EN | AR
نادي الكتاب رقم (4/2010)
موضوع اللقاء: 
عنوان الكتاب التعليم العالي: واقع وطموح؛ في سبيل تكوين الشّخصيّة العربيّة المعاصرة ومواجهة التّحديّات والمتغيّرات الراهنة»
المتحدثون: 
د. غالب الفريجات، باحث وكاتب وأُستاذ جامعي
مدير اللقاء: 
أ.د. هُمام غَصِيب، أمين عام المنتدى السابق

عمّان- أكّد الباحث والكاتب والأستاذ الجامعي، د. غالب الفريجات، أنّ المؤسّسات الجامعيّة من أهمّ مؤسّسات التغيير في المجتمع؛ إذ إنّ العناصر البشريّة التي تضمّها من أعضاء هيئة التدريس وعاملين وفنّيّين، إضافة إلى الطلاب، تشكّل عناصر مميّزة في التغيير نحو المستقبل المنشود، إذا توافرت لها الإمكانات المادّيّة والمعنويّة لإنجاز التغيير.

وأوضح خلال حديثه عن كتابه الصادر حديثًا "التعليم العالي: واقع وطموح؛ في سبيل تكوين الشخصيّة العربيّة المعاصرة ومواجهة التحدّيات والمتغيّرات الراهنة" في اللقاء الرابع لنادي منتدى الفكر العربيّ، مساء الأربعاء 21/4/2010، أنّ التطوير والتغيير لا يمكن أن يتمّا عشوائيًّا؛ فهما يحتاجان إلى أسلوبٍ علميّ منظّم. وهذا لا يتحقّق من دون بحث ودراسة واستقصاء. فالبحوث والدراسات ذات قدرة عالية على خلق حالة من التغيير السياسيّ والاقتصاديّ والاجتماعيّ والثقافيّ، لأنّها تُشخِّص الواقع، وتبدأ بوضع لمسات التغيير لهذا الواقع، من خلال العصف الذهنيّ لأفراد المجتمع، الذين يستجيبون لقادة التغيير وطلائعهم من مخرجات التعليم العالي.

وركّز د. الفريجات على أنّ وظيفة التّدريس الجامعيّ لا بدّ أنْ تتجاوز الأسلوب الوحيد المتبع: أسلوب المحاضرة، إلى التنوّع في الأساليب، وتوظيف أدوات تكنولوجيا التعليم بشكلٍ فاعل ومؤثّر في إيصال المعرفة، وتوضيحها، وكيفيّة التعامل معها. وقال: إنّ الجامعة بما تمتلك من الإمكانات والقدرات والطّاقات تبدو مؤهّلة لوظيفة قيادة المجتمع، سواء من الناحية السياسيّة، أو الاقتصاديّة، أو الاجتماعيّة، أو الثقافيّة. فالجامعات تكتسب مكانتها بنوعيّة أعضائها أساتذةً وطلابًا، لا بمبانيها. وهؤلاء يأخذون مكانتهم بعطائهم العلميّ وقدرتهم على أداء دورهم في المجتمع المحليّ. فالتغيير والتطوير الذي نصبو إليه هو ذلك المؤثّر الفعّال في حركة المجتمع نحو احتياجات سوق العمل ومتطلّبات التنمية بشقّيها الاقتصاديّ والاجتماعيّ؛ إضافة إلى الشقّ السياسيّ من خلال التوعية في مجالات الديمقراطيّة وحقوق الإنسان والمواطَنة، والمشاركة في صنع القرار السياسيّ داخليًّا وخارجيًّا؛ ما يتّفق ومفهوم التنمية الشاملة، الذي لا بدّ أن يكون هدفًا رئيسيًّا من أهداف التعليم الجامعيّ.

وقال في سياق إشارته إلى تحديات العولمة والمتغيّرات الراهنة: لأنّنا غير قادرين على أن نعزل أنفسنا عن الخارج، ولا نستطيع أن نبني جدارًا عاليًا يمنع التأثير في معطيات العولمة، بجوانبها الإيجابيّة والسلبيّة، فلا بدّ من التفكير بكيفيّة التعامل مع الآخرين والعيش معهم، من دون سيطرة وهيمنة، أو الشعور بعقدة النقص، أو الخوف، وذلك من خلال بناء حياتنا ومستقبلها في إطار الثورة العلميّة بكفاءات وخبرات عربيّة.

وطالب د. الفريجات النظام الرسميّ العربيّ أن يجعل من مؤسسات التعليم العالي منارات علم ومدارس حريّة وإبداع، وصانعي تنمية في جميع المجالات؛ لأنّ من سيتخرّجون من هذه المؤسسات هم الذين سيقودون عمليّة التغيير، وهم الدرع الذي يقي الوطن والمواطنين من هبّات الرياح العاتية، التي تريد اقتلاع الأمّة من جذورها للهيمنة عليها وعلى مقدراتها. ودعا الجامعات العربيّة أيضًا إلى أداء دورها في الحفاظ على الهُويّة العربيّة في مواجهة التحدّيات، من خلال فهم علاقتها بالنظام السياسيّ وأجهزته، وإشاعة أجواء الحريّة والديمقراطيّة، ودفع أعضاء هيئة التدريس للخروج من الأسوار الجامعيّة إلى حياة المجتمع الأرحب، ليكون عضو هيئة التدريس في مستوى أستاذ الرسالة لا أستاذ الوظيفة.
 
وقال: إنّ مؤسّساتنا التعليميّة، والجامعات في مقدّمتها قادرة على أداء دورها في بناء المشروع العربيّ نحو المستقبل من دون وجل أو خوف، لكن بالأسلوب العلميّ المنظّم، وبناء مؤسّسات المجتمع المدنيّ، وترك الهيمنة للقانون المنظّم لحركة الناس، ونبذ التسلّط والإرهاب الفرديّ، وقبر مؤسّسات الرجل الواحد، وتعزيز دور المؤسّسات العاملة لصالح المجتمع، واحترام إنسانيّة الإنسان المواطن.

قدّم للكتاب أ.د. هُمام غَصِيب، أمين عام المنتدى، الذي أدار اللقاء، والذي أشار في تقديمه إلى أنّ موضوع الكتاب غاية في الأهميّة. وأهميّته تتجدّد باستمرار مع تجدّد التحدّيات وتمدّد السياقات؛ فضلاً عن أنّنا نعيش في عصرٍ انتقاليّ يقتضي منّا المتابعة الحثيثة وتذكير أنفسنا على الدوام بأبرز القضايا، وعلى رأسها التربية والتعليم. وأضاف: صحيح أنّ كلّ عصر انتقاليّ بمعنى من المعاني؛ لكنّ الجديد في الأمر هو الإيقاع المتسارع؛ حتى إنّني أتوجّس خوفًا على الأجيال المتعاقبة. فقَدرُها أنْ تواجه تحدّيات أعتى فأعتى.

ووصف محتوى الكتاب بأنّ فيه غذاءً للتفكّر والتدبّر. ولا ينسى مؤلّفه أن يعلن ثقته بالإنسان العربيّ؛ مختتمًا كتابه بنبرة أملٍ وتفاؤل؛ مؤملاً أنْ يُلحِق المؤلِّف كتابه هذا بآخر عن التعليم الأساسيّ الذي منه ينطلق كلّ إصلاحٍ جادّ.

يشتمل كتاب "التعليم العالي: واقع وطموح ..."، الذي أصدرته دار أزمنة للنشر والتوزيع بعمّان بدعمٍ من وزارة الثقافة، على فصول خمسة يُناقش المؤلِّف من خلالها واقع التعليم العالي في الأردنّ، والتعليم العالي في الجامعات العربيّة، والتعليم العالي وخدمة المجتمع، ودور الجامعات العربيّة في الحفاظ على الهُويّة العربيّة في مواجهة العولمة والمتغيّرات الرّاهنة؛ إضافة إلى تقديم ومقدّمة وخلاصة.
شهد اللقاء نقاشًا مطولاً بين المتحدّث والحاضرين حول قضايا وأسئلة متعدّدة أثارها الكتاب حول التعليم العالي ومشكلاته وسياساته وأثره في المجتمع والتنمية.

 

Printer Friendly and PDF
تصميم وتطوير شركة الشعاع الازرق لحلول البرمجيات جميع الحقوق محفوظة ©