الختاميّ للندوة التي عقدها في عمّان بالتعاون مع جامعة البترا، وبرعاية سمو الأمير الحسن بن طلال، يوم الثلاثاء 27/3/2012، حول مشروع "الميثاق الاجتماعيّ العربي"، وبمشاركة عدد من الشخصيات الفكريّة العربية وممثي منظمات المجتمع المدني.
وقد هَدفت الندوة إلى صياغة ميثاق عربي يعكس تطلعات الأمة العربية إلى حياة ديمقراطية عادلة، يتحقق فيها الأمن والكرامة والاستقرار، وهو ما أكده المشاركون في الندوة من ضرورة أن يسعى الميثاق في صياغته إلى بلورة الطموحات والتطلعات العربية التي عبرت عنها الحراكات الشعبية وطالبت به الجماهير، من أجل بناء التكافل والتضامن الاجتماعي على قيم الكفاءة والنزاهة والحكمانية.
وفيما يأتي نصّ البيان:
عُقِدَت في مقر منتدى الفكر العربي، بالتعاون ما بين المنتدى وجامعة البترا، يوم الثلاثاء الموافق 27/3/2012 ندوة حوارية حول مشروع "الميثاق الإجتماعي العربي"، برعاية كريمة من صاحب السمو الملكي الأمير الحسن بن طلال، رئيس المنتدى وراعيه، ومشاركة عدد من الشخصيات الفكريّة العربية وممثلي منظمات المجتمع المدني. وقد هدف الاجتماع إلى صياغة ميثاق اجتماعي عربي، يعكس تطلعات الأمة العربية في حياة ديمقراطية عادلة حرة، يتمتع فيها مواطنوها بالأمن والكرامة والاستقرار. وتوطئة لهذا الأمر، فقد قام عضو المنتدى الدكتور عبد الحسين شعبان بإعداد دراسة بعنوان "أفكار في مشروع الميثاق الاجتماعي العربي: مسودة أولى مطروحة للنقاش".
استُهِلَّ الاجتماع بكلمة من صاحب السمو رئيس المنتدى وراعيه، أكد فيها أن الجهاد الأكبر في هذه المرحلة الدقيقة من حياة الأمة العربية يقتضي التفكير في الحاكمية بكل أبعادها، وأن مكونات الدولة أو السلطة أو النظام لا يكتمل معناها إلا إذا فُعِّل الفضاء العام لخدمة الصالح العام. ودعا سموه إلى تبنّي رؤية عربية نهضوية مشتركة، وإلى تفعيل كلٍّ من العقل والضمير. وهذه مسؤولية لا يستطيع أحد التحرُّر منها، لأن أسوأ أنواع التحرُّر هو التحرُّر من المسؤولية.
وأشار سموّه إلى الجهود العربية لإنشاء منظومة اقتصادية، التي انتهت الى الفشل بعد أربعة عقود من المحاولات. وقد أدى هذا الوضع إلى فتح الباب على مصراعيه لكي يستلب الآخرون أفكارنا وتراثنا وأموالنا، ويحرمونا من بناء اقتصاداتنا ومجتمعاتنا ودعا سموّه إلى ربط الاقتصاد والاجتماع بالضلع الثالث المكمل لهما وهو المجتمع المدني.
وكان الأمين العام للمنتدى الدّكتور الصادق الفقيه قد بيّن الجهود التي سبقت عقد هذه الندوة الحوارية؛ مقدّمًا الشكر لسموّ رئيس المنتدى على رعايته لها، ومقدراً الجهود التي بُذِلَت في إعداد الأوراق، ومساهمة جامعة البترا مع المنتدى في العمل على عقد الندوة.
وقدّم الدّكتور عبد الحسين شعبان، عضو المنتدى، ملخصاً لورقته استعرض فيه الإتجاهات نحو الديمقراطية في كثير من مناطق العالم بدءًا من أوروبا، مرورًا بأوروبا الشرقية، أمريكا اللاتينية، وصولاً إلى الحراك الشعبي العربيّ مؤخرًا. وقال إن الوطن العربي بدا الآن كأنه يمضي على هذه الحالة. وأوضح أهمية الميثاق الاجتماعي المقترح بعناصره الأربعة الأساسية: (الحرية؛ العدالة؛ المساواة؛ المشاركة)، وضرورة تجسيدها في ممارسات تنصّ عليها الدساتير والقوانين. كما أكد أن الحراك الشعبي في الوطن العربي قد استعاد السياسة بعدما اعتُقِدَ أنها باتت حكرًا على النخب، ما سيجعل الحِراك محفزًا لتغيير الواقع واستعادة المشروع النهضويّ. وأشار إلى أن التنوع الثقافي واللغوي والديني وتعدُّد الهويّات الفرعية هي من أُسس التعامل المطلوبة للوصول إلى الميثاق الاجتماعي.
