د.المسافر:أفضل المراكز الفكرية في عمل الدراسات العلمية هي التي تتمتع بالعقلانية والواقعية وذات الانحياز الأقل لفكر معين
د.ملكاوي: تفعيل مؤسسات الفكر العربي على أساس الدور المنوط بها يعد أمراً مهماً ونحن نشهد مرور عام على الحرب
د.حسين: ضرورة العمل على بناء دولة مدنية وتعزيز حرية التعبير عن الرأي لبناء ثقافة السلام ونبذ الحروب
د.كاظم: أهمية العمل على توحيد المنتديات العربية والمراكز الفكرية وإعطائها حرية التفكير والتعبير لبناء فكر عربي جديد
د.عبد الشافي: الدور الأساسي للمؤسسات الفكرية هو رصد ودراسة وتحليل الوقائع وما يجري من متغيرات على الساحة العربية والدولية
د.حروش: وجود الطابع الإيديولوجي وقصور الدراسات الاستشرافية من أهم التحديات التي تواجه المراكز البحثية والباحثين
عمّان - عقد منتدى الفكر العربي بالتعاون مع المعهد العالمي للتجديد العربي ومقره مدريد، لقاءً حوارياً ووجاهياً عبر تقنية الاتصال المرئي، حاضر فيه أستاذ الاقتصاد الدولي وعضو الهيئة التأسيسية للمعهد العالمي للتجديد العربي الدكتور محمود خالد المسافر حول"دور المؤسسة الفكرية العربية في تحليل أثر التداعيات الإقليمية والعالمية على المنطقة العربية في ضوء الحرب الروسية – الأوكرانية"، وشارك بالمداخلات، في هذا اللقاء الذي أداره أستاذ العلوم السياسية والاستراتيجية في جامعة نايف العربية للعلوم الأمنية سابقاً وعضو المنتدى الدكتور عصام ملكاوي، كل من: السفير الأسبق ومدير المعهد العراقي للدراسات الاستراتيجية الدكتورغازي فيصل حسين من العراق، والدكتور داود حسن كاظم من وحدة الدراسات العلمية في المعهد العالمي للتجديد العربي، وأستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية الدكتور عصام عبد الشافي من مصر، ومديرة مركز المتوسط للدراسات الاستراتيجية الدكتورة لامية حروش من الجزائر، وحضر اللقاء نخبة من أعضاء المؤسستين وعدد من الباحثين والمهتمين.
أوضَح المُحاضِر د.محمود خالد المسافر أن المؤسسات الفكرية في الوطن العربي تعاني من انحياز واضح في طريقة تحليلها للأحداث الإقليمية والدولية بشكل عام، وفي تحليلها الاقتصادي للصراعات الاقليمية والدولية بشكل خاص، وأن هذا الانحياز يُضعف كثيراً من قدرتها على الوصول إلى الحقائق والمعلومات حول الصراعات والنزاعات وتقديم نتائج علمية دقيقة ووافية.
وأضاف د.المسافر أن أفضل المراكز البحثية والفكرية في عمل الدراسات العلمية الرصينة هي التي تتمتع بالعقلانية والواقعية، وذات الانحياز الأقل لفكر معين أو مدرسة معينة، وتُشرك في دراستها التحليلية باحثين يمثلون مدارس وأفكاراً مختلفة ومتنوعة.
وناقش المتداخلون في اللقاء دور المؤسسة الفكرية العربية في الدراسات الاستراتيجية واستشراف المستقبل، وتحليل أثر تداعيات الحروب الإقليمية والعالمية على المنطقة العربية، مؤكدين أهمية العمل على تجديد الفكر العربي، وإعطاء المؤسسات العربية والمفكرين الحرية والمساحة الكافية لدراسة مختلف القضايا وتحليلها وتقديم التوصيات لصناع القرار، والعمل على توحيد المنتديات والمؤسسات الثقافية العربية، والتخلص من الأيديولوجيات داخلها.
التفاصيل:
أوضَح المُحاضِر د.محمود خالد المسافر أن المؤسسات الفكرية في دول العالم المختلفة لا تزال تعاني إلى اليوم من انحيازٍ واضح في طريقة تحليلها للأحداث الإقليمية والدولية بشكل عام، وفي تحليلها الاقتصادي للصراعات الإقليمية والدولية وما ينبثق عنه بشكل خاص، وإن التحليلات المستخدمة في الأبحاث بعمومها تنقسم بحسب المنهجية التي يتبعها المحلل الاقتصادي، والمنهج الفكري الذي ينتمي إليه.
وأضاف د.المسافر: هناك نوعان من المفكرين الاقتصاديين، الأول ينتمي إلى الفكر الاقتصادي الحر أو كما يعرف "بالفكر الرأسمالي"، الذي يتبع في منهجه الفكري الفكر الليبرالي وبؤرته في الغرب وقاعدته الاقتصادية الأضخم في الولايات المتحدة الأمريكية، والثاني يتبع المدرسة الفكرية الاشتراكية وينقسم إلى أتباع المدرسة الاشتراكية الماركسية، وأتباع المدرسة الشيوعية وبؤرتيهما الشرق الأوروبي وأقصى آسيا حيث الصين.
