EN | AR
اللقاء الشهري رقم (3/2010)
موضوع اللقاء: 
إسرائيل سجّلت رقمًا قياسيًّا في انتهاكاتها للقانون الدوليّ الوسائل القانونيّة الدوليّة قوّة استراتيجيّة للحقّ الفلسطينيّ
المتحدثون: 
السيّدة ماري نزّال بطاينة، رئيسة صندوق العون القانونيّ لفلسطين
مدير اللقاء: 
المحامية ياسمين جادو/ محامية شركات؛ الإدارة القانونيّة، شركة آرامكس

عمّان- قالت المحامية السيّدة ماري نزّال بطاينة، رئيسة صندوق العون القانونيّ لفلسطين: إنّ النزاع على فلسطين يُعدّ سياسيًّا؛ لكنّه من جهة أخرى له مجرى في إطار القانون الدوليّ، الذي هو مساندة مكتوبة للشعب الفلسطينيّ في كفاحه من أجل الحريّة، والحصول على حقوقه، وحقّه في تقرير مصيره.

وأضافت خلال محاضرتها - باللغة الإنجليزيّة - في اللقاء الشهريّ الثالث لهذا العام، في منتدى الفكر العربيّ، مساء الأربعاء 14/4/2010: إنّ إسرائيل سجّلت رقمًا قياسيًّا عالميًّا منذ النكبة 1948 في انتهاكاتها الصارخة للقانون الدوليّ، سواء في إنكار حقّ العودة، أو الاحتلال، أو إقامة المستوطنات، أو العقاب الجماعيّ، أو تدمير الملكيّات وتهديم البيوت، أو الأسلحة النوويّة، أو التمييز العنصريّ، أو انتهاك حريّة الحركة، أو إقامة نقاط التفتيش، أو التعذيب؛ فضلاً عن جرائم الحرب والجرائم ضدّ الإنسانيّة، وقتل النشطاء السياسيّين في الجانب الفلسطينيّ، وإنشاء الجدار العازل، والاقتحامات العسكريّة، وما هو أسوأ مما حدث في جنوب إفريقيا في جريمة التفرقة العنصريّة. وعدّت المتحدّثة الإجراء العسكريّ الإسرائيليّ مؤخرًا لتهجير الفلسطينيّين وطردهم من القدس والضفة الغربيّة جُزءًا من سياسة إسرائيل العنصريّة.

ووصفت المحامية ماري نزّال بطاينة إسرائيل بأنها حالة استعماريّة في عالمٍ انتهى فيه الاستعمار؛ بل حالة تُمارِس فيها إسرائيل الاستعمار والتفرقة العنصريّة وتقترف جرائم حرب وجرائم حقيقيّة ضدّ الإنسانيّة؛ ما يجعلها "حالة إجراميّة". وقالت: إنّ إسرائيل وحلفاءها يدركون هذه الحقيقة؛ لكن تغيُّر قوانين الحرب سمحَ لها أنْ ترتكب جرائمها بذريعة ما يسمّى الحرب ضدّ الإرهاب.

وأوضحت رئيسة صندوق العون القانونيّ لفلسطين أنّ الدعم القانونيّ للفلسطينيّين إزاء الانتهاكات الإسرائيليّة الأكثر عنفًا يجب أن يكون معزّزًا بتطبيق القانون، لا بالبيانات الفارغة، مع استخدام آليّات قانونيّة دوليّة مُستعجَلة جدًّا؛ نظرًا لأنّ الفلسطينيّين ليس لديهم الحكومة المُعتَرَف بها التي تستطيع أن تمثّلهم على المستوى الدوليّ. ومهما كان لدى السُّلطة الوطنيّة الفلسطينيّة من سلطة قضائيّة، وَفْقَ اتفاقيّات أوسلو، فليس لديها القوّة لتحميل الإسرائيليّين مسؤوليّة جرائمهم. كما أنه ليس لدى الفلسطينيّين الأرض الرسميّة المُعتَرَف بها والحقوق التي يمكن أن تُحمى؛ أي لا حكومة لديهم تستطيع أن تطبّق حماية الحقوق على المستوى الوطنيّ. وهنالك خمسة ملايين لاجىء فلسطينيّ، يمثّلون تقريبًا ثلث عدد اللاجئين في العالم، مطلوب حمايتهم دوليًّا.