واستعرض بعد ذلك حقائق التغيير وقيم الميثاق الاجتماعي، مركِّزًا على أن التغيير قد انطلق ولن يعود إلى الوراء، وأن القيم المناسبة للتغيير موضوعيًا وذاتيًا متاحة، وأن مشاركة المرأة، وقيادة الشباب، وانكسار حاجز الخوف، وامكانية التغيير السلمي وغيرها، هي السمات الرئيسية لبنود التغيير ضمن بيئة أصبحت مُحفِّزة له. وقال إن للتغير سمات لا بد أن تتحقق، مُحددًا أربعة عشر سمة من أبرزها: التدرُّج والتراكم، وأصالة الحراك الشعبي، وعروبة هذا الحراك، وتشابه ردود الفعل الرسمي على الحراك الذي استمر سلميًا، وغيرها من السمات التي قد تتفاوت بين بلد وآخر.
انطلق النقاش في الندوة بعد ذلك على مدار جلستين، كانت الأولى بعنوان "الشرعيّة وعلاقة الحاكم بالمحكوم: الحراك الشعبي والميثاق الإجتماعي"، برئاسة الدكتور عبد العزيز حجازي/ مصر، والثانية بعنوان " التغيير والتضامن الإجتماعي والأمن الإنساني: الميثاق والتنوع الإجتماعي" برئاسة الدكتورة وضحى السويدي/ قطر. وقد خلص المجتمعون إلى التوافق على ضرورة إعداد مشروع ميثاق إجتماعي عربي، يسعى في صياغته إلى بلورة الطموحات والتطلعات العربية كما عكستها الحِراكات الشعبية التي شهدها الوطن العربي. وأكد المشاركون ضرورة أن تعكس بنود الميثاق في أهدافها ولغتها ما كانت تطالب به الجماهير في حراكاتها.
وقَبِلَ المشاركون فكرة وجود تفاوت بين الأقطار العربية، مع وجود تشعُّب في المواقفَ والأساليب بين الأحزاب والتكتلات الشبابية وغيرها داخل القطر الواحد، لكنهم أكدوا في الوقت نفسه أن الوطن العربي بحراكاته الشعبية أبرز ما فيه من الجوامع المشتركة، والسعي من أجل الوصول إلى بلدان عربية تتمتع بالأمن الشامل، وتضمن الحرية والمساواة والكرامة لمواطنيها، في ظل نظام ديمقراطي تعددي يأخذ بعين الاعتبار حقوق جميع المواطنين، ويُعنى بالكفاءة بدل العصبية، والنزاهة والحكمانية، ويدعو الى بناء التكافل والتضامن الإجتماعي. وفي ظل هذه الجوامع تصبح الفوارق، مع الاعتراف بوجودها، غير مانعة للوصول الى مشروع ميثاق إجتماعي عربي متفق عليه.
طلب المجتمعون بأن يقوم مقرّر الندوة / المنسق العام لمشروع الميثاق الاجتماعي العربي، د. جواد العناني، بالتعاون مع الدكتور عبد الحسين شعبان، بتطوير مسودّة الميثاق الإجتماعي العربي وعرضها على أعضاء المنتدى لمناقشتها وأخذ ملاحظاتهم وأفكارهم حولها، ومن بعد يُصار إلى عقد ندوة بمشاركة مئة شخصية عربية تجتمع في لقاء لمناقشة المشروع وتبنيه وتعميمه على نطاق إعلامي واسع، بما في ذلك عبر الوسائل الالكترونية، إضافة الى القنوات الإعلامية والمواقع الإلكترونية، والمراكز الفكرية والثقافية والحزبية، وسائر مؤسسات المجتمع المدني في الوطن العربيّ، وذلك لتحفيز التفكير حول مضمونه، والدعوة الى إجراء المزيد من البحوث والندوات والمؤتمرات لتعميق محتواه وخلق المناخ المحفّز لترجمة بنوده ضمن الدساتير والقوانين المعمول بها في الدول العربية، وبالتالي تصبح قابلة للممارسة بصورة معترف بها.
صدر في عمّان يوم الأحد الموافق 1/4/2012.