمنطقة، وكيف أنها اليوم أكثر أهمية من أي وقت مضى بالنسبة لبلدينا وللعالم كذلك.
إن أول دبلوماسي أمريكي تم اعتماده للأردن هو ويلز ستابلر، وقد كان يدين بمنصبه " للواسطة" ولصداقة شخصية كانت تربطه بجلالة الملك عبدالله الأول. عندما كان ويلز موظف تأشيرة في القنصلية الأمريكية في القدس –وهو بعمر السادسة والعشرين فقط- توجه لمقر جلالة الملك الشتوي في الشونة لتوقيع السجل الدبلوماسي الرسمي.
وكان من المفروض أن يكون ذلك إجراء رسمياً بيروقراطياً، غير أن ستابلر تعلم أحد أهم الدروس التي ينبغي لأي دبلوماسي في الأردن أن يعرفها وهي أنك لن تغادرنا دون أن تتناول الغداء، ثم القهوة والحلوى والشاي ومزيد من القهوة، ثم بعد ذلك: أليس الآن الوقت المناسب للمنسف؟.
ومنذ ذلك اليوم أصبحا صديقين مقربين، وهذا كان له أثر ذي بعدين على مسيرة ستابلر المهنية. ففي إحدى المرات أخّر جلالته بدء استعراض الفيلق العربي، عندما علم أن مدير ستابلر –القنصل العام- قد أخد الدعوة التي كان قد وجهها لستابلر نفسه. فبعث جلالته بطلب الرجل الأقل رتبة من القدس وكان على مديره أن ينتظر. ومن الواضح أن هذا كان موقفاً من الصعب على ستابلر أن يشرحه لمديره.
ولكن عندما تم تشكيل الوفد الأمريكي الدائم في عمان، جعلت صداقة ستابلر مع جلالة الملك اختياره كأول ممثل أمريكي دائم في المملكة الجديدة أمرا طبيعيا. ولقد أرسى الاثنان تقليدا من المشاورات الودية والنصيحة المخلصة بين القادة الأمريكيين والأردنيين استمرت عبر التاريخ. وهو أمر شهدناه مؤخرا في الاجتماعات التي عقدت قبل عدة أسابيع بين جلالة الملك عبدالله الثاني والرئيس أوباما.
ولطالما عنى الأردن بالنسبة لأمريكا أكثر من مجرد مبلغ إجمالي الناتج المحلي له أو حجم علاقتنا التجارية. وبعد أن رفض العالم الاستعمار الأوروبي ، وبعد أن أفضت الحرب الباردة إلى النظام العالمي متعدد المحاور، أضحت العلاقة بين الولايات المتحدة والأردن مثالا لنوع جديد من الشراكة الدولية- شراكة بين بلدين يحملان أهدافاً ومُثلاً مشتركة. إن نجاح الأردن اليوم دليل على قوة هذا النموذج.
لقد وقفت كل من الولايات المتحدة والأردن بفخر معاً على الجانب الصحيح من التاريخ في وجه كل تهديد للسلام ولكرامة الانسان خلقته الشيوعية السوفيتية وغيره من الأنظمة الشمولية في النصف الثاني من القرن العشرين.
وفي حين أن الامبراطوريات الاستعمارية كرست سياسات الاستيلاء والسلب، إلا أن الولايات المتحدة تتعامل دوماً مع الأردن كشريك، ودعمته في جهده لتحديد مستقبله الاقتصادي وفقاً لظروفه الخاصة.
إن برنامج التحديث الاقتصادي الذي وضعه الأردن بالاستعانة بمساعداتنا يقدم مثالا للعالم عن نوع التنمية المسؤولة التي تخدم المواطنين أولا وتكرس الاستقرار والسلام والازدهار.
ومع نهاية هذه السنة المالية ستكون المساعدات الأمريكية المباشرة المقدمة للأردن منذ تأسيسه قد تعدت 15 مليار دولار.
