EN | AR
برعاية ومشاركة سمو الأمير الحسن بن طلال مفكرون ومثقفون عرب يناقشون مشروع الميثاق الثقافي والنهضة الفكرية العربية
موضوع اللقاء: 
برعاية ومشاركة سمو الأمير الحسن بن طلال مفكرون ومثقفون عرب يناقشون مشروع الميثاق الثقافي والنهضة الفكرية العربية
المتحدثون: 
كلمة سمو الأمير الحسن بن طلال
د. محمد أبوحمور
أ.د. صلاح جرار
أ.د. منذر حدادين
مدير اللقاء: 
د. محمد أبوحمور

برعاية ومشاركة سمو الأمير الحسن بن طلال

مفكرون ومثقفون عرب يناقشون مشروع الميثاق الثقافي والنهضة الفكرية العربية

 

عمّان- برعاية ومشاركة صاحب السمو الملكي الأمير الحسن بن طلال رئيس منتدى الفكر العربي، ومشاركة مفكرين ومثقفين وأكاديميين عرب وسفراء عدد من الدول العربية وممثلي مؤسسات ثقافية ومراكز فكرية عربية، عقد المنتدى بالتعاون مع الصندوق العربي للإنماء الاقتصادي والاجتماعي/ الكويت، يوم الأحد 12/3/2017، اجتماع مناقشة مسوّدة "الميثاق الثقافي العربي" والاجتماع التحضيري لمشروع "النهضة الفكرية العربية"، وذلك في نطاق الاجتماعات التحضيرية للمؤتمر الشبابي العربي السابع المنتظر عقده خلال الفترة القادمة تحت عنوان "التعليم والإبداع والاستثمار: نحو رؤية عربية مشتركة".

 

كلمة سمو الأمير الحسن بن طلال

أسمحوا لي أن أبدأ بالتعبير عن الشكر والعرفان لزميلنا المرحوم الدكتور يحيى الجمل على مقاله "نحو ميثاق ثقافي عربي" والإشارة إلى ما أثير في دهاليز الأمانة العامة للجامعة العربية عن الميثاق الثقافي العربي حيث َتكرَّر في هذه المؤسسة العربية العريقة وفي صالوناتها الثقافية العربية الإشارة الواضحة إلى وجوب تفعيل العواطف العربية الجامعة.

وأشير هنا إلى الإعلان العالمي بشأن التنوع الثقافي لمنظمة الأمم المتحدة لحقوق الإنسان الذي وضع في اعتباره العهدين الدوليين لعام 1966 واللذي يتعلق أحدهما بالحقوق المدنية والسياسية، فيما يتعلق الآخر بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والثقافية؛ وقد حرصت هذه المنظمات الاقليمية والأممية على التذكير بأن الميثاق التأسيسي لليونسكو ينص على أنه "لما كانت كرامة الأنسان تقتضي نشر الثقافة وتنشئة الناس جميعا على مبادىء العدالة والحرية والسلام، فإن هذا العمل بالنسبة لجميع الأمم يُعدّ واجبًا مقدسًا ينبغي القيام به في روح من التعاون المتبادل". كما أشير  إلى تعاوننا كمنتدى الفكر العربي مع مبادرات منظمات مثل المنظمة الإسلامية للتربية والثقافة والعلوم (ايسيسكو) والمنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم (ألكسو) والتي من ضمن أهدافهما التوصية بعقد الاتفاقات الدولية التي تراها مفيدة لتسهيل حرية تداول الأفكار عن طريق الكلمة والصورة.

