قال أستاذ علم الاجتماع في الجامعة الأمريكية ببيروت الدكتور ساري حنفي إن الانتاج العلمي في المنطقة العربية قائم على الفردية وهناك غياب واضح للجماعة العلمية على الرغم من أنها غنية بالجامعات.
وأضاف في محاضرة القاها مساء اليوم الأثنين في منتدى الفكر العربي بعنوان "البحث العربي ومجتمع المعرفة..رؤية نقدية جديدة" بالتعاون مع الأسكوا "اللجنة الاجتماعية والاقتصادية لغرب آسيا" وأدارها أمين عام المنتدى الدكتور محمد أبو حمور، أن الجامعات من واجبها أن تقوم برتق مشكلة الشرذمة في العمل العلمي لافتاً إلى أن الباحث يجب أن يكون له علاقة بالمراكز البحثية.
ودعا حنفي إلى أن يكون للباحث علاقة مع المراكز البحثية لدورها في بناء قدرات الباحثين مؤكداً على ضرورة وجود تعاون مشترك بين الباحثين من ذوي التخصصات المتماثلة.
وعرض نماذج بحثية ونتاجات علمية لباحثين في عدد من الدول العربية في مختلف المجالات وعقد مقارنات فيما بينها.
وانتقد حنفي عدم وجود جمعية في الأردن تعنى بعلم الاجتماع نظراً لما تؤديه من دور في خدمة العمل الاجتماعي.
وقال إن الحوافز في المنطقة العربية لا تعطى لفرد تعمل بجهد مشترك وإنما تعطى بشكل فردي.
وأكد عدم وجود مشكلة كبيرة في الإنتاج العلمي العربي مشيراً إلى ضرورة أن يكون البحث مبنياً على حس مهني.
ورأى أن البحث له دورة كاملة لا تنتهي بالنشر الأكاديمي مبيناً أهمية أن يكون له نشاطات تتعلق بالتنظيم المهني لأي تخصص.
من جانبه قال الدكتور أبوحمور إن التعاون بين المنتدى والاسكوا ينسجم مع رسالته وأهدافه في اللقاءات الفكرية والمؤتمرات والإصدارات والتنسيق مع مراكز البحث والمعاهد والجامعات العربية والدولية.
وأضاف أن إشكاليات البحث العلمي في الوطن العربي تعكس عمق الأزمة الحضارية والمعرفية التي تعوق إمكانات التقدم على الصعيد الاقتصادي والمجتمعي وتمكين مجتمعاتنا من دخول عصر المعرفة.
وأشار أبو حمور إلى أن الاقتصادات الحديثة هي اقتصادات معرفية تعتمد ثلاثية العلم والتكنولوجيا والإبداع مؤكداً أهمية استشراف متطلبات تطوير التعليم وثقافة الانتاج ورعاية الإبداع وزيادة الانفاق على البحث والتطوير التكنولوجي والإبداع .
بسم الله الرحمن الرحيم
اللقاء الفكري: "البحث العربي ومجتمع المعرفة: رؤية نقدية جديدة"
(منتدى الفكر العربي، عمّان، 9/11/2015)
كلمـــــة
معالي الدكتور محمد أبو حمور
الأمين العام لمنتدى الفكر العربي
الأخوات والإخوة الحضور الكرام
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
يسعدني في هذه الأُمسية الطيبة أن أرحبَ بكم في لقاءٍ جديدٍ من لقاءتنا الفكرية في رحاب منتدى الفكر العربي، وباسمكم أرحبُ بِضيفِنا ومحاضرنا: سعادة الدكتور ساري حنفي، أستاذ علم الاجتماع في الجامعة الأمريكية ببيروت. كما يسعدني أن يكون هذا اللقاء بالتعاون مع مركز الإسكوا للتكنولوجيا، وهو يأتي ضمن تعاون ممتد بين منتدى الفكر العربي والإسكوا (اللجنة الاجتماعية والاقتصادية لغربي آسيا) ومراكزها، وضمن هذا النشاط المكثف الذي خططنا له أن يكون منسجماً مع رسالة المنتدى وأهدافه، سواء في اللقاءات الفكرية أو الندوات والمؤتمرات أو الإصدارات من الكتب ومجلة المنتدى الثقافية، وكذلك اتفاقيات التعاون والتنسيق مع العديد من مراكز البحث والجامعات والمؤسسات والمعاهد العلمية العربية والأجنبية والدولية.