وقد مكنت هذه المساعدات الأردن من تقديم الخدمات الأساسية والتي تعتبر الركائز لأي اقتصاد مزدهر ونظام سياسي مستقر، ومن بينها حصول الجميع على المياه النظيفة والرعاية الصحية والتعليم الجيد.
في الستينيات من القرن الماضي ساعدت الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية الأردن في بناء قناة الغور الشرقية والتي حولت وادي الأردن من صحراء إلى أرض زراعية، وبناء شبكة الطرق بين عمان والبحر الميت والتي مكنت المزارعين آنذاك من إحضار محاصيلهم للسوق.
وقد بلغت مساعداتنا في السنوات الخمس عشر الأخيرة حوالي 825 مليون دولار لقطاع المياه- وهو استثمارواسع يشمل محطة تحلية زارا- ماعين والتي تزود معظم المياه العذبة لعمان، وأنظمة تجميع المياه المنزلية التي تساعد الأسر في المفرق على تلبية احتياجاتها في الوقت الذي تقدم فيه الملاذ لجيرانها من الشمال.
ومنذ بدء شراكتنا، ساعدت الولايات المتحدة في تحسين صحة الأردنيين من خلال تحديث أكثر من 300 عيادة طبية و25 مستشفى سيما تلك التي تخدم النساء والأطفال. أكثر من 70% من مواليد الأردن حالياً، يولدون في مستشفيات تم تحديثها بمساعدة من الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية.
أما استثمار الولايات المتحدة في نظام التعليم الأردني فقد بلغ أكثر من نصف مليار دولار منذ عام 2003 فقط وذلك من خلال خلق شراكات مع التربويين هنا لتقديم التدريب للعاملين الذين يحتاجهم الأردن لاقتصاده للقرن الواحد والعشرين. لقد ساعدنا في بناء 27 مدرسة نموذجية وموّلنا توسعة مئة أخرى. وقمنا بتحديث 185 غرفة صفية لرياض الاطفال، وقدمنا التدريب لنحو 20,000 معلم وقدمنا مؤخرا 48 مليون دولا لبرنامج مخصص لتحسين مخرجات الرياضيات والقراءة في الصفوف الأولى في كل المدارس الحكومية في الأردن.
ومنذ اليوم الذي أصبح فيه اسم الفيلق العربي القوات المسلحة الأردنية، دعمت الولايات المتحدة الأمريكية النشميات والنشامى الذين يرتدون الزي العسكري للقوات المسلحة. فبرنامجنا للمساعدة العسكرية هنا هو ثالث أكبر برنامج في العالم وقد قدم 300 مليون دولار كدعم سنوي منذ بداية القرن لضمان أن تكون القوات المسلحة الأردنية قوة قتالية تضاهي الأفضل على وجه الأرض. إن القوات المسلحة الأردنية حالياً ليست ركيزة الأمن في الأردن فحسب، بل للعالم أجمع، ونحن فخورون إذ نعتبر أنفسنا شركاءكم في القتال في المعركة الحاسمة في زمننا هذا. لهذا السبب نعتبر تقديم المساعدة للأردن أولوية بالنسبة لنا لضمان إيصال المعدات العسكرية الجديدة دون تأخير.
وفي الوقت الذي ازدهر به الأردن وتأكد حماته من قوة حدوده، فتح الأردنيون قلوبهم وبيوتهم لجيرانهم الأكثرعرضة للخطر وخاصة الفلسطينيين والعراقيين والسوريين، ومن قبلهم الأرمن والشيشان والشركس.
يعتبر تقديم الملاذ الآمن للأشخاص الذين هجرتهم الحرب مثالاً يحتذى على خدمة الإنسانية والتي سيكون العالم شاكرا لها على الدوام.