لذا أضم صوتي لصوت الراحل الذي أشار بكل التقدير إلى العدد السنوي الممتاز الذي صدر عن منتدى الفكر العربي في يناير 2015 وما ورد فيها من دراسة عميقة حول موضوع الميثاق الثقافي العربي. كما أقتبس الدكتور الجمل، رحمه الله، قول الدكتور صلاح جرار "لا مناص أمام العرب من اعتماد الثقافة بمعناها الشامل بداية الحركة والانطلاق في أي مشروع لترميم الواقع العربي أو إصلاحه أو إعادة بنائه. وأرى هنا الحاجة إلى ترميم الواقع العربي ترميما رؤويا اصلاحيا بغية إعادة البناء لمفاهيم السلام فيما بيننا كعرب. ويشير الدكتور الجمل أن السوابق أكدت ضرورة الاهتمام بالقوة الناعمة – أي الثقافة -؛ وأقتبس هنا من البرفسور ناي الذي أشار إلى أن الثقافة يجب أن تضاف كأهمية للحداثة من حيث المحتوى المتجذر من الأصول وليست تلك الإضافة الثقافية، في هذه البنية الرقمية التي نعيشها عالميا، إضافة رموز جديدة نتغنى بها فقط، ولكننا نؤكد أن أسس الميثاق الثقافي العربي من احترام التنوع الثقافي من داخل المجتمع العربي من حيث السلم الداخلي "والشبكة الجوانية" على أساس من الاستقلال المتكافل والمتكافئ فيما بيننا، أي أن نحترم بعضنا البعض وهوية بعضنا البعض ونعمل من أجل المشتركات الخلاقة، وداخل كل مجتمع من مجتمعاتنا العربية على حدى. فنرجو أن يكون منهجنا موضوعيا من حيث التطلع الإجرائي، وأمني من حيث التأكيد على أننا، وكما يقول الدكتور جرار، ننحاز إلى الدم العربي ونتبنى الدعوة إلى حقنه وتحريمه، وننحاز إلى الكرامة العربية وندعو إلى صيانتها من كل مكروه، وننحاز إلى قيم الحرية والعدالة والمساواة وحقوق الانسان دون تمييز، ونقف مع رعاية التراث العربي المادي والمعنوي والانساني ونسعى لحمايته والحفاظ عليه، وننحاز مع العقل ولا نتسامح في تهميش دوره، ونقف مع التطور والنهضة ومواكبة الحضارة العصرية بكل أبعادها المادية والمعنوية.

ونذكر من جديد أنه ووفقا لإعلان منظمة الأمم المتحدة لحقوق الأنسان، أن الثقافة يجب أن ينظر إليها بوصفها مجمل السمات المميزة الروحية والمادية والفكرية العاطفية التي يتصف بها مجتمع أو مجموعة اجتماعية وعلى أنها تشمل، إلى جانب الفنون والآداب، طرائق الحياة، وأساليب العيش معا، وأنسنة الأرقام، ونظم القيم والتقاليد والمعتقدات في خدمة الصالح العام.

ويلاحظ  الإعلان أن الثقافة تحتل مكان الصدارة في المناقشات المعاصرة بشأن الهوية والتماسك الاجتماعي وتنمية اقتصاد قائم على أنسنة المعرفة، ويؤكد أن احترام تنوع الثقافات والانصاف "إعطاء كل ذي حق حقه" أو ما درج في أوساطنا المثقفة تسميته بالتسامح والحوار والتعاون في جو من الثقة والتفاهم هي خير ضمان لتحقيق السلام النفسي والمجتمعي والثقافي.

نتطلع إلى مزيد من التضامن القائم على الاعتراف بالتنوع الثقافي وعلى الوعي بوحدة الجنس البشري وتنمية المبادلات بين الثقافات بداية بالثقافة العربية.

وجاء في الإعلان أنه يدرك المهمة المحددة التي عهدت إلى اليونسكو في إطار منظومة الأمم المتحدة والمتمثلة في صون وتعزيز التنوع المثمر للثقافات؛ لا أتحدث هنا عن عمر اليونسكو أو الأمم المتحدة وإنما أتحدث عن الرغبة الأكيدة ببداية جديدة، وأتحدث هنا عن النظام الانساني العالمي الجديد وهل لنا أن ننظم علاقاتنا مع بعضنا البعض ضمن حضارتنا الإنسانية. وأود أن أضيف أننا في الواقع نتعامل مع الحداثة والحداثات  وازدياد المفاهيم التقاليدية للأعراف والأصول. لذا يجب أن يحفظ الميثاق الميزان ما بين القيم والتقاليد المجسرة للحداثة.  وهنا نستذكر أن مقدمة ابن خلدون نظرت إلى الثقافة بأنها الكرامة الإنسانية، ونظرت للتاريخ كعلوم وللتاريخ كمضمون، وأن المؤرخ محاسب فهو ليس كاتب سردي لكن عليه أن يتعامل مع المكونات التي تأنسن التاريخ وعليه أن يعمل بحسب قوانين التاريخ؛ التاريخ علم فلسفي والتاريخ عليه أن يوضح أسباب وقوع الأحداث ويحلل ويبرر المبادىء التي عملت من خلالها الكائنات.

كما أرجو أن يسمح لي أن أُذكر في أن تراجم العرب للإبداع اليوناني وغيره لابد أن يظهر قريبا في مجال الاصلاح التروبي المنشود الذي يعلم ويربي. أين انحيازنا مع العقل الذي لا يتسامج مع تهميش دوره الحر المستقل.  فهذه التراجم لم تقتصر على الجدلية والمنطق واللفظ فقط، لكنها تعدتها إلى علوم الهندسة والفلك والرياضيات والموسيقى.