لقد زادَ عدد اللقاءات التي نفذناها هذا العام على خمسة وعشرين (25) لقاءًا، عدا الأنشطة والمشاركات الخارجية للمنتدى في الوطن العربي وأماكن أُخرى من العالم، وآخرها "المنتدى الثاني عشر لتعاون كوريا والشرق الأوسط" (25-26/10/2015)، الذي نظمناه في سيؤل/ كوريا الجنوبية، بالتعاون مع الجمعية الكورية العربية، ومعهد جيجو للسلام، وبرعاية وزارة خارجية جمهورية كوريا.
وهذا غيض من فيض لتراكم جهود هذا المنتدى وإسهاماته عبر أربعة وثلاثين عاماً في الحياة الفكرية العربية، والنشاط الدولي من خلال شبكة علاقاته الواسعة، وبتوجيهات من رئيسه وراعيه صاحب السمو الملكي الأمير الحسن بن طلال – حفظه الله ورعاه - ، مما جعل هذا المنتدى يتقدم في مراتب تصنيف مراكز البحث، محلياً وعربياً وإقليمياً.
أما موضوع هذا اللقاء (البحث العربي ومجتمع المعرفة: رؤية نقدية جديدة)، فهو من الموضوعات التي نحتاج في بلورة رؤى الإصلاح والمستقبل والتقدم في مختلف المجالات أن نبحثها بحثاً مستفيضاً، ذلك أن إشكاليات البحث العلمي في الوطن العربي تعكس عمق الأزمة الحضارية، والمعرفية التي تعوق إمكانات التقدم على الصعيد الاقتصادي والمجتمعي، وتمكين مجتمعاتنا من دخول عصر المعرفة.
فالاقتصادات الحديثة بلا شك هي اقتصادات معرفية Knowledge Economies تعتمد ثلاثية العلم والتكنولوجيا والإبداع. ومن هنا، وفي إطار حديثنا عن مجتمع المعرفة، فنحن نستشرفُ متطلبات تطوير التعليم، وثقافة الإنتاج، ورعاية الإبداع، والأهم جَسر الفجوة بين الأكاديميا والقطاعات الاقتصادية الاجتماعية، وتوجيه البحث العلمي نحو الابتكار وإبداع الحلول لمشكلات هذه القطاعات وتطورها، أي التوجيه نحو التفكير العملي القائم على العلم وإمكانات توطين التكنولوجيا واستثمارها، وبالتالي عدم الانغماس في البحوث النظرية محدودة الأهمية والفائدة، وزيادة الإنفاق على البحث والتطوير التكنولوجي والإبداع ليحقق في بلداننا العربية ما نسبته 2% من الناتج المحلي الإجمالي مع حلول عام 2030. وهذا ما أكده "الميثاق الاقتصادي العربي"، الذي أعلنه منتدى الفكر العربي في آب الماضي.
ومن المؤكد أن الدكتور ساري حنفي سيزيد في إضاءة هذه الجوانب وغيرها مما يتعلق بموضوع اللقاء وعبر النتائج التي توصل إليها من خلال كتابه الجديد، الذي ألفه بنفس العنوان (البحث العربي ومجتمع المعرفة: رؤية نقدية جديدة) بالاشتراك مع ريغاس أرفاننيتس.
أدع الحديث إليه، فليتفضل مشكوراً، وأرحب بكم مرة أخرى، وأشكر حضوركم ومشاركتكم.