إننا نشارك الأردن قناعته بأنه لا يجوز التخلي عن اليائسين عندما تنهك النزاعات شعوبهم. ولهذا نحن الممول الأكبر لوكالة الأمم المتحدة للتشغيل والإغاثة، وقد قدمنا حوالي نصف مليار دولار لنساعد الأردن في تقديم الغذاء واللباس والمأوى لأولئك الذين فروا من طغيان نظام الأسد. وسنتعهد بتقديم المزيد وذلك خلال مؤتمر المانحين الدوليين القادم والذي سيعقد في الكويت، وسنستمر في العمل على ايصال هذا الدعم بسرعة وكفاءة.
حين تبدو الفتنة الطائفية والعرقية غير مسبوقة في هذه المنطقة من العالم يبرزالأردن كمثال لحقيقة يؤمن بها الأمريكيون أيضاً وهي أن ما يجمعنا أقوى مما يفرقنا وبأن التنوع ليس ضعفا بل هو مصدر قوة.
ولقد رأيت هذا بنفسي خلال زيارتي مؤخرا لكنيسة الخضر في السلط بصحبة عطوفة رئيس البلدية. فهذا مكان مقدس يذكرنا بأن أهل الكتاب يمشون على أرض واحدة كإخوة حتى وهم يتلون صلواتهم المختلفة.
إن نفس روح التسامح والتعايش السلمي التي رأيتها في السلط هي التي لطالما دفعت بجهود الأاردن لحل الخلاف المستمر بين إسرائيل وفلسطين.
ففي سعي الفلسطينيين لتقرير المصير ولإنشاء دولتهم ، كان القادة الأردنيون ناصحين مهمين وشركاء مخلصين في تحقيق التقدم الشاق نحو السلام.
فلقد ضحى جلالة الملك عبدالله الأول بحياته من أجل هذه القضية وهي تضحية لن ينساها العالم أبدا.
ولقد تعهد جلالة الملك الحسين بأن الأردن سيعمل دائما من أجل ذلك الفجر الجديد الذي سينعم به كل أبناء ابراهيم ونسلهم بحياة بعيدة عن الخوف والعوز-- بحياة تنعم بالسلام."
ما زالت هذه الرؤية حية اليوم وتبقى الهدف الأساسي لسياسة الأردن وسياستنا. فكما يقول جلالة الملك عبدالله الثاني، "إن السلام فقط هو ما يحقق الاستقرار والأمن والرخاء في هذا الجزء من العالم."
ولقد كان الأردن دائما المناصرالثابت خلال مؤتمر مدريد واتفاقية أوسلو واتفاقية وادي العربة والمبادرة العربية للسلام وأخيراً جهودنا المشتركة مؤخرا لجمع الاطراف على مائدة المفاوضات. ففي هذه كلها كان الأردن يسعى لتكريس السلام والكرامة والأمن لصالح كل من يعتبرون هذه المنطقة وطنا لهم.
غير أن هذه الرؤية قد واجهت مؤخراً بعض أصعب التحديات. وكلنا نعرف أن الوضع القائم – كما قال الوزير كيري- لا يمكن أن يكون مستداماً.
ونؤمن أن اتفاقية تنشئ دولتين هما فلسطين وإسرائيل – تعيشان بموجبها جنبا إلى جنب بسلام-- هي هدف جدير وأساسي. إن الرهانات عالية جداً ومخاطر الوضع القائم أكبر من أن تجعلنا نقبل بما هو أقل من ذلك.
وكلنا نعرف أن هناك حدود للجهود التي يمكن أن يبذلها الأردن أو الولايات المتحدة أو أي أحد خارج الأطراف المعنية. فالرغبة الأقوى لتحقيق السلام ينبغي أن تنبع منهما.
ومع هذا، فلقد أظهرالأردن بالنموذج الذي قدمه للعالم على مدار العشرين عام الماضية فوائد التعايش السلمي مع جيرانه، ويبقى نجاحه حجتنا الأقوى في سعينا المستمر لتحقيق حل عادل.
ولأن العالم لا يزال بحاجة لنموذج الأردن تلتزم الولايات المتحدة أكثر من أي وقت مضى بالاستثمار في مستقبل الأردن.
