لم تشهد مواسم الحج أنواعاً من الإجرام التخريبي وزهق أرواح ضيوف الرحمن في مكة المكرمة قبل ما يسمى ثورة الخميني في نهاية السبعينيات بل كانت محصورة بمحاولات تهريب مخدرات وعمليات نشل وسرقة أثناء تأدية مشاعر الحج في الطواف والسعي وداخل المخيمات المنتشرة في منى.. وكانت هذه الحوادث محدودة ومسيطرا عليها من قبل رجال الأمن والمباحث المشرفة على راحة وخدمة أفواج الحجاج والمنتشرة بأعداد كافية لبسط الأمن والأمان تنفيذاً للخطط المطبقة ميدانياً من لجنة الحج العليا برئاسة وزير الداخلية ومشاركة كبار المسؤولين في الوزارات المعنية من خارجية ودفاع والحج والصحة وقيادة أمن الحج مع مشاركة فعالة من هيئات الطوافة وشركات نقل الحجاج. وتقدم حكومة المملكة العربية السعودية ميزانية ضخمة تخصص بنودها لصحة وأمن وراحة ضيوف الرحمن لتأدية شعائرهم بسهولة ويسر بالغين، إلا أن المخالفات والتهور الذي كان يمارسه الحجاج الإيرانيون يعكر دوماً صفو مواسم الحج ويحوله إلى تظاهرات سياسية توزع فيها صور المرشد العام وإطلاق هتافات وشعارات سياسية بعيدة كل البعد عن روحانية شعائر الحج حتى بلغت ذروتها حين تم تلطيخ موسم حج عام 1987م بالدم لمحاولة بعض الحجاج الإيرانيين اقتحام الحرم المكي بالقوة مسلحين بالسكاكين والسيوف، وسقط عدد كبير من الحجاج الأبرياء، وجرح عدد كبير من رجال الأمن السعودي الذين استطاعوا وقف هذا الهجوم الفوضوي على حرمة بيت الله الحرام بعون من الله سبحانه، وكان احتجاج دولة إيران بمقاطعة الحج ثمانية أعوام ومنع حجاجها من تأدية فريضة الحج بأمر المرشد العام الخميني، وخيرًا فعل؛ لتمتع حجاج العالم الإسلامي بتأدية شعائرهم بأمن وأمان، وقدمت لهم الحكومة السعودية الخدمات المميزة، وهو واجب مشرف أخذته على عاتقها لراحة وأمن ضيوف الرحمن، وقد حظي هذا الاهتمام الواجب على حكومتنا الرشيدة بالشكر والتقدير من كل حجاج العالم الإسلامي إلا المخالفين من هيئات الحج الإيرانية. ومع عودة البعثة الإيرانية تجددت الحوادث الإجرامية في موسم الحج وشكلت التحضيرات التي تخطط لها أجهزة الأمن حيزاً كبيراً من جهودهم لمنع المندسين في صفوف الحجاج من أتباع الحرس الثوري و«حزب الله» لإثارة أعمال الشغب والعنف بين أفواج الحجاج بإثارة الفوضى وإطلاق هتافات وشعارات غريبة ومخالفة لشعائر الحج وفرضها على ضيوف الرحمن والمرفوضة من قبلهم لبعدها عن روحانية شعيرة الحج ومخالفة للثوابت الإسلامية.
الملف الإجرامي الملطخ بالدم للبعثات الرسمية الإيرانية وعملائهم من حجاج بعض دول الجوار العربي، هذا الملف مليء بالحوادث المخطط لها في طهران وساحة تنفيذها المشاعر المقدسة في مكة المكرمة ولا ننسى كارثة المعيصم التي نفذها «حزب الله» الإيراني وأداته من بعض إخوتنا المضللين من حجاج الكويت -للأسف- وراح ضحية هذه الجريمة الإيرانية أكثر من ألفي شهيد من حجاج بيت الله الحرام.. وأني أوجه أصبع الاتهام إلى البعثة الإيرانية لعلاقتها بجريمة التدافع الذي حصل في منى لهذا الموسم والذي راح ضحيته أكثر من سبعمائة حاج شهيد من حجاج العالم الإسلامي، بحسب شهود العيان على تمرد الحجاج الإيرانيين على التعليمات وإصرارهم على التنقل في مشاعر منى بالناقلات وسيرهم بمخالفة عكسية عن خط حركة الحجاج والاتجاه بتجمعات كبيرة وبسرعة نحو التصادم مع أفواج الحجاج المتجهين إلى رمي الجمرات، واستطاع بعضهم الهرب من سيل أفواج الحجاج وسقط بعضهم تحت أقدام الحجاج نتيجة الفوضى التي تسببوا فيها.. وحدد مسؤولو الحملات الإيرانية أن مجموعات كبيرة من الحجاج الإيرانيين رفضوا خط السير المعد لهم من المشرفين عليهم وانطلقوا بتظاهرة كبيرة تخللها شعارات استفزازية بعيدة عن مشاعر الحج وروحانيته وخالفوا سير الأفواج النازلة من الحجاج مما تسبب في التصادم والتدافع المريع. وتشكل التهديدات التي أعلنها بعض العملاء من الحوثيين مؤشراً يحرك بوصلة الجريمة نحو إيران وعملائها في محيط المشاعر المقدسة.. إن ملف التجاوزات الإيرانية تجاوز حدود الصبر عليها، ولا بدَّ من إيجاد خطط وأدوات وحتى إجراءات تنظم تأدية الحجاج الإيرانيين حجهم، لأن وجودهم أصبح مقلقا لحجاج العالم الإسلامي وسلطات الأمن المشرفة على راحة ضيوف الرحمن، فهؤلاء ليسوا حجاجاً جاؤوا لأداء ركن واجب، بل مجموعة إجرامية، متقصدين تعكير موسم الحج والإخلال بأمن المشاعر المقدسة من دون مسؤولية أو إدراك لعظم جرائمهم بسقوط الضحايا الأبرياء من ضيوف الرحمن وإطلاق شعارات سياسية منفرة مع التلبية لغير الله سبحانه. إني أناشد كل مراكز ودور الإفتاء الإسلامية لإعلان فتواهم المنطلقة من ثوابت الدين الإسلامي الحنيف لمنع الترويع والفوضى اللذين يتعرض لهما ضيوف الرحمن في كل موسم من مثل هذا الحاج السياسي التخريبي!
بسم الله الرحمن الرحيم: «يدعو من دون الله ما لا يضره وما لا ينفعه ذلك هو الضلال البعيد» صدق الله العظيم.