تاريخ النشر: الأربعاء 2015-04-22
ندوة «القدس وأوقافها»: مستجدات الأوضاع القانونية والإنسانية والديمغرافية
عمان - هديل الخريشا - برعاية سمو الأمير الحسن بن طلال أقام منتدى الفكر العربي ضمن برنامج «القدس في الضمير» بالتعاون مع المركز الثقافي الملكي ومؤسسة شومان أول من أمس ندوة بعنوان «القدس وأوقافها: مستجدات الأوضاع القانونية والإنسانية والديمغرافية» وأشهر خلالها كتاب (الأوقاف الإسلامية والمسيحية في القدس).
قال سموه في الجلسة الافتتاحية التي ترأسها رئيس الوزراء الأسبق طاهر المصري:» بعد عام وبضعة أشهر من الآن مقبولون على الذكرى المئوية الأولى للنهضة العربية الكبرى، فالنهضة العربية الفكرية بدأت في نهايات القرن التاسع عشر، وأريد أن أشير إلى ضرورة أن تعنى المؤسسات القومية والوطنية والفلسطينية خاصة بتصحيح المعلومات عن القدس وفلسطين بالانترنت وقواعد المعلومات ولا سيما في موسوعة الويكيبديا التي لا تتضمن موادا عن القدس وفلسطين تكشف حقيقة ما يجري، لا تتضمن هذه الويكيبديا الا ما يحرجنا ويضيفنا على ما نحن فيه من ما يشوب تاريخ القدس في ثورة المعلومات حرجا، فعلينا عند الحديث عن المعلومة العربية والاهتمام بالمحتوى أمر يعيبنا في هذه الفترة، فالويكيبديا تزور الحقائق المعروفة بطريقة بارعة وتعطي انطباعات خاطئة ذات اثر قوي على القارئ، تضر بقضية العرب الكبرى مع التأكيد على ضرورة أن يواكب هذه المؤسسات لمخاطبتها الانسان الغربي تكنولوجياً بلغة العصر.
وتحدث الأمين العام لمنتدى الفكر العربي وزير المالية الأسبق د. محمد أبو حمور:» إن الوعي بكل ما يتعلق بحقائق المدينة المقدسة وحقوقها علينا، هو ذاته الوعي بحقوق الإنسان والمواطن العربي الفلسطيني الذي يحيا في ربوعها، ويواجه كل يوم أشكالا شتى من الانتهاكات الإسرائيلية لحقوقه وحقوق مدينته وأرضه بالتهويد والاستيطان والاعتقالات والمس بحرمة المقدسات الإسلامية والمسيحية على السواء، لقد كانت جوانب قضية القدس وفلسطين بؤرة اهتمام المنتدى، لا لكونها القضية المركزية للوطن العربي وحسب، بل لانها تمثل تحديا مصيريا للأمة العربية والإسلامية في الحفاظ على الثوابت الانسانية والدينية والقومية للأمة.
وقال رئيس لجنة القدس في المنتدى وزير التخطيط الأسبق د. هشام الخطيب:»إن كتاب «الأوقاف الإسلامية والمسيحية في القدس» هو تجميع وتوثيق جميع الأمور المتعلقة بالأوقاف الإسلامية والمسيحية في القدس من أمور تاريخية واجتماعية وجغرافية وقانونية، لاهمية المنتج كتوثيق للأوقاف ومرجعيتها فسيتم ترجمته بإشراف المنتدى إلى اللغات الإنجليزية والفرنسية حتى يستفيد منه الباحثون والسياسون كمرجع موثوق لمدينة القدس وأوقافها
وقال أستاذ العلوم السياسية في جامعة اليرموك د. أحمد سعيد نوفل في الجلسة الأولى التي ترأسها المصري:»بادر المنتدى إلى عقد المؤتمر العلمي الدولي «الأوقاف الاسلامية والمسيحية في القدس الشريف 25-26/ 11/ 2013 بهدف متابعة دراسة الأوضاع القانونية والإنسانية والدينية والديمغرافية والاقتصادية المتعلقة بالاوقاف والأملاك العربية، والاسلامية والمسيحية في المدينة المقدسة، في ضوء التطورات المتواترة في واقع الارض المحتلة، وضمن ذلك العمل على تأكيد وجوب المحافظة على الوجود العربي وحقوقه في المدينة ودراسة وسائل تمكين المواطنين العرب الفلسطينين من الثبات على أرضهم ازاء ما يتعرضون له من ممارسات تعسفية وعمليات اسرائيلية مبرمجة لانتزاع حقوقهم المشروعة