ولقد أسعدني أن حضرت قبل أسبوعين توقيع وزير الخارجية جون كيري مع نظيره الأردني السيد ناصر جودة لاتفاقية ترفع مساعداتنا للأردن من 660 مليون دولار إلى مليار دولار سنويا حتى عام 2017.
وعلاوة على ذلك ، فقد قدمنا للأردن دعما غير مسبوق بقيمة 2.25 مليار دولارعلى شكل اتفاقيات ضمان للقروض- وهذه اتفاقيات ستوفر في السنوات القادمة على الأردن مئات الملايين من الدولارات لن تدفعها كفائدة على القروض. وستأتي اتفاقية ضمان قروض ثالثة هذا العام لتؤكد بشكل أكبر أن إيمان الولايات المتحدة بمستقبل الأردن راسخ لا يتزعزع.
وفي حين أن مساعداتنا السابقة مكّنت الأردن من الوقوف على قدميه كدولة حديثة، فإن استثمارنا الحالي يهدف لتزويد الأردن بالأدوات والقدرات ليضع الأسس لمستقبل مزدهرلا يحتاج فيه لدعمنا المباشر.
وهذا المستقبل يعتمد على وجود قطاع خاص قوي يمكن أن يوفر فرص عمل كافية للشباب الأردني بحيث يقدم لهم وظائف منتجة وذات مدخول جيد يعتبرونها محقين من أبسط حقوقهم. وحيث أن حكومة الأردن تتوقع موازنات بنمو صفري لعدد من السنوات القادمة، فنحن نعلم أن القطاع العام لن يكون قادرا على استيعاب الباحثين الجدد عن العمل من الشباب.
والواقع أن هذا أحد الأسباب التي من أجلها تدعم الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية مشاريع لتنمية القطاع الخاص بقيمة 150 مليون دولار، من بينها مشروع لمدة خمس سنوات بقيمة 45 مليون دولارهو برنامج التنافسية الأردني- وهو مشروع سيجذب 700 مليون دولار كاستثمارات جديدة وسيوفر 40,000 وظيفة جديدة في قطاعات الرعاية الصحية والتكنولوجيا النظيفة وتكنولوجيا المعلومات والإتصالات.
ان هذه البرامج قد بدأت فعلا بتغيير حياة رواد الأعمال الأردنيين مثل مليكة محمد وهي شابة موهوبة أنشأت شركة جدارا للالكترونيات- وهي شركة نمت لتصبح المزود الأكبر للمعدات الهندسية عالية التقنية للسوق المحلي.
تعلمت مليكة خلال دورة تدريبية للوكالة الأمريكية للتنمية الدولية كيفية بناء التوقعات المالية التي تلزمها لتطلب قرضاً من البنك. وعندما لم تجد بنكاً محلياً ليمول شركة هندسية ناشئة تديرها امرأة تدخل مشروع تسهيلات ضمان القروض الأردني الممول من الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية وزودها بالدعم اللازم الذي مكّنها من الحصول على 80 ألف دينار لتوسيع مشروعها.
وعلى الرغم من نجاح هذه البرامج إلا أننا نعرف أن تنمية القطاع الخاص هو في النهاية واجب القطاع الخاص نفسه ولهذا السبب مهدت سياساتنا لتعاون اقتصادي أقوى بين الولايات المتحدة والأردن.
ومنذ توقيع اتفاقية التجارة الحرة في عام 2001 ازداد التبادل التجاري بين بلدينا بأكثر من ثمانية أضعاف خلال السنوات 14 الماضية حيث نمت من أقل من 400 مليون دولار لتصل حالياً لأكثر من 3.4 مليار دولار سنوياً وأثناء هذه العملية تم توفير 50 ألف وظيفة ذات مدخول جيد للأردنيين.
