الحدي: الديمقراطية التوافقية الدستورية ھي اشراك التنظيمات السیاسیة والقوى الوطنية المستقلة كافة في عمليات صنع القرار
د.أبو حمّور: صعوبة اتخاذ القرارات والتدخل الخارجي في شؤون الدولة الداخلية من أهم إشكاليات تطبيق الديمقراطية التوافقية
حباشنة: أهمية العمل على تشكيل أحزاب وطنية مستقلة لا تحمل صبغة دينية أو طائفية وتكون ممثلة لمكونات المجتمع كافة
شوكات: مستقبل الديمقراطية التوافقية في المنطقة العربية يقوم على قدرة النخب على الاعتراف بالهويات جميعها
د.عامر: مفاهيم الديمقراطية في المنطقة العربية ما تزال بحاجة إلى الكثير من العمل لنشرها والوعي بأهميتها
د.الخولاني: الدول العربية تختلف عن الدول الأجنبية وما يمكن تطبيقه فيها ليس بالضرورة أن ينجح في الدول العربية
عمّان – عقد منتدى الفكر العربي لقاءً حوارياً وجاهياً وعبر تقنية الاتصال المرئي، حاضر فيه عضو المجلس الاستشاري اليمني وعضو المنتدى الأستاذ عبد الحميد سيف الحدي حول "الديمقراطية التوافقية طريق التسوية السياسية الدائمة في الوطن العربي". وشارك بالمداخلات في اللقاء الذي أداره الوزير الأردني الأسبق وأمين عام المنتدى د.محمد أبو حمّور، كل من الوزير الأسبق وعضو المنتدى المهندس سمير حباشنة، والوزير التونسي الأسبق ورئيس المعهد العربي للديمقراطية السيد خالد شوكات، والأستاذ في المدرسة الوطنية العليا للعلوم السياسية بالجزائر د.ميلود حاج عامر، ورئيس ائتلاف القوى الديمقراطية للسلام والوئام في اليمن د.علي حسن الخولاني، وحضر اللقاء عدد من الأكاديميين والباحثين.
بَيّنَ المُحاضِر الأستاذ عبد الحميد سيف الحدي أن مفهوم الديمقراطية التوافقية الدستورية يعني إشراك التنظيمات السیاسیة والقوى الوطنية المستقلة كافة في السلطة ضمن الأغلبية البرلمانية (السلطة التشريعية)، وذلك من خلال الممارسات الديمقراطية على المستوى المحلي البرلماني.
وأشار الأستاذ عبد الحميد سيف الحدي إلى أن الديمقراطية التوافقية الدستورية تهدف في توجهاتها إلى تعميق مفهوم الفصل بین السلطات الثلاث (التشريعية - والتنفيذية - والقضائية)، وإصلاح القضاء وجعله مستقلاً لكونه الضمانة الحقيقية لاحترام حقوق الإنسان وحریاته، واحترام الرأي والرأي الآخر.
ناقش المتداخلون مفهوم الديمقراطية التوافقية وإمكانية تطبيقها في بعض الدول العربية، مشيرين في ذلك إلى تجربة كل من اليمن والعراق ولبنان وتونس، والإشكاليات والتحديات التي تواجهها، والآثار المترتبة على تطبيقها، مؤكدين أهمية العمل على تعزيز مفهومها والتوعية بها لكونها مختلفة عن مفهوم الديمقراطية السائد الآن، وأشار المتداخلون إلى ضرورة إشراك المكونات المجتمعية كافة في عمليات اتخاذ القرار، وتعميق الفصل بين السلطات الثلاث، وتثبيت التعددية السياسية على الأساس الوطني الشامل للحفاظ على الوحدة الوطنية.
التفاصيل:
أوضحَ المُحاضِر الأستاذ عبد الحميد سيف الحدي أن مفهوم الديمقراطية التوافقية الدستورية يعني إشراك التنظيمات السیاسیة والقوى الوطنية المستقلة كافة في السلطة ضمن الأغلبية البرلمانية (السلطة التشريعية)، وذلك من خلال الممارسات الديمقراطية على المستوى المحلي والبرلماني، مما ينعكس على مفهوم الوحدة الوطنية بين مختلف القوى السیاسیة والوطنیة والاجتماعية ضمن تعزيز حرية المشاركة المجتمعية.
وأضاف الأستاذ الحدي أن الديمقراطية التوافقية وسيلة من وسائل الائتلاف الوطني التي تشكل القاعدة الدستورية والقانونية، وأن تطبيقها يعزز قيم العدالة المساواة، والعدل الاجتماعي ويؤكد حقوق الإنسان، ويحقق الاستقرار السياسي والأمني للمجتمع، مبيناً بأن مفهومها يترسخ من خلال حرية المواطن في الاختيار والمشاركة في المسؤولية السیاسیة عبر الانتخابات البرلمانية والمحلية كممارسة ديمقراطية مباشرة في انتخاب من يمثله في مجالس الأقاليم أو المحافظات، وكذلك في البرلمان.