وتحدث خليل التفكجي من جمعية الدراسات العربية من القدس عن المشاكل التي تواجه التخطيط في القدس فقال:»ان ملكية الاراضي في القدس أثر مباشر على إمكانية التطوير وحجمها وكيفيتها وتوقيتها، فالاراضي المملوكة لشخص هو الذي يحدد كيفية تطويرها رغم أن التخطيط يمكن أن يحدد استعمالها أو استخدامها المستقبلي وبالمقارنة، فإن الارض التي تملكها الدولة والبلدية او أي مؤسسة عامة أو دينية تكون عملية تطورها مرتبطة بسياسة هذه المؤسسة وأهدافها
وأعرب رئيس جمعية حماية القدس الشريف د. رؤوف أبو جابر عن أسفه :» غياب سجل كامل للاوقاف والعقارات المتعلقة بالكنائس والإرساليات، ولكن الخبراء يقدرون أن نسبة عالية من أراضي وعقارات فلسطين كانت تشكل الثروة العقارية لهذه الكنائس، ولأن الاوضاع بعد عام النكبة وقيام اسرائيل بدأت تعاني من هذه الهجمة الشرسة من قبل الاحتلال للسيطرة على الأراضي والعقارات لاستقبال الاف المستوطنين اليهود الوافدين من جيمع اطراف العالم وكانت أكثر المجموعات تعرضا لهذه الهجمة هي اراضي وعقارات البطريركية الارثوذكسية بسبب تعاون الرهبان اليونان المسيطرين على البطريركية والفساد الذي استشرى في اوساطهم
ورأى المدير العام لدارة القدس للبحوث والتوثيق د. محمد هاشم غوشة :» أن المحكمة الشرعية في القدس لم تقم بإجراء مسح شامل للوقفيات المسجلة في سجلات المحكمة الشرعية في القدس، ففي هذه السجلات حجج وقفية عديدة جدا تغطي مختلف مراحل العصر العثماني فضلا عن اسجالات لوقفيات من العصرين الأيوبي والمملوكي معاد تسجيلها في العصر العثماني، كما توقفت للاسف الشديد جهود الفهرسة التي شرع بإعدادها الشيخ محمد أسعد الإمام مفتي رام الله الأسبق وعدد من معاونيه لسجلات المحاكم الشرعية وذلك في فترة مبكرة لا تشفي غليل الباحثين، كما تبخرت أحيانا أخرى فرص الباحثين في قراءة بعض حجج الوقف المصورة على لفائف المايكروفيلم عند أول حجة وقف شرعية مصورة بشكل لا يسمح باستمرار قراءتها بسبب رداءة التصوير أكثر من رداءة الخط
المُحاضِرة في العلوم السياسية في جامعة الزيتونة، مديرة تحرير في جريدة الغد د. نادية سعد الدين (والتي حررت الجزء الأول من كتاب «الأوقاف الإسلامية والمسيحية في القدس») بينت في الجلسة الثانية التي ترأستها الرئيسة التنفيذية لمؤسسة شومان فالنتينا قسيسية:» المساهمات الفكرية والبحثية التي قدمت في المجلد الأول من الكتاب (الأبعاد القانونية والإنسانية ومستقبل القدس) ضمن 12 بحثا واقع مدينة القدس المحتلة بأوقافها ومقدساتها الدينية ومواطنيها، مع محاولة رصد افاقها المحتملة من خلال تناول الأبعاد القانونية والانسانية والسياسية
وذكرت أستاذة التاريخ في جامعة ال البيت د. هند أبو الشعر (محررة الجزء الثاني من كتاب «الأوقاف الإسلامية والمسيحية في القدس»): أن اهتمامات الباحثين الذين شاركونا في تغطية هذا المحور للتوثيق للوقف في القدس، تتوزع بين مراجعة جهود الدولة العثمانية التي رافقتنا في تاريخنا طوال اربعة قرون، وحافظت على المؤسسات الوقفية بالحرص على تسجيلها في سجلات مخصوصة بالأوقاف، وقد توسعت البحوث بإلقاء الضوء على هذه السجلات والوثائق المقدسية المحفوظة باستانبول، وتم تناول إدارة الوقف وأنواع الاوقاف في القدس وأوقاف النقود ودور نظام الوقف في محور التعليم وإدامة المؤسسات التعليمية في القدس، وتجاوزت الأبحاث العهدين الايوبي والمملوكي إلى العثماني والى فترة الانتداب وكل هذه الدراسات المنهجية قدمت البعد التاريخي التفصيلي لتنقلنا من الابحاث لفتح ملف الأوقاف المسيحية للطوائف كافة لتوصلنا إلى أخطر الظواهر التي نشهدها منذ الاحتلال الصهيوني وهي ظاهرة هجرة المسيحين العرب من أهالي القدس، بحيث نواجه تفريغ المكان من عروبته وتراثه الغارق في القدم لتحل التركيبة الجديدة متزامنة مع الجدار العازل الذي قطع المكان العربي والاسر العربية.
برعاية صاحب السموّ الملكيّ الأمير الحسن بن طلال المعظم
منتدى الفكر العربي
بالتعاون مع المركز الثقافي الملكي
ندوة خاصة
"القدس وأوقافها: مستجدات الأوضاع القانونية والإنسانية والديمغرافية"
وإشهار كتاب "الأوقاف الإسلامية والمسيحية في القدس"
المركز الثقافي الملكي؛ عمّان؛ 20/4/2015
كلمة معالي الدكتور محمد أبو حمّور
الأمين العام لمنتدى الفكر العربي
بسم الله الرحمن الرحيم
حضرة صاحب السموّ الملكي الأمير الحسن بن طلال المعظم
أصحاب الدولة والمعالي والعطوفة والسعادة
أيُّها الحضور الكريم؛
السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته؛
من وحي "القدس في الضمير"؛ نجتمع مرّةً أخرى لنؤكِّدَ معاً جوهرَ هذا الشعار والعنوان والمشروع، الذي أطلقه سيدي سموّ الأمير الحسن بن طلال، حفظه الله، مع المرحوم سماحة الشيخ محمد مهدي شمس الدين، قبل عدّة عقود من الزمن، لتظلّ القدس حيَّةً في ضمير الأجيال، بكلّ أبعادها الروحيّة والإنسانيّة والمكانيّة والتاريخيّة.
ولعلّنا في هذه المرحلة الصعبة التي تمرُّ بها أمّتنا أحوجُ ما نكون إلى استلهامِ وتبصُّرِ تلك المعاني السامية، المُجسَّدةِ في البقعة التي باركَ الله حولها، وجعلها أرض الرسالات السماوية، ومهوى الأفئدة، وملتقى الأديان والمذاهب على مِهاد الكرامة الإنسانية والعدالة والسلام.
إنَّ الوعي بكلّ ما يتعلق بحقائق المدينة المقدسة وحقوقها علينا، هو ذاتهُ الوعي بحقوق الإنسان والمواطن العربي الفلسطيني الذي يحيا في ربوعها، ويواجه في كل يوم أشكالاً شتى من الانتهاكات الإسرائيلية لحقوقهِ وحقوق مدينته وأرضه، وتغولاً على إنسانيته ووجوده المادي والمعنوي، ومستقبل أبنائه؛ بالتهويد والاستيطان والاعتقالات والمسّ بحرمة المقدسات الإسلامية والمسيحية على السواء.
لقد كانت جوانب قضية القدس وفلسطين، وما تزال وستظلّ، بؤرة اهتمام في عمل منتدى الفكر العربي وأنشطته، لا لكونها القضية المركزية للوطن العربي في هذا العصر فحسب؛ بل لأنها تمثل تحدياً مصيرياً للأمّة العربية والإسلامية؛ وهو التحدّي الحقيقي للمستقبل في الحفاظ على الثوابت الإنسانية والدينية والقومية للأُمّة، والتمكين لها فكرياً لاستعادةِ دورها ومكانتها في هذه القضية.
ولنا في ما قدّمهُ الهاشميّون عِبر التاريخ، من أجل القدس، من مآثرٍ وتضحيات بالغالي والنفيس، أسوةٌ حسنة في الحفاظ على الإرث المقدس، وقيم السلام والعدل، والحقوق، والوجود في ظلّ الكرامة وكفّ الأذى والامتهان الذي تتعرض له القدس العربية على أيدي غاصبيها وآلتهم العسكرية والاستيطانية.
لقد توَّجَ المنتدى أنشطته من لقاءات وندوات تحت شعار "القدس في الضمير" بمؤتمرين كبيرين وبمشاركة عربية وإسلامية واسعة، كان أولهما في عام 2009 بمناسبة إعلان القدس عاصمة للثقافة العربية، والثاني في عام 2013، وبمحاور تركزت على بحث جانبٍ من أهم الجوانب المتعلقة بحقوق العرب والمسلمين في بيت المقدس، بل أهمّها على الاطلاق، ألا وهو الأوقاف الإسلامية والمسيحية، ركيزة الشرعية القانونية لإثبات الحقوق، وأساس الحفاظ على الوجود العربي، ومنطلق البحث في التمكين لهذا الوجود معاشياً وإنسانياً. ومع التركيز على الأبعاد التاريخية ومصادر توثيق الأوقاف والأملاك، وعوامل تهديد التراث المقدسي، اعتنى هذا المؤتمر بالأبعاد القانونية، والربط بين البشر والحجر والأوضاع المعاشية والسكانية والصحيّة والتعليمية للمواطنين العرب في القدس المحتلة، ولم يُغفل الأبعاد المستقبلية، من حيث الخيارات المحتملة وما يمكن أن تؤديه بلورة سياسة مدنية عربية إسلامية دولية من دور فاعل لخدمة قضية القدس ومقدساتها، والأخذ بالاعتبار دور منظمات المجتمع المدني ومؤسساته في الدفاع عن هذه القضية.
ويشرفني اليوم، باسم منتدى الفكر العربي، أن أقدم إليكم أعمال هذا المؤتمر عن أوقاف القدس في مجلدين مطبوعين، كما يسعدني أن أنقل إليكم أنَّ المنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة (إيسيسكو) أبلغتنا رسمياً بأنها اختارت هذا الكتاب بجزءيه ليكون ضمن منشوراتها لعام 2015، في طبعةٍ دولية تتولاها هذه المنظمة لنشر الكتاب على أوسع نطاق في العالم الإسلامي والعالم بأسره، كجزء من مساهمتها في دعم المؤتمر والتعاون بينها وبين المنتدى. ونأمل في مرحلة قادمة أن ننشر بالتعاون مع الإيسيسكو أيضاً مختارات من هذه الأعمال مترجمة إلى الإنجليزية والفرنسية ولغات أجنبية أخرى.
إنَّ عملَنا في المنتدى بشأن القدس مستمرّ بإذن الله تعالى، بالاشتراك والتعاون والتكامل مع جميع المعنيين، وخاصة المؤسسات الحكومية والأهلية، والجامعات ومراكز الأبحاث المتخصصة، وما هذه الندوة التي تجمعنا اليوم إلا خطوة في مسيرة طويلة، نستنير فيها برؤية سموّ الأمير الحسن بن طلال، رئيس المنتدى وراعيه، في أن القدس "فضاءاً دينياً رحباً لا بدَّ أن يسمو فيه الدين فوق السياسة في إطار سلطة معنوية للأماكن المقدّسة لجميع الأديان"، وأنَّ "صيحة العقل والضمير لإنقاذ القدس المحتلَّة، لا تكون إلا بدعمها وتمكين مواطنها العربي وفق رؤية ناظمة للأولويات أمام الاعتداءات الإسرائيلية اليومية".
أحييكم مرة أخرى، حضوراً ومشاركين، وأرحب بالإخوة الذين قدِموا من القدس ليكون صوت الضمير واحداً كما الحال بيننا دوماً، وأشكر لجنة المتابعة لمؤتمر الأوقاف الإسلامية والمسيحية في القدس، برئاسة الأخ معالي الدكتور هشام الخطيب، وفريق العمل في الأمانة العامة للمنتدى، على الجهود الحثيثة في متابعة نتائج المؤتمر وتوصياته، وهذه الندوة هي تحقيق لجانب من التوصيات في رصد مستجدات الأوضاع في بيت المقدس، كما أشكر الفريق الذي عمل على إخراج كتاب مؤتمر الأوقاف، بإشراف الأمين العام السابق للمنتدى الأخ الدكتور الصادق الفقيه، والجهد الموفق الذي بذلته الأستاذة الدكتورة هند أبو الشعر، والدكتورة نادية سعد الدين، في تحرير الكتاب وإخراجه على هذه الصورة من الدقّة، ومعهما أيضاً فريق العمل في الأمانة العامة.
وفق الله الجميع إلى خير المبتغى، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.