عمان - بترا - قال سفير دولة الامارات العربية المتحدة في عمان بلال البدور انه يجب ان يعمل اصحاب الفكر والثقافة على بناء الجسور بين الشعوب لا ان يحطموها، ويكفينا ما نعيشه من واقع مؤلم في بعض البلدان العربية.
ولفت السفير البدور في اللقاء الفكري الذي نظمه منتدى الفكر العربي مساء اليوم الاحد، بعنوان "الحركة الثقافية والفكرية في دولة الإمارات العربية المتحدة"، الى "ان كل المثقفين يطالبون بالديمقراطية ويحاولون ردم اعين الديكتاتورية، ولكن المثقف حين يجلس على المنصة يكون اكثر ديكتاتورية، فالمتحدث لا يريد ان يترك المنصة حتى لو رأى الحضور ينظرون الى ساعاتهم".
واشار الى ان التنقيبات الاثرية على ايدي بعثات عربية ودولية اثبتت ان في دولة الامارات العربية المتحدة 25 موقعا من العصر الحجري و34 موقعا من العصر الحديدي و13 موقعا من فترة ما قبل الاسلام و16 موقعا اسلاميا، الا انه حين ننظر الى المكتبة لا نجد توثيقا للاقوام التي عاشت في هذه الحقب او نمط الاشكال الهندسة للبناء والمعابد والمساجد.
ولفت الى العديد من الاسماء التي برزت في التاريخ الاسلامي وموطنها ضمن التقسيمات السياسية الجغرافية الحديثة يقع في دولة دولة الامارات، ومنها المهلب بن ابي صفرة الذي تنحدر اصوله من امارة الفجيرة وابو بكر بن دريد من المنطقة الشرقية للامارات حيث منطقة دبا.
وتسلسل السفير البدور في قرآءته للتطور الفكري والثقافي في دولة الامارات، في الحقب التاريخية، وصولا الى القرن العشرين لتبدأ بواكير مرحلة التنوير من خلال المدارس التي افتتحت بدءا من عام 1905 والتي لم تكن على النظام الحديث وانما شبه نظامية بحيث لا تدرس سوى اللغة العربية والعقيدة الاسلامية وفروعهما.
وقال من هنا تخرجت فئة من طلبة العلم للدراسة في الخارج ومن ابرزهم عبدالله بن صالح المطوع ومحمد بن سعيد الغباش الذي توجه لمواصلة تحصيله العلمي في القاهرة ومر بنابلس، وعادوا ولديهم الرغبة في الكتابة فيما لم يكن في الامارات صحف او مجلات ما دفعهم للنشر في مجلات وصحف تصدر في محيطهم العربي ومنها المنار والفتح ومجلة الكويت سواء من خلال مقالات او قصائد ومنهم من كان يهتم بالتأليف في الفقه الاسلامي، واخرين كتبوا عن البحر والغوص وصناعة اللؤلؤ، مشيرا الى انه في هذه الفترة تأسست "الجمعية الوطنية" التي تضم مجموعة من المثقفين الاماراتيين.
واشار الى ان اول صحيفة تأسست باسم "مجلة عُمان" عام 1927 وكان توزيعها محدودا، كما تأسست اول مكتبة عامة في ذات العام على يد احد التجار، ليتبع ذلك نقلة تمثلت بسفر العديد من ابناء الامارات الى الخارج طلبا للعلم في الهند والباكستان وايران ومناطق افريقيا ما اكسبهم تعلم لغات تلك الدول ومن ابرزها الاوردية والانجليزية والسواحلية والفارسية.
ولفت الى ان مرحلة الخمسينيات من القرن الماضي شهدت سرعة في الوتيرة حيث بدأ التعليم الحديث بوجود مدرسين عرب ما ساهم بتكون بيئة جديدة ونضج فكري من خلال اقامة وعقد الندوات والمحاضرات، علاوة على ان عددا من ابناء الامارات ذهبوا لمواصلة تعليمهم في الدول الغربية، مشيرا الى ان هذا الحراك الفكري ساهم في خلق حراك سياسي مواز.