وأشار الأستاذ الحدي إلى أن الديمقراطية التوافقية الدستورية تهدف في توجهاتها إلى تعميق مفهوم الفصل بین السلطات الثلاث (التشريعية - والتنفيذية - والقضائية)، وتؤكد مبدأ الرقابة على السلطة التنفیذیة في سیاساتھا المالية والنقدية والاقتصادية والاجتماعية والسياسات الداخلية والخارجية معاً، وإلى إصلاح القضاء، وبناء الأجهزة الأمنية والقوات المسلحة على أسس وطنية راسخة وقوية.
وبَيّنَ الأستاذ الحدي أنه لتحقيق مبدأ الديمقراطية التوافقية في المنطقة العربية ينبغي تثبيت التعددية السیاسیة وقيام التنظيمات السیاسیة والتنظيمات الحزبية على أساس وطني شامل، وتعزيز إمكانيات وكفاءات أبناء الأمة ومفكريها ومبدعيها وقادتها، وتأصيل مفهوم النظام الجديد لبناء الوطن، وإعطاء التعليم العام والجامعي رعاية خاصة، والاهتمام بوسائل البحث العلمي والتعليم الحديث، لكونه یمثل الأولوية القصوى للتنمية والقاعدة الأساسية لبناء الإنسان والمجتمع.
وفي كلمته التقديمية قال د.محمد أبو حمّور: إن تطبيق مفهوم الديمقراطية التوافقية في المنطقة العربية ما زال يعاني العديد من الإشكاليات، منها صعوبة اتخاذ القرارات، وإتاحة بعض الفرص للتدخل الخارجي أحياناً، مما يؤدي إلى المزيد من التشرذم والانقسام داخل الدولة الواحدة، وأن حق النقض الممنوح ضمنها يعيق اتخاذ القرارات بطريقة سريعة مما يؤدي إلى الجمود وتعطيل القرارات في بعض الحالات.
وأشار د.أبو حمّور إلى أن تجربة الديمقراطية التوافقية نشأت في الدول الغربية مثل هولندا وبلجيكا وسويسرا، ومن ثم انتقلت إلى بعض الدول العربية، ومنها العراق ولبنان، وتطورت من أجل محاولة التقارب والتوافق بين مختلف الجماعات سواء الإثنية أو العرقية والدينية في المجتمعات، والتي غالباً ما كانت تتسم بضعف الانسجام والتناسق فيما بين هذه التعدديات، إلا أن هذه المجتمعات ما تزال تعاني إلى اليوم من عدد من التحديات والصعوبات.
وأوضح المهندس سمير حباشنة أهمية العمل على تشكيل أحزاب وطنية مستقلة لا تحمل أي صبغة دينية أو طائفية وتكون ممثلة وجامعة لمكونات المجتمع كافة، والنظر إلى المنطقة العربية نظرة شمولية واحدة بعيداً عن اتفاقية سايكس – بيكو، والعمل على تعديل قانون الانتخابات والأحزاب، وفصل المؤسسة والقطاع العسكري عن الشؤون السياسية في الدولة.
وتحدث السيد خالد شوكات عن الدولة المدنية ودورها في ترسيخ مبدأ الديمقراطية التوافقية، موضحاً بأن فشل تطبيق مبدأ الديمقراطية التوافقية يرجع إلى إحلال ثقافة المغالبة مكان ثقافة التوافق والاعتراف بجميع بمكونات المجتمع والأمة، مبيناً أن مستقبل التوافقية في المنطقة العربية يقوم على قدرة النخب وصناع القرار على صياغة التوافقات والقبول والاعتراف بالهويات جميعها من أجل تطوير هوية وطنية واحدة وجامعة.
وبَيّنَ د.ميلود حاج عامر مفهوم الديمقراطية في الفكر العربي السياسي، والعلاقة بين الديمقراطية والديمقراطية التوافقية في بناء الدول العربية، مؤكداً بأن مفاهيم الديمقراطية في المنطقة العربية ما تزال بحاجة إلى الكثير من العمل لنشرها والوعي بأهميتها، وأن المجتمعات العربية تحتاج إلى شخصيات سياسية لديها خبرة واسعة ومعرفة حقيقية بالعلوم السياسية للوصول إلى حكومات شرعية تؤدي دورها بالشكل المطلوب تجاه المجتمع.
وتناول د.علي حسن الخولاني التجربة اليمنية في تطبيق الديمقراطية التوافقية، مؤكداً بأن الدول العربية بعمومها تختلف عن الدول الأجنبية، وأن ما يمكن تطبيقه فيها ليس بالضرورة أن ينجح في الدول العربية، ذلك أن تطبيق الديمقراطية التوافقية في اليمن يمكن أن يعزز الانقسام والإنهيار والتوجهات الطائفية والمذهبية داخل الدولة، ويؤدي إلى تعثر الانتخابات، مؤكداً بأن التفاهم بين السياسيين في الدولة يمكن أن يكون له الأثر الأكبر في تحقيق الاستقرار والتوافقية فيها.
هذا وجرى نقاش موسع بين المتحدثين الرئيسيين والحضور حول القضايا التي طُرحت.
يمكن متابعة التسجيل الكامل لوقائع هذا اللقاء بالصوت والصورة من خلال الموقع الإلكتروني لمنتدى الفكر العربي www.atf.org.jo وقناة المنتدى على منصة YouTube.