إن الشركات الأمريكية مثلنا تماماً تؤمن بقوة بمستقبل الأردن، ولذلك تبلغ قيمة الاستثمارات الأمريكية الآن في الأردن 2.2 مليار دولار، مما يشكل نسبة كبيرة من قيمة كل الاستثمارات الأجنبية المباشرة في الأردن.
وبالفعل فإن الاقتصاد في بلدينا يترابط أكثر وأكثر نتيجة لهذه الاتفاقية حيث أصبحت قصص النجاح الأردنية قصص نجاح أمريكية أيضاً.
وهكذا أصبحت شركة الحكمة للأدوية بفروعها في أوهايو ونيو جيرسي في المرتبة 13 بين أكبر شركات الأدوية في الولايات المتحدة حيث توظف 1500 أمريكي.
وهكذا أيضاً أصبحت شركة بترا للصناعات الهندسية رائدة عالمياً في تقديم أنظمة التبريد الهوائي وهي أنظمة تمت هندستها في الأردن وبنيت من مكونات عالية التقنية عليها ملصق صنع في أمريكا.
ولقد مهدت اتفاقية التجارة الحرة الطريق لشركات الطاقة المتجددة الأمريكية لتشارك نظيراتها الأردنية في بناء أنظمة المستقبل للطاقة النظيفة الآن، وبذلك تعمل على تنويع مصادر الطاقة في الأردن.
وهذا السبب يدفع بشركة سن إديسون الأمريكية لاستثمار 70 مليون دولار لبناء محطة طاقة شمسية بطاقة 20 ميغا واط في معان وهو مشروع تحقق من خلال قرض من الحكومة الأمريكية.
ولهذا السبب كذلك تعمل الأردن واسرائيل والسلطة الفلسطينية وحكومة الولايات المتحدة والشركات الأمريكية الخاصة مثل شركة نوبل انرجي لاستغلال حقول الغاز في اسرائيل وغزة والتي تبشر بتزويد الأردن بطاقة رخيصة وموثوقة ونظيفة بحلول عام 2018، وهذه الصفقات ستساعد الأردن على بناء أساس اقتصادي قوي ليكون رائداً عربياً في تخفيض الدعم المكلف وغير المستدام للطاقة.
وبعد سنوات عديدة من الثورات والاضطراب يجد العالم العربي نفسه اليوم في لحظة حاسمة. فمن الواضح الآن أن الطرق القديمة في الحكم وفي العمل ينبغي أن تتطور لتلبي آمال الجيل القادم. فثلث سكان الشرق الأوسط وشمال أفريقيا تقريباً الآن تتراوح أعمارهم بين 15-29 عاما وهم مصممون على أن يكون لهم رأي في صياغة مستقبلهم.
وفي كثير من الدول المجاورة للأردن تركت فوضى الحرب ذلك المستقبل غيرواضح. ولكن هنا بإمكان المرء أن يشعر بالإمكانات الهائلة التي دفعت بملايين الناس بداية الأمر في العالم العربي للمطالبة بأن يكون لهم رأي في صياغة مصائرهم.
إن الأردن يتمتع بالإمكانات التي تؤهله لأن يكون بحق شعباً نموذجاً للشرق الأوسط وللعالم.
غير أن كثير من الأسئلة التي طرحها المواطنون في العالم العربي على حكوماتهم وعلى أنفسهم في السنوات الأخيرة لازالت بانتظارالإجابات التي ستحدد في ما إذا كان الأردن أو أي بلد في الشرق الأوسط قادراً على تحقيق إمكاناته بشكل كامل.
فمن بين تلك الأسئلة مثلاً : هل سيتمكن الأردن من تطويع روح الابتكار وريادة الأعمال التي ستحفز شبابه وتعمل على تحقيق النمو الاقتصادي الدائم والمستدام الذي نعلم أنه قادرعلى تحقيقه؟
أن ازدهارصناعة تكنولوجيا المعلومات والاتصالات خلال الخمسة عشر سنة الماضية قد وفرت لمحة عن امكانيات الأردن الابداعية الكامنة في كافة القطاعات. إلا أن هناك الكثير مما ينبغي عمله لضمان خلق المزيد من الوظائف سيّما تلك التي تناسب الخريجين الذين لازالوا يتركون الأردن للعمل في دول الخليج و أماكن أخرى.
