تستضيف مدينة أنطاليا التركية قمة العشرين اليوم. تحت ظروف دولية مضطربة وتحديات إقليمية ودولية متعددة تنذر بعودة الحرب الباردة والتي ادت الى توتر العلاقات الدولية في القرن العشرين بتبنيها سياسة الأحلاف والمعسكرات والصراعات الأيديولوجية.
ونحن هنا في شرقنا العربي تتمدد الأزمات الخانقة المكبلة لحرية لشعوبنا الصابرة والمعرضة للتهجير والقتل نتيجة إثارة النزعات العرقية والطائفية مما عرض دولاً عربية عديدة للتفكك والدمار من قبل الإرهاب المتطرف المتصاعد غير الشرعي المرتبط بالطائفية والأطماع الإقليمية والدولية.
وكل هذا يحدث بهدف السيطرة على مكامن ثروات هذه المنطقة الغنية بالطاقة المؤثرة على اقتصادات العالم.
ويشارك خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان نصره الله في هذه القمة الهامة على رأس وفد سعودي عالي المستوى يضم الوزراء المعنيين بالسياسة والاقتصاد وخبراء متخصصين في ألاقتصاد العالمي.
وأعرب الرئيس أردوغان بصفة بلاده تركيا الدولة المضيفة لقمة العشرين عن تفاؤله بشأن اجتماعات هذه القمة المميزة بقوله: «إن الضيوف المشاركين في هذه القمة سيجدون قمة مختلفة للغاية عن سابقاتها سواء من حيث التنظيم في مستوى السكن أو تحضير أجندة اللقاءات وسيجدون قمة لن يستطيعوا نسيانها في أنطاليا».
وبيّن أردوغان أن قمة العشرين تعد منتدى عالميا يجمع اللاعبين الاقتصاديين العالميين الاساسيين فضلاً عن توفيرها إمكانية مناقشة موضوعات مختلفة مثل ملف التغير المناخي وأيضاً الإرهاب الدولي.
وهذه القمة دعي أليها خمس وثلاثون دولة من ضمنها الأعضاء العشرون فضلاً على منظمات دولية وسوف تتولى الصين الرئاسة الدورية للقمة بعد تركيا.
وهناك ست مجموعات فرعية منبثقة عن مجموعة العشرين مثل مجموعة سيدات الأعمال وشباب العشرين ورجال الأعمال ومجموعة الأمن الغذائي علاوة على المنظمات الدولية ذات العلاقة بقضايا السياسة والاقتصاد.
ومن المنظور العربي والذي تحمل ملفه للقمة المملكة العربية السعودية وعلى رأس القضايا المنتظر مناقشتها قضية الحرب في سوريا الشقيقة والتي عانى شعبنا العربي السوري فيها صنوف التسلط والقهر على يد الدكتاتور الصغير الأسد الذي قصف شعبه بكل أسلحة الانتقام والحقد الطائفي بمساندة وتأييد روسي أيراني.
ولقد بلغ عدد القتلى والمهجرين من سوريا أكثر من خمسة ملايين نسمة مبعثرين بين أوربا وتركيا وبعض الدول العربية. كذلك يتوقع مناقشة الوضع المضطرب في منطقتنا العربية نتيجة التحريض والتدخل الإيراني السافر في الشئون الداخلية لدول الجوار العربي وجعلها ساحة للصراع الإقليمي والدولي على حساب مصالحنا الاقتصادية وأمننا القومي وان مايحدث في العراق وسوريا واليمن وخليجنا العربي لمثال حي للأحقاد الفارسية وأطماعها التوسعية على حساب الجغرافية العربية.
وينتظر أن تتبنى قمة أنطاليا مبادرة سلمية لإحلال السلام والاستقرار في سوريا تستند إلى حق الشعب السوري في تقرير مصيره عبر إجراء انتخابات حرة ونزيهة لتحقيق العدالة والحرية لهذا الشعب المشرد والعودة الآمنة لأرض وطنه سوريا الموحدة بدون الأسد.
وتقوم المملكة العربية السعودية بدور هام ومؤثر في صنع القرار الاقتصادي العالمي لما تتمتع به من وضع اقتصادي رصين ومستقر وما حققته من مستويات عالية في النمو الاقتصادي الأمر الذي يؤهلها لهذا الدور الايجابي في صنع القرار الاقتصادي لقمة العشرين.
إن دور المملكة بارز في صياغة النظام المصرفي والمالي العالمي ب عبر ما تقدمه من التوصيات الايجابية لصندوق النقد الدولي و من حيث دعمها للصندوق ودول العالم للوصول إلى نشاطا اقتصادي يخدم بلادها وشعوبها في آسيا وأفريقيا ولهذا تحظى بالتقدير من قبل أعضاء مجموعة العشرين لما تمثله المملكة من ثقل واضح في أسواق الطاقة وسعيها الدائم إلى استقرار أسعارها لما يخدم الاقتصاد العالمي .وأيضاً لما تملكه السعودية من إحتياطات ضخمة تؤهلها لتحريك عجلة الاستثمار والنمو العالمي معتمدة بذلك على نظام مالي ومصرفي قوي ومتوازن.
وتشهد مدينة انطاليا استعدادات أمنية مكثفة للمحافظة على أمن وسلامة الوفود المشاركة بهذه القمة المميزة. وصرح والي أنطاليا السيد مهمر توركر أنه تم تكليف اثنى عشر ألف عنصر أمني وبجاهزية عالية للمحافظة على الأمن والنظام في المدينة بدءا من المطار من خلال نصب كاميرات مراقبة على الطرق المؤدية لمنطقة الفنادق المستضيفة للوفود المشاركة في هذه القمة الهامة وإعلان حظر الطيران في المنطقة أثناء إنعقاد جلسات المؤتمر وعدم السماح بالمسيرات والتجمعات في منطقة انعقاد القمة ووضع خطط أمنية إستباقية لمواجهة كل الظروف غير العادية المتوقعة أمنياً وصحياً أثناء فترة قمة العشرين.
وأعلنت إدارة الصحافة والإعلام التركية أنها منحت أكثر من ألفي بطاقة صحفية للمشاركين في تغطية أخبار المؤتمر من وكالات أنباء وقنوات تلفزيونية وصحافيين أتراك وعالميين وأعدت لهم قاعات مجهزة فنياً لتسهيل أعمال النقل الإعلامي لفعاليات قمة العشرين.
إن أنظار العالم تتجه نحو مدينة أنطاليا المنتجع التركي الجميل المطل على البحر الأبيض المتوسط وسط البحيرة الساخنة المليئة بالأزمات الإقليمية والدولية بأمل أن جمال هذه المدينة وهدوءها واعتدال مناخها سوف يكون له تأثير إيجابي ما على قرارات قمة العشرين من أجل عودة السلام والأمن والرفاه لشعوب شرقنا العربي.
*عضو ملتقى الحوار العربي- التركي،
عضو منتدى الفكر العربي
http://www.akhbar-alkhaleej.com/13750/article_touch/52865.html