في لقاء لمنتدى الفكر العربي أكاديميون وخبراء عرب يناقشون
تاريخ صناعة وإدارة الإرهاب ومستقبله
د. ملكاوي:الإرهاب يدار بشكل مدروس وبطريقة غير مباشرة للسيطرة والهيمنة على العالم
د. أبو حمّور: حوالي نصف النشاط الإرهابي يتكدس في الشرق الأوسط ونسبة الضحايا مرتفعة
د. غنيم:الإعلام والتعليم يبنيان الشخصية والفكر ودورهما مهم في نشر التوعية بمخاطر الإرهاب
د. الكردي: فهم الجانب النفسي والاجتماعي للإرهابي يساعد في معرفة ما يفكر به ونواياه
د. الصياد: ظاهرة الإرهاب كادت أن تختفي لولا أحداث الحادي عشر من سبتمبر
د. المهدي: ضرورة العمل على دراسة مستقبل الإرهاب وتحديد صنّاعه وداعميه
عمّان - عقد منتدى الفكر العربي، يوم الأربعاء 13/10/2021 لقاءً حوارياً عبر تقنية الاتصال المرئي، حاضر فيه أستاذ الدراسات السياسية والاستراتيجية في جامعة نايف العربية للعلوم الأمنية في الرياض سابقاً د.عصام ملكاوي حول "صناعة وإدارة الإرهاب: التاريخ والمستقبل"، وشارك بالمداخلات في هذا اللقاء الذي أداره الوزير الأسبق والأمين العام للمنتدى د.محمد أبو حمَّور، وزير التربية والتعليم الأسبق وأستاذ المناهج وطرق التدريس وتكنولوجيا التعليم في جامعة قناة السويس في مصر د. إبراهيم أحمد غنيم، وعضو الهيئة العلمية وعميد كلية علوم الجريمة في جامعة نايف العربية للعلوم الأمنية في السعودية د.خالد إبراهيم الكردي، وأستاذ منهجيات البحث والإحصاء والقياس والتقويم وتحليل النظم وحزم البرامج الإحصائية للحاسوب في جامعة قناة السويس بمصر د. عبد العاطي الصياد، وأستاذ علوم ودراسات استشراف المستقبل في جامعة السودان للعلوم والتكنولوجيا د.مالك المهدي، وحضر اللقاء أستاذ العلوم الاجتماعية بجامعة طرابلس في ليبيا د. نصر الدين بوغمجة.
أوضح المحاضر د. عصام ملكاوي أن الإرهاب ليس وليد هذا العصر أو أحد اكتشافاته، بل إنه مصاحب لمراحل الحياة البشرية كافة على الأرض ، وهو نتيجة عوامل عدة سواء أكانت فردية أم جماعية، وأشار إلى أن الإرهاب سلوك إجرامي مرفوض بكافة ظواهره وما يصحبه من بشاعة الفعل ورد الفعل.
ودعا د. عصام ملكاوي إلى ضرورة فهم العوامل الداخلية والخارجية ومدى تأثيرها في المساعدة في نشر ثقافة التشدد والانفتاح، وتهيئة أدوات ومساحات الاصطدام بينهما، وبيّن أن الإرهاب يدار بشكل مدروس وبطريقة غير مباشرة للسيطرة والهيمنة على العالم.
ناقش المتداخلون أهمية تحديد وتوحيد المصطلحات والمفاهيم المتعلقة بالإرهاب والتنظيمات الإرهابية، والتفريق بينه وبين مفهوم المقاومة المشروعة للشعوب، وضرورة العمل على دراسات تتعلق بالإرهاب تتضمن أرقاماً وإحصاءات دقيقة، والعمل على نشر التوعية بمخاطر الإرهاب في الخطاب الديني والتعليمي لمواجهته والحد من آثاره على الشباب والمجتمع.
كما أوضحوا أن ظاهرة الإرهاب وما يتصل بها من أكبر التحديات التي تهدد التماسك الاجتماعي والهوية الحضارية في العالم ككل، وأن تأثيرها يمكن أن يزداد خلال السنوات المقبلة، وأن خسائر الدول العربية والإسلامية جراء ذلك سترتفع سواء في الجوانب المادية أوالمعنوية.