وبالتالي لازال الناس هنا يتساءلون: هل يمكن لدولة في الشرق الأوسط أن تستفيد بشكل كامل من مواهب الجيل القادم بحيث توظفهم بشكل منتج في أوطانهم بدلاً من رؤيتهم يبدعون في الخارج؟
إن التحدي كبير لكني أؤمن بأن الأردن يمكن أن يقدم نموذج نجاح في منطقة لازالت تقدم فقط نصف الوظائف التي يحتاجها الشباب الموهوب الذي يتخرج كل عام من الجامعات.
لقد جعل الأردن من نفسه محطة لقطاع تكنولوجيا المعلومات العالمي والآن ينتج 75% من المحتوى العربي الموجود على الانترنت. وفي السنوات القادمة ستجد الحكومة الأردنية والقطاع الخاص فرصة غير مسبوقة لتقدم فيها نموذجاً عن كيفية تشكيل سياسات التعليم وسياسات الضرائب والأنظمة الذكية بشكل يكافئ الابتكار.
في الوقت الذي يبني فيه الأردن اقتصاداً يمكن لشبابه أن يزدهر فيه، فإنه قادرعلى الإجابة على السؤال فيما إذا كانت المرأة في أية دولة شرق أوسطية قادرة على تحقيق إمكاناتها الكاملة والمشاركة الفاعلة في الحياة الاقتصادية والسياسية.
إن جيل الشباب الأردني هذا هو الأول الذي فاق فيه عدد الخريجات عدد الخريجين. وفي السنة الماضية احتلت الفتيات المراتب الخمسة الأولى في كل فروع التوجيهي . ومع ذلك ما زالت نسبة البطالة بين النساء ضعف نسبة البطالة بين الرجال.
إن الفرص الجيدة للمشاركة في قطاع العمل لازالت بعيدة المنال بشكل محبط بالنسبة للنساء الأردنيات من كل الأعمار. فمشاركة المرأة الأردنية في سوق العمل تبلغ 15% وهي من بين الأدنى في العالم. وليس ذلك لأن الأردنيات تنقصهن الإرادة أو المواهب اللازمة للمشاركة الفعالة في حياة بلادهن الاقتصادية.
فالأردن يعرف حق المعرفة حجم قدرات المرأة الأردنية.
فأنتم تعرفونهن كنواب وأعيان ووزيرات ورئيسات هيئات— هن قائدات من أمثال ريم أبو حسان وأسمى خضروسهير العلي، وتعرفونهن أيضاً كقائدات في المجتمع المدني من أمثال هديل عبدالعزيز ولبنى دواني وهاله لطوف.
وتعرفونهن كرئيسات تحرير مثل جمانة غنيمات.
وتعرفونهن كمصرفيات مثل نادية السعيد وريم بدران وخلود السقّاف.
وتعرفونهن كقائدات ذوات رؤية ساعدن على جعل الأردن السيليكون فالي للشرق الأوسط. ومن بينهن رياديات أ أعمال مثل رندا الايوبي وضحى عبدالخالق.
وتعرفون منهن أكثر مما أستطيع أن أذكر بدءاً – بالطبع – بجلالة الملكة رانيا والكثيرات اللواتي يمكن أن يسهمن تماماً كتلك النساء لوأعطين فرصاً متساوية للقيام بذلك.
وبالطبع ليس بإمكان كل شخص أن يكون صاحب عمل ريادي أو مصرفياً. فالأردنيون الذين لا يكملون الدراسات العليا بحاجة لوظائف جيدة أيضاً. وقد ساعدت اتفاقية التجارة الحرة بيننا ومن قبلها المناطق الصناعية المؤهلة التي أنشأتها الولايات المتحدة على توفير عشرات الآلاف من الوظائف في قطاعات مثل صناعة النسيج.
