قال أ.د. محمد عبد العزيز ربيع، أستاذ الاقتصاد السياسي في الجامعات الأميركية وعضو منتدى الفكر العربي: إن التجارب العربية في الديمقراطية ما تزال قاصرة، ولم تحقق شيئاً يذكر من أهدافها المجتمعية؛ معتبراً أن العامل الأهم هو العامل الثقافي الذي يحكم طريقة تفكير الإنسان العربي وقيمه ومواقفه ورؤيته للآخر، وأن هذا الإنسان بحاجة إلى تأهيل ثقافي، وربما علمي لكي يصبح قادراً على فهم العملية الديمقراطية واستيعاب مراميها وأهميتها لحياته ومستقبله، مؤكداً أن توعية الإنسان ديمقراطياً أولوية يجب على الدول والقوى الاجتماعية المؤمنة بالفكرة الديمقراطية أن تقوم بها.
وأضاف في محاضرته بعنوان "الثقافة والديمقراطية" في منتدى الفكر العربي، مساء الأحد 7/6/2015: أن العائق الثقافي لممارسة العملية الديمقراطية يشمل التربية الأسرية، والتعليم، والوعظ، والإعلام، وحتى كلام الشارع وطريقة تعامل الدولة مع المواطن، ولذلك فإن عملية التوعية لا بد أن تنطلق من مرجعية يتم التوافق عليها عربياً، مع أن الواقع العربي يشير إلى أنه ليس هناك إجماع عربي على أية فكرة تقريباً، بما في ذلك معنى كلمة "إصلاح".
ودعا د. ربيع إلى استراتيجية تنموية شاملة في مقدورها التجاوب مع التحديات الآنية ورسم أفق لمستقبل عربي واعد ينتشل الأجيال القادمة من مستنقع التطرف والجهل والتخلف والتبعية، مشيراً إلى أن غياب المؤسسية في العمل العربي يؤدي بالتفكير إلى أن يكون أُحادي الجانب، والفشل في استيعاب تعقيدات العصر الذي نعيش فيه ووعي ما يشهده عالم اليوم من تغيرات وتحولات دينامية تجعل كل القضايا تتشابك مع بعضها البعض.
وقال: إن العرب بحاجة إلى موقف عقلاني يقبل التعددية الفكرية والثقافية والدينية والمذهبية داخل الإسلام وخارجه، وذلك حرصاً على الصدقية وحرية الرأي والاجتهاد، وحفاظاً على الوحدة الوجدانية وسلامة الأوطان. كما أن العالم العربي بحاجة إلى مشروع نهضوي شامل يقوم على أساس حوارات سياسية وفكرية بين مختلف أطياف المجتمع العربي، وإشراك القوى الشعبية الفاعلة كافة في عمليات استنهاض الهمم لمواجهة تحديات العصر، ومساهمة مفكري وعلماء ومثقفي هذه الأمة برسم استراتيجية تنموية تحررية، تستهدف تحقيق الحرية والمساواة والعدالة والأمن.
من جهته، قال الأمين العام لمنتدى الفكر العربي د. محمد أبو حمور، الذي أدار اللقاء: إن البحث في علاقة التركيبة الاجتماعية الثقافية العربية بالممارسة والتطبيق الديمقراطي موضوع على جانب كبير من الأهمية، وخاصة في المرحلة الراهنة التي يعيشها العالم العربي وفي ضوء تداعيات ما يسمى "الربيع العربي" والتحولات التي رافقته، مؤكداً أن الزاوية التي انطلق منها المحاضر تكشف أن تطور الديمقراطية في الغرب من نظام حكم إلى ثقافة وسلوك مجتمعي ومقارنة ذلك بالتجربة العربية التاريخية وظروف الواقع العربي، تثبت أنه إذا لم تكن الديمقراطية وهياكلها نابعة من هذا الواقع، فلا يمكن أن ترسخ وأن تتحول إلى ثقافة وممارسة تلبي طموحات الشعوب العربية وتتفق مع ثقافتهم ونظمهم الاجتماعية.