التفاصيل:
أوضح د. عصام ملكاوي أن تناول قضية الإرهاب يحتاج إلى الإمساك بمفاتيح المفاهيم والمصطلحات، باعتبارها المدخل الطبيعي لمعالجة الظواهر الاجتماعية والسياسية بطريقة سليمة، ويعاني الإرهاب من عدم وجود تعريف أو حتى فهم له متفق عليه بشكل عالمي شامل أو شبه شامل، إلا أن مفهومه المميز هو استخدام العنف وإحداث الإيذاء لتحقيق الهدف مادياً أو معنوياً، وعليه يجب التمييز بين العنف والتطرف والتصلب والإرهاب، وبيان التناقض بين المتنازعين فيما يعتبره البعض إرهاباً ويعتبره الآخر مقاومة وكفاحاً مسلحاً.
وبيّن د. ملكاوي أن للإرهاب أسباباً عدة منها ما هو مباشر مثل الأسباب الاقتصادية، والسياسية، والإجتماعية، وسياسات الهيمنة الأجنبية والإرهاب الأميركي-الإسرائيلي، ومنها ما هو غير مباشر مثل التعصب للجماعة أو الطائفة، والفراغ الفكري والفهم الخاطئ للدين، والتأثير السلبي لبعض وسائل الإعلام، بالإضافة إلى بعض الاستراتيجيات لتوظيف الإرهاب خدمة لمصالح أجندات معينة، وتشويه صورة الإسلام والمسلمين واستغلال الإنحراف الفكري والتطرف الديني، وذكر عدداً من الأسباب النفسية التي تؤدي إلى الدخول في التنظيمات الإرهابية، مثل الدوافع التدميرية المتأصلة، وتضخم الأنا العليا، والإحباط في تحقيق الأهداف والرغبات.
وأشار د. ملكاوي إلى أن التغيرات التي شهدها النظام الدولي منذ معاهدة وستفاليا عام 1648 وحتى انتهاء الحرب الباردة عام 1989م شكلت علامة فارقة في مكونات النظام الإرهابي والقوى الدولية وغير الدولية الفاعلة فيه، وساهمت في ظهوره بشكله الحالي بالاعتماد على عدة عوامل منها استناد التنظيمات الإرهابية في فكرها وحركتها على بُعد عقائدي متطرف، جعل أحداث الحادي عشر من سبتمبر 2001 حدثاً فاصلاً في مجريات النظام الدولي الراهن، حيث أصبح انتشار الحركات الإرهابية شكلاً من أشكال الصراع المسلح على الساحة الدولية.
وقال د. ملكاوي: إن الإرهاب يُدار بشكل مدروس وبطريقة غير مباشرة للسيطرة والهيمنة على العالم، ويأتي استخدامه لعدة منافع منها تأديب الدول الخارجة عن السيطرة وإعادتها للنظام العالمي، وتغيير الأنظمة القائمة بأنظمة موالية، وإقامة القواعد العسكرية للسيطرة الدائمة، وزيادة الأرباح من بيع السلاح والوقود والدواء، والسيطرة على موارد الدول. وبيّن أن تأثير الإرهاب على الاستقرار والأمن الدولي سيكون له نتائج خطيرة في المستقبل منها تزايد تأثير التنظيمات الإرهابية الدولية على حقل السياسة والعلاقات الدولية، وتراجع دور سلطة الدولة التقليدي باعتبارها الفاعل المركزي أو القوة الرئيسية في النظام العالمي، واكتساب التنظيمات الإرهابية مزيداً من القوة والتوسع في تأثيرها ونفوذها الدوليين.