لكن الكثير جداً من هذه الوظائف ذهبت للعمال الوافدين. فمنذ عام 2011 شهد الأردن تحويل ما قيمته 450 مليون دولار سنوياً للخارج كحوالات مالية أرسلها العمال الأجانب إلى بلادهم. وهذه ثروة أنتجت في الأردن وكان يمكن أن تبقى في الأردن لو كان الأردنيون لديهم الدافع للعمل بالوظائف التي يعمل بها الوافدون.
وحتى الشباب المتعلم بإمكانه أن يستفيد من الوظائف الأقل شأناً، فكثير منكم اليوم يمكن أن يشهد بأن القبول بعمل متواضع في بداية المهنة يمكن أن يكون خطوة أولى في مسيرة مهنية طويلة وناجحة. اسمعوا ذلك من امرأة أخذت راتبها الأول من عملها مرحبة بالزبائن قائلة : "أهلاً بكم في مكدونالدز! ما هو طلبك؟"
أمّا في ما إذا كان الأردن يستطيع أن يحقق إمكانياته الاقتصادية كاملة فهذا يعتمد على الإجابة على سؤال آخر أوسع وهو: هل يمكن أن يحل التعاون البنّاء محل التنافسية التي اتسمت بها علاقات دول الشرق الأوسط لفترة طويلة ؟
إن القصص التي شاركتكم بها عن شراكات القطاع الخاص التي قوّت العلاقات بين الأردن والولايات المتحدة ملهمة ولكننا نعرف أيضاً أن أمريكا لا ينبغي أن تكون الشريك التجاري الأكثر أهمية للأردن.
ولهذا على الأردن وجيرانه أن يعملوا المزيد لإدماج اقتصادياتهم بشكل أفضل. حتى في السنوات الأخيرة كانت التجارة بين دول الشرق الأوسط وشمال إفريقيا تشكل فقط 10% من إجمالي صادرات المنطقة. إن حجم تجارة الدول العربية مع الاتحاد الأوروبي أكبر بكثير من التبادل التجاري فيما بينها حيث أن للشرق الأوسط عموماً الحصة الأقل في العالم من حيث التجارة غير النفطية داخل الإقليم.
لقد تعلمت الدول في شمال أمريكا وأوروبا وآسيا أن إزالة معوقات التجارة ضمن سوق مشترك يزيد من حجم التبادل التجاري بشكل كبير. والواقع أن 25% من صادرات دول جنوب شرق آسيا تبقى داخل المنطقة، أما بالنسبة للاتحاد الأوروبي فيصل هذا الرقم إلى 66%. ولا يوجد هناك سبب يمنع هذا الرقم للشرق الأوسط من أن يكون مماثلاً لتلك الأرقام، ولكن هذا سيتطلب تخفيض التعرفة ورفع الحواجزالأخرى التي لازالت موجودة على التبادل التجاري داخل الإقليم. حتى أن إجراءات بسيطة مثل انسجام الاجراءات الجمركية وفتح الاسواق للخدمات وتعزيز احترام حقوق الملكية الفكرية ممكن ان توفر حوافز تشجيعية لتعزيز التجارة الاقليمية.
هذا وإن الربيع العربي قد دفع الكثيرين للتساؤل: هل يمكن لأي بلد في هذه المنطقة أن يبني نظام حكم مستقر يكون ممثلاً لإرادة شعبه؟
إن التعديلات الأخيرة على الدستور الأردني والعمل الذي سيتم لاحقاً على صياغة قوانين جديدة للبلديات واللامركزية والأحزاب السياسية والإنتخابات هي فرص للاردن ليجيب على هذا السؤال بالإيجاب.
وبينما يواصل الأردن هذه الإصلاحات ويعمل على تحقيق رؤية جلالة الملك لمستقبل ديمقراطي فإنه يتمتع بالإمكانات لأن يكون الدولة العربية الرائدة في بناء نظام حكم مخلص لثقافته وتاريخه وبنفس الوقت ملب لطموحات وتوقعات الجيل الجديد.