إضافة إلى ذلك، فإنّ إسرائيل أثبتت دومًا بأنها غير راغبة في إجراء تحقيقات أو محاكمات أصوليّة لمسؤوليها. ولم يحدث في تاريخ الاحتلال أنّ أحدًا من كبار المسؤولين الإسرائيليّين حُقِّق معه أو حوكم بموجب قانون دوليّ؛ بل إنّ الأنظمة القانونيّة الإسرائيليّة تخدم ترويج ثقافة الحصانة والحماية لهؤلاء. ثم إنّ المجموعة الدوليّة تعامَلت مع الحقوق الفلسطينيّة بوصفها قضيّة سياسيّة بدلاً من التعامل معها بوصفها التزامًا قانونيًّا في سياق مراعاة القانون الدوليّ.

في ضوء ذلك كلّه، فإنّ على هيئات المجتمع المدنيّ والقانونيّين والأكاديميّين والنّاشطين في هذا المجال أن يلجأوا إلى انتهاج الطرق القانونيّة الدوليّة لضمان الحقوق الفلسطينيّة؛ لأنّ القانون يكتسب قيمة استراتيجيّة في إرادة المساواة أمام عدم التوازن في القوّة بين إسرائيل وحلفاءها من جهة، والفلسطينيّين من جهةٍ أخرى؛ إضافة إلى أنّ هذه الطرق تؤدّي إلى إجراء قضائيّ رادع بخلاف الإغاثة الإنسانيّة. وإذا كانت المجموعة الدوليّة تفتقر إلى الإرادة السياسيّة لتأييد القانون الدوليّ طوعًا، فإنّ الطرق القانونيّة لها الأولويّة في نقل القضايا إلى المحكمة، ويمكن أن يُجبِر الإجراء القضائيّ أو التهديد به الكثير من الحكومات والشركات المتواطئة في مساندة الاحتلال على إعادة النظر في موقفها.

وعدّت المحامية ماري نزال بطاينة أنّ طبيعة الإجراءات القانونيّة ذاتها تعني  أنّ الانتصارات الصغيرة يمكن أن تمهّد الطريق لانتصار عظيم.

لهذه الأسباب، كان لا بدّ من وجود مؤسّسة لضمان الحركة القانونيّة للحقوق الفلسطينيّة على نحو مدعوم ومستمرّ. من هنا أُنشىء صندوق العون القانونيّ لفلسطين عام 2009 في لندن، بعد الحرب الإسرائيليّة على غزة، بوصفه منظمة محترفة مهمّتها تسهيل الإجراءات القضائيّة الاستراتيجيّة وتمويلها مساندةً لعدالة قضية فلسطين.

