EN | AR
محاضرة حول الدور الأميركي في معالجة الصراع الفلسطيني الإسرائيلي
الاثنين, سبتمبر 23, 2019

محاضرة حول الدور الأميركي في معالجة الصراع الفلسطيني – الإسرائيلي

فراعنة: صفقة القرن تقوض الجهود السلمية وتشكل خيبة أمل شديدة بشأن ضمان الاستقرار في المنطقة

فراعنة: المواقف الأردنية اتسمت بالشجاعة في مساندة الشعب الفلسطيني وتأكيد حقوقه المشروعة

أبوحمور: القضية الفلسطينية لا تزال قضية العرب المركزية وحلها لا يتحقق دون سلام عادل وشامل

 

عمّان- ألقى الكاتب الصحافي والمحلل السياسي حماده فراعنة محاضرة في منتدى الفكر العربي، مساء الأحد 22/9/2019، بعنوان "الدور الأميركي في معالجة الصراع الفلسطيني – الإسرائيلي"، متتبعاً تطورات هذا الدور عبر المبادرات الأميركية المتعاقبة، من خلال عرض تاريخي موثق لمرحلة زمنية تمتد نحو اربعة عقود حافلة بالأحداث والتطورات المتلاحقة. وتطرق إلى المواقف الأردنية التي وصفها بالحكيمة والشجاعة في السعي نحو السلام العادل والشامل ومساندة الشعب الفلسطيني والتأكيد على حقوقه المشروعة ودولته المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية، وكذلك الدور الهاشمي في الوصاية والدفاع عن الأماكن المقدسة الإسلامية والمسيحية في القدس.

أدار اللقاء الأمين العام لمنتدى الفكر العربي د. محمد أبوحمور، الذي أوضح في كلمته التقديمية أن القضية الفلسطينية ما تزال قضية العرب المركزية، وقضية الشرق الأوسط، والعالم كله، فالأبعاد السياسية والأمنية والقانونية والحضارية والحقوق الإنسانية للشعب الفلسطيني، وحقه في دولته وتقرير مصيره، فضلاً عن الاستقرار الإقليمي والدولي، كلها أمور لا تتجزأ وينبغي أن تكون في أولوية المعالجات والحلول القائمة على الشمولية واستشراف المستقبل بحكمة، ذلك أن الحلول الآنية أو قصيرة المدى ستنشيء مزيداً من المعاناة الإنسانية والأثمان الغالية على مستوى المنطقة والعالم إذا ما وجد الإرهاب والعنف ذرائع جديدة للانتشار من جديد نتيجة التعامل مع جزئيات لا تؤدي إلى الحل العادل والسلام الشامل.

ومن جهته، أشار حماده فراعنه إلى الخطاب الذي ألقاه الرئيس ريغان في اليوم الأول من أيلول سبتمبر 1982، في أعقاب الاجتياح الإسرائيلي لبيروت وجنوب ووسط لبنان، والذي طرح فيه أول "مبادرة سلام أميركية لشعوب الشرق الأوسط "، وهي أول مبادرة تحمل اسم رئيس اميركي، حيث رسم ريغان ملامح خطته على نحو عام ، وأبرز ما فيها: " إقامة حكم ذاتي كامل للفلسطينيين في الضفة الغربية وقطاع غزة. لا يمكن تحقيق السلام عن طريق إقامة دولة فلسطينية مستقلة في هاتين المنطقتين (أي في الضفة الفلسطينية وقطاع غزة). كما لا يمكن تحقيقه عن طريق ممارسة إسرائيل "المستعمرة" سيادتها أو سيطرتها الكاملة على الضفة الغربية وقطاع غزة.

وأضاف فراعنه أنه في آذار 1991، وفي أعقاب حرب الكويت، ألقى جورج بوش الأب الفائز في انتخابات الرئاسة، خطاباً أمام مجلسي النواب والشيوخ قال فيه: "آن الأوان لإنهاء النزاع في الشرق الأوسط على أساس قراري مجلس الأمن 242 و338، ومبدأ الانسحاب مقابل السلام، الذي ينبغي أن يوفر الأمن والاعتراف بإسرائيل واحترام الحقوق المشروعة للفلسطينيين ". وعلى أرضية هذا الخطاب تحرك وزير الخارجية جيمس بيكر لعقد اول مؤتمر سلام من نوعه بين العرب والإسرائيليين، إلى أن نجحت جهود الوزير الاميركي في عقد مؤتمر مدريد يوم 30/10/1991، بحضور عربي ودولي لا سابق له.

وقال : إنه بخلاف ذلك كله، وعلى أرضية الانتفاضة الشعبية الفلسطينية التي انفجرت في وجه الاحتلال ومؤسساته عام 1987، اضطر إسحق رابين، ولأول مرة، في تاريخ الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، إلى قبول التفاوض مع منظمة التحرير الفلسطينية والاعتراف العلني بالعناوين الثلاثة: 1– الشعب الفلسطيني، 2– منظمة التحرير الفلسطينية، 3– الحقوق السياسية المشروعة للفلسطينيين، وعلى أرضية هذا الإقرار تم التوصل إلى اتفاقية أوسلو والتوقيع عليها في ساحة الورود في البيت الأبيض يوم 13/9/1993، والتي تضمنت المبادئ المتفق عليها.

وأضاف فراعنة: في هذا الاتفاق نافذة لتحقيق غرضين: أولهما فك الحصار المالي والسياسي عن الفلسطينيين، وثانيهما الانتقال إلى فلسطين والعمل من هناك، وهذا ما تحقق بالفعل.

واستطرد قائلاً: إنه جاء بعد ذلك نتنياهو، الذي عطل تنفيذ الخطوات ورفض التجاوب مع الاستحقاقات الفلسطينية المطلوبة، ومن بعده جاء يهود براك الذي رفض استكمال وتنفيذ خطوات المرحلة الانتقالية مشترطاً ربطها بحل قضايا المرحلة النهائية دفعة واحدة، وهي: القدس واللاجئين والمستوطنات والحدود، والدفع باتجاه التوصل إلى الحل الشامل. وقد نجح براك في إقناع الرئيس الأميركي بيل كلينتون في عقد مؤتمر كامب ديفيد في تموز عام 2000، رغم المطالبة الفلسطينية الملحة بضرورة تنفيذ قضايا المرحلة الانتقالية واستكمال الانسحاب الإسرائيلي من باقي مدن وقرى الضفة الفلسطينية قبل عقد المؤتمر.

وأشار فراعنة إلى أن الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات كان يؤكد في كامب ديفيد طوال أيام انعقاد المؤتمر أن مسألة القدس ليست مسألة فلسطينية بحتة، وإنما مسألة عربية إسلامية مسيحية أيضاً، مما دفع كلينتون للاتصال مع عدد من الرؤساء العرب لحث عرفات على التجاوب مع المقترحات الأميركية الإسرائيلية، لكن الزعماء العرب والمسلمين دعموا موقف عرفات حيال قضية القدس.

وأكد فراعنة انه لم يسبق للولايات المتحدة أن كانت سياسة إدارتها واضحة وجلية وإيجابية لصالح الشعب الفلسطيني، كما كانت عليه في مؤتمر أنابوليس الذي التأم برعاية الرئيس جورج بوش الابن، وفق ما عبرت عنه الجهود الحثيثة، التي بذلتها الوزيرة كونداليزا رايس، حيث تم افتتاح المؤتمر بحضور رسمي عربي ودولي واسع، وانعقد مؤتمر انابوليس يوم 27/11/2007، وفي خطابه أمام المؤتمر أعلن الرئيس بوش أن "هدفنا في أنابوليس ليس إبرام اتفاق بل مفاوضات بين الإسرائيليين والفلسطينيين، وأن حصيلة المفاوضات التي يتم إطلاقها، تعتمد على الإسرائيليين والفلسطينيين أنفسهم، ويجب على الإسرائيليين أن يقوموا بدورهم، يجب أن يُبينوا للعالم أنهم مستعدون للبدء بوضع حد للاحتلال الذي بدأ عام 1967، من خلال تسوية سيتم التوصل إليها بالمفاوضات، هذه التسوية ستؤدي إلى قيام فلسطين كوطن للفلسطينيين مثلما أن إسرائيل هي وطن للشعب اليهودي ".

ولكن بعد أن سارت المفاوضات وقطعت أشواطاً محسوبة بين طرفي التفاوض، وقع ما لم يكن متوقعاً، فقد تمت إزاحة رئيس الحكومة الإسرائيلية أولمرت من رئاسة الحكومة وجرت محاكمته وسجنه على خلفية رشاوي كان قد تورط بها خلال رئاسته لبلدية القدس، وهكذا أغلق ملف التفاوض وجرى إلغاء كل ما تم التوصل على نحو صامت. وبعد ذلك تولى نتنياهو رئاسة الحكومة مرة أخرى، ورفض بدء المفاوضات في عهد الرئيس الأميركي أوباما خلال ولايتيه 2009 – 2016، من حيث انتهت بين الرئيس الفلسطيني محمود عباس ورئيس الحكومة السابق أولمرت.

وذكَّر فراعنة بأنه حينما تولى الرئيس الأميركي أوباما ولايته الأولى يوم 20/1/2009، جاء متحمساً مثل أسلافه المتعاقبين على البيت الأبيض، آملاً ان يحظى بشرف إنهاء الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، فقرر تعيين السيناتور جورج ميتشيل، مبعوثاً خاصاً له لرعاية المفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية. وفي كانون الثاني 2010، طرحت الولايات المتحدة ورقة تفاهمات، تراجعت فيها عن هدف إقامة دولة فلسطينية ضمن حدود معترف بها، بل إلى دولة ذات حدود مؤقتة لسنوات، مع رفض الإدارة الأميركية أية شروط فلسطينية لاستئناف المفاوضات والتلويح بعقوبات مالية ضد السلطة الفلسطينية. وانتهت تلك المفاوضات، التي عرفت باسم المفاوضات التقريبية، مع نهاية شهر نيسان 2014، دون نجاح يذكر، تماماً مثلما انتهت ولاية باراك أوباما مع نهاية العام 2016، بعد أن قدم للإسرائيليين مساعدات مالية بقيمة 38 مليار دولار لعشر سنوات تنتهي في عام 2028، الى جانب تقديم طائرات f35 الأكثر تطوراً في العالم ، ولكن إدارة أوباما وجهت قبل رحيلها لطمة سياسية لإدارة نتنياهو من خلال عدم استعمال حق النقض على قرار مجلس الأمن رقم 2334، والذي يؤكد عدم شرعية الاستيطان في الضفة الفلسطينية والقدس.

واختتم فراعنة محاضرته بالقول: هكذا انتهت آخر المساعي الدبلوماسية الأميركية عند هذا الحد لإيجاد حل للقضية الفلسطينية، وأسدل الستار على جهود أميركا الخاصة بملف الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، مخلفة خيبة أمل شديدة في نفوس كل الذين عولوا على قدرة الدولة العظمى في إحداث خرق طال انتظاره في هذه المنطقة التي شهدت خلال الحقبة الطويلة المشار اليها سابقاً سلسلة أخرى من المشكلات والقضايا المتفجرة، كالإرهاب والحرب على الإرهاب، وقضية اللاجئين وتدفقاتهم إلى أوروبا وأميركا وتداعياتها ، مشيراً إلى أن حصار الفلسطينيين مالياً، بما في ذلك السلطة الوطنية والأونروا والمستشفيات، وإغلاق مكتب منظمة التحرير في واشنطن، وبعد ذلك الاعتراف من قبل الإدارة الأميركية بالقدس عاصمة أبدية لإسرائيل، ونقل السفارة الأميركية اليها، وفوق ذلك كله، طرح "صفقة القرن"، التي بدأت تطبيقاتها على الأرض قبل ان يتم الإعلان عن بنودها المشؤومة، كل ذلك سيؤدي إلى تقويض الجهود السلمية وإحباط مساعي إحلال السلام وضمان الاستقرار في المنطقة وعلى المستوى الدولي .

exported: 
نعم
Printer Friendly and PDF
تصميم وتطوير شركة الشعاع الازرق لحلول البرمجيات جميع الحقوق محفوظة ©