وبدوره قال د.محمد أبو حمّور: إن ظاهرة الإرهاب وما يتصل بها من ظواهر التطرف والتعصب والانغلاق من أكبر التحديات التي واجهتنا في العالم العربي والإسلامي، وعلى المستوى الدولي، لكن خسائرنا كانت أكثر من غيرنا على هذا الجانب بشقيه المادي والمعنوي؛ فمعنوياً أصبح العرب والمسلمون ضحايا لتنميط صورة الإسلام وإلصاق التهم بهم وتحميلهم مسؤولية هذا الفكر المرفوض في الدين الإسلامي أصلاً كما في سائر الديانات السماوية والعقائد الروحية. ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد من النظر إلى الإسلام نظرة دونيّة غير منصفة، وعلى أنه كتلة أحادية منعزلة وجامدة وعدوانية لا تستجيب للتغير والتطوير، وأنه لا صلات وروابط وقيم حضارية تجمع الإسلام والحضارة الإسلامية مع غيرها من الحضارات والثقافات الإنسانية، مما يتناقض منطقياً مع الواقع الحضاري الإسلامي.
وأشار د. أبو حمّور إلى ما أورده تقرير لـ BBC من أن مجموع سكان الشرق الأوسط يشكل 5% من مجموع سكان العالم، وأنهما تسجلان نسبة 45% من النشاط الإرهابي، ويتكدس بهما 45% من العدد الإجمالي للاجئين، وبين أن نسبة 68% من وفيات العالم العربي ترتبط بالصراعات والحروب الأهلية والاقليمية، وأن الدول العربية شبه عاجزة عن تلبية مطالب سكانها من فئة الشباب والذي يتجاوز عددهم 100 مليون نسمة، ويهددهم الفقر والبطالة والتهميش ويدفع بهم إلى أحضان الفكر المتشدد.
وبيّن د. إبراهيم أحمد غنيم أن ظاهرة الإرهاب نشأت في العالم الغربي قبل مئات السنين، وأكد ضرورة الفصل بين مصطلحات الإرهاب والتطرف، والعمل على تحرير الدين من مفهوم التطرف، والعمل على تفعيل دور الإعلام والتعليم في نشر التوعية ومخاطر الإرهاب لأنهما من يبنيان الشخصية والفكر للأجيال العربية القادمة.
وبيّن د. خالد إبراهيم الكردي أن للإرهاب جوانب عدة أهمها الجانب النفسي، ومن هنا ينبغي معرفة هذا الجانب وتفسيره، ومعرفة السمات الشخصية للإرهابيين وهل أن جميعهم لديهم نفس السمات؛ لأننا إذا عرفناها فإننا سنستطيع التنبؤ بما يفكرون وما هي الأفعال التي ستصدر عنهم، كما أكد ضرورة معرفة آلية تجنيد الأفراد في التنظيمات الإرهابية من خلال استخدام العوامل النفسية، وكيف يتم التواصل معهم.
وأشار د. عبد العاطي الصياد إلى أن ظاهرة الإرهاب كادت تختفي لولا أحداث الحادي عشر من سبتمبر التي أثارتها من جديد، وأن الهدف الرئيسي للإرهاب هو الاقتصاد لإنهاك الدول وفرض السيطرة عليها، وأكد ضرورة وجود أرقام وإحصاءات تتناول عدد العمليات الإرهابية والإرهابيين عند الحديث عن الإرهاب، وبيّن أنه من خلال عمله على دراسة الحالة النفسية للإرهابين الذين تم صناعتهم وجد أنهم لا يرون أنفسهم يعانون من أي أمراض نفسية، بل يرون أنهم جنود في جيش نظامي، وأشار إلى ضرورة عمل دراسات تتناول الجوانب النفسية والاجتماعية للإرهابيين ووضعها على شكل قواعد بيانات تكون متاحة للباحثين والمختصين لدراستها.
وأوضح د.مالك المهدي أن المستقبل هو التاريخ ومن هنا أهمية البحث في الحاضر واستشراف المستقبل من خلال الدراسات التي تتناول تحديد من يصنع الإرهاب، ومن يقوم بدعمه، وخصوصاً في المناطق العربية والإسلامية، وتوحيد المصطلحات المتعلقة به.
يمكن متابعة التسجيل كامل لوقائع هذا اللقاء بالصوت والصورة من خلال الموقع الإلكتروني لمنتدى الفكر العربي www.atf.org.jo وقناة المنتدى على منصة YouTube.