EN | AR
أوجاع الهوية الإنسانية
الثلاثاء, حزيران 30, 2015
عبدالله بشارة

 

لا تنسجم تربة الكويت مع التطرف، ولا تستذوق التكفيريات، ولم تتعود على هضم العسير منها، كانت دائمة ثمرة العطاء الجماعي بأيدي كل الأطياف، لا يرتفع أحد على غيره، لأن الكويت اتزان في السلوك واعتدال في العقيدة وعقلانية في الإيمان، والكويت أعلى من الضغائن، وعندما تقول الأمم المتحدة إن أميرها قائد للإنسانية، تدرك أنه يقود بلداً هويته إنسانية، مبادئه السخاء، فيه نجدة لكل محتاج، ووطن لكل مظلوم. 
ومن الطبيعي أن تستغل الغرائز المتطرفة هذا الدرب المتسامح، وتبني لها مسكناً غير مألوف للتأثير على قيم الكويت، ونشهد مؤشرات التطرف في حدة الإسلام المسيس الذي ينبهر بالمظاهر، بينما اعتدنا في إسلامنا على تكثيف الدعوة لسلوكيات الإسلام وقيمه في النزاهة والعفة والأمانة والرحمة والعبادة، وليس في إطلاق اللحية وتقصير الثوب ولبس النقاب. وإذا ران لنا استخلاص العبر من جريمة مسجد الإمام جعفر الصادق، فلا مفر من إخراج مواد التلقين من مدارس الكويت المشجعة للتكفير والتعالي على أصحاب المذاهب الأخرى، فلا استعلاء في الدين، لا أحد فوق أحد، ولا حصانة لطائفة، فعظمة الإسلام في المساواة، والتفوق من حصة القادرين مهما كانت أطيافهم. 
ويرفض مجتمع الكويت أن يسيء متطرفون إلى كرمه، فتتحول الأموال إلى كتائب القتل لدى داعش. 
ولا نغفل دور الإعلام الذي انساق أحياناً، بحثاً عن مواد ترضي الإسلام السياسي، في تجاوز مزعج لمحتوى القيم والمبادئ التي تعايشت معها الكويت، وجعلت منها واحة سعادة في إقليم مضطرب، واستغرب كيف صارت الغيبيات تستهوي إعلامنا في بحث عن تفسير الأحلام، في زمن يتحدث عن السياحة في عالم النجوم والأقمار، ونضيف بكل أمانة التقدير لرجال الأمن وشطارتهم وحرفيتهم، ولكننا مع المطالبين بالتركيز على الانضباط وتعميق الوعي بضرورات الوقاية خير من العلاج، وتعظيم هيبة جهاز الأمن، والاستفادة من التجارب العالمية في مواجهة الإرهاب، بالتنسيق مع المراكز الدولية، وتعزيز الجهاز الوطني بالكفاءات والربط المباشر مع التحالف العربي والدولي.
حادثة 11 سبتمبر في نيويورك بدّلت عالم أميركا بشكل فظيع، المؤسسات والبشر، غيّرت مفاهيم أرض العسل والهناء ـــ كما يقال ـــ إلى بلد الشك والريبة، أجزم بأن حادثة مسجد الصادق ستدخل تغييرات في بناء المجتمع الكويتي، بتعاظم الغيرة الوطنية وتآكل الفواصل التي أفرزتها السطوة التكفيرية والتطرف الطائفي. 
ومن آلام المأساة سينبعث مجدداً ضوء الكويت المستنير.

عبدالله بشار

exported: 
نعم
Printer Friendly and PDF
تصميم وتطوير شركة الشعاع الازرق لحلول البرمجيات جميع الحقوق محفوظة ©