وفي مرحلة قيام الاتحاد، بين السفير البدور ان اهم ما حصلت عليه الحركة الثقافية والفكرية هو تحقيق التصالح السياسي والثقافي وانشاء وزارة للثقافة والشباب وتنمية المجتمع، ودعم المثقفين وتوطينهم وارسال البعثات الدراسية، وتحقيق التصالح الثقافي الامني، حيث لم تشهد مرحلة قيام الاتحاد في عهد المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل النهيان الى الان ما يطلق عليه سجين رأي، اضافة الى تحقيق التصالح الثقافي الاقتصادي اذ ان هناك الكثير من اصحاب رؤوس الاموال يقومون بدعم الثقافة والفكر ومن ابرزهم مؤسسة العويس الثقافية ومركز جمعة الماجد للثقافة والتراث. واشار الى العديد من الهيئات الثقافية الداعمة والمنتجة للثقافة والفكر في دولة الامارات العربية المتحدة ومنها دائرة الثقافة والاعلام في الشارقة ومؤسسة الشيخ محمد بن خالد لافتا الى ان الاتحاد النسائي اولى الجمعيات الثقافية التي تم تأسيسها في دولة الامارات العربية المتحدة.
ونوه الى ان دولة الامارات العربية المتحدة اكتسبت اسلوبها في التعامل مع الثقافة من خلال التسامح الفكري، مشيرا إلى انه يتواجد في دولة الامارات مواطنون من 215 جنسية لا يعانون اي تمييز قائم على العرق او اللون او الدين او المذهب، لافتا إلى ان دولة الامارات احتضنت احد الفنون المنسية وهو فن الخط العربي الذي تقام له المعارض والمهرجانات ورعاية الخطاطين خصوصا الموسم السنوي لكتابة المصحف الذي يكلف فيه 30 خطاطا كل منهم يكتب جزءا علاوة على مسابقة فن الخط العربي واصدار مجلة "حروف عربية " التي تعنى بهذا الفن.
وبين ان دولة الامارات العربية المتحدة رغم انها لا تمتلك لقى اثرية كثيرة الا انها معنية بالاعتناء بالشؤون المتحفية، اذا انه سيتم افتتاح متحفين في العام 2016 المقبل: اللوفر ابو ظبي وارميتاج حيث سيتم العمل على تراكم اقتناء الاعمال الفنية، مثلما سيتم وضع حجر الاساس في الاشهر القليلة المقبلة لمكتبة محمد بن راشد الضخمة وصالة اوبرا جديدة. وقال أمين عام المنتدى الدكتور محمد أبوحمور في مستهل اللقاء، إن موضوع "الحركة الثقافية والفكرية في دولة الإمارات العربية المتحدة" يمثل لنا أبعاداً مهمّة حين نتحدث عن تجربة متميزة في التاريخ العربي الحديث لنهوض دولة عربية متحدة، استطاعت خلال عقود وجيزة أن تبلور نموذجاً وحدوياً وتنموياً حداثياً، وأن تتقدم في مختلف المجالات لتصل إلى مستويات مرموقة، تستحق كل التقدير والإعجاب، برؤى قياداتها المستنيرة ومؤسسها المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان.
يشار إلى أن السفير بلال البدور، أحد أبرز مثقفي الإمارات ومفكريها، بما له من خبرات واسعة ومتعددة في الحقل الثقافي، فضلاً عن الحقل الدبلوماسي وعن العمل التطوعي والاجتماعي، واختصاصه في التأريخ للحركة الثقافية في الإمارات، من خلال مجموعة من الدراسات التي سبق أن أصدرها عن هذه الحركة متناولاً بداياتها قبل الاتحاد، وتحقيقاته عن عدد من أدباء وشعراء الدولة، وأبرزها: موسوعة شعراء الإمارات الصادرة عام 2014.