وكما قال جلالة الملك عبدالله الثاني إن الإصلاح المتجذر في مبادئ استيعاب الجميع والمشاركة هو خيار استراتيجي سيقوي الأردن.
وبالفعل فإن الأردن بلد رائد في تطبيق أنماط جديدة من الحكم التشاوري في العالم العربي، ومن الأمثلة على ذلك العملية التي ساعدت المواطنين على صياغة ميثاق المفوضية الوطنية للنزاهة.
هذه المفوضية والمفوضية المستقلة للانتخابات وهيئة مكافحة الفساد كلها تهدف لمساعدة الأردن على أن يثبت للعالم بأن المواطن المطلع هو مواطن مشارك وبأن الشفافية والتطبيق العادل للقانون هما الأساس للقضاء على الفساد.
وسواء كان حقيقياً أو متصوراً أو مبالغاً به، فإن الفساد يقوض المؤسسات التي تعتبر ضرورية لازدهار الأردن. إن منظومة القوانين والسياسات الضريبية الشفافة والإعلام المهني الذي يمكن أن يقوم بدور رقابي والنظام القضائي المستقل كلها تقدم أضمن السبل نحو التحديث الإقتصادي السريع.
إن أعين العالم ترنو الآن إلى الأردن لأن الإجابة على هذه الأسئلة لن تحدد مستقبل الأردن فقط بل مستقبل العالم.
إن القيم التي تمثلنا في خطر وهناك سؤال كبير يطغى على كل الأسئلة: هل يمكن للقيم الأساسية التي تجمعنا أن تكون المبادئ المنظِمة لأمة شرق أوسطية أم لا؟
إن داعش متأهبة ولا تبعد عنا سوى مئات الأميال لتجيب على هذا السؤال بلا مدوّية.
وعلى النقيض من إيماننا بقوة التعليم والتنمية الاقتصادية والمشاركة المدنية في رفع سوية المجتمع، نجد أن داعش تحكم من خلال الترهيب والإكراه الوحشي لتقدم فقط مستقبلاً مظلماً لشعوب هذه المنطقة.
وكما قال جلالة الملك إن الحرب ضد داعش هي حرب بين المعتدلين من كل دولة ودين وثقافة، ضد أولئك الذين يؤمنون بأدنى أشكال التطرف وعدم التسامح والعنف التي شهدها العالم منذ قرون.
وسنبقى دائماً مدينين للمقاتلين والمقاتلات الأردنيين والأمريكيين الذين يخاطرون بحياتهم لضمان انتصارنا في هذه المعركة.
علينا ألا ننسى أن المعركة ضد داعش تتعدى ميادين المعركة لتشمل نطاق القيم والمثل، إنها معركة يمكن كسبها ليس فقط بجنودنا وطيارينا ولكن أيضاً من خلال المعلمين وأصحاب الأعمال الريادية وقادة المجتمع المدني والرجال والنساء من كل مناحي الحياة الذين يناصرون الحق في كل ما يقومون به.
وبسبب عمق التزامنا المشترك بهذه القيم تراهن الولايات المتحدة الأمريكية بالكثيرعلى مستقبل الأردن لأن الأردن الذي نستثمر به أمة مميزة. ولا يوجد رد أفضل على وعود التطرف الكاذبة والمستقبل المروّع الذي تعد به داعش من النموذج القوي الذي يقدمه نجاح الأردن.
إن الفوز بهذه الحرب لن يكون سهلاً. كما قال قادتنا، هي حرب ستدوم لأجيال وحرب سوف يحسمها شعوب هذه المنطقة. هي حرب نعلم أنه يمكن للولايات المتحدة أن تلعب بها دورالداعم فقط.
ولكننا سنقف مع أصدقائنا يوحّدنا هدف مشترك. معاً نستطيع أن نفوز ومعاً سنفوز.