نظم منتدى الفكر العربي بالتعاون مع جريدة الدستور، أمسية شعرية خاصة للشاعرة السودانية منى حسن محمد، في منتدى الدستور، حضرها أمين عام منتدى الفكر العربي الدكتور الصادق الفقيه، وعدد من المثقفين والأدباء والمهتمين، وأدارت الأمسية وتحدثت فيها الدكتور جودي البطاينة.
في مستهل الأمسية قدم د. الفقيه كلمة ترحيبية شكر فيها أسرة جريدة الدستور على استضافتها للأمسية، مؤكدا أهمية تعاون المنتدى وجريدة الدستور.
من جانبها قالت د. جودي البطاينة: «إن الشاعرة منى تمتح وبكل خفة من أزاهير الإبداع المختلف، لتعكس في النهاية شكلا آخر لحياة القصيدة. تأسر متلقي شعرها بكل ما هو شاعري وتذهلهم بشعريتها العميقة».
وأكدت د. البطاينة أن «شعر منى حسن لا يقف عند حدود الرؤية الإنسانية، بل يتجاوز الى التدخل في صميم الحس الإنساني المغلف بالحب، فالحب عندها مرهون بأوجاع الوطن، والحب عندها مصدر من مصادر القوة في الوقوف بوجه الخراب، وتارة نجده عندها رحلة شاقة في المجهول».
وخلصت د. البطاينة إلى أن الحديث عن الشاعرة منى حسن حديث ذو شعاب ومسارب شتى، فهي تنحت بحرفية في خارطة الشعر العربي، مشيرة إلى أن د. عبدالله بن احمد الفيفي قال عن تجربتها: «شعرها رفيع اللغة، طفولي الجمال، ينبئ عن شاعرة قادمة بملء السودان، خصباً ورواءً، لا يحتمل أكثر من الصمت لاحتساء همسه الصادق في تتأبى على الحزونة، مكتنزة الشعرية ريّاها».
الى ذلك قرأت الشاعرة منى حسن مجموعة من قصائدها، من مثل: «في حضرة الشعر»، و»ما تدلى من غصون الروح»، و»سينساك الأفول»، و»غصون الصمت»، و»قبلة الشوق»، و»بوح من بياض»، ,»حزني يصادر شعري»، و»جراح الياسمين». قصائد تشتبك مع الهم الإنساني، وتذهب الى جراحات الشام، كما تغنت بالاردن والسودان والعراق وسوريا، واقفة على الكثير من مواقف الأردن المشرفة مع القضايا العربية.
من قصيدتها «في حضرة الشعر»، تقول:
«الأردني ولاء لا يُضامُ بِه
والهاشميُ وفاء ليس ينصرفُ
ها جئتُ أرضهمو والشوقُ يهتف بي
رفقا بقلبكِ قد أودى به الشغفُ
ها جئتُ من عزَّةَ، السمراءُ طينتُها
لكن معدنها صافٍ ومختلفُ
سوداننا الحرُّ لا تُثنيهِ عاصفةٌ
بل يعقدُ العزمَ أن يبقى، وينصرفوا
ها جئت والنيل في قلبي يُسيلُ سنًا
على السطور ويدعوني فأغترفُ».
وفي قصيدتها «جراح الياسمين»، تقول:
«للياسمين مواجعٌ بدمشق
تحكي كيف مزَّق فجرهَا الباهي التتارْ.
نزعوا براءتها
فشاب العطرُ في دمها
وجفَّت كل أحلام الصغارْ.
للياسمين مشاعرٌ أخرى،
وللموتِ انبثاقٌ
مدَّ في الآفاق حمرته،
وهذا الدَّم لا يهدا،
ولا يفتا يعرِّي عن مساوئهم إزارْ.
للياسمين مبادئٌ جدَّت
وأبيضهُ يحنُّ إلى ملاطفة الندى
الممزوج بالبسمات والحلوى
وما غنَّى لأجل عيونهِ السكرى نِزارْ.
وفي قصيدة بعنوان «مَا تَدلى مِنْ غُصُونِ الرُوحِ» تقول:
«وَهمستَ لِي:
لا سحر يُشبهني أوَى مِنْ قَبْلُ لِلكَلِماتِ،
لِلمَعْنَى، وَلِـليلِ الطَويِلْ...
كَلَّا وَلَا التَّعْوِيِذَ يَنْفَعُ،
إِنْ دَنَتْ عَيْنَايَ تَرْتَشِفَانِ وَجْهَكَ،
تَعْبَثَانِ بِمَا تَدَلَّى مِنْ غُصُونِ الرُوحِ
تَجتازانِ خَارطةَ التَوقُعِ نَحْوَ قَطْفِ المُستحِيلْ
وَهَمستَ لِي:
لَمْ أَدَّخِرْ عِشْقَــــًا وجِئْتُكِ حَافِيَ الآمالِ،
دِرويشاً تزمَّل بالدُعاءِ
مُبَعثراً..
مَا بَينَ مَا أَبقَى، وَمَا نَهَبَ الرَّحِيِلْ
صَافَحتُ قَلْبَكِ..
لَستُ أَذْكرُ حِينَهَا كَيفَ ابْتَدَأتُ
وَكَيفَ متُّ؟!
مَتى بُعثتُ مُبشراً بالخُلدِ ، بالغُفرانِ
والصَّفحِ الجَمِيلْ».
وكما استذكرت الشاعرة والدها الراحل بقصيدة وكذلك والدتها، وقد طغى على القصيدتين حزن شفيف بلغة موحية ومعبرة عن مشاعر صادقة وبلغة عميقة.