EN | AR
في سوق الكساد السياسي
الأحد, أكتوبر 25, 2015
الأستاذ عبد الله بشارة
 
سجلت، في الأسبوع الماضي، بعض المسارات التي مازالت تعطل تقدم الكويت في التنمية السياسية، ويشترك الجيمع في مسؤولية الجمود السياسي التنموي، أهل المسؤوليات وأهل المحاسبات وجماعة المنظمات وأصحاب الهيئات، وكتاب الصفحات، الكل يتحرك بالرضا في الموجود والقناعة في الانجاز، لكن هذا الجمود ليس من صفات الدنيا التي لا تعرف الجمود، وتتحرك بزخم ديناميكي وتحاسب من تخاذل عن المشاركة في الحراك المستقبلي.
هذا واقع ما يسمى الربيع العربي الذي أسقط مدارس التجمد والاسترخاء لدى العرب، وعند استعراض أحداث الكويت القريبة، نرصد ضيق الرأي العام الكويتي من الطرح القديم السائد قبل الغزو وبروز اصطفافات سياسية جاءت من صدمة الغزو جماهيريا وبرلمانيا دفعت إلى تشكيل كتل نيابية غير مسبوقة وبطرح يخلط الجرأة بالغضب، ويتجاوز بنود الدستور، ويستعجل التنفيذ، وأبرزها كتلة العمل الشعبي، التي تأسست عام 2001، وكان النائب مسلم البراك ناطقا باسمها ومحور تحركها والنائب أحمد السعدون مخزن أفكارها، وضمت النائب عدنان عبدالصمد، لتصبح جامعة للاصطفاف الكويتي، فضلا عن تجمعات أخرى خارج البرلمان لعبت دورا في التغذية الجماهيرية للتحرك التنموي، خصوصا قطاع الشباب الذي تآلف مع نداءات التكتل الشعبي المثيرة، والكتلة الأخرى التي كبرت عضلاتها هي تجمع الاسلام السياسي (حدس) التي سعت الى التنسيق مع التكتل الشعبي في إطار معارضيّ قوي.
برز كل من التكتل الشعبي وتجمع الاسلام السياسي في انتخابات فبراير 2012، مستفيدين من الاتهامات الموجهة للحكومة في إهدار المال العام والتحويلات وتسويق هذه الاتهامات في عملية الانتخابات مع نقد لاذع ضد نواب برلمان 2009.
وكان المناخ الداخلي مهيئا للتفاعل مع خطوات سياسية تنموية تنسجم مع روح الدستور وبنوده، لكن الآمال تبخرت لأن القوة الفاعلة في البرلمان اندفعت في ثلاثة مسارات اختل بسببها توازن الكويت وانحسر اعتدالها المعروف.
الأول – الاندفاع الحاد في الاستجوابات وما خلفه من اضطراب في أداء الحكومة، والافراط في اللجوء إلى مفردات غير مألوفة في الأجواء السياسية المحلية التي سادها القلق والتوتر من تصاعد الصدام وفقدان الثقة.
والثاني – الطرح الاسلامي المستعجل في أسلمة القوانين والاصرار على ادخال مفردات إضافية على نصوص الدستور بلا قبول شعبي لها.
والثالث – المطالبة بالحكومة المنتخبة التي يترأسها عضو منتخب، وتبنت كتلة الشعبي ومجموعة الاخوان هذه السابقة التي تمس جوهر الدستور.
كان الرأي العام واعيا لخطورة مثل هذا المقترح الذي يفتح ممرات الفوضى والاضطراب ويسحب الكويت إلى ساحة المجهول ويزيل الكوابح الدستورية المحافظة على الوئام السياسي والاجتماعي المانعة لانقسامات المجتمع.
جاء التعثر لارتفاع الطلبات وغلاظة التعبيرات واستعجال الخطوات وضعف التفاعلات معها.
وبسبب هذا الاندفاع البعيد عن النهج المعتاد، خسرت الكويت النوافذ التي كانت منفتحة للتطوير السياسي والاجتماعي المتماثل مع الدستور. 
وكانت المنتديات مملوءة بالتفاؤل المستقبلي حاملة أفكاراً متطورة من ضمنها تعيين شخصية كويتية كنائب أول لرئيس الوزراء، وأخرى عن الاسراع في تفعيل الادارة وبما يوفر للقيادة الوقت للتركيز على القضايا الاستراتيجية الامنية خاصة دبلوماسية الاستقرار والاطمئنان.
ضاعت تلك الفرصة التي رافقت قرار المحكمة بالغاء مجلس 2012، وعودة مجلس 2009، ثم رفضت المعارضة المشاركة في انتخابات ديسمبر 2012، بسبب نظام الدوائر الجديد. 
لم تحسن المعارضة حسن القراءة لواقع تلك الفترة، وأهدرت فرصة تاريخية للتطوير، وتلاشت فتحة واعدة للانطلاق.
exported: 
نعم
Printer Friendly and PDF
تصميم وتطوير شركة الشعاع الازرق لحلول البرمجيات جميع الحقوق محفوظة ©