وأشار د.المسافر إلى أن الانحياز الفكري يُضعف كثيراً من قدرة المحلل الاقتصادي على الوصول إلى الحقائق المؤدية إلى فهم الصراعات والنزاعات الإقليمية والدولية، وذلك أن الأرقام والمؤشرات لوحدها دون إجراء المقاربات والمقارنات ومحاولة تفسيرها غير قادرة على إظهار الحقيقة، مؤكداً أهمية استخدام المنهج البحثي الصحيح الذي تتطلبه الحالة الدراسية للخروج باستنتاجات تمتاز بانحياز أقل وواقعية أكثر، وموضحاً بأن أفضل المراكز البحثية والفكرية في عمل الدراسات العلمية الرصينة هي التي تمتاز بالعقلانية والواقعية، وانحيازٍ أقل لفكر معين أو مدرسة معينة، وتُشرك في دراساتها التحليلية باحثين يمثلون مدارس وأفكاراً مختلفة.
وتناول د.المسافر عيوب التحليل الاقتصادي في مسألة النزاع الروسي ــــ الأوكراني في مراكز الدراسات الفكرية، موضحاً طبيعة الانحياز في التحليلات الاقتصادية المرافقة للنزاع، وذلك بحسب البيئة الحاضنة للمحلل أو المفكر الاقتصادي، وأن هناك تحليلات تهتم بالقضايا الشخصية وتهمل الموضوع والمحرك والمسبب الأساسي للصراع، كما أشار إلى وجود تحليلات تعتمد على الأرقام والمؤشرات من غير محاولة تفسيرها وإجراء المقارنات والمقاربات اللازمة لها، الأمر الذي يسفر عن نتائج ومعلومات غير دقيقة.
وقال د.عصام ملكاوي: إن تفعيل مؤسسات الفكر العربي على أساس الدور المنوط بها يعد أمراً مهماً لتحديد عناصر القوة ومواطن الضعف في بيئات العمل المختلفة من أجل تحليل الواقع واستشراف المستقبل، وتقديم رؤى مستقبلية ترصد منهجياً حركة التحولات المختلفة والتنبؤ بها على الأصعدة المحلية والإقليمية والدولية كافة، مما يعد دوراً أساسياً في هذا المجال، خاصة ونحن نشهد مرور عام على الحرب الروسية – الأوكرانية.
وتناول د.غازي فيصل حسين دور مؤسسات الفكر في تجديد الوعي العربي، ومواجهة التحديات المعاصرة، مشيراً إلى عدد من التيارات الفكرية العربية التي تبلورت منذ نهاية القرن التاسع عشر وخلال القرن العشرين، وكان لها دورها في حماية السيادة الوطنية والعمل العربي المشترك، مؤكداً ضرورة العمل على بناء دولة مدنية تحترم جميع الأديان والمذاهب والقوميات والأعراق، وتعزز حقوق الإنسان والديمقراطية وحرية التعبير عن الرأي عبر الحوار والتسامح، وذلك لبناء ثقافة السلام ونبذ الحروب.
وأكد د.داود حسن كاظم أهمية العمل على تجديد الفكر العربي والنهوض بدور المفكرين العرب ليكونوا الأساس في تنوير صناع القرار في المنطقة، وذلك من خلال استشراف المستقبل ووضع خطط واستراتيجيات وتوصيات تتيح للأمة العربية أن تصبح سباقة في اتخاذ القرارات التي تحد من الآثار المترتبة على الصراعات والحروب، مشيراً إلى أهمية توحيد المنتديات العربية والمراكز الفكرية وإعطائها حرية التفكير والتعبير والمكانة التي تتمتع بها المراكز في الدول الغربية من أجل بناء فكر عربي جديد.
وأضاف د.عصام عبد الشافي أن الدور الأساسي للمؤسسات الفكرية هو رصد ودراسة وتحليل الوقائع وما يجري من متغيرات على الساحة العربية والدولية، وتقديم عدد من الحلول لهذه المتغيرات والتحديات ونشر الوعي إزاء بعض القضايا، ورفع نتائج الأوراق البحثية إلى صانعي القرار ومتابعتها، مشيراً إلى تجربة "أكاديمية العلاقات الدولية" في اسطنبول ودورها في بناء القدرات وتعزيز الخبرات وإعداد أوراق تقدير المواقف تجاه ما يجري من تحديات وأزمات وتداعيات نتيجة الحروب والأزمات المختلفة، مشيراً إلى ضرورة الاستفادة من تنوع وتعدد المنتديات الثقافية في الوطن العربي من خلال توزيع الأدوار البحثية في مختلف القضايا عليها.
وأشارت د.لامية حروش إلى التحديات التي تواجه المراكز البحثية والباحثين في الوطن العربي، مؤكدةً أن من أهم هذه التحديات وجود الطابع الإيديولوجي في المراكز الأمر الذي أدى إلى تسييسها وإبعادها عن الهدف الأساسي لها، وعدم وجود خطوط اتصال واضحة بين أصحاب القرار والمفكرين العرب، وضعف التنسيق العلمي والعملي بين المراكز البحثية في الدول العربية، وقصور الدراسات الاستشرافية التي تقوم على منهجية واضحة، وعدم تطبيق نتائج الدراسات على أرض الواقع.
يمكن متابعة التسجيل الكامل لوقائع هذا اللقاء بالصوت والصورة من خلال الموقع الإلكتروني لمنتدى الفكر العربي www.atf.org.jo وقناة المنتدى على منصة YouTube.