وأشارت رئيسة هذا الصندوق إلى أنّ هنالك نماذج مُلهِمة لهذه الفكرة في مجال الدفاع الدوليّ، أبرزها صندوق العون لجنوب إفريقيا، الذي ظلّ على مدى خمسة وعشرين عامًا يموِّل إجراءات تحدّي الدولة العنصريّة، وكان إحدى الوسائل في الدفاع عن نيلسون مانديلا ضدّ عقوبة الموت عام 1963.
وأضافت السيّدة بطاينة إنّ صندوق العون القانونيّ لفلسطين منظّمة خيريّة مستقلّة سُجِّلت في المملكة المتحدة، وله مجلس أمناء تطوعيّ، ولجنة استشاريّة مؤلَّفة من محامين بارزين ودوليّين ورؤساء منظّمات غير حكوميّة وأطباء وعسكريّين، وغيرهم. ويعمل الصندوق بطريقة شفّافة جدًّا، وله شراكات دوليّة عدّة؛ بما فيها شراكته مع منظّمة "الحقّ" غير الحكوميّة في رام الله. وهو يمتلك قاعدة بيانات عن محامين متخصّصين في القوانين الدوليّة، خاصّة فيما يتعلَّق بفلسطين، وقاعدة بيانات للحالات القانونيّة المرتبطة بعمل الصندوق. ويركّز الصندوق في مهمّته على مطالب تعويضات الضحايا الفلسطينيّين لانتهاكات حقوق الإنسان من خلال تمويل عمليّة التقاضي وتسهيلها. كما يشارك ممثّلو الصندوق بانتظام في المؤتمرات المتعلّقة بالحقوق القانونيّة الفلسطينيّة.

وتطرّقت السيّدة بطاينة إلى مواقف الصندوق من عدد من القضايا، مثل عدم مشروعيّة الجدار العازل في الضفّة الغربيّة، التي يترتب عليها في القانون الدوليّ تعويضات للفلسطينيّين عن كلّ ضرر سبّبه لهم هذا الجدار، مع تأكيد ضرورة توقف إسرائيل عن بناء الجدار وتفكيك ما بُني منه؛ موضحةً أنّ توحيد عمل منظّمات حقوق الإنسان غير الحكوميّة يساعد على تطوير استراتيجيّة أساسها القانون، وتعزّز قوّة تطبيق القانون الدوليّ ومبادرات الحملات السياسيّة.
فيما يتعلّق بجرائم الحرب، أشارت رئيسة الصندوق إلى أنّ الهدف يجب أن يتجه إلى حثّ الإسرائيليّين على احتجاز الأفراد المسؤولين عن جرائم الحرب التي ارتُكِبت ضدّ الفلسطينيّين ضمن رسالة مؤدّاها أنْ لا إفلات من دون عقاب، من دون مواجهة النتائج.

وعدّت السيدة ماري نزّال بطاينة أنّ حالة مستوطنات القدس حالة مهمّة جدًّا من وجهة القانون الدوليّ. فلا بدّ في النهاية من اعتقال المسؤولين الإسرائيليّين عن الجرائم التي تُرتكَب في القدس الشرقيّة من هدم للمنازل لإقامة مستوطنات يهوديّة مكانها. وحمّلَت الحكومة الأمريكيّة المسؤوليّة عن مساعدة إسرائيل والتمكين لها لارتكاب انتهاكات في القانون الدوليّ، مع أنّ في ذلك انتهاكًا للقوانين المحليّة الأمريكيّة الخاصّة، التي تمنع مساعدة أية حكومة ترتكب انتهاكات إزاء حقوق الإنسان، أو التجهيز والتدريب العسكريّ لغير الأغراض القانونيّة المشروعة.

واختتمت السيدة بطاينة اللقاء، الذي أدارته المحامية ياسمين جادو، محامية الشركات في الإدارة القانونيّة لشركة آرامكس، بتأكيد أنّ مقاومة كيان وحشيّ مثل إسرائيل يجب أن تُستخدَم فيها كل الوسائل المُحتَملة المُتاحة، بما فيها الوسائل القانونيّة، لأنّ المعركة لا تتعلّق فقط بمنع طرد الفلسطينيّين من وطنهم؛ بل بضمان أنّ القانون الدوليّ لا يستثني الأقوياء.

حضر اللقاء وشارك في النّقاش الذي أعقب المحاضرة عدد كبير من القانونيّين والأكاديميّين والمسؤولين والدبلوماسيّين والإعلاميّين والمهتمّين.

 



Printer Friendly and PDF
تصميم وتطوير شركة الشعاع الازرق لحلول البرمجيات جميع الحقوق محفوظة ©