عمّان- قدمت أستاذة التاريخ الحديث والمعاصر في جامعة فيلادلفيا والباحثة الدكتورة فدوى نصيرات عرضاً لكتابها الصادر حديثاً عن مركز دراسات الوحدة العربية في بيروت حول السلطان عبد الحميد الثاني وتسهيل السيطرة الصهيونية على أرض فلسطين، في لقاء نقاشي بمنتدى الفكر العربي مساء الثلاثاء 6/5/2014، أداره وعقب على مضمون الدراسة التي اشتمل عليها الكتاب أستاذ التاريخ الحديث في الجامعة الأردنية الدكتور على محافظة، وشارك في النقاش عدد من الأكاديميين والباحثين المتخصصين.
وبينت الدكتورة نصيرات أن السياسة المترددة والمتناقضة للسلطان عبد الحميد في فلسطين، أدت إلى استغلال الحركة الصهيونية لهذه السياسة في البناء المستمر للمستوطنات وتزايد الاستثمارات، وعدم الالتفات إلى غضب الفلسطينيين ونداءاتهم للسلطان بأن يقفل باب الهجرة اليهودية ويمنع انتقال ملكية الأراضي لغير العرب، وكذلك إهمال تحذيرات سفراء استانبول في العواصم الغربية من سياسة السلطان المتساهلة التي استثمرتها الصهيونية العالمية لصالحها إلى أبعد حد.
وناقشت الباحثة عبر خمسة محاور في دراستها الأوضاع العامة للدولة العثمانية إبان حكم عبد الحميد الثاني وشخصية السلطان ذاته، وموقفه من الاستعمار الاستيطاني الصهيوني في فلسطين، ومفاوضات هرتزل- عبد الحميد التي استمرت ستة أعوام 1896-1903، والموقف الشعبي العربي تجاه النشاط الصهيوني على أرض فلسطين، وموقف السلطان عبد الحميد، مقدمةً نتائج البحث الذي قامت به في هذا الصدد، محاولةً تفسير لغز عدد من المسائل المتعلقة بهذا الموضوع مثل التناقض بين القرار السلطاني بمنع بيع أرض فلسطين لليهود، ومخالفة هذا القرار خلال حكم السلطان عبد الحميد الثاني، وتمكن اليهود من شراء أراضٍ شاسعة في كل المدن والقرى الفلسطينية. وتفسير كيفية السماح بإقامة مستعمرات صهيونية على أرض فلسطين تجاوز عددها 68 مستعمرة زراعية وتجارية و33 قومبونبة في نهاية ذلك العهد، وزيادة عدد المهاجرين اليهود ما بين 1882-1908 من 5 آلاف إلى 80 ألف يهودي، وغير ذلك من وقائع وأبعاد أوضحها البحث.
كما أوضحت الدكتورة نصيرات أن دورها تمثل في النظر في القرائن والشواهد وجمع المعلومات التي توصل إليها غيرها من الباحثين في هذه الإشكاليات التاريخية، وجاءت متناثرة هنا وهناك، وأنها اعتمدت في مصادر البحث على سجلات المحاكم الشرعية والوثائق العثمانية والأجنبية، والربط بين هذه المعلومات وتحليلها وتفسيرها ونقدها ضمن سياق الحدث التاريخي، وصولاً إلى الاستنتاجات، وبعيداً عن التحيز أو التعصب، وبحيث يمكن تفسير عدم التطابق بين ما تم تدوينه في كثير من المصادر والمراجع المختلفة وما حدث على أرض الواقع.
من جانبه، أوضح الدكتور علي محافظة في تعقيبه الأساليب الصهيونية في التغلغل نحو فلسطين، واستغلال الامتيازات التي منحتها الدولة العثمانية للأجانب، وعلاقة ذلك بظهور القضية اليهودية في أوروبا، ووضع الأقلية اليهودية في الدولة العثمانية وانتهاز الصهيونية العالمية الفرصة لتشكيل ضغط على السلطة الحاكمة العثمانية.
وأشار إلى أن الدراسة التي قامت بها الدكتورة فدوى نصيرات لها أهمية خاصة كونها تلقي الضوء على موضوع ما يزال يثير الكثير من التساؤلات حول ملابساته.
شهد اللقاء نقاشاً مستفيضاً حول القضايا التي طرحتها الباحثة، والتي أكدت من خلالها أهمية اعتماد منهج علمي محكم لمناقشتها بموضوعية وتبصر، والعودة إلى المصادر الأصلية في البحث التاريخي طلباً للحقيقة وبعيداً عن الإدانة والأحكام المسبقة