الأخوات والإخوة الحضور الكرام
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته:
يطيبُ لي باسم منتدى الفكر العربي، وباسمكم أيضاً، أن أرحِّبَ بسعادة الأخ الأستاذ بلال ربيع البدور، سفير دولة الإمارات العربية المتحدة لدى المملكة الأردنية الهاشمية. وأن أشكر له مرةً أخرى استجابته لدعوتنا إلى هذا اللقاء، واختيار موضوع "الحركة الثقافية والفكرية في دولة الإمارات العربية المتحدة". هذا الموضوع يمثل لنا أبعاداً مهمّة حين نتحدث عن تجربة متميزة في التاريخ العربي الحديث لنهوض دولة عربية متحدة، استطاعت خلال عقود وجيزة أن تبلور نموذجاً وحدوياً وتنموياً حداثياً، وأن تتقدم في مختلف المجالات لتصل إلى مستويات مرموقة، تستحق كل التقدير والإعجاب، برؤى قياداتها المستنيرة ومؤسسها المغفور له الشيخ سلطان بن زايد آل نهيان، الذي عمل - رحمه الله – وهذه القيادات، يداً بيد، على بناء مجتمع يحفظ كرامة الإنسان، ويضمن له العيش الكريم، والبناء المتواصل للمقدرات البشرية والمادية، والانفتاح على المحيط العربي والدولي والإنساني، لتكون دولة الإمارات كما أمِلَ مؤسسُها نواةً لوحدة عربية شاملة. وكل ذلك مع المحافظة على روح الأصالة، وانتهاج الحكمة والتدرّج في الانتقال من مجتمع القبيلة إلى مجتمع الدولة العصرية، وحُسن توظيف الثروة وتوزيعها بعدالة.
هذا النموذج المشرق في جوانبه الاجتماعية والاقتصادية والسياسية، يُعدّ أيضاً نموذجاً للبناء الثقافي، الذي هو أساس كل بنيان وتقدم حضاري. ولعل دراسة تطوّر الحياة الثقافية والفكرية في دولة الإمارات، تعطينا مؤشرات واضحة على منابع أخرى للنجاح الذي حقَّقته هذه الدولة الشقيقة على مختلف الصعد. فمن البدايات التي اتسمت بجهود فردية الطابع على الأغلب قبل قيام الاتحاد، إلى بناء المؤسسات، وانتشار التعليم، وتأسيس الجامعات، ومراكز البحوث والدراسات، وتشجيع الإبداع والإنتاج الفكري، في ظل اهتمام مباشر ومتابعة ورعاية من قيادات الدولة للتنمية الثقافية، وكذلك التشبيك والتعاون عربياً وعالمياً، والاضطلاع بأعباء مسؤولية الإسهام في ارتقاء الثقافة العربية المعاصرة بأشكال مختلفة من الدعم والمؤازرة التي نرى للإمارات اليوم دوراً قيادياً فيها على الساحة الثقافية في الوطن العربي، وفي العالم بما يخدم ثقافتنا وتراثنا العربي والإسلامي.
إنَّ خير من يتحدث عن هذا الجانب سعادة الأخ السفير بلال البدور، أحد أبرز مثقفي الإمارات ومفكريها، بما له من خبرات واسعة ومتعددة في الحقل الثقافي، فضلاً عن الحقل الدبلوماسي وعن العمل التطوعي والاجتماعي، واختصاصه في التأريخ للحركة الثقافية في الإمارات، من خلال مجموعة من الدراسات التي سبق أن أصدرها عن هذه الحركة متناولاً بداياتها قبل الاتحاد، والجذور التاريخية للعلاقات الثقافية بين الإمارات ودولة الكويت، إضافة إلى دراساته وتحقيقاته عن عدد من أدباء وشعراء الدولة، وأبرزها (موسوعة شعراء الإمارات) الصادرة عام 2014.