واختم هنا بقول الدكتور الجمل "إذا كان النفط وكانت مساحة الأرض الشاسعة القابلة للزراعة، سواء في السودان أو في غيره، تمثل القوة الصلبة لهذه الأمة " وأضيف هذا يمثل الإنماء المادي ولكننا هنا اليوم سنتحدث عن الإنتماء الثقافي، فشعارنا في منتدى الفكر العربي  هو الاعتماد على أربع كلمات: الإيمان والأخلاق والعلم والعمل. 

د. محمد أبوحمور

وقال الأمين العام لمنتدى الفكر العربي والوزير الأسبق د. محمد أبوحمّور في كلمته: إن مبادرة المنتدى المتمثلة في الميثاق الثقافي ومشروع النهضة الفكرية، تأتي استجابة لتحديات المرحلة التاريخية المصيرية التي يمر بها الوطن العربي منذ عدة عقود، وتتسم بالتحولات والتغيرات العميقة في البنى الاجتماعية والثقافية والاقتصادية والسياسية العربية، والتي أبرزت العديد من القضايا ذات المساس المباشر بالمواطن وهويته، وبكيان الأمّة ومستقبل أجيالها.

وأضاف د. أبوحمور: إن الأحداث التي ألمّت بعدد من الأقطار العربية، ولا سيما خلال السنوات القليلة الماضية، حملت أبعاداً خطيرة بزيادة أشكال التفتت والتشرذم ومحاولات إذابة الهوية الجامعة، وتنامي ظواهر العنف والتطرف والإرهاب، وتغذية التقسيمات الطائفية والمذهبية والإثنية والجهوية، وبالتالي فرض تقسيمات جغرافية وسكانية ومحاصصات إقليمية، تحددها أجندات ومصالح من خارج الوطن العربي.

وأوضح د. أبوحمور أن مبادرة منتدى الفكر العربي تنطلق من مسؤولية النخب الفكرية في صياغة رؤية عربية مشتركة واستعادة المبادرة من داخل المنطقة العربية وبما يحقق مصلحة شعوبها، كما دعا إلى ذلك رئيسه سمو الأمير الحسن بن طلال؛ إذ تؤكد هذه المبادرة التي بدأها المنتدى بالميثاق الاجتماعي العربي في العام 2012، ومن ثم الميثاق الاقتصادي في العام 2015، أهمية استعادة دور الفكر وتجديد التكامل في الأدوار بين قطاعات المجتمع كافة لتنمية الإنسان وبناء المواطنة المتكافئة، والدولة العصرية، ضمن مسار شمولي للتنمية والإصلاح.

وأشار د. أبوحمور إلى أن تحييد الفكر المستنير عن دوره أوجد أحاديات منغلقة في الرؤية، وأفرز أشكالاً من الصراعات والخلافات والتعصبات وظواهر من احتكار الحقيقة، ورفض الحوار وحق الاختلاف وفكرة التسامح والتعايش، وساعد على تغلغل العنف والتطرف، في وقت أسفرت الأجندات الخارجية عن وجهها في الاستعداء الثقافي ضد الإسلام والعروبة، أو استغلالهما لأهداف ملتوية وبالاستفادة من أوضاع الضعف والفشل التنموي وتفاقم أزمات الفقر والبطالة، لتزرع اليأس والإحباط بين أجيال الأمّة وتنتزع طاقات النهوض من الشعوب العربية.

وقال د. أبوحمور: إن المواثيق التي يعمل المنتدى على إنجازها في إطار رسالته وأهدافه وإسهاماته في بلورة الفكر العربي المعاصر تجاه القضايا الأساسية للأمّة، تعكس جهود النخب الفكرية لإبقاء جذوة التقدم الحضاري والثقافي مشتعلة نحو تنمية حقيقية شاملة تستند إلى ثقافة أصيلة، اتسمت تاريخياً بروح البحث المعرفي، والتي هي روح الحضارة العربية الإسلامية بانفتاحها الإنساني والتنوع الثقافي في إطار الوحدة والتفاعل الغني مع الحضارات والثقافات الأخرى، وبما تمتلكه من أسباب القوة والمنعة والتقدم.

وأضاف د. أبوحمور أن الإرث الحضاري والوعي المعاصر بالمتغيرات العالمية يدعوانا لترسيخ النهج الوسطي في الفكر، ومنهج الحوار في الممارسة، ومبدأ المواطنة المتكافئة، واحترام التنوع الثقافي ليكون ميزة إثراء لا وصمة تهميش وإقصاء، والانفتاح على الآخر وفق ثوابتنا، والحفاظ على كرامة الإنسان، وأن تبنى المجتمعات على الديمقراطية والعدالة والسلم الاجتماعي، وتصحيح المسار نحو المستقبل من خلال قيم التفكير النقدي الحر والمبدع، مما يشكل الركائز العلمية لخطاب ثقافي وإعلامي وتعليمي وديني يرتبط بمنظومة فكرية اجتماعية واقتصادية وسياسية تحفظ التضامن المجتمعي وروح التآلف بين مختلف الأطياف وإيجاد المجتمع المنتج حضارياً.

أ.د. صلاح جرار

من جهته ألقى عضو منتدى الفكر العربي أ.د. صلاح جرار وزير الثقافة الأسبق وأستاذ الأدب العربي في الجامعة الأردنية، إضاءات على هذا الميثاق، مشيراً إلى أنه لا تستطيع أمّة من الأمم أن تنهض من غير أن تستند إلى مقومات وقواعد ثابتة ومشتركة بين أبنائها، وأن الأمم التي أنجزت نهضة حضارية حقيقية ومستمرة عبر التاريخ هي تلك التي زرعت في مشاريعها عوامل النهضة والتطور والتجدد والفاعلية والاستمرار، وأقامت مشاريعها النهضوية على جوامع ثقافية مشتركة وعلى التنوع الثقافي بين أبناء الأمّة.

وأكد د. جرار أن بقاء الأمم واستمرارها في التقدم وامتلاك القدرة على مواجهة التحديات والتعاطي مع المستجدات مرهون بمتانة قواعدها ومنطلقاتها الثقافية من فكر وعقيدة ولغة وقيم وعادات ومبادىء وإسهام في الحضارة الإنسانية، وأن تهديد الثوابت والمنطلقات والجوامع المشتركة يهدد وجود الأمّة وهويتها وبقاءها، وتصبح عرضة للتداعي والانهيار والاستضعاف والاستعباد والضياع.

وأشار د. جرار إلى أن الثقافة العربية في هذه الأيام، ونتيجة لعوامل كثيرة، تتعرض لكثير من الأخطار والتحديات والهزات العنيفة، التي خلفت آثاراً واضحة على قيم الأمّة وسلوكياتها ومعتقداتها وأفكارها ولغتها، مما يهدد وجود الأمّة وأرضها وخيراتها وحريات أبنائها ومستقبلها، وقد بات من الضروري أن يلتفت المسؤولون في الوطن العربي من أقصاه إلى أقصاه إلى أهمية الثقافة، والعمل على تحصينها والمحافظة على أمنها قبل فوات الآوان.

كما أشار إلى أن تهديد الثقافة العربية واستهدافها من الخارج حيناً ومن الداخل حيناً آخر، جاء نتيجة غياب الوعي أو تراجعه أو بفعل الثورة المعرفية الكونية الحديثة، مما أدى إلى اختلاط الحقائق بالأوهام والأباطيل والأضاليل والأكاذيب، وأصبح من الضروري أن يتداعى أصحاب الرأي والفكر في الوطن العربي إلى وضع ميثاق ثقافي عربي يكون هدفه حماية الثقافة العربية وأمنها، وتوعية أبناء الأمّة بأهميتها وتفعيل دورها في حياتنا، والدفاع عن ثوابتها لتظل عاملاً من عوامل وحدة الأمّة وتلاحمها.

ودعا د. جرار في هذا الصدد إلى صياغة للميثاق الثقافي العربي تشمل مختلف العناصر المتصلة بالثقافة العربية، مثل: دور الثقافة في النهوض الحضاري، الأمن الثقافي، المؤسسات الثقافية العربية، اللغة العربية ومشكلاتها، احترام التنوع الثقافي وتوظيفه لصالح الأمّة، الترجمة والتأليف والنشر، المحافظة على التراث المادي وغير المادي، المحافظة على مقدسات الأمّة ورموزها، دعم الإبداع والمبدعين، محاربة الأميّة بمختلف أشكالها وصورها، دور الآداب والفنون، الإعلام الثقافي، وسائل التواصل الاجتماعي والثقافة، التكنولوجيا في خدمة الثقافة، الثقافة والاقتصاد، الثقافة والتعليم، الحريات الثقافية، الثقافة في مواجهة التطرف، التبادل الثقافي العربي، القراءة والمكتبات، وغير ذلك من المسائل المهمة.

كما دعا د. جرار إلى أن يقرّ هذا الميثاق بعد اعتماد صياغته من جامعة الدول العربية، كي تصبح بنوده منارات على طريق التوافق العربي، ولكي يعود للثقافة ألقها ودورها في الحفاظ على هوية الأمّة وإنجازها الحضاري.

أ.د. منذر حدادين

وقدم الأكاديمي والوزير الأسبق أ.د. منذر حدادين عرضاً للتصور حول مشروع "النهضة الفكرية العربية"؛ موضحاً أن للأمّة في الوطن العربي مكونات ديموغرافية يثريها تنوعها وتنوع ثقافاتها على محدوديتها مقارنة بالثقافة العربية، كما أن هناك مكونات إثنية دينية، وأن العروبة مفهوم جامع لكل أهل الوطن العربي بتعدد أصولهم ومنابتهم ومذاهبهم، وهو مفهوم يحافظ على ثقافات شركاء الوطن وتطويرها.

وأشار د. حدادين إلى أن خيمة العروبة الجامعة تتسع للعرب وإخوانهم من أهل الوطن ذوي الأصول غير العربية، وتتسع للمسلمين وإخوانهم من غير المسلمين. كما أن العروبة تتبنى دولة المواطنة التي تحترم الخصوصيات الدينية، وتراعي في مناهج التعليم التركيز على الجوامع بين مكونات الأمّة، وتبنّي ثقافة جامعة مع الحفاظ على التعددية الثقافية، وضمان حقوق الأفراد والجماعات والمساواة بين المواطنين في الحقوق والواجبات.

وقال: إن المشروع النهضوي ينبغي أن يدافع عن الإسلام بعد انبثاق جماعات العنف والإرهاب التي اختطفت الإسلام واقترفت الجرائم باسمه، مما تسبب في مهاجمته في وسائل الإعلام بالغرب دون التفريق بين حقيقته الناصعة واختطاف المتطرفين له.

وأكد د. حدادين أن الحاجة إلى نهضة فكرية وثقافية تحتل مرتبة متقدمة في الأولويات، وتعطي المجتمعات العربية قاعدة للانطلاق نحو الأفضل، ولا جدوى من التركيز على نهضة الاقتصاد مثلاً دون قاعدة ثقافية صلبة يغذيها الفكر وينميها، ويعمل على توعية المجتمعات بأهدافها وضروراتها. وقال: إن النهضة الثقافية تشمل الفنون والآداب والإنتاج التلفزيوني والسينمائي، وتنمية الأندية الثقافية والرياضية والعناية بالشباب، وتوعية النشء بالممارسات الإيجابية والواجبات الوطنية وحس المسؤولية؛ مشيراً إلى أنه لا مجال للعزلة في عالم يسوده انفتاح التواصل الاجتماعي والإعلامي والعلمي.

وأضاف أن النهضة الاجتماعية ترتكز إلى القيم والمُثل العليا في المخزون الثقافي، والتحلي عن طريق التربية والتعليم بالأخلاق التي تبرز تلك القيم وتحترم الآخر، وتعطي الأهمية للتعددية التي تثري المجتمعات. وتشمل النهضة الاجتماعية تطوير البنية التحتية والخدمات للتربية والتعليم، والرعاية الصحية، والإدارة العامة، والإسكان، وإبراز القدرات المجتمعية في إخراج الفكر الاجتماعي بالأشكال التي تجذب المجتمعات إليها كالفنون التشكيلية، والتمثيل والموسيقى والمسرح والسينما، وتشجيع التأليف في الموضوعات الاجتماعية، والحث على التكافل والتضامن والتماسك الاجتماعي، وتنمية المنتديات الاجتماعية والشبابية والأحزاب السياسية وأنشطتها.

وأشار د. حدادين إلى أن النهضة الاقتصادية تتطلب المواءمة بين الموارد الطبيعية والمالية من جهة، والسكان من جهة أخرى، وأن ما ينتج يعد وسيلة للتواصل مع الأمم الأخرى عن طريق التجارة وتصدير المنتوجات واستيراد السلع والخدمات، بشكل يحقق المزيد من الإنماء الاقتصادي بمعدلات تزيد على معدلات الزيادة السكانية لتحقيق الوفر اللازم، مع وجود نهضة بيئية للحفاظ على ديمومة الموارد الطبيعية المتجددة والتخطيط السليم لاستغلال الموارد غير المتجددة، والعناية بالغطاء النباتي للحد من التصحر، فضلاً عن توفير الحياة الكريمة والحرية والكرامة للإنسان وحماية حقوقه بقوة القانون، وتوفير الوسائل السلمية للتعبير عن الشعور الجمعي، والتزام الدولة بالتثقيف الجمعي للسلوكات الحضارية.

 

Printer Friendly and PDF
تصميم وتطوير شركة الشعاع الازرق لحلول البرمجيات جميع الحقوق محفوظة ©