مناقشة العلاقة الملتبسة بين الإعلام والسياسة في محاضرة للدكتور صباح ياسين
د. ياسين: قوة الإعلام ومنصات التواصل يمكن أن تساهم في إنقاذ البشرية من الهيمنة والاستبداد
د. ياسين: الاستثمارات المالية في تقنيات الإعلام عالمياً تقترب من حجم الاستثمارات في صناعة السلاح
د. أبوحمور: الإعلام مرتبط بتأثيرات السياسة وهناك حروب وظواهر غذاها الانتشار الإعلامي السريع
د. أبوحمور: ضرورة التوازن بين أرباح صناعة الإعلام والأمن الاجتماعي وحماية القيم والتنمية الثقافية والحريات
عمّان – ألقى السفير الأسبق والأكاديمي والإعلامي العراقي د. صباح ياسين محاضرة في منتدى الفكر العربي، تناول فيها العلاقة القائمة والملتبسة بين السياسة والإعلام، والدور الذي يمكن أن تؤديه ممكنات الإعلام وأساليبه المتنوعة في إطار التوافق أو التعارض في الحياة الإنسانية، وضمن الفضاء التواصلي التشاركي الذي تلتقي فيه المصالح الدولية على صعيد السياسة والثقافة والاقتصاد والمجتمع .
وفي كلمته التقديمية قال الأمين العام للمنتدى والوزير الأسبق د. محمد أبوحمور الذي أدار اللقاء وشارك فيه: لا يمكن فصل الإعلام عن التأثيرات السياسية، وهناك العديد من الحروب والصدامات والظواهر غذاها الإعلام بآلته وانتشاره السريع، ومنها أحداث مهمة في الربيع العربي بتداعياته وأزماته.
وأشار د. أبوحمور إلى أن السياسات في العالم، سواء الخفية أو المعروفة، تستخدم الإعلام لتحقيق أغراضها بالاستفادة من قدرة التكنولوجيا الحديثة على توسيع دائرة الانتشار، وأن الحدث المحلي أصبح مع تطور وسائل التواصل الاجتماعي والفضائيات والاتصال عن بُعد وتدفق المعرفة، حدثاً تتشارك في صنعه مؤثرات داخلية وخارجية، مما أدى إلى تغيّر مجموعة مفاهيم سادت عصوراً طويلة بشان علاقة الفرد بالسلطة، وعلاقة المجتمع بمكوناته، وعلاقة المجموعات بسياسات الدول، والأهم قدرة كل طرف على إحداث التغيير. كما أشار د. أبوحمور إلى دور الاقتصاد والاستثمارات والصناعات في التحكم والضبط بالصناعة الإعلامية؛ مؤكداً ضرورة التوازن بين العوائد الربحية واعتبارات الأمن الاجتماعي وحماية القيم والتنمية الثقافية والحريات .
ومن جهته دعا د. صباح ياسين إلى تعزيز دور الإعلام بشكل إيجابي في الحياة الإنسانية العادلة والتقدم الحضاري، وقال في هذا الصدد : إن مقاربة بين الإيديولوجيا ونظريات السياسة ودور الإعلام بمدارسه وأساليبه المختلفة في بناء العلاقات الإنسانية الراهنة، ينبغي أن تكون في اتجاه ترسيخ السلام وإبعاد شبح الحروب والكوارث، وحماية الحقوق الأساسية للإنسان في حرية التعبير والرأي، والتمكن من العيش بكرامة وأمن.
وأضاف د. ياسين : إن في مقدمة العمل من أجل بناء تواصل إنساني هادف وفعّال، تنمية التواصل الراهن بين الأفراد والجماعات عبر المساحة الواسعة التي يتموضع فيها فعل السياسة ومقاصده، أو في إطار العلاقات الثقافية والمجتمعية، وهو حصيلة فكرية تعتمد على العلاقة بين السلوك السياسي والنزعة التواصلية لدى الإنسان في نطاق التكيف والبقاء والتطور .
وأكد د. ياسين أن الوسيط الاتصالي لم يكن يوماً خارج مؤثرات السياسة، وتعتبر منصات التواصل الحالية من نماذج حركة التفاعل المستمرة بين برامج السياسة وغاياتها، وأيضاً بين الحق الطبيعي والمشروع للإنسان في الحصول على المعرفة الحقة بعيداً عن الغايات المضمرة والمصالح القائمة على المصادرة والهيمنة والتسيّد .
وناقش د. ياسين في هذا الصدد ما يعتبر من وجهة نظر البعض أن وحش السياسة قد تمكن من التهام الإعلام وترويضه على المستوى العالمي، فيما يرى كثيرون في وسائل الإعلام والاتصال قوة شديدة الفاعلية والتأثير في خصوصية الأفراد والمجتمعات، ولها بصمة واضحة في صميم التكوين الثقافي والتوجهات الفكرية والمعرفية.
وقال د. ياسين: إن هذه القوة يمكن أن يكون لها الدور الفاعل في إنقاذ البشرية من شبح الهيمنة والاستبداد وتحقيق الأمن والسعادة في المجتمعات؛ مشيراً إلى أن الدعوات تتصاعد بشكل مكثف من قبل المنظمات الإنسانية وفي مقدمتها المعنية بحقوق الإنسان للحد من الاستخدام السلبي المضلل وغير المحايد لمنصات الإعلام المختلفة، وتأكيد الاعتماد على مواثيق الشرف الإعلامي المهنية، واحترام حق الإنسان في الحصول على الحقيقة كاملة، في الوقت الذي تبرز فيه الحاجة إلى تحييد الإعلام عن النوايا المدعمة بالإمكانيات المالية والبرامجيات الهائلة لفرض عولمة المصادرة وفرض أساليب حياة وثقافات مغايرة على شعوب العالم.
وأوضح أن حجم الاستثمارات المالية في صناعة الإعلام وتقنياته عالمياً، سواء من الحكومات أو القطاع الخاص، يقترب من تلك الموظفة في مجال صناعة السلاح، وما لم توجه هذه الإمكانيات لخدمة الإنسان ، فإنها تصبح مصدراً لتهديد الأمن والسلم الدوليين.