منتدون حول الورقة النقاشية الملكية الخامسة يناقشون
تعميق التحوّل الديمقراطي ومستقبل الإصلاح
عمّان- ناقشت الجلسة الحوارية السابعة عشرة حول الأوراق النقاشية الملكية، التي نظمها منتدى الفكر العربي في مقرّه صباح الأربعاء 3/6/2015، أبعاد الإنجازات المتحققة في العملية الإصلاحية كما عبَّرت عنها الورقة النقاشية الخامسة، التي طرحها جلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين، في 13 أيلول 2014، بعنوان: "تعميق التحوّل الديمقراطي: الأهداف، والمنجزات، والأعراف السياسية"، وأكد المشاركون أهمية الحوار الوطني والتحليل لمضامين ما ورد في مجمل هذه الأوراق، من أجل تعظيم الجوامع بين مختلف القطاعات والشرائح والتيارات في المجتمع الأردني، والوصول إلى ديمقراطية متجددة وحيوية، ترتكز على ترسيخ متدرج لنهج الحكومات البرلمانية، تحت مظلّة الملكية الدستورية، وتعزيز المشاركة الشعبية الفاعلة، أو "المواطنة الفاعلة" كما وُصِفَت في الرؤية الملكية.
وقال د. محمد أبو حمور، الأمين العام للمنتدى، الذي أدار الجلسة وشارك فيها، إن هذه الأوراق الملكية ترسم خريطة طريق واضحة لمستقبل الديمقراطية ومأسسة المشاركة والأدوار التكاملية لأطراف العملية السياسية، وإن الحوار حولها ينبغي أن يستمر، سواء على مستوى النخب أو على المستوى الشعبي العام. ومن هنا بادر المنتدى منذ العام الماضي، وبتوجيهات من رئيسه وراعيه سمو الأمير الحسن بن طلال، إلى تنظيم برنامج منهجي لجلسات حوارية بلغ عددها ست عشرة جلسة، وشارك فيها العديد من السياسيين وممثلي مؤسسات المجتمع المدني والأحزاب والنقابات وغيرها من القوى والتشكيلات الاجتماعية، وناقشت تلك الجلسات محاور الأوراق الأربع الأولى، وهو يستكملها اليوم بجلسة حول الورقة الخامسة التي صدرت بعد نحو عام وثلاثة أشهر من صدور الورقة الرابعة.
وأضاف د. أبو حمور أن عمل المنتدى لا يتوقف عند ذلك، وأنه في صدد نشر وثيقة قريباً تتضمن خلاصات موثقة لتلك الحوارات التي عقدها، وتحليلاً لآفاقها وتفاعل وجهات النظر والآراء المتعلقة بالعملية الإصلاحية على المستوى العام ومع ما جاء في طروحات جلالة الملك، مما سيساهم أيضاً في تعزيز استمرارية الحوار الوطني المطلوب وبناء أرضية التوافق على مبادىء يلتزم بها الجميع.
من جهته، قدم الأستاذ مروان دودين، عضو المحكمة الدستورية، مداخلة تناولت المنجز التشريعي المؤسسي المتمثل بإنشاء هذه المحكمة، بوصفها ضمانة لتعزيز الفصل والتوازن بين السلطات، ورقابة على عملية التشريع، لاحترام سيادة القانون والشرعية من خلال مواءمة القوانين والأنظمة النافذة مع الدستور روحاً ونصاً، وأثر ذلك في العملية الديمقراطية والارتقاء النوعي بأداء جميع السلطات. وتطرق إلى التعديلات الدستورية ودورها الإيجابي في تعزيز مبدأ الشفافية والنزاهة وضوابطهما العملية، ومن ذلك توسيع اختصاصات الهيئة المستقلة للانتخابات، وضمان استقلال السلطة القضائية، والتشريعات الناظمة للحياة السياسية، والحريات، والقانون المعدل لمحكمة أمن الدولة، وغيرها.
وقال د. نبيل الشريف، رئيس مركز إمداد للإعلام والاستشارات وعضو المنتدى، إن جلالة الملك عبدالله في كتابته للأوراق النقاشية ومشاركته من خلالها في الحوار الوطني تعبير عن احترامه لشعبه وعن إيمانه بأن لا أحد يملك الحقيقة المطلقة أو النهائية، وأن جلالته يريد أن يرسي تفكيراً في المجتمع مفاده أن المحاورة هي السبيل الأوحد لحل الخلافات وحسم القضايا.
وأوضح أن الهدف الأساس لعملية الإصلاح السياسي هو تشكيل الحكومات البرلمانية، ولكن حتى نصل إلى هذا الهدف يجب بذل جهود كبيرة لتطوير العملية السياسية، وتعزيز الدور الذي تضطلع به العديد من المؤسسات، وإخراج المواطن من ثقافة التلقي السلبي للقرارات إلى مرتبة المواطنة الفاعلة. فالإصلاح مطلوب من الجميع ولا يسقط عن مؤسسة أو شريحة مجتمعية إذا قامت به جهات أخرى.
وطالبت د. أدب السعود، عضو مجلس النواب السابق، الجامعات بأن تأخذ مضامين الأوراق النقاشية الملكية كنهج في التفكير، والعمل على توسيع دائرة النقاش حول هذه الأوراق لتشمل جلسات حوارية في المحافظات. كما تحدثت عن ضرورة الارتقاء بأداء النواب لإخراجه من دائرة الخدمات التي فرضتها الثقافة المجتمعية، وإجراء المزيد من الحوارات حول قانون اللامركزية وتداخله مع قانون البلديات، وتساءلت عن قانون الأحزاب المطروح منذ عام، وكذلك قانون الانتخاب، مشيرة إلى أن هذين القانونيين لهما أهمية خاصة في تشكيل الأحزاب البرامجية.
وأشارت إلى ما اشتملت عليه الورقة النقاشية الملكية الخامسة من موجهات مستقبلية، مؤكدة أن هذه الموجهات تستلزم خطة عمل واضحة لتحقيقها في مجالات تطوير الثوابت السياسية للارتقاء بالحكومات البرلمانية، وتطوير القطاع العام من خلال وضع استراتيجيات لها واعتماد شفافية التشاور، وتفعيل وزارة الدفاع خاصة في المجال التنموي، فضلاً عن تطوير النظم الداخلية للأحزاب، والكتل البرلمانية التي تؤدي إلى تشكيل حكومات برلمانية، وطالبت بمزيد من الاهتمام بموضوع الأعراف السياسية، والتوازن بين السلطات الذي يمثل تحدياً، والمشاورة بين النواب والحكومة عند تشكيل الحكومات.
وشارك في النقاش عدد من السياسيين والأكاديميين والقانونيين، الذين تناولوا في مداخلاتهم وسائل وآليات تفعيل دور المجتمع المدني وتأثير تنظيماته ومشاركتها وحضورها، والتجاوب مع مضامين الأوراق النقاشية الملكية من خلال التحليل النقدي الموضوعي الذي يساعد على وضع الاستراتيجيات التطبيقية للعملية الإصلاحية، وإجراء المزيد من التعديلات الدستورية والقوانين بما يعزز التشريعات المتعلقة بالانتخاب والأحزاب وأسس المساواة في المواطنة. كما دعا مشاركون إلى الانتقال من دائرة التنظير إلى دائرة العمل، إدراكاً بأن بناء قيم المواطنة على أساس العقد الاجتماعي ومبدأ التشارك في دولة المؤسسات ومجتمع العقلانية يشكل طاقة مجتمعية تنظم وتدفع المواطنين إلى العمل، وتوفير أركان المواطنة المتمثلة في المساواة والحرية والهوية الوطنية والعدالة، وتمكين المرأة والشباب للمشاركة، باعتبارها العمود الفقري للديمقراطية، والشروع جدياً بتطبيق اللامركزية. وأكدوا قدرة الأردن على بناء النموذج الديمقراطي، على الرغم من تحديات الوضع الإقليمي الصعب، وبالاعتماد على الوعي الشعبي الذي أثبت في حالات كثيره مستواه المتقدم، إضافة إلى دور العمل المؤسسي المنظم في ترسيخ الإصلاح والدفع بالعملية الديمقراطية إلى الأمام، ودور الجامعات والمؤسسات الثقافية والاجتماعية في الإعداد والتهيئة ومواكبة مراحل هذه العملية.