في لقاء لمنتدى الفكر العربي خبراء ومتخصصون يناقشون
تداعيات جائحة كورونا من منظور الاقتصاد الإسلامي
د. أبو دلو: ضرورة تدخل الدولة والمجتمع وتفعيل دور الاقتصاد الإسلامي للحد من تبعات الوباء وآثاره
د. أبو حمّور:تفعيل جهود الدول لتأصيل مصادر التعامل مع الأزمات والاستناد للفقه والدراسات الإسلامية
د.أبو البصل:تفعيل دور البحث العلمي لمعالجة ندرة الفتاوى المتعلقة بالفقه الاقتصادي الإسلامي
د.حسانين: النظام الإسلامي يحافظ على الأصول الحقيقية في الأموال لمعالجة الأمور المتعلقة بالجوائح
د.ناصر: العمل بالاقتصاد التضامني عن طريق التبرعات والزكاة والأوقاف ضرورة خلال الجوائح
د.أحمد:ضرورة العمل على إيجاد آراء فقهية واضحة في المواضيع المتعلقة بالجوائح
د.الزيدانيين:للمصارف الإسلامية وشركات التأمين دور في الحد من آثار الجائحة اقتصادياً واجتماعياً
د.عباده:للزكاة دور كبير في التخفيف من آثار الأزمات وتخفيف الضغط على موازنة الدولة
د. العتوم: الفكر الإسلامي غني بالأفكار التي تساعد على الخروج من الأزمات الاقتصادية المختلفة
عمّان - عقد منتدى الفكر العربي، يوم الأربعاء 29/9/2021 لقاءً حوارياً عبر تقنية الاتصال المرئي، حاضرت فيه الأكاديمية المتخصصة في دراسات الاقتصاد الإسلامي د. أنوار أبو دلو حول " جائحة كورونا وتداعياتها من منظور الاقتصاد الإسلامي"، وشارك بالمداخلات في هذا اللقاء الذي أداره الوزير الأسبق والأمين العام للمنتدى د. محمد أبو حمّور، وزير الأوقاف الأسبق وأستاذ الاقتصاد الإسلامي والصيرفة الإسلامية د. عبد الناصر أبو البصل، ووزير المالية الأسبق وأستاذ الاقتصاد في جامعة الأزهر والمستشار الاقتصادي لدار الإفتاء المصرية بمصر د. فياض عبد المنعم حسانين، وأستاذ الصيرفة والبنوك الإسلامية بالجزائر د. سليمان ناصر، وأستاذ الاقتصاد الإسلامي في جامعة الاسكندرية بمصر د. عبد الرحمن يسري أحمد، ورئيسة قسم المصارف الإسلامية في الجامعة الأردنية د. هيام الزيدانيين، وأستاذ الاقتصاد والمصارف الإسلامية في جامعة اليرموك د. إبراهيم عباده، وأستاذ الاقتصاد والمصارف الإسلامية في جامعة اليرموك د. عامر العتوم.
أوضحت المُحاضِرة د. أنوار أبو دلو أن انتشار الأمراض في المجتمعات يؤثر سلباً على الاقتصاد، نظراً للتكاليف التي يتحملها جراء تلك الأمراض، ويزداد التأثير السلبي إذا كان المرض عاماً ويشكل حالة وبائية متعددة الانتشار والجوانب، مؤكدة ضرورة دراسة أثر الوباء في تشكيل الأزمة الاقتصادية، وضرورة تدخل الدولة والمجتمع، وتفعيل دور الاقتصاد الإسلامي للحد من تبعاته وآثاره السلبية.
وبينت د. أنوار أبو دلو ضرورة العودة إلى الفقه ومصادره، والنظر في التاريخ الإسلامي، والاستعانة بالنظريات، والبحث والتفصيل في المسائل المتعلقة بالجوائح والأزمات وكيفية التعامل معها لتكون مرجعاً يستفاد منه ويطبق في الوقت الحالي للحد من تأثير الجائحة على المجتمعات العربية والإسلامية.
ناقش المتداخلون أهمية المسؤولية المجتمعية القائمة في تأصيل دور الدول والمجتمعات في الحد من جائحة كورونا، وضرورة تفعيل دور الاقتصاد الإسلامي القائم على التكافل والتضامن، وتأطير النظريات المتعلقة بالكوارث والجوائح من الفقه الإسلامي وتطبيقها في الوقت الحالي.
كما بينوا أثر جائحة كورونا على العالم الإسلامي، وضرورة تفعيل دور الجامعات والبحث العلمي للعمل على تغطية القصور في الجانب المتعلق بدراسات الاقتصاد الإسلامي، وكذلك تفعيل الفقه والفتوى الفقهية الاقتصادية، وذلك نتيجة قلة الأبحاث والدراسات المرتبطه بهذا الجانب.
التفاصيل:
أوضحت د. أنوار أبو دلو أن انتشار الأمراض في المجتمعات يؤثر سلباً على اقتصاداتها، نظراً للتكاليف التي يتحملها الاقتصاد، مبينة أن التأثير السلبي للأمراض يزداد إذا كان المرض عاماً ويشكل حالة وبائية متعددة الانتشار والجوانب، ودعت إلى ضرورة دراسة أثر جائحة كورونا في الأزمة الاقتصادية ودور الاقتصاد الإسلامي في معالجة آثارها.
وأشارت د. أبو دلو إلى أن العودة إلى الفقه والتاريخ الإسلامي يعد أمراً بالغ الأهمية نظراً لتعدد الأنظمة والمبادئ والحلول التي تساهم في معالجة والحد من أثر الجائحة، ومن أهم الأنظمة التي يمكن الرجوع إليها والاستعانة بها أحكام نظرية الظروف الطارئة من أجل إسعاف المتعاقد المتضرر بسبب الجائحة وما يرافقها من إجراءات وتدابير تسببت بانقطاع مصدر رزقه أو تعطيل مصالحه، وتأتي في إطار العقود الزمنية متراخية التنفيذ.
وبينت د. أبو دلو إمكانية اللجوء إلى نظرية الضرورة الشرعية في الحالات التي تضررت جراء الجائحة والتي تنطبق عليها ضوابط الضرورة الخمس الواردة في المقاصد الشرعية، ومن أبرزها ما يتعلق برفع الضرر والمشقة ممثلاً بقاعدة "الضرورات تبيح المحظورات"، وقواعد "الموازنة بين المصالح والمفاسد" مثل دفع الضرر أولى من جلب المصلحة، مؤكدةً ضرورة دراسة كل حالة إنسانية واجتماعية على حدة.
وقالت د. أبو دلو: إن دور نظام التكافل الاجتماعي الإسلامي متعدد القنوات والأشكال وهو يشمل جميع أفراد المجتمع باختلاف حاجاتهم ومنها النفقات الواجبة شرعاً، والنفقات التطوعية من الصدقات العامة، والنفقات الاستثنائية في ظروف الشدة والأزمات مثل الضرائب والاقتطاعات من الأغنياء، إلى جانب الزكاة والوقف.
وبدوره أشار د. محمد أبو حمّور إلى أن الاقتصاد العالمي يسير نحو التعافي بحسب بعض التقارير الدولية ومنها تقرير للبنك الدولي، وذلك بنسب متفاوتة بين الدول نتيجة استمرار تأثير جائحة كورونا على بعض اقتصاديات الدول وخصوصاً النامية منها، مبيناً أن نمو الاقتصاد العالمي سيصل إلى 5.6% هذا العام، إلا أن المستوى الإجمالي للناتج المحلي العالمي سيقل بنسبة 3.2%، مما يعني أن نصيب الفرد من إجمالي الناتج المحلي في كثير من اقتصاديات الدول النامية سيكون أدنى من مستوياته قبل الجائحة لفترة عشرة أعوام على الأقل.
كما أشار د. محمد أبو حمّور إلى أنه في نهاية هذا العام من المتوقع أن يكون نحو 100 مليون شخص قد أدرجوا تحت خط الفقر المدقع، كما بيّن أن جائحة كورونا فاقمت إرتفاع أسعار الغذاء وسارعت من وتيرة التضخم الكلي الذي أدى إلى زيادة عالية في فجوة الأمن الغذائي في البلدان منخفضة الدخل، وأكد ضرورة تفعيل جهود الدول العربية والإسلامية لتأصيل مصادر التعامل مع هذه الأزمات، والاستناد إلى المصادر الفقهية والدراسات الإسلامية في معالجة آثار الجائحة على المستوى الإنساني ككل.
وأشار د. عبد الناصر أبو البصل إلى أن جائحة كورونا أثرت على عدة جوانب مهمة منها الجانب الاقتصادي والجانب الاجتماعي والجانب الفقهي والجانب القانوني، وأظهرت الحاجة إلى معالجة بعض الجوانب، وخصوصاً في الجانب الفقهي فيما يتعلق بموضوع الجوائح وتأثيرها على المجتمع والإنسانية كافة، وندرة الفتاوى الفقهية الاقتصادية، وأكد ضرورة تفعيل دور الجامعات والبحث العلمي في هذا الإطار، وإعادة صياغة نظريات خاصة بالفكر الاقتصادي الإسلامي في مجال الجوائح بالرجوع إلى المصادر الفقهية الإسلامية، وأشاد بمبادرة صاحب السمو الملكي الأمير الحسن بن طلال في إطلاقه لمشروع التضامن والتكافل الإنساني ومؤسسة عالمية للزكاة.
وذكر د. فياض عبد المنعم حسانين أن الاقتصاد الإسلامي يعبر عن جوانب من الإسلام عامة، وأن الفقه الإسلامي يتميز بأن له معالجة خاصة في مسألة الجوائح، وقد تناول العلماء التعريف بالجوائح وتحديد ما هي، وما هي أنواعها، وكيفية معالجتها، إلا أن هذه النظريات ما تزال تحتاج إلى العمل عليها لصياغتها بصورة كاملة، وبين أن النظام الإسلامي قد تميز بأنه يحافظ على الأصول الحقيقية الاقتصادية في الأموال عند معالجة الأمور المتعلقة بالجوائح، وإنه نظام تكافلي في الدرجة الأولى لكون التكافل فيه ناتج عن دعمه للنشاط الإنتاجي العمراني، موضحاً أهمية ما يقدمه الاقتصاد من إحصاءات في بناء النظريات المتعلقة بالاقتصاد الإسلامي.
وبدوره أشار د. سليمان ناصر إلى ضرورة العمل بالاقتصاد التضامني عن طريق التبرعات والزكاة والأوقاف، وفتح تخصصات في الجامعات العربية والإسلامية بما يعرف باقتصاد الأزمات وتشجيع البحوث المتعلقة به، كما أكد ضرورة العمل بتجميد الإيجار بين المستأجر والمؤجر، وعدم المطالبة بزيادة الأرباح، وتدخل الحاكم لضبط الأوضاع داخل المجتمع في ظل وجود الجوائح.
وبيَّن د. عبد الرحمن يسري أحمد أن الفقه الإسلامي المعاصر يحتاج إلى دراسة كثير من الأمور على المستوى الكلي والمستوى العالمي بسبب وجود الكثير من الأزمات الحالية التي تحتاج إلى حلول وإشارات غير مدروسة في الفقه الإسلامي القديم، وأشار إلى ضرورة تفعيل دور الدولة الراعية في حماية الناس والوصول إلى حاجاتهم وخصوصاً في ظل الآثار السلبية التي خلفتها جائحة كورونا، من خلال تخصيص جزء من الميزانيات العامة للوقاية والعلاج وغير ذلك من المشاريع التي تساعد في الوقاية من الجوائح والحد من آثارها، وتفعيل دور منظمات المجتمع المدني داخل الدولة، وضرورة وجود آراء فقهية واضحة من المجمع الفقهي الإسلامي الدولي في المواضيع التي تتعلق بالجوائح وكيفية التعامل معها.
وأشارت د. هيام الزيدانيين إلى أن جائحة كورونا أثرت في الجانبين الاقتصادي والاجتماعي بشكل كبير، وأكدت دور المصارف الإسلامية وشركات التأمين في الحد من هذه الآثار، كما أكدت ضرورة العمل على تقوية الروابط والتكافل الاجتماعي بالاعتماد على السيرة النبوية التي أوردت وعالجت الكثير من القضايا المتعلقة بالجوائح والتكافل الاجتماعي، وقالت: إن تقارير منظمة الصحة العالمية تشير إلى تطور سلالات جديدة مما يشكل خطراً آخراً على المجتمع والإنسانية، لذلك يجب تعزيز البنية التحتية للنظام الصحي، وتطبيق مبادئ الإسلام العظيمة في التعامل مع جوانب الأزمة كافة.
وأوضح د. إبراهيم عباده أهمية الزكاة في الحد من تأثير جائحة كوورنا على المجتمع، مشيراً إلى أن أحكام الزكاة وُجدت بوصفها أساساً لإخراج الناس من ضوائق كثيرة، لذا يجب الاستفادة منها ومن تقنيتها وإدارة أموالها بشكل بناء وإيجابي، مشيراً إلى أهمية مبادرة صاحب السمو الملكي الأمير الحسن بن طلال في مأسسة الزكاة في ظل الظروف التي يعاني منها العالم، وأكد ضرورة إنشاء مشروعات لتشغيل الأيدي العاملة ومستشفيات ومدارس من أموال الزكاة، وأن تقوم الدولة بإدارة ملف الزكاة فيها من خلال ما تملكه من أدوات، وعمل دليل مبسط للزكاة يسهل الرجوع إليه، يتضمن الآراء الفقهية والأمور المتعلقة بالزكاة، مشيراً إلى أن لها دوراً كبيراً في التخفيف من الضغط على موازنة الدولة.
وبدوره أشار د. عامر العتوم إلى أن تاريخ العالم منذ عام 1900 حتى الآن يعاني من أزمات اقتصادية لأسباب متعددة، وأن الفكر الإسلامي والإسلام غني بالأفكار التي تساعد الأمم على الخروج من الأزمات لكنه لم يدرس بشكل دقيق وعميق لمعرفة المعتقدات والضوابط والتوجيهات وتحديداً في الفكر الاقتصادي، وبيَّن أن الإسلام أوجد نظماً اقتصادية شاملة وكاملة وصالحة لكل زمان ومكان تكفل للناس أن يمارسوا جوانب حياتهم كافة بشكل جيد، مشيراً إلى تجربة المصارف الإسلامية والنفقات الواجبة والملزمة والتطوعية التي تدخل تحت باب الزكاة وأثرها في الحد من تداعيات الأزمات التي مرت بها الأمم السابقة.
يمكن متابعة التسجيل كامل لوقائع هذا اللقاء بالصوت والصورة من خلال الموقع الإلكتروني لمنتدى الفكر العربي www.atf.org.jo وقناة المنتدى على منصة YouTube .