د. محمد أبو حمور: الكتاب يبرز أهمية قيم المسؤولية الفردية والجماعية في خدمة الصالح العام
حسن أبو نعمة: أبو غزالة يرى أن ديمقراطية مجتمع المعرفة ستقود إلى تحقيق وحدة الأمة العربية
عمّان- مندوبًا عن سمو الامير الحسن بن طلال، رعى أمين عام منتدى الفكر العربي الدكتور محمد أبوحمور، مساء اليوم الاحد، حفل اشهار كتاب "البطانية تصبح جاكيتا" وقصص حياة تنعمت بالمعاناة" الصادر مؤخراً باللغة الإنجليزية، للدكتور طلال أبو غزالة، الذي يروي فيه فصول سيرته الذاتية الحافلة بالأحداث والمنعطفات والتحديات والانتصارات والانكسارات، منذ الهجرة القسرية من فلسطين 1948، ومعاناة الفقر والحرمان، والكفاح في دروب الحياة، وتحقيق الطموحات بالتفوق العلمي والدراسة والعمل المستمر
وأشار الدكتور محمد أبو حمور إلى أن كتاب "البطانية تصبح جاكيتاً" يُبرز في بعده الأساسي أهمية قيم المسؤولية الفردية والجماعية، والمشاركة، والمواطنة الحقّة، القائمة على العلم والأخلاق والطموح والعمل، أنْ تتشكَّل في سياق التحديات لتكون قادرة على إحداث فعل التغيير وصناعة المستقبل. وأضاف أن منتدى الفكر العربي يحاول من خلال أنشطته أن يقدم نماذج من التغيير الإيجابي الذي يتجاوز نطاق الذات المحدود إلى خدمة الصالح العام.
وقال: إن هذا الكتاب يمثل مغزى تجربة الدكتور طلال أبو غزالة، وإنْ بدا عنوان الكتاب غير مألوف للبعض، لكنه في كل الأحوال يصور ويدلّ على جوهر التجارب والتحديات التي فُرِضَت عليه في واقع صعب، والتي لو واجهها بتفكير تقليدي لربما كانت كفيلة بأن تبقيه في مكانه، يتقدم قليلاً أو يتأخر، وتظلّ حركته في إطار الممكن. غير أن حسّ التغيير فيه نحو الأفضل - خاصة إزاء معاناة تهجير أسرته من فلسطين عام 1948، والتي عاشها بكل ما فيها من مكابدة المشاق - جعلته يجتاز مراحل تلك المعاناة نحو الوصول إلى الهدف الذي يريد.
وأوضح الدكتور أبو حمور أن بدايات الدكتور أبو غزالة كان من الممكن أن تجعله أديباً مبدعاً عندما كتب قصة في أثناء دراسته الجامعية 1957-1958 فازت حينذاك بجائزة المجلس الأعلى لرعاية الفنون والآداب والعلوم في مصر، لكن عالم المال والأعمال والاقتصاد، الذي تحوّل إليه فيما بعد له إبداعاته أيضاً، وكما يحمل الأدب رسالة حياة إنسانية وروحيّة واجتماعية، فإن الاقتصاد في فروعه المتنوّعة، هو ذو رسالة بذات المعايير الجوهرية لضمان كرامة الحياة الإنسانية، وبناء المجتمعات، وحُسن توزيع الموارد واستثمارها، مشيراً إلى أن الإبداعات في حقولها المختلفة ينبغي أن تظلّ مصدر تكامل لا تباعد، تترابط بروابط الثقافة والفكر، والانتماء الصحيح، والتطلُّع إلى الأفضل في حياة الإنسان والمجتمع.
ووصف الدكتور أبو حمور هذه السيرة بأنها سيرة الطموح والعمل المثمر، والاعتماد على النفس، وعدم اليأس، وتحويل الفشل إلى فرص نجاح ونجاح باهر، وأنها تشتمل على معاني اكتساب القوة من الذات لتنعكس في المساهمة بتعزيز روافد المجتمع وتقوية بُنيانه. فثقافة النجاح الحقيقي، التي تستمر في طرح سؤال المستقبل، ليست ثقافة شخص معيّن، وإنما ينبغي أن تكون ثقافة مجتمع وشعب وأمّة، تُطلق طاقات العمل والإبداع في الأفراد، وتُقلِّل من فجوات الذهنية التواكلية والاعتماد على الدعم الخارجي.
من جهته، تناول الدكتور ابوغزالة في كلمة له خلال الحفل، محطات من مسيرة حياته وبداية تاسيسه مجموعته في عام 1972، مشيدا بالدعم والرعاية والفضل الذي قدمه سمو الامير الحسن له طوال فترات حياته.
كما عرّج على دخوله في مجال الأعمال في بادئ الامر عن طريق عمله شركة لتدقيق الحسابات، وأكد أبوغزالة أهمية الاختراعات الرقمية باعتبارها الأكثر ادرارا للمال، بحيث اصبحت اغنى الشركات في العالم هي الشركات التي تهتم بصناعة الانترنت وبرمجة الكمبيوتر، مشيرا الى ان هذا القطاع لا يحتاج الى دعم انما هو قائم على العلم والمعرفة ومن هنا تظهر اهميته للوطن العربي الذي يحتاج الشباب ان يكونوا مبتكرين.
واعتبر ابوغزالة ان ماتمر به الامة العربية من أزمات زائلة، وهو الطريق الى الازدهار والنهضة، مبينا ان ما تمر به الامة هو ما مرت به كل دول العالم قبل ان تنتقل الى النهضة كألمانيا والولايات المتحدة وغيرها.
كلمة الأستاذ حسن أبو نعمة
تناول الأستاذ حسن أبو نعمة في كلمته ملامح وجوانب من شخصية مؤلف الكتاب وسيرته ورؤيته للقضايا العربية وسُبل تقدّم الأمة ونهضتها، وأشار إلى أن الدكتور طلال أبو غزالة لم يتخلّ عن رسالته القومية، وأنه في كل مناسبة يُعرِّف نفسه بأنه عربي أولاً وأخيراً، وإذ يعتز بأصوله الفلسطينية وبهويته الأردنية، فإنه في الوقت نفسه يفخر بهويته العربية. وهو مؤمن بأن انضواءنا تحت المظلة العربية الجامعة لا تتعارض مع انتماءاتنا لبلداننا وسعينا لازدهارها وتقدمها وعزتها حتى تكون الأقطار العربية المزدهرة لبِناتٌ متينةٌ في الصرح العربي الكبير. ولوفائه وصدق انتمائه، فإن الدكتور طلال يحب هذا الوطن الأردني الغالي على نفسه، ويدين بالولاء لقيادته الهاشمية، ويترجم ولاءه بتنفيذ برنامج شامل من الخدمات النافعة للمجتمع من خلال مئات مراكز المعرفة التي أنشأها في شتى أرجاء المملكة، خاصة في محافظات الجنوب، وكذلك من خلال التواصل مع القيادات المحلية، والتعرف على مجالات توسيع الخدمات، وخلق فرص العمل وإنشاء المشاريع المنتجة.
وقال الأستاذ أبو نعمة: لقد ساهمت المعاناة في صقل فكره وشحذ عزيمته ومنحه المناعة اللازمة لمقاومة كل أعراض قسوة الحياة وتعاقب الأزمات. وكان لديه الإصرار على الوصول إلى غاياته، كما كانت أهدافه واضحة في ذهنه بمعاناة أو بغير معاناة.
وأضاف: لقد أثار اهتمام الدكتور طلال بالتعليم خلال العقد الأخير دهشة الكثيرين لاعتقادهم أن مجالات عمل مجموعته على تعددها واتساع مجالاتها لا علاقة لها بالتعليم. لكن نظرته كانت أن التعليم هو أساس التقدم في أي مجال، وهو أساس نهضة الأمم، وهو الازدهار وهو قوة المجتمعات وصلابتها، وأهم من ذلك كله: التعليم في نظره (المعرفة على الأصح) هي الثروة الحقيقية، الثروة الوطنية الحقيقية. وهو يضرب الأمثال دائماً على أن الاختراعات المعرفية Face book، Twitter، وغيرها من التطبيقات الالكترونية الشائعة جلبت على مخترعيها عشرات المليارات من الدولارات بينما لم ينفقوا على صنعها إلا المهارة المعرفية، لا مواد خام ولا طاقة ولا نفط. ولا عذر لأمة لا تستخدم ثروة المعرفة التي لا تعتمد إلا على العلم والمعرفة والعقل.
وأشار في هذا المجال إلى أن الدكتور أبو غزالة يسعى بكل جهده من أجل الانتقال بسرعة إلى عصر المعرفة، حتى لا تتسع الفجوة بيننا وبين المستقبل الذي ستكون المعرفة فيه أساس الحياة. ولقد أنشأ قبل عشر سنوات كلية طلال أبوغزاله لإدارة الأعمال بالاتفاق مع الجامعة الأردنية الألمانية فأصبحت صرحاً علمياً مرموقاً على مستوى عالمي، ولا يوجد أي من خريجي الكلية منذ نشأتها بلا عمل. كما يسعى الدكتور أبو غزالة إلى نشر التعليم الإلكتروني حتى يتاح لطالب العلم الذي لا يملك ما يغطي نفقات التعليم الجامعي التقليدي والسفر إلى البلدان الأخرى والإقامة فيها أن يدر
س من قريته ومدينته، بل ومن بيته في أفضل جامعات العالم. وفي نظرته أن الجامعة التقليدية قريبا ستختفي ويحل مكانها التعليم الإلكتروني الافتراضي في عالم أوسع وأشمل من ما تحتويه أسوار أضخم جامعات العالم، وأن المدرسة التقليدية ستختفي لتحل مكانها المدرسة الذكية الرقمية وهو بصدد إنشاء أول مدرسة ذكية في الأردن كنموذج لما سيكون عليه مستقبل التعليم. وأن رسالته الحالية هي خلق مجتمع معرفة عربي من خلال بناء القدرات في تقنية المعلومات والتعليم والتدريب والتأهيل المهني.
وتجدر الإشارة إلى أن الدكتور أبو غزالة ترأس فريق الأمم المتحدةUNICT TASK FORCE الذي وضع سياسة تقنية المعلومات والاتصالات على